جريدة الرؤية العمانية:
2025-06-06@18:47:40 GMT

ما وراء ثورة الذكاء الاصطناعي (1- 2)

تاريخ النشر: 8th, January 2024 GMT

ما وراء ثورة الذكاء الاصطناعي (1- 2)

 

محمد بن أحمد اللواتي **

** دكتوراه في التخطيط الاستراتيجي المالي

 

حسب التوقعات في أغسطس الماضي، من المُتوقع أن يبلغ سوق الذكاء الاصطناعي العالمي في 2023 بأكثر من 150 مليار دولار بعدما كان بنحو 40 مليار دولار في 2022، وعلى أن يرتفع بنسبة 36.8% سنويا ليبلغ 1.34 تريليون دولار في 2030، حسبما أورد موقع ياهو.

ونتيجة لهذا الانفجار، جرت العديد من المنتديات واللقاءات للبحث في هذا الموضوع. فخلال لقاء مع رئيس الوزراء البريطاني في مؤتمر بليتشلي في نوفمبر 2023، صرح إيلون ماسك؛ أنَّ الذكاء الاصطناعي هو القوة الأكثر تخريبا في التاريخ (وفقًا لمنصة فورتشن). بالرغم أنه أسس شركة للذكاء الاصطناعي xAI، وأعلن في بداية نوفمبر الماضي، عن أول نموذج ذكاء اصطناعي توليدي يحمل اسم  Grok. في مايو 2023، وأمام الكونغرس، قال سام ألتمان، رئيس تنفيذي OpenAI  صاحبة تطبيق ChatGPT، أن الذكاء الاصطناعي التوليدي يمثل خطرا وجوديا! (وفقًا لمنصة فورتشن).

أول نموذج للذكاء الاصطناعي تم تصميمه كان في عام 1958 وأُطلق عليه IBM-704، وكان غير عملي وبسيط جدا، والعنصر المفقود كان البيانات  (popular science). من المعلوم أنَّ الذكاء الاصطناعي ليس له قيمة فعلية بدون البيانات، والدليل أن صحيفة نيويورك تايمز قد رفعت دعوى قضائية ضد مايكروسوفت وOpenAI في المحكمة الفيدرالية بتاريخ 27 ديسمبر، بحجة انتهاك حقوق الطبع والنشر.

فهل الذكاء الاصطناعي هو إلهاء كبير وينال أكثر مما يستحق! أم أنه تكنولوجيا حديثة قد تشكل ثورة في قطاع الأعمال واستخدام الكمبيوترات. هناك تحليلات كثيرة ومتناقضة، فالكل ينظر إليها من زواية محددة، كالذي يصعد للطابق الثاني من المبنى ويفتح نافذة معينة، ويقيم الوضع الخارجي وفقاً لحدود رؤيته.

وحسب تحليلي، هناك أسباب كثيرة قد قادت لهذا الانفجار، تتلخص في الآتي:

إعادة التحليق، ارتفعت مؤشرات الأسهم الأميركية خلال فترة الجائحة، 2020 و 2021، بنسبة 110% في العامين، وهو ما يعادل ارتفاع 14 عامًا. ولكن العام 2022 كان محبطا للمستثمرين، فقد انخفض مؤشر ناسداك الثقيل بنسبة 33%، وأُغلق سهم تسلا بخسارة 65%، وسهم ميتا فقد نحو ثلثي قيمته، وسهم إنفيديا هبط 59%، وسهم أمازون خسر نصف القيمة. وأيضاً، عادة ما تكون السندات الأمريكية استثمارا آمنًا، ولكنها انخفضت بنسبة 13%.

عمليات التسريح التكنولوجية الضخمة في أواخر عام 2022 وأوائل عام 2023، كانت بهدف تحسين المركز المالي عبر تخفيض تكاليف التشغيل ولم تكن تُعنى بالنمو، فكان لابد من العمل في زيادة الإيرادات.

وبعد هذا الانفجار، ارتفعت إيرادات شركة "أوبن إيه آي OpenAI" من 28 مليون دولار في 2022 لأكثر من 1.6 مليار دولار في 2023. وكانت إيرادات انفيديا من مراكز البيانات في 2022 بنحو 15 مليار دولار، والآن تقدر إيراداتها في 2023 بأكثر من 54 مليار دولار وارتفع سهمها بنحو 239%. ارتفع سهم تسلا بأكثر من 101%، وسهم ميتا بأكثر من 194%. أما شركة أمازون، فقد ارتفع سهمها بأكثر من 80% بعدما دخلت إلى حلبة المنافسة عبر بوابة شركة Anthropic التي أسسها المنشقون من شركة OpenAI، وأطلقت روبوت دردشة Claude للذكاء الاصطناعي التوليدي. بينما كان العائد على سند العشر سنوات بنسبة 3.88%.

كعادة التكنولوجيا، فإن العامل المساعد في الدخول لقطاع الأعمال يبدأ من الأفراد. حسب تقرير فورتشن في 24 أغسطس،  أشار أن ما يؤرّق الإدارات التنفيذية للشركات الأمريكية أنها وجدت موظفيها يستخدمون تطبيقات الذكاء الاصطناعي التوليدي. وتقرير OpenAI في شهر سبتمبر الماضي، أشار أن أكثر من 80% من أشخاص شركات Fortune 500  قد أنشأوا حسابات على تطبيق "تشات جي بي تي ChatGPT".

العودة للمكاتب، بعد الجائحة، سعت الشركات للعودة إلى المكاتب، ولكنها واجهت مشكلة تكمن في رغبة العاملين بالمرونة في العمل. ووفقا للتقرير نشرته واشنطن بوست في 28 أغسطس 2023، فإن نسبة العمل من المكاتب هي النصف لمدة ست ساعات على الأقل، بينما كانت النسبة قبل الجائحة هي 84%. ولهذا السبب، أدى إلى إعلان منصة "WeWork" عن إفلاسها بعدما تفاقم الطلب على المساحات المكتبية.

في أكتوبر 2023، انتقد إيلون ماسك، العمل من المنزل، واعتبره منفصلا عن الواقع. يتشبث العديد من الرؤساء التنفيذيين بأن المكتب هو الصلصة السرية للإنتاجية. دراسة حديثة أجراها علماء في بنك الاحتياطي الفيدرالي في نيويورك وجامعة هارفارد وجامعة أيوا، بعنوان "قوة التقارب بين زملاء العمل" (The Power Of Proximity To Coworkers)، والتي نُشرت في 5 نوفمبر 2023، حيث أشارت إلى ذلك وعللت بسبب نقص التدريب والتعاون.

ولعل إثارة أن الذكاء الاصطناعي سيؤدي إلى فقدان الوظائف هي رسالة مبطنة بأهمية التواجد في المكاتب وضرورة مواكبة تطور التكنولوجيا وتلقي المعرفة. في مجلة HBR العدد سبتمبر وأكتوبر 2023، أشار مقال أن متوسط عمر للمهارات يبلغ الآن أقل من خمس سنوات، وفي بعض المجالات التقنية يصل إلى عامين ونصف.

وللحديث بقية...

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

هل يوجد الذكاء الاصطناعي جيلا مسلوب المهارات؟

منذ أن دخل الذكاء الاصطناعي أجهزة الطلبة، ارتفع الاعتماد عليه في شتى مجالات الحياة، وأصبح يخترق أجهزة الطلبة والأكاديميين والعامة، فقد أشار تقرير الوظائف الصادر في مايو من العام الفائت إلى حاجة ماسة لإعادة تشكيل المهارات والقدرات التي تراجعت بنسبة كبيرة عند الناس بسبب اعتمادهم على تقنيات الذكاء الاصطناعي، الأمر الذي يكشف ضرورة ملحة لإعادة تشكيل وتطوير المهارات بما يخدم الإنسان ومجتمعه.

يكرر أغلب الطلبة الضغوطات والصعوبات الدراسية كمبررات لاستعمال هذه التقنيات، لأنهم ينتقلون من نظام تعليمي إلى نظام مختلف من حيث المناهج وطرق المذاكرة والاحتياج إلى مهارات مختلفة في البحث والتفكير واستيعاب المادة العلمية فيلجأ الكثير منهم للذكاء الاصطناعي لمساعدتهم في إنجاز الأعمال وتوليد الأفكار، على الجانب الأخر يعتمد الخريجون على الذكاء الاصطناعي بسبب الضغط الدراسي الهائل بحكم ضيق الوقت لديهم ويباشرون من تلك اللحظة فقدان بعض مهاراتهم قبل إقبالهم على الحياة خارج الجامعة سواء الحياة الوظيفية أو العامة.

لقد اجتاحت نماذج الذكاء الاصطناعي حياة الطلبة، وأصبحوا يعتمدون عليها في كثير من جوانب حياتهم، فهي قادرة على توفير إجابات للتساؤلات التي تخطر في أذهانهم، وعلى صعيد آخر تتيح هذه المنصات إمكانية كتابة المقالات وترجمتها وتلخيصها، وغيرها من الإمكانيات التي تخدم الطلبة في مقاعد الدراسة، كما أن المناهج الدراسية الثقيلة وكثرة المواد والاختبارات تسبب ضغطًا كبيرًا، فيلجؤون لهذه التقنيات لتحقيق درجات عالية أو إنجاز أعمالهم على أقل تقدير، وفي سؤالي لمجموعة من طلبة الجامعة عن دوافع استعمال الذكاء الاصطناعي قالوا: لتوفير الوقت والجهد فهو يقدّم نتائج سريعة ومباشرة، يطرح ذلك إشكالاً في مدى رغبة الناس في بذل جهد للتعلم والبحث وتخصيص الوقت لذلك؟

يعتمد الطلاب على الذكاء الاصطناعي لإنجاز المهام دون بذل الجهد الكافي لفهمها ولها تأثير على المهارات الأساسية فتقلّ القدرة على البحث وتحليل المعلومات عند الاعتماد المفرط على الذكاء الاصطناعي، وإذا اعتمد الطلاب فقط على الذكاء الاصطناعي لإيجاد الحلول، فقد يؤدي ذلك إلى تقليل قدرة الطالب على التفكير المستقل والتفكير النقدي، ويحث المختصون على منع استخدام الذكاء الاصطناعي في بعض المجالات التي تحرم المستخدمين من فرص تطوير القدرات المعرفية والاجتماعية.

أصبح تحسين المهارات والتعلم لدى الطلبة أكثر أهمية اليوم، مثل تلك المهارات التي لا يمكن للذكاء الاصطناعي تطويرها كالتفكير التحليلي والتعاطف والاستماع النشط والقيادة والتأثير الاجتماعي، إن اكتساب المعلمين المهارات اللازمة لدمج الذكاء الاصطناعي في أساليب التدريس الخاصة بهم بشكل فعال عمل لا بد من القيام به، ويتطلب سد هذه الفجوة برامج تطوير مهني شاملة لضمان راحة المعلمين وكفاءتهم في استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي بما يتوافق مع متطلبات العصر دون التأثير السلبي على مهارات الجيل القادم.

يستعمل الطلبة الذكاء الاصطناعي إذا ما تبادر أي سؤال في ذهنهم وهذا يقلص من الاستعانة بالكتب العلمية الموثقة وأخذ المعلومة منها، وأشار مجموعة من طلبة الطب إلى أن تقنيات الذكاء الاصطناعي في كثير من الأحيان تقدم معلومات خاطئة خاصة في الأسئلة الطبية الدقيقة أو العلمية بشكل عام، وينصح المختصون بضرورة الموازنة بين التقنية والكتب من خلال توعية الطلبة بضرورة البحث عن المعلومات من الكتب الموثّقة وخاصة المعلومات العلمية والثقافية والتاريخية. لابد أن تكون هذه التقنيات أدوات مساعدة فهي لا تؤدي دور الباحث أبدا، بالإضافة أن النتائج التي تقدمها قد تظهر تحيزات سياسة أو أخطاء علمية لأنها مبرمجة وفق أنظمة معينة.

من جهة أخرى، يحذر المختصون من اعتماد الطلاب الشديد على تقنيات الذكاء الاصطناعي لأنه ينتج عنها قلة المشاركة في الأنشطة البدنية والمهارية والعائلية، وزيادة الشعور بالعزلة والانطواء والإفراط في استخدام هذه الأدوات قد يؤدي إلى العزلة الاجتماعية وضعف مهارات التواصل البشري، فمثلا تؤدي تقنيات الذكاء الاصطناعي إلى تقليل الوقت الذي يقضيه المعلم مع الطلاب، مما يؤثر على العلاقة التعليمية، ويعتاد الطلاب على التفاعل مع الأنظمة الذكية بدلاً من المعلمين البشر، مما يضعف مهاراتهم في التواصل البشري.

يحتاج العالم اليوم إلى طاقات شبابية مزودة بالمهارات والمعارف وهي ضرورة ملحة تفرضها التحديات المتسارعة التي يشهدها العالم في مختلف المجالات. والشباب هم القوة الدافعة وراء الابتكار والإبداع والآلة ليست سوى وسيلة مساعدة تخدم الشباب في سبيل التغيير الإيجابي.

مقالات مشابهة

  • تعليم نماذج الذكاء الاصطناعي ما لا تعرفه
  • نقابات العمال الأمريكية تبدأ معركتها ضد الذكاء الاصطناعي
  • احذر فخ الذكاء الاصطناعي: مشهد وهمي بتقنية Veo 3 يثير الجدل
  • هل يوجد الذكاء الاصطناعي جيلا مسلوب المهارات؟
  • الإحصاء: تحويلات المصريين العاملين في دولة الإمارات تسجل 1.8 مليار دولار خلال عام 2024
  • إسرائيل تقول إن صادراتها من السلاح بلغت 14.7 مليار دولار في 2024
  • رادار الذكاء الاصطناعي يرعب السائقين في تركيا
  • كيف غيّر الذكاء الاصطناعي حياة المكفوفين في جامعة باريس؟
  • الذكاء الاصطناعي يقترب من مكتبك.. هل وظيفتك آمنة؟
  • مايكروسوفت تستغني عن مئات الموظفين للاستثمار في الذكاء الاصطناعي