بغداد اليوم - متابعة

تدهورت الضوابط العسكرية والأمنية في جنوب لبنان وتوسعت المواجهة بين الجيش الإسرائيلي و"حزب الله" في الأيام الأخيرة بشكل تصعيدي وسريع، اتسعت معه دائرة الاستهدافات في شمال إسرائيل، وتحديداً في الجليل الأعلى إذ قُصفت صفد التي تبعد أكثر من 15 كيلومتراً عن الحدود اللبنانية، للمرة الأولى منذ الثامن من نوفمبر (تشرين الأول) 2023، تاريخ اندلاع الحرب في غزة وطوفان الأقصى.

وتجدد استهداف مستوطنة "كريات شمونة" المرة تلو الأخرى، وبالمقابل خرجت الاستهدافات الإسرائيليّة عن "ضوابطها" التي استمرت نحو ثلاثة أشهر، إلى خارج "الحزام الأمني" الذي رسمه قرار الأمم المتحدة رقم 1701، بعد حرب عام 2006، والمعروف بجنوبي نهر الليطاني، إلى مناطق عميقة في الداخل اللبناني وشمالي النهر، وصلت إلى مدينة النبطية، وقبلها إلى منطقة الشوف الواقعة بين عاصمة الجنوب صيدا وعاصمة لبنان بيروت، وطاولت أخيراً حدود قضاء جزّين ومنطقة إقليم التفاح.


صفد والنبطية

وشكلت كل من صفد في شمال إسرائيل، والنبطية في وسط جنوب لبنان، أبرز العناوين "الخطرة" في هذا التصعيد الملحوظ، إذ أعلن الجيش الإسرائيلي مقتل "السرجنت" عومر سارة بينجو (20 سنة) يوم الأربعاء 14 فبراير (شباط) الحالي، بعد "إصابة قاعدة عسكرية في شمال إسرائيل بصاروخ أُطلق من لبنان"، وأصيب جنود آخرون بجراح متوسطة. وأشار إلى أن القاعدة تعرضت لقصف صاروخي أحدث أضراراً جسيمة بها. وذكرت وسائل إعلام إسرائيلية أن هذا الهجوم الصاروخي هو "الأخطر منذ اندلاع الحرب على الجبهة الشمالية".

أما النبطية فتعرضت لقصف مسيّرات إسرائيلية مرتين في غضون أقل من أسبوع، استهدفت المرة الأولى سيارة تقل عناصر من "حزب الله"، بينما ضربت في المرة الثاني شقة سكنية في وسط المدينة الجنوبية، فسقطت بصاروخ موجّه عائلة كاملة بين قتيل وجريح (7 قتلى). وأفيد عن مقتل 4 عناصر من "حزب الله" في شقّة تقع تحت الشقة المستهدفة، بينهم مسؤول عسكري في الحزب نجا من ضربة إسرائيلية استهدفت سيارته في المدينة في الثامن من الشهر الحالي. هذا الرقم من الضحايا المدنيين لم تصل إليه النبطية طوال فترة حرب يوليو (تموز) 2006، أي طوال 33 يوماً من القصف المتواصل.

ولم يتبنَّ حزب الله عملية صفد بشكل رسمي ولم يقدم أي مبررات توضح أنه هو من نفذ هذا القصف الذي تجاوز للمرة الأولى منذ اندلاع الحرب، هذا العمق الاستراتيجي في الشمال الإسرائيلي.

في المقابل، ذكرت مصادر إعلامية إسرائيلية "إن الغارات على الجليل استهدفت قاعدة ميرون الجوية وقاعدة صفد العسكرية، مركز القيادة الشمالية".

وعلى الرغم من عدم صدور بيان عن الحزب يؤكد تنفيذه هذه العملية أو ينفيها، أو عرض فيلم عن الاستهداف على غرار ما يجري بعد عملياته العسكرية وإطلاقه الصواريخ على المواقع الإسرائيلية، ذكرت وسائل إعلام محلية أن "الحزب استخدم صواريخ دقيقة في قصفه على صفد". وأوضحت أن القبة الحديدية فشلت في اعتراض الصاروخ الأخير الذي أصاب الموقع وأدى إلى سقوط مجنّدة وإصابة آخرين. وكشف موقع "والا" الإسرائيلي عن وجود انتقادات حادة في الجيش الإسرائيلي لفشل منظومة الدفاع الجوي في اعتراض الصاروخ.

وذكرت وسائل إعلام إسرائيلية كذلك، أن المنطقة المستهدفة في صفد تحظى بحماية واسعة، حيث تتواجد فيها عدة منشآت استراتيجية". وأضافت، "في الأسابيع الأخيرة اخترقت طائرة تابعة لحزب الله المنظومة الدفاعية وأصابت القيادة الشمالية وألحقت أضراراً". ولفتت الى أن "حزب الله يمتلك ما بين 150 إلى 200 ألف صاروخ، بمعدل قدرة إطلاق تصل إلى 1500 صاروخ يومياً".

في موازاة هذا الإقرار الإسرائيلي بخطورة الاستهداف الذي تعرضت له صفد ومركز القيادة العسكرية فيها، لم يتضح بعد حجم الرد الذي ستذهب إليه إسرائيل تجاه "حزب الله" بعدما حمّلته المسؤولية عن الهجوم، مع أن الوزير في مجلس الحرب الإسرائيليّ بيني غانتس اعتبر أن "المسؤول عن إطلاق الصواريخ من لبنان ليس حزب الله فقط، بل الدولة اللبنانية. وتوعّد بأن "الرد سيأتي قريباً وبقوة".

اتساع دائرة المواجهات

من جهته، طالب وزير الأمن القومي الإسرائيلي، إيتمار بن غفير بتغيير التعاطي مع المواجهات مع "حزب الله". وقال "إن إطلاق صواريخ من جنوب لبنان يعد حرباً على إسرائيل". وبعد ساعات قليلة من إعلان وسائل إعلام إسرائيلية أن مجلس الحرب الإسرائيلي يبحث كيفية الرد على قصف صفد"، كانت المقاتلات الإسرائيلية تلقي الصواريخ على أهداف عدة في جنوب لبنان. وأغار الطيران الحربي الإسرائيلي على مجموعة أهداف خارج منطقة الليطاني الجنوبية، قالت مصادر إسرائيلية "إنها مراكز لحزب الله"، وتنقلت بين عدشيت التي تبعد نحو 12 كيلومتراً (جنوب غرب) عن مركز قضاء النبطية، حيث استهدفت غارة منزلاً من ثلاث طبقات وسوّته بالأرض، بالإضافة إلى مواقع قريبة من قريتي عدشيت والصوّانة. ثم توالت استهدافات سلاح الجوّ لأطراف جباع في إقليم التفاح وأحراج وخراج قرى زحلتي، وبصليا، وسنيا قرب جزّين.

كما ذكرت مصادر متابعة أن الهجوم على قاعدة صفد لم يكن الأول من نوعه، إذ استُهدفت في التاسع من يناير (كانون الثاني) الماضي بمسيرات للحزب "رداً على اغتيال نائب رئيس المكتب السياسي في حركة حماس، صالح العاروري" في الضاحية الجنوبية لبيروت.

الرد.. والرد المعاكس

وارتفعت وتيرة التهديدات بين الرد والرد على الرد، وكشفت صحيفة "يديعوت أحرنوت" أن الجيش الإسرائيلي يستعد لـ"رد كبير" في لبنان على عملية صفد، دون الاكتفاء باستهداف "مصادر النيران" كالعادة. وأضافت الصحيفة "إن الجيش الإسرائيلي كان حريصاً في السابق على الردّ بشكل متناسب على إطلاق الصواريخ من الشمال، من خلال مهاجمة مصادر النيران وأهداف حزب الله المختلفة في جنوب لبنان".

سبق هذا التوعّد الإسرائيلي كلام للأمين العام لـ "حزب الله" حسن نصرالله، قال فيه إن "على وزير الحرب الإسرائيلي الذي يتوعد بتوسيع العمليات ضد لبنان أن يدرك أنه إذا شنّ حرباً على لبنان فإن عليه تهيئة الملاجئ لمليوني مهجّر إسرائيلي من الشمال لا مئة ألف فقط". وأكد أن "إطلاق النار من جنوب لبنان لن يتوقف إلا بانتهاء العدوان على غزة".

وتوعد نائب الأمين العام للحزب نعيم قاسم أمس الخميس، في حفل تأبين ثلاثة من عناصر الحزب سقطوا في معارك الجنوب، "لن نترك عدواناً على مدنيين إلا وسنرد عليه بالطرق المناسبة، وسنعلن ذلك وسنعرف أننا ردينا من أجل المدنيين، حتى ولو كانت القواعد التي نعمل عليها الآن باختيارنا وبقرارنا، أن تكون المواجهة محدودة في دائرة الجنوب، بما يؤدي إلى فائدة غزة من دون استخدام كل القوة التي لدينا لندخرها للوقت المناسب. وإذا جاء هذا الوقت المناسب بغير إرادتنا وفي أي وقت من الأوقات، سنكون جاهزين تماماً لكل مواجهة مهما كانت كبيرة،

وسنلقن الإسرائيلي دروساً لن ينساها أبداً، وسيكون درس عام 2006 درساً ابتدائياً أمام الدروس التي سيراها في المواجهة المقبلة".

ولم تمضِ ساعات قليلة على وعيد قاسم حتى انهمرت الصواريخ على كريات شمونة.

 وقالت إذاعة الجيش الإسرائيلي "إن 14 صاروخاً استهدفت مدينة كريات شمونة". أما الحزب فقال في بيان، إنه "وفي رد أولي ‌‏على مجزرتي النبطية والصوّانة، هاجمنا مستعمرة كريات شمونة بعشرات صواريخ الكاتيوشا".

قلق شعبي ونزوح

هذا التصعيد بالتهديدات المتبادلة، والتفجير المتصاعد أمنياً وعسكرياً لم تعد أصداؤه تتردد أو تنحصر في المنطقة الحدودية من جنوب لبنان، التي كانت تعرف بمنطقة المواجهات جنوبي نهر الليطاني فحسب، بل تعدته اليوم إلى مناطق الجنوب كلها وعواصمها الثلاث: صيدا، والنبطية، وصور.

وتجدر الإشارة هنا إلى أن هذه المدن الجنوبية الكبيرة تستقطب اليوم حيزاً كبيراً من اللبنانيين النازحين منذ أكثر من أربعة أشهر من المناطق الحدودية، ويفوق عددهم المئة ألف نازح، ناهيك عن الكثافة السكانية من أبناء هذه المدن الذين يقطنونها بشكل دائم، ما يوسع بالتالي دوائر القلق والخوف من انتشار شعاع التفجير العسكري وشعاع النزوح.

وذكرت وزارة الدفاع الأمريكية أن "الولايات المتحدة تشعر بالقلق إزاء ما يحدث على الحدود اللبنانية الإسرائيلية وتكثف جهودها لمنع توسع النزاع خارج   قطاع غزة".

المصدر: اندبندنت

المصدر: وكالة بغداد اليوم

كلمات دلالية: الجیش الإسرائیلی کریات شمونة وسائل إعلام جنوب لبنان حزب الله

إقرأ أيضاً:

عاجل. الجيش الإسرائيلي يُعلن تفاصيل أنشطته العسكرية في لبنان.. ومصادر رويترز: حزب الله يرفض تسليم سلاحه

أكد الجيش الإسرائيلي أن الجيش السوري الجديد يقوم بمهاجمة القوافل التي تحاول تهريب الأسلحة من سوريا إلى حزب الله، مما يضع مزيدًا من العقبات أمام الحزب في تجديد مخزونه العسكري. اعلان

أصدر الجيش الإسرائيلي تقريرًا مفصلًا عن أنشطته العسكرية ضد حزب الله في لبنان خلال فترة وقف إطلاق النار الممتدة 243 يومًا، في وقت تكثف فيه واشنطن ضغوطها على بيروت للإسراع بإصدار قرار رسمي من مجلس الوزراء اللبناني يلزم الحكومة بنزع سلاح الحزب، بحسب ما ذكرت مصادر لوكالة "رويترز"

تنفيذ مئات الغارات وتدمير آلاف الصواريخ

أشار الجيش الإسرائيلي إلى أنه نفذ حوالي 500 غارة جوية في لبنان خلال فترة 243 يومًا من وقف إطلاق النار. وذكر أنه قضى على أكثر من 230 عنصرًا من حزب الله ودمر قرابة 3 آلاف صاروخ تابعة للحزب خلال نفس الفترة. كما أشار إلى أن العديد من الصواريخ التي تم تدميرها هي صواريخ قصيرة المدى.

وأكد الجيش الإسرائيلي أن حزب الله يواجه حاليًا صعوبات كبيرة في ملء المناصب القيادية، وهو غير قادر على تنفيذ توغلات داخل الأراضي الإسرائيلية أو الدخول في مواجهة طويلة الأمد مع الجيش الإسرائيلي. ويعود ذلك إلى الضغوط المستمرة التي يتعرض لها الحزب من عمليات الاستهداف والمراقبة.

Related "الكلمات لن تكون كافية"... باراك ينبه لبنان وحزب الله من استمرار الجمود في ملف السلاحالأمين العام لحزب الله يُحذّر من "ثلاثة مخاطر" ويؤكد: جاهزون للمواجهةشحنات الأسلحة مستمرة إلى اليمن ولبنان.. إيران تعزز قوة الحوثيين وترمم ترسانة حزب الله؟ تمركز الأسلحة ومحاولات إنتاج المسيّرات

وأوضح الجيش الإسرائيلي أن حزب الله نقل معظم أسلحته إلى شمال الليطاني، ولا يزال بحوزته آلاف الصواريخ، معظمها قصيرة المدى. لكن الجيش لفت إلى وجود نقص في منصات إطلاق الصواريخ، حيث أن مئات من هذه الصواريخ قادرة فقط على الوصول إلى وسط إسرائيل، ما يحد من قدرة الحزب على التصعيد.

كما نفى وجود شبكة أنفاق متصلة تابعة لحزب الله، موضحًا أن الأنفاق الموجودة هي محلية وغير متصلة بشكل واسع. وأشار إلى أنه رصد مؤخرًا محاولات لاستئناف إنتاج الطائرات المسيّرة (الدرونز) في ضاحية بيروت الجنوبية، مما يشكل تحديًا جديدًا في مراقبة القدرات العسكرية للحزب.

تعطيل تهريب الأسلحة

أكد الجيش الإسرائيلي أن الجيش السوري الجديد يقوم بمهاجمة القوافل التي تحاول تهريب الأسلحة من سوريا إلى حزب الله، مما يضع مزيدًا من العقبات أمام الحزب في تجديد مخزونه العسكري.

هذه المعطيات تعكس استمرار التوتر على الحدود اللبنانية الإسرائيلية رغم اتفاق وقف إطلاق النار، وتوضح التحديات التي تواجه حزب الله في ظل الضغوط العسكرية المتواصلة من قبل الجيش الإسرائيلي.

الضغوط الأميركية متواصلة وحزب الله يرفض تسليم سلاحه

في سياق متصل، كشفت مصادر مطلعة لوكالة رويترز عن تكثيف واشنطن لضغوطها على الحكومة اللبنانية من أجل الإسراع بإصدار قرار رسمي من مجلس الوزراء يلزمها بنزع سلاح حزب الله. وأوضحت المصادر أن المبعوث الأميركي توماس بارّاك لن يتوجه إلى بيروت ما لم تقدّم الحكومة التزامًا علنيًا تجاه هذا الملف.

وأكدت المصادر أن حزب الله رفض علنًا تسليم ترسانته بالكامل، لكنه يدرس سرًا تقليصها، في حين طلب رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه برّي من واشنطن ضمان وقف إسرائيل ضرباتها كخطوة أولى نحو التنفيذ الكامل لوقف إطلاق النار.

في المقابل، أفادت رويترز بأن إسرائيل رفضت قبل أيام اقتراح برّي بوقف ضرباتها تمهيدًا لتطبيق وقف إطلاق النار في لبنان، مما يبرز تعقيدات ملف الهدنة على الأرض.

انتقل إلى اختصارات الوصول شارك هذا المقال محادثة

مقالات مشابهة

  • عون يناشد الأحزاب اللبنانية التعجيل بتسليم أسلحتها
  • نعيم قاسم: مسألة السلاح شأن داخلي ولا علاقة لإسرائيل به
  • الشيخ نعيم قاسم: السلاح شأن لبناني ومن يطالب بتسليمه يخدم المشروع الإسرائيلي
  • الأمين العام لحزب الله: كل من يطالب بتسليم السلاح يخدم المشروع الإسرائيلي
  • الشيخ نعيم قاسم: لن نقبل أن يكون لبنان ملحقاً لكيان العدو الإسرائيلي ولو اجتمع علينا الكون كله
  • إعلام عبري: حزب الله يستنفر في الجنوب ويوزع معدات استعدادا لاحتمال الحرب مع إسرائيل
  • سموتريتش: القرى المدمرة في جنوب لبنان لن يعاد بناؤها
  • عاجل. الجيش الإسرائيلي يُعلن تفاصيل أنشطته العسكرية في لبنان.. ومصادر رويترز: حزب الله يرفض تسليم سلاحه
  • سقوط قتيل وجريح.. ماذا يحصل على الحدود اللبنانية -السورية؟
  • رئيس الحكومة اللبنانية يطمئن: فرنسا مستمرة في دعم لبنان وتجديد مهمة قوات «اليونيفيل» وشيك