عبد الله أبوضيف (القاهرة)
الإنسان أحد عناصر أغلب أعماله التشكيلية، محاولاً الإجابة عن أسئلة حول علاقته بالطبيعة وترتيبه بها، ويتجلّى اهتمام الفنان التشكيلي اللبناني شوقي شمعون به في لوحاته منذ أعماله الأولى في سبعينيات القرن الماضي.

شمعون أحد أهم الفنانين التجريديين العرب، يخوض منذ انطلاقته رحلة متعددة التجارب بين تسميات واتجاهات مختلفة للوحات، ويتجاوز عدد معارضه الشخصية العربية والعالمية الـ40 معرضاً.

رحلة كانت بدايتها مجموعة حوض النهر في السبعينيات مروراً بمجموعة من اللوحات المجرّدة في الثمانينيات والتسعينيات، وانتهاء بمجموعة القرن الـ21 بعنوان علاقة الإنسان بالطبيعة، وتفتح طاقات وإمكانيات وتقنيات جديدة تتناسب مع عصرها.

خطوط الانتظار
في لوحات المجموعة ترتسم الصحراء الواسعة برمالها وجبالها وسكونها بأسلوب تجريدي وألوان متعددة، لكنها تقدم شيئاً مشتركاً، هو خطوط وصفوف صغيرة من البشر أسفل اللوحات، في حالة تبدو كالتأمل والترقب وتعطي الإنسان حجمه الصغير أمام مساحة الصحراء الشاسعة.

أخبار ذات صلة لوحات خولة الحوسني.. نابضة بالتراث علي الأميري: «الخط العربي».. عنوان للبهجة

وأوضح شمعون لـ«الاتحاد» أن صفوف البشر الصغيرة تمثّل خطوط الانتظار التي نمر بها في كل مراحل حياتنا، ويتجسد بها الانتظار فهو يشغل نسبة كبيرة من وقت الإنسان، فكل الأحداث في الحياة عبارة عن انتظار لأحداث وأفعال، وهي حالة يومية حياتية مرتبطة بمرور الوقت، حالة جميلة لأن جمال الانتظار وسؤال الانتظار غالباً يرتبط بالتفاؤل والأمل». وقال: «الإنسان يشكل أهم عنصر في هذا الكون، فقيمة الجبال والأشجار والبحار تتسارع بوجوده، وهو المقياس الأساسي الذي يكشف لنا عن حجم وتفاصيل وعظمة الكون، سواء كانت جبالًا أو صحارى أو كثباناً أو أبراجاً أو جدراناً، لهذا يشغل الإنسان حيزاً دائماً في لوحاتي».

عودة للجذور
الصحراء في لوحات شمعون لم تأت من فراغ، يعتبرها عودة للجذور والمنبت الأصلي، كون أصول عائلته جاءت من الصحراء بالأساس ولأن الحضارة بدأت منها، ويشعر بالحنين للرجوع إليها عبر فرشاته وألوانه.

وأضاف: «الصحراء أسرار وأعاجيب وأسئلة بتقلباتها ورمالها المتشابهة وسرابها الخادع، تحوّلات طقسها بين الحرارة والثلوج صيفاً وشتاءً، إنها كنز فنّي بمفردات متنوعة وكثبان وجبال وكائنات، هي حالة تعود بالإنسان إلى جذوره الأولى».

المصدر: صحيفة الاتحاد

كلمات دلالية: الفن التشكيلي

إقرأ أيضاً:

"رماد الطناجر".. وسيلة "رغد" لتجسيد مآسي غزة تحت وطأة الإبادة

غزة - خاص صفا "فكرة الرسم بشحبار الطناجر بدأت أول مرة خلال نزوحنا إلى المواصي قبل سنة ونصف، لم أكن وقتها أملك أي من أدوات الرسم شيئًا، حتى قلم الرصاص، فكان لا بد من إيجاد بديل يفي بالغرض فكان الفحم".  بهذه الكلمات تُلخص النازحة رغد بلال شيخ العيد تطويعها لما هو متاح في سبيل التعبير عن معاناة أهالي قطاع غزة تحت وطأة حرب الإبادة، بما تملكه من مهاراة الفن والرسم. على ناصية خيمة نزوحها غربي مدينة خان يونس حيث لا حياة هنا سوى أيدٍ نحيلة أذابها الجوع، تحاول بقدر استطاعتها توصيف الحال الذي وصلت إليه غزة بعد ما يقارب العامين من الزمان. لم تكن لوحات رغد خطوط عابرة، بل كانت تجسيد لما تعيشه وباقي الغزيين، في ظل أزمات متفاقمة تنهش أجسادهم دون نهاية قريبة تلوح بالأفق. واقع مؤلم  رغد التي هجرتها آلة الحرب الإسرائيلية من مدينة رفح، عكفت بكل طاقتها على تجسيد واقع غزة في لوحاتها التي كانت تنبض بالألم، كي تُحاكي وجعها ووجع من حولها، بلغةٍ بصرية ترى فيها كل ما لا يُقال. تقول شيخ العيد لوكالة "صفا": "كان الفحم البديل الذي سيعطي نتيجة أقرب ما تكون لقلم الرصاص، فبدأت أستخدم آثار احتراق أواني الطهي، وحوّلتها إلى لوحاتٍ تحاكي واقع الحياة بعد الحرب". وتضيف "أخذتُ أبحث في البيئة المحيطة حولي عما يمكن أن يقوم مقام الألوان والفرشاة، ليساعدني في خلق صورة تُحاكي الواقع كما هو، فكان الفحم وبقايا احتراق أواني الطهي الوسيلة التي يمكن أن تعبر عنه مثل الألوان والفرشاة". لم تكن لوحات رغد تقليدية عابرة، بل هي شهادة حية على مآسي قطاع غزة ترى في إحداها وجوه أطفال ينتظرون طعامًا على أبواب التكيات، وفي ثانية مشهد من مجزرة دوّار الكويتي، وفي ثالثة، طفلٌ استشهد جوعًا شمال القطاع، توثّق بالفحم حياة عجزت الكاميرا عن التقاطها. حلم لا يتوقف تتابع "أغلب أعمالي تتحدث عن وجع الأمهات، وعيون الأطفال، وركام البيوت، وأجساد الجرحى، أحاول بلوحة واحدة إيصال كل ذلك، بصمتٍ يختصر الكلام". وتردف "كنت أدرس أنظمة معلومات حاسوبية، لكن في سنتي الأخيرة تعطل اللابتوب الخاص بي، بسبب النزوح المتكرر، فاضطررت لتغيير التخصص، واليوم أبدأ من جديد بدراسة اللغة الإنجليزية وآدابها". وتكمل حديثها "أرسم من الرماد، لأن هذا ما تبقى لي، أرسم لأنني لا أملك إلا هذا الشكل من الحياة". حياة النزوح والتشرد والنجاة بقطعة خبز في ظل خرب ضروس تعيشها رغد، إلا أنها تحتفظ بحلمها وتسعى لتحقيقه. تقول رغد: "أحلم بإقامة معرض فني خاص، تُعرض فيه لوحاتي التي رسمتها بشحبار الطناجر، لتكون شاهدًا على زمن عشنا فيه بلا أدوات، لكننا لم نتوقف عن الحلم".

مقالات مشابهة

  • توثيق فلكي غير مسبوق قد يساهم في حل واحدة من أعظم ألغاز الكون
  • الشيخ نعيم قاسم: لن نقبل أن يكون لبنان ملحقاً لكيان العدو الإسرائيلي ولو اجتمع علينا الكون كله
  • طقس متنوع.. استمرار الموجة الحارة وأمطار وأتربة مثارة على الشرقية
  • حكومة “تأسيس” تتخذ خطوة غير متوقعة
  • تقلا شمعون في جرش 39: بين حرارة المسرح وبرودة الكاميرا
  • "رماد الطناجر".. وسيلة "رغد" لتجسيد مآسي غزة تحت وطأة الإبادة
  • سواد القدور الخاوية يوثق في لوحات ظلام مجاعة غزة
  • انتبه .. حالة واحدة لا يكون الابتلاء سببا في رفع درجات العبد
  • حين تمنح المفردات الشرعية: تنبيه للإعلاميين السودانيين
  • سعر فلكي للوحة مركبة رئيس الوزراء