هل تندلع حرب شاملة في الشرق الأوسط؟ خطوة واحدة تهدد بالتصعيد
تاريخ النشر: 6th, January 2024 GMT
في أعقاب هجوم حماس، يتأرجح الشرق الأوسط على حافة صراع أوسع نطاقاً وربما أكثر تدميراً، مع انتشار سلسلة من الاغتيالات والتفجيرات وعمليات الاختطاف عبر خمس دول على الأقل.
في الأسبوع الماضي وحده، وقعت حوادث شملت قيام ميليشيات يمنية باختطاف سفينة مملوكة لبريطانيا، واغتيال أحد قادة حماس في بيروت، وهجوم بطائرة بدون طيار على قاعدة عسكرية أمريكية في سوريا، وغارة جوية أمريكية في بغداد، وإطلاق حزب الله قذيفة هاون على شمال البلاد.
يضم محور المقاومة مجموعات مختلفة، بما في ذلك الحوثيون في اليمن، وحزب الله في لبنان، والميليشيات الموالية لإيران في العراق، ونظام الأسد في سوريا، وحماس والجهاد الفلسطيني في غزة. وعلى الرغم من أنها تعمل وفق أجنداتها الخاصة، إلا أن هذه المجموعات تشترك في درجات متفاوتة من الارتباط بالنظام الإيراني، الذي يقدم الدعم من حيث الأسلحة أو الاستخبارات أو التدريب.
لعب قاسم سليماني، القائد السابق لفيلق القدس، دورًا حاسمًا في ترسيخ هذه العلاقات قبل اغتياله قبل أربع سنوات. وفي عهد خليفته إسماعيل قاآني، ازدهرت هذه العلاقات، مما أدى إلى الصراع المفتوح الحالي.
وقد أدى اغتيال صالح العاروري، أحد قادة حماس والذي كان حلقة الوصل الرئيسية بين حزب الله وإيران والجماعة الفلسطينية، إلى زيادة التوترات بشكل كبير. ويمثل مقتل العاروري في إحدى ضواحي بيروت أول ضربة إسرائيلية على العاصمة اللبنانية منذ حرب عام 2006، مما يشير إلى تصعيد محتمل. وتعتقد المخابرات الإسرائيلية أن العاروري لعب دورا مركزيا في التخطيط لهجوم 7 أكتوبر وكان يهدف إلى توسيع الصراع إلى جبهات أخرى.
على الرغم من هذه الاغتيالات المستهدفة التي تهدد بحرب مع إيران ووكلائها، يبدو أن إسرائيل محسوبة في نهجها، على أمل ممارسة الضغط على طهران لتقليص هجماتها. ومع ذلك، لا يزال الوضع غير قابل للتنبؤ، وأي خطوة خاطئة يمكن أن تؤدي إلى تصعيد لا يمكن السيطرة عليه.
رغم أن إيران قد لا تسعى إلى حرب إقليمية، إلا أن الديناميكيات الإقليمية معقدة. وأدت التفجيرات الانتحارية الأخيرة لتنظيم داعش في إيران، وتصرفات الحوثيين في البحر الأحمر، ومقتل زعيم ميليشيا عراقية في غارة جوية أمريكية، إلى تفاقم التوترات. وأدت محاولات الحوثيين لمحاصرة إسرائيل وهجماتهم على السفن التجارية إلى زيادة تعقيد الوضع، مما قد يؤدي إلى إشعال الحرب الأهلية اليمنية من جديد.
وعلى الرغم من المخاطر والاستفزازات المتزايدة، يشير المحللون والمسؤولون إلى أن إيران تركز على التحديات الداخلية، وخاصة تحديد من سيخلف المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي. ويبدو أن احتمالات التوصل إلى حل دبلوماسي تتضاءل، حيث تثير المطالب المتضاربة بين إسرائيل وحزب الله شبح صراع أوسع نطاقا وأكثر تدميرا.
المصدر: صدى البلد
إقرأ أيضاً:
الرياض عاصمة القرار السياسي في الشرق الأوسط
علي بن سالم كفيتان
زيارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى العاصمة السعودية الرياض في جولة شملت الدوحة وأبوظبي كانت بمثابة رسم خارطة جديدة للتحالفات في المنطقة ونهاية للفتور في العلاقات بين الرياض وواشنطن في عهد الرئيس السابق جو بايدن؛ حيثُ طغت لغة المال على لغة السياسة، ولا شك أنَّ سمو الأمير محمد بن سلمان ولي العهد رئيس مجلس الوزراء بالمملكة العربية السعودية، يعرف فك شفرة الرئيس ترامب وقدَّم المملكة برؤيتها الجديدة للعالم من باب المال والأعمال.
والحقيقة السياسية التي بدت من خلف الكواليس تقول لأمريكا إذا أرادت التطور السلام والتنمية والشراكة فبابها هو الرياض التي احتضنت قمة خليجية أمريكية، وإذا أرادت الحروب والدمار وخنق طرق التجارة العالمية، عليها أن تتبع تلابيب وحكومة نتنياهو الإرهابية المتطرفة، التي كلَّفت واشنطن مليارات الدولارات، ورسمت صورة سيئة للولايات المتحدة الأمريكية، التي كانت تنصِّب نفسها حاميةً للحريات وحقوق الإنسان والتعبير عن الرأي. ونعتقد أنَّ الرئيس ترامب كرجل أعمال سينحاز للسلام والتنمية والازدهار الاقتصادي أفضل من لغة الحروب والدمار، ولا نستبعد عقد صفقة مع إيران؛ إذ إنَّ ترامب بات يؤمن أكثر من أي وقت مضى بأنَّ على إسرائيل التي لا تستمع له أن تخوض معركتها منفردة، وأن ذلك جليًا من خلال اتفاق وقف إطلاق النار مع صنعاء بعيدًا عن إسرائيل.
لعلها كانت الفرصة الكاملة لشرح تطلعات منطقة الشرق الأوسط للسلام مع رئيس أمريكي يؤمن بوقف الحروب، ويتبنى لغة الصفقات التجارية بين أمم وشعوب العالم لحل الأزمات، وما حصل عليه خلال جولته هذه كان خير شاهد على اختيار عرب الخليج الشراكة الاقتصادية مع الولايات المتحدة الأمريكية، وهو الباب الذي يُمكن الولوج منه لحل نهائي للقضية الفلسطينية؛ فالرئيس ترامب هو الزعيم الأمريكي الوحيد الذي لديه القدرة على فرض السلام على الكيان الصهيوني في الوقت الحاضر.
إنَّ إقناع الرياض الرئيس ترامب برفع العقوبات الاقتصادية المفروضة على سوريا منذ عقد من الزمن، يُعد اختراقًا كبيرًا للعقلية الأمريكية التي دأبت على إلصاق تهمة الإرهاب بالمشرق العربي الذي عانى من ويلات الحروب والتشريد والحصار؛ فعودة الحياة إلى دمشق مجددًا هي استعادة النبض لعاصمة مُهمة، طالما شكلت محورًا مُهمًا في عالمنا العربي. وكُل مُحب للخير يرى في ذلك إنجازًا عظيمًا حققته هذه الزيارة مهما كانت كلفتها؛ حيث إنَّ عودة سوريا إلى الحضن العربي ورجوع ملايين اللاجئين إلى بلادهم لا يُقدَّر بثمنٍ، ولا شك أن سمو الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز راهن بكل ثقله على ذلك، فما لم تحققه القمم العربية ولا قرارات الأمم المتحدة حققه بن سلمان في صفقة واحدة، وساهم في إحياء قطر عربي رزح تحت الظلم والطغيان لعقود.
العلاقات مع الولايات المتحدة الأمريكية مُهمة لكل شعوب العالم؛ كونها القوة العظمى الوحيدة، فقد رأينا توقيع الصين لاتفاق الرسوم الجمركية مع أمريكا والوصول لحل وسط يُرضي الطرفين، رغم قوة الصين وأهميتها الاقتصادية التي تطمح لبلوغ سقف الاقتصاد العالمي، إلّا أنها آثرت الصُلح مع المارد الأمريكي، والتجاور معه بلغة المال التي يُفضِّلها ترامب على لغة التصعيد والحرب الاقتصادية التي سوف تعصف بالعالم وتتسبب في أزمات جديدة. لهذا لا نرى عجبًا ولا استنكارًا أن يتفاهم عرب الخليج بذات اللهجة مع ترامب لحماية استقرار المنطقة ونموها وازدهارها؛ فالكثير من المُنادين بالمناكفة لا يعون العواقب.
للأسف لم تنل القضية الفلسطينية حسب الظاهر الاهتمام الذي توقعناه من هذه الزيارة؛ حيث كنَّا نأمل إعلان اعتراف أمريكي بالدولة الفلسطينية من قلب جزيرة العرب وتراجعها عن حماية الكيان الصهيوني سياسيًا واقتصاديًا وعسكريًا ووقف الحرب الوحشية والتطهير العرقي الممنهج في قطاع غزة وقضم الأراضي في الضفة الغربية. وبيَّنت قطر أنَّها تحمل همَّ هذا الملف وأوصلته بمهنية إلى الرئيس ترامب، وعسى أن نرى تطورًا لافتًا خلال الأيام المقبلة وخاصة بعد إطلاق الأسير الأمريكي الجنسية عيدان ألكسندر كبادرة حُسن نية من حركة المقاومة الإسلامية حماس تزامنًا مع الزيارة.
رابط مختصر