لجريدة عمان:
2024-06-11@19:30:19 GMT

هل يجب حظر حزب البديل من أجل ألمانيا؟

تاريخ النشر: 24th, January 2024 GMT

كان الكشف الأخير عن اجتماع ساسة من حزب البديل من أجل ألمانيا اليميني المتطرف مع نشطاء يمينيين في نوفمبرالماضي، لمناقشة مؤامرة «إعادة الهجرة» المتطرفة سببًا في زيادة حدة النقاش بشأن حظر الحزب. وذكرت التقارير أن الاجتماع السري، الذي عقد في فندق على ضفاف البحيرة بالقرب من بوتسدام، ركز على إمكانية الترحيل الجماعي للألمان من أصول إثنية غير ألمانية، إذا وصل اليمين المتطرف إلى السلطة.

وبسبب الانزعاج من هذه الرؤية المرعبة، يجادل القادة من مختلف الانتماءات السياسية، وعامة المثقفين، مع المعلقين الإعلاميين من ذوي النفوذ، الآن بأن حظر حزب البديل من أجل ألمانيا ضروري لحماية الديمقراطية الألمانية. وكان الدعم الشعبي المتزايد لحزب البديل من أجل ألمانيا سببًا في تعميق الشعور بالحاجة الملحة لحظره، وخاصة مع الانتخابات الإقليمية المقرر إجراؤها في ثلاث من الولايات الشرقية في ألمانيا -معقل الحزب- في وقت لاحق من هذا العام. وفي الآونة الأخيرة، قدم حزب البديل من أجل ألمانيا دعما كاملا لاحتجاجات المزارعين على التخفيضات المقترحة في الدعم، مما أثار المخاوف من أن الحزب قد يستغل الوضع السائد لتحقيق مكاسب سياسية.

والآن، يؤيد ما يقرب من نصف الشعب الألماني حظر حزب البديل من أجل ألمانيا. وشارك مئات الآلاف من الألمان في الاحتجاجات على الحزب في الأيام الأخيرة. وفضلا على ذلك، وقع أكثر من مليون ونصف شخص عريضة على الإنترنت تطالب الحكومة بتجريد بيورن هوكي، زعيم حزب البديل من أجل ألمانيا سيئ السمعة في ولاية تورينجيا، من حقوقه المدنية والسياسية- وهو اقتراح غير مسبوق حقا في تاريخ ألمانيا ما بعد الحرب. ولكن محاولة حظر الحزب الثاني بعد أكثر الأحزاب شعبية في البلاد ستكون موضع شك ديمقراطيا، وستكون لها عواقب سلبية غير متوقعة، وربما بعيدة المدى.

ومن المؤكد أن إجراءات حظر الجماعات السياسية التي تسعى إلى تقويض أو إلغاء النظام الديمقراطي واضحة ومباشرة بما فيه الكفاية. وتقرر المحكمة الدستورية ما إذا كانت ستوقف أي حزب بعد تلقي طلب رسمي من الحكومة الفيدرالية، أو البرلمان الفيدرالي، أو الغرفة الثانية في ألمانيا، البوندسرات، التي تمثل الولايات الفيدرالية.

ولكن المحكمة حددت سقفًا عاليًا للاستبعاد السياسي، كما أظهرت المحاولات السابقة لحل الأحزاب. وفي عام 2017، رفضت طلبًا لحظر الحزب الوطني الديمقراطي النازي الجديد، على الرغم من أجندته العنصرية والمعادية للديمقراطية على نحو علني. والواقع أن المحكمة استخدمت هذه الآلية آخر مرة في عام 1956، في ذروة الحرب الباردة، عندما حظرت الحزب الشيوعي الألماني.

تشير هذه السابقة إلى أن رفع دعوى قضائية على حزب البديل من أجل ألمانيا لن يكون إلا إجراءً شكليًا، والأهم من ذلك أنه يمكن أن يتحول بسهولة إلى إخفاق سياسي. ونظرًا لشعبية حزب البديل من أجل ألمانيا، فإن مجرد مطالبة المحكمة بحظر الحزب سوف تعتبرها العديد من الأحزاب القائمة حيلة تكتيكية للقضاء على منافس تزداد قوته، مما يعزز حجة اليمين المتطرف بأن هناك تلاعبا في النظام. وإذا فشلت هذه المحاولة في نهاية المطاف، فسوف تتعزز قضية حزب البديل من أجل ألمانيا، بدلا من أن تتراجع.

وفضلاً عن ذلك، فإن إجراءات المحكمة الدستورية سوف تكون حتمًا بطيئة الوتيرة. فقد استغرقت القضية التي رُفعت على الحزب الوطني الديمقراطي أكثر من ثلاث سنوات- وسوف تنتهي بعد فترة طويلة بعد انتهاء الموجة المقبلة من الانتخابات. ولكن في حين أن ثمار محاولة حظر حزب البديل من أجل ألمانيا ستُجنى في المستقبل، فإن تداعياتها السلبية ستظهر على الفور.

وفي العديد من الجوانب، فإن مجرد مناقشة الإجراءات القانونية ضد حزب البديل من أجل ألمانيا لا يؤدي إلا إلى تعزيز حزب يزدهر على اتخاذ موقف الضحية. وحتى في حالة حظر حزب البديل من أجل ألمانيا، وهو أمر غير مرجح، فإن الحزب وحده هو الذي سيختفي؛ وليس أنصاره- ومظالمهم. ولا شيء من شأنه أن يمنع أعضاء حزب البديل من أجل ألمانيا من تأسيس حزب يميني جديد ـ بديل لحزب البديل.

لقد حان الوقت لندرك أن مكافحة الشعبوية بالنشاط القانوني لن تنجح، بل وربما ستؤدي إلى تفاقم المشكلة. ولابد من مواجهة التحدي المتمثل في اليمين المتطرف سياسيًا، باعتماد الحلول التي تعالج الأسباب الجذرية للسخط: ارتفاع أسعار الطاقة، والنمو الاقتصادي الراكد، والارتفاع المستمر للهجرة الداخلية، وفشل اندماج الوافدين الجدد.

ومن المؤكد أن الديمقراطيات الليبرالية لابد أن تكون يقظةـ وهي ملزمة بالمقاومة، بل لها الحق في ذلك، سواء في المحاكم أو في البرلمان الألماني (البوندستاغ). ولكن محاولة حظر منافس سياسي هي طريق مختصرة لمواجهة الحقيقة المزعجة المتمثلة في أن الناخبين الساخطين لديهم حق مشروع في التعبير عن مظالمهم. ولا يمكن حماية القيم الديمقراطية عن طريق كبح الحريات الديمقراطية. ويجب مواجهة تحدي اليمين المتطرف في صناديق التصويت، وليس على منضدة القضاة. إن الانتصار على حزب البديل من أجل ألمانيا عن طريق الحظر القانوني سيكون هزيمة أخلاقية وسياسية.

مايكل برونينج يعمل في لجنة القيم الأساسية للحزب الديمقراطي الاجتماعي في ألمانيا.

خدمة بروجيكت سنديكيت

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: الیمین المتطرف حظر الحزب

إقرأ أيضاً:

أوروبا نحو اليمين

اتجاهات مستقبلية

أوروبا نحو اليمين

 

 

 

 

حققت أحزاب اليمين المتطرف مكاسب كبيرة في البرلمان الأوروبي في الانتخابات التي أجريت الأحد الماضي. وجاءت هذه المكاسب في العديد من الدول على حساب حزب الخضر الذي تراجع إلى المركز السادس. ورغم أن المجموعتين الرئيسيتين المؤيدتين لأوروبا -الديمقراطيون المسيحيون والاشتراكيون- لا تزالان هما المهيمنتان في البرلمان، فإن النتائج الجديدة تشير إلى أن أوروبا تتجه عمومًا نحو اليمين، خاصة في الدول الكبيرة، وأهمها ألمانيا وفرنسا.. كيف؟

مثَّلت هذه الانتخابات اختبارًا لثقة الناخبين في كتلة تضم نحو 450 مليون نسمة. فعلى مدى السنوات الخمس الماضية، اهتز الاتحاد الأوروبي؛ بسبب جائحة فيروس كورونا، والركود الاقتصادي، وأزمة الطاقة التي غذتها الحرب الروسية-الأوكرانية. ولكن الحملات الانتخابية كانت تركز في كثير من الأحيان على قضايا تتعلق بكل دولة على حدة بدلًا من التركيز على المصالح الأوروبية الأوسع. وكما هو الحال في الولايات المتحدة، هيمنت الهجرة والتضخم والتهديدات التي تتعرض لها ما يسمى القيم “الديمقراطية” على الحملات الانتخابية.

ومنذ انتخابات الاتحاد الأوروبي الأخيرة في عام 2019، تقود الأحزاب الشعبوية أو اليمينية المتطرفة الآن الحكومات في ثلاث دول -المجر وسلوفاكيا وإيطاليا- وهي جزء من الائتلافات الحاكمة في دول أخرى، بما في ذلك السويد وفنلندا، ويُتوقع أن تكون كذلك في هولندا. كما حققت أحزاب اليمين نجاحات كبيرة في دول قيادية مثل ألمانيا وفرنسا. ففي ألمانيا، الدولة الأكبر سكانًا واقتصادًا في الاتحاد الأوروبي، تعرّض الحزب الديمقراطي الاشتراكي الحاكم بزعامة شولتس للإهانة مع صعود حزب البديل من أجل ألمانيا إلى المركز الثاني (15.9%، مقارنة بـ11% في عام 2019) وبالمقارنة، فإن النتيجة المجتمعة للأحزاب الثلاثة في الائتلاف الحاكم الألماني (ائتلاف الإشارة الضوئية) بالكاد تجاوزت 30%. وفي فرنسا يبدو الوقع أكبر، حيث كانت النتيجة واحدة من أكبر المكاسب التي حققتها أحزاب اليمين المتطرف في أوروبا، حيث حصل حزب التجمع الوطني بزعامة جوردان بارديلا على أكثر من 30% من الأصوات، أي ضعف ما حصل عليه حزب النهضة الوسطي الذي يتزعمه الرئيس إيمانويل ماكرون، الذي سارع إلى حل البرلمان والدعوة إلى انتخابات تشريعية مبكرة.

ويعكس فوز اليمين المتطرف في انتخابات البرلمان الأوروبي أمورًا مهمة عدة؛ فهو يشير أولًا وقبل كل شيء إلى أن هناك تغيرًا في المزاج السياسي للناخبين الأوروبيين، الذين أصبحوا أكثر تشككًا في الاتحاد الأوروبي وسياساته، ولديهم مخاوف من قضايا مثل الهجرة والأمن. وفي هذا رسالة واضحة للتيارات السياسية التقليدية، بأن هناك حاجة إلى إعادة النظر في سياساتها واستراتيجياتها لتلبية تطلعات ومخاوف الناخبين. فتزايد نفوذ اليمين المتطرف في البرلمان يفترض أن يدفع باتجاه التغيير في سياسات الاتحاد الأوروبي، خاصة فيما يتعلق بالهجرة والاقتصاد والعلاقات الخارجية. كما أن هناك مخاوف من صعود القومية والشعبوية، وهي حركات قد تروج لمزيد من السياسات الانعزالية والمعادية للعولمة. وهذا كله بالطبع قد يزيد من الاستقطاب السياسي داخل البرلمان الأوروبي وبين الدول الأعضاء، مما قد يؤثر على قدرة الاتحاد على اتخاذ قرارات موحدة.

 


مقالات مشابهة

  • نواب اليمين واليسار المتشددَين في ألمانيا يقاطعون خطابا لزيلينسكي (شاهد)
  • الأحزاب اليمينية في البرلمان الألماني تقاطع خطاب زيلينسكي
  • زيلينسكي يحذّر من خطر الخطاب المؤيّد لروسيا
  • أوروبا نحو اليمين
  • يمين الوسط الألماني يفوز بانتخابات البرلمان الأوروبي
  • حزب "البديل من أجل ألمانيا" يحتل المرتبة الثانية في انتخابات البرلمان الأوروبي في ألمانيا
  • يمين الوسط في ألمانيا يفوز بانتخابات البرلمان الأوروبي
  • إيلون ماسك: لا أفهم ردود الفعل السلبية تجاه حزب "البديل من أجل ألمانيا"
  • اليمين المتطرف يتصدر الانتخابات الأوروبية في فرنسا بأكثر من 30 % في ضربة كبيرة لمعسكر ماكرون
  • نائبة ألمانية تكشف سبب مغادرتها مع أسرتها للاستقرار في روسيا