موقع النيلين:
2025-07-30@16:08:22 GMT

النقطة العمياء

تاريخ النشر: 1st, February 2024 GMT


جميعنا لدينا نقاط عمياء، جوانب من شخصياتنا لا نعرف بوجودها، تؤثر في أدائنا، ونجاحنا، وعلاقتنا، ولأننا غير واعين بها، لا نستطيع أن نفعل أي شيء حيالها، النقاط العمياء تصبح مصدر عادات وأنماط سلوكية تتركنا عالقين، وبسببها لا نستطيع التحرك للأمام أو ننضج، لأن شيئا غير معروف يمنعنا ويجذبنا إلى الخلف. مايك بيكتيل.

وهذا ما حدث في مسرحية «النقطة العمياء»! التي حالفني الحظ أن أشاهدها خلال زيارتي القصيرة جدا لأرض الكنانة، «النقطة العمياء» مسرحية أخذت عن رواية «العطل» للكاتب فريدريتش دورينمات وقام بإعدادها وإخراجها أ.أحمد فؤاد الذي برأيي الشخصي قام بتوظيف أحداث الرواية بطريقة مسرحية وفنية مبدعة ومتميزة حيث نجد أنه لم يخاطب زمنا محددا ولم يحاك مكانا بعينه، بل عرض قضيته بشكل مطلق لأن «النقطة العمياء» كما قال مايك بيكتيل والكثير من علماء النفس الذين جزموا بأن الكل يمتلك تلك النقطة في حياتهم! فماذا على الإنسان أن يفعل حتى يتحرر منها ليستطيع التحرك للأمام؟ «المحاكمة» للذات، والاعتراف بما أخطأ به من أفعال ليتحرر من تلك النقطة ويقدر على البصيرة.

معادلة صعبة، ولكن! «النقطة العمياء» حررت المتفرج منها! نعم، فعندما تقوم بالاندماج مع أحداث المسرحية ويتم الترابط الفكري والحسي عن طريق «المعايشة المسرحية» مع شخصيات المسرحية تجد أنك أصبحت أحد أفراد تلك المحاكمة وحان الوقت بأن تلعب معهم لعبة المحاكمة! بل كنت تطمع وتتمنى بأن تكون الفرد الرابع لتكمل النصاب في لعبة المحاكمة وأن تحاكم على خطيئتك لتتحرر من «النقطة العمياء».

عرض يستحق كل ما كتب عنه من إطراء ووصف بالتميز والإبداع لأن كل عناصره المسرحية كانت متكاملة، فإذا تناولنا بالتحليل للشخصيات نجد أن الجميع تفوقوا في أدائهم التمثيلي، بل نجد أن الجميع دون استثناء كانوا يعيشون حالة ليست مسرحية فقط، بل أعطوا للمتفرج انطباعا للحالة الإنسانية للشخصية، وهذا نتج من خلال المعايشة الحقيقية لطابع الشخصية، تلك المعايشة جعلت من المشاهد يتعايش مع الحالة المسرحية ويراجع نفسه بما يمتلكه من أخطاء في مكنونه الشخصي ليقدر أن يتحرر من نقطته العمياء.الموسيقى والإضاءة، هذان العنصران اللذان اتحدا وتوظفا بطريقة إخراجية مبدعة متميزة ليكونوا منارة الديكور! نعم مثلث ثلاثي الأضلاع ولأول مرة أعيش تلك التجربة المسرحية التي يتحد عنصران ليكونوا منارة جمالية مسرحية لعنصر مسرحي، ذلك ما حدث في مسرحية «النقطة العمياء»، فالديكور كان يحمل الكثير من المعاني السيكولوجية والنفسية والإنسانية ومع تلك المعاني الفنية والمسرحية أتت الموسيقي والإضاءة في العديد من المشاهد المسرحية لترسل الكثير من الإشارات الذهنية للمتفرج، لوحة مسرحية فاقت الإبداع الجمالي والحسي والفكري والمسرحي لم أعش تلك التجربة إلا في «النقطة العمياء».

مسك الختام: كل الشكر لكل من شارك بهذا العمل المسرحي المتميز «النقطة العمياء»، والشكر موصول لكل المسؤولين في وزارة الثقافة لجمهورية مصر العربية لدعمها الدائم للحركة المسرحية، تلك هي أرض الكنانة منارة الثقافة والإبداع المسرحي للأمة العربية.

نرمين الحوطي – الأنباء الكويتية

المصدر: موقع النيلين

كلمات دلالية: النقطة العمیاء

إقرأ أيضاً:

مونودراما “هبوط مؤقت”.. شهادة مسرحية على وجع وواقع الأسرى

صراحة نيوز- اللجنة الإعلامية لمهرجان جرش

في عرض مسرحي احتضنه مسرح مركز الحسين الثقافي في رأس العين، تألقت فرقة “كاريزما” الثقافية القادمة من مدينة طولكرم، من خلال مونودراما بعنوان “هبوط مؤقت”، مقدمةً للجمهور سردية إنسانية شديدة التأثير، تستعرض حياة أحد الأسرى الفلسطينيين، وتسبر أغوار معاناته من لحظة الطفولة حتى استشهاده في زنازين الاحتلال الإسرائيلي.
العرض الذي قدّمه الفنان الشاب ثائر ظاهر، تناول شخصية “ياسر”، الطفل الذي شبّ بين أحضان الأرض الزراعية، تاركًا مقاعد الدراسة مُبكرًا ليعيل أسرته، ثم شابًا يقاوم الاحتلال في مخيم جنين، وصولًا إلى لحظة أسره بعد إصابته. في هذه الرحلة، جسّد ظاهر أكثر من شخصية، متنقّلًا بين الأب، والأم، والمعلم، والمناضل، عبر أدوات بسيطة وذكية مثل الجاكيت، النظارات، البسطار، والشال، التي تدل على التبدّل السريع في الأدوار والانفعالات.
في لحظات التحقيق القاسية، نجح الممثل في إدخال الجمهور إلى عمق الزنزانة، مستخدمًا الإيماء الجسدي للتعبير عن أساليب التعذيب كالحرمان من النوم، غطس الرأس بالماء، والتعليق أو “الشبح”. دون مبالغة أو تصنّع، قدّم هذه المشاهد ببراعة، مزج فيها الألم بالكوميديا السوداء، خصوصًا في مشهد “حكّ الجلد” الناتج عن الأمراض الجلدية التي يتعرض لها الأسرى داخل السجن.
كتب وأخرج العرض قدري كبسة، معلم التاريخ الذي أثبت شغفه بالمسرح من خلال نص درامي استند إلى سيرة حقيقية للأسير الشهيد ياسر الحمدوني، دون الإشارة إليه بالاسم. العرض، رغم تركيزه على شخصية ياسر، بدا وكأنه مرآة لآلاف الأسرى الفلسطينيين الذين جمعتهم ظروف النضال والاعتقال نفسها.
استفاد العرض من تقنيات مسرح المونودراما بفعالية، إذ تحوّلت السلّمات الخشبية إلى شجرة، ومنبر، وطاولة صف، ما أضفى على المشاهد تنوعًا بصريًا دون الحاجة لتبديل الديكور. كما لعبت الإضاءة دورًا كبيرًا في إبراز التحوّلات الزمنية والنفسية للشخصية.
وتحمل المسرحية في اسمها دلالة مزدوجة. فالهبوط هنا ليس سقوطًا، بل فعل مقاومة، هبوط إلى الأرض كي لا يُنسى النضال. هبوط الجسد، ليعلو الذكر. وهكذا يتحول المشهد المسرحي إلى مشهد وطني وإنساني جامع، يلامس قلوب الجمهور، وينتصر لذاكرة الأسرى الفلسطينيين الذين رحلوا عن العالم، لكنهم لم يغادروا وجدان شعبهم.

مقالات مشابهة

  • حدث وأنت نائم| إحالة سارة خليفة وآخرين لـ المحاكمة بسبب «المخدرات».. وضبط صاحبة صفحة «بنت مبارك»
  • أشرف زكي ومواهب المعهد العالي للفنون المسرحية ضيوف معكم منى الشاذلي.. الخميس
  • وصلة .. مدّ جسور الحوار بين الأجيال المسرحية
  • مسرحية المساعدات في غزة..! 
  • اليونيفيل عن مقتل روني: نُرحّب باختتام إجراءات المحاكمة
  • بعد 3 سنوات من المحاكمة.. حكم بالإعدام غيابيًا لمتهم من حزب الله بقـ.ـتل جندي من قوات يونيفيل
  • مسرحية دعائية .. الخارجية الأميركية تعلق على مؤتمر حل الدولتين
  • «مخيم الصيف الفني».. رحلة إبداع في «منارة السعديات»
  • لا حوار مع حكومة الثقة العمياء بواشنطن.. بيونغ يانغ ترفض مقترحات سول وتؤكد تمسكها بتحالف موسكو
  • مونودراما “هبوط مؤقت”.. شهادة مسرحية على وجع وواقع الأسرى