إيران في عيد ثورتها الـ45.. هل من قراءة جديدة؟
تاريخ النشر: 21st, February 2024 GMT
21 فبراير، 2024
بغداد/المسلة الحدث:
محمد صالح صدقيان
إحتفل الإيرانيون في الأسبوع الماضي بالذكری الخامسة والأربعين لانطلاق الثورة الإسلامية التي قادها الإمام الراحل آية الله الخميني عام 1979؛ وسط تحديات يشهدها الداخل الإيراني من جهة والمحيط الإقليمي من جهة أخرى.
لطالما طرح كثيرون وجهات نظرهم إزاء الثورة الإيرانية وموقفها من قضايا المنطقة الساخنة منذ 45 عاماً حتى يومنا هذا.
ما يُريح الإيرانيون أنهم يرون محيطهم مهتماً بهم حتی وإن كان هذا الإهتمام يتخذ أبعاداً متعددة بين النقد والتفهم والتهجم لأن ذلك يعني ـ حسب مفهوم الإيرانيين ـ أنهم باتوا مؤثرين إلى حد كبير في واقعهم الإقليمي.
إتهم البعض الإيرانيين في يوم ما بأنهم باتوا مسيطرين علی أربع عواصم عربية.. وفي يوم آخر قال بعضهم إنهم أسّسوا جيوشاً وميليشيات في بلدان عربية معينة؛ فيما ردّد آخرون أن ما تشهده المنطقة هو انتقام لدماء الجنرال قاسم سليماني الذي اغتالته الولايات المتحدة بأمر من رئيسها السابق دونالد ترامب قبل أربع سنوات قرب مطار العاصمة العراقية. يفضي ذلك كله إلى الإستنتاج أن إيران اليوم لا تنام علی حافة السرير الإقليمي بل هي منخرطة في التفاصيل من أجل تمرير وترسيخ مشروعها في المنطقة وأحد أبرز ركائزه مقاومة الإحتلال الإسرائيلي وجعل المنطقة خالية من التواجد العسكري الأجنبي لأنها تعتقد أن هاتين الركيزتين من شأنهما تحقيق الأمن والإستقرار في المنطقة وجعل دول المنطقة تعيش بعيداً عن الحروب والأزمات والتوترات لتَعارض الأهداف والمنطلقات بين الولايات المتحدة وإسرائيل من جهة ودول المنطقة وشعوبها من جهة أخری. في الوقت نفسه، ثمة اشكالات تُواجِه النظام السياسي في إيران، ورُبّ قائل إن دستور الدولة لم يُقدّم نموذجاً حضارياً قادراً على التعايش والإندماج مع المحيطين الإقليمي والدولي أو أن النظام نجح في استغلال عواطف شعوب المنطقة التي انسجمت مع قيم الثورة التي بشّر بها الإمام الخميني، ولا سيما لجهة كسر الهيمنة الغربية وبناء بدائل وطنية تستند إلى الإمكانات الوطنية التي من شأنها حفظ كرامة شعوب عانت مطولاً من الإحتلال والاستغلال والديكتاتورية والظلم والإستبداد.
لقد أوردت هذه المقدمة الطويلة لعلمي بأن الإشكاليات مطروحة في أكثر من دائرة في محيطنا العربي لكن يجب أن ننظر إلى هذه الثورة وفق مفاهيم أخری ليس من أجل تغيير قناعاتنا وانما من أجل تحديد الموقف الصحيح لآلية التعامل مع النظام السياسي الإيراني لأنه في نهاية المطاف هو جزء منا كدول عربية؛ وهو موجود بيننا كدول إقليمية؛ وهذه الضرورة تتطلب أن يفهم بعضنا الآخر علی حقيقته وليس كما نتمنی أو كما نُفكّر أو نعتقد. الإيرانيون قاموا بثورة عام 1979 ونجحوا في إسقاط نظام دكتاتوري مستبد يحظى بدعم غربي وأمريكي واضح جعله “شرطي الخليج” لأعوام عجاف. نظّموا استفتاء علی شكل النظام وعلی الدستور الذي كتبته أقلام إيرانية قبل أن يتم تشكيل الجمهورية الإسلامية التي استندت إلی صناديق الإقتراع في تعيين الرئيس والبرلمان ومجالس المحافظات وحتی المرشد عبر مجلس خبراء القيادة الذين ينتخبون بواسطة تلك الصناديق. كل ذلك تم في دولة من الدول النامية في وقت كان الاستبداد هو السائد في أكثر من دولة من دول العالم الثالث. هل كان ذلك إجهاضاً لحركة الشعب الإيراني الذي ثار وأسقط الديكتاتورية والإستبداد؟ هل أنه بلغ ما كان يطمح إليه؟ أنا أعتقد أننا كعرب وشعوب في هذه المنطقة يجب أن نحترم إرادة هذا الشعب لأنه هو الذي اختار نظامه السياسي وضحّی من أجل ذلك وما زال يسلك هذا المسار. وفي الأسبوع الماضي، شاهدنا كيف خرج 25 مليون شخص في كافة المناطق الإيرانية من أجل الإحتفال بذكری ثورتهم، بعد 45 عاماً من التحديات والإنجازات والإخفاقات وسوف يتوجه بعد أسبوعين إلى صناديق الإقتراع من أجل انتخاب أعضاء مجلس النواب وأعضاء مجلس خبراء القيادة الذي يتكفل باختيار المرشد في حال فراغ المنصب؛ وتتحدث استطلاعات الرأي الأولية عن مشاركة أكثر من 50 في المئة من المواطنين “علی الأقل” في هذه الإنتخابات.
هذه المشاركة المرتقبة تأتي في الوقت الذي تواجه فيه إيران تحديات وتهديدات سياسية وأمنية وإقتصادية انعكست بشكل ملموس علی الأوضاع الإجتماعية والمعيشية للشعب الإيراني، لكن في مقابل ذلك، نجح النظام في الحفاظ علی تماسكه وقدرته علی تحويل هذه التحديات والتهديدات إلی فرص من أجل التقدم في المجالات العلمية والتقنية والعسكرية، علماً أن هذه التحديات أسقطت أنظمة سياسية في منطقتنا وفي غيرها خلال العقود الماضية. من الصعب أن نُشاهد بعض النخب العربية تخطىء في تقديراتها عندما تُقيّم النظام السياسي في إيران ليس لأنه يُبعد هذه النخب عن الواقع لكنه أيضاً يُعطي تصوراً بعيداً عما يُفكّر به النظام السياسي في إيران؛ وتكون المشكلة أكثر تعقيداً عندما تدخل مثل هذه التصورات والتقديرات في القرار السياسي أو الأمني.
وفي نهاية المطاف، يسود إعتقادٌ أن هذه النخب أخطأت في مسار تقييم الجمهورية الإسلامية، مثلما أخطأت في آلية التعاطي مع القيم والمبادیء التي جاءت بها هذه الجمهورية، سعياً إلى أهداف داخلية، لكن في الوقت نفسه، من أجل أهداف تؤمن التعايش السلمي بين دول الجوار بعيداً عن التوتر والأزمات والحروب ودرءاً للتهديدات التي تواجه دول وشعوب هذه المنطقة.
المسلة – متابعة – وكالات
النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لا يعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.
المصدر: المسلة
كلمات دلالية: النظام السیاسی من جهة من أجل
إقرأ أيضاً:
ترامب يفجّر مفاجأة من الدوحة: اتفاق نووي "وشيك" مع إيران وواشنطن تراقب المشهد بحذر
الرئيس الأمريكي دونالد ترامب (وكالات)
في تصريح مفاجئ يحمل دلالات سياسية وأمنية كبيرة، أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب، خلال زيارته إلى العاصمة القطرية الدوحة اليوم الخميس، أن بلاده باتت "قريبة جدًا" من التوصل إلى اتفاق جديد مع إيران بشأن ملفها النووي.
وأكد ترامب أن الإدارة الأميركية تتعامل مع المفاوضات الجارية بجدية مطلقة، مشيرًا إلى أن الهدف الأساسي هو التوصل إلى "سلام طويل الأمد" في المنطقة، دون اللجوء إلى التصعيد العسكري، الذي قال إنه لا يفضله.
اقرأ أيضاً الريال اليمني ينهار مجددًا اليوم.. مستوى تاريخي غير مسبوق يثير القلق 15 مايو، 2025 ترامب يفجّر مفاجأة حول تجاهله لإسرائيل في جولته إلى الشرق الأوسط 14 مايو، 2025وقال ترامب: "نحن نجري مفاوضات جادة للغاية مع إيران. لا نريد استخدام القوة، لكننا نراقب التطورات عن كثب."
وأوضح أن طهران أصبحت أكثر مرونة وتقترب من الموافقة على شروط الاتفاق الجديد، إلا أنه شدد بلهجة حاسمة على أن الولايات المتحدة لن تسمح لإيران بامتلاك السلاح النووي تحت أي ظرف.
ويرى محللون أن توقيت التصريح من قلب الخليج يعكس رغبة واشنطن في إرسال رسائل تهدئة إلى حلفائها في المنطقة، خصوصًا مع تصاعد التوترات الإقليمية وتنامي المخاوف من سباق تسلح نووي.
كما يطرح حديث ترامب تساؤلات حول ما إذا كانت هناك قنوات تفاوض سرّية أعادت إحياء جهود الاتفاق بعد تعثر طويل، خاصة في ظل غموض يلف موقف طهران من بعض البنود الحساسة، مثل تخصيب اليورانيوم وآلية التفتيش الدولية.