سودانايل:
2025-05-22@22:13:24 GMT

في الدعاء على الكيزان.. نظرة لائكية

تاريخ النشر: 24th, February 2024 GMT

كتب الأستاذ الجامعي د. محمد عبد الحميد
إنتظمت وسائط التواصل الاجتماعي خاصة على الفيسبوك دعوة " أقل ما يُمكن أن توصف به - إذا جاز للمرء إطلاق الوصف - بأنها سمجة سُميت من قبل مطليقها "الدعاء على الكيزان" قوامها ترديد (اللهم لا تحقق للكيزان غاية ولا ترفع لهم راية) وتنشط هذه الدعوة بشكل كثيف كل يوم جمعة.

... الواضح أن هذه الدعوة تستبطن حنقاً على جماعة الإخوان المسلمين وبصورة أكثر خصوصية حزب المؤتمر الوطني أو من يعرفون في السودان على نطاق واسع (بالكيزان) ، ومنبع الحِنق فيما يبدو أن مطلقي الدعوة والدعاء ينحون باللائمة في إشعال حرب ١٥ إبريل في السودان على هذه المجموعة السياسية.. وبنظرة فاحصة لفحوى الدعاء وغايته ومرجعيته من منظور لائكي - عَلَماني - يؤكد إعلان حالة هزيمة فكرية ومرجعية لمطلقيه، كما ينم هذا النزوع عن حالة ركون لإبطال الفعل السياسي واللجؤ لدعوة غيبية في مواجهة جماعة مرجعيتها الأصلية وخلفيتها الفكرية التماس شؤون السياسة من الغيب بدعوى أنها ممثلة ذلك الغيب في المضمار السياسي والناطق بإسمه، وبذلك وقّع وبَصَم أصحاب هذا الإتجاه (الدعاء) على ذات مرجعية خصمهم السياسي ونزلوا في سُوح موجهاته الفكرية نزولاً فضولياً وبالتالي قلصوا مساحة الخلاف بينهم وبينه لحد التلاشي.
على عموم الأمر، ينبأ هذا التوجه - الدعاء على الخصم- عن حالة توهان فكري عميق من ناحية، ويؤسس لخلق حالة من الفوضى الفكرية في مقارعة الخصوم، ومن ناحية ثانية يؤكد على حالة عدم فهم لمشروع الإخوان المسلمين.. وبالتالي يفتح ساحة الصراع لمثل هذا التسابق غير المجدي نحو رفع الأمر للسماء... فالخلاف مع الإخوان أو الكيزان هو في الأصل خلاف مرجعيات فكرية محورها الأساسي يدور حول قدرة الإنسان على إدارة شؤون السياسة دون إقحام الغيب والدين في إدارة العملية السياسية مع التركيز على تقديم العقل Reason على كل ما عداه من مرجعيات بحسبانه أي العقل هو المرجعية الأساسية التي يُحتَكمُ إليها في العملية السياسية، مع التزام صارم بالتمسك به وبمقتضياته مهما كانت طبيعة ودينامية ومفاعيل الصراع السياسي وما يقود إليه من نهايات سعيدة أو تراجيدية، هكذا يُفهم الصراع مع الجماعات ذات المرجعية الدينية وعلى ذلك يجب أن تُبنى الخلافات معهم... أما الدعاء عليهم فذلك أمر فوق أنه لا يخدم قضية الصراع المجتمعي - الدنيوي في شي، فإنه يجر صاحبه لحالة من التماهي والتطابق مع المدعو عليه من حيث المرجعية بحيث يصير النّدان قرينان لا فرق بينهما لا بالدرجة ولا بالنوع بالصورة التي تشوش على المتابع أو المراقب ولا تمكنه من فهم أوجه الخلاف بين الداعي والمدعو عليه.
إن الخلاف مع الجماعات الدينية كجماعة الاخوان المسلمين لا يتأسس اطلاقا على حالة نفسية تتلبس فيها الشخص " كراهية" الكيزان كما هو سائد الآن دون النظر والاعتبار والتحقق من أدوات الخلاف معهم بالقطع مع مرجعيتهم لا التماهي معها، فحاصل الأمر أن جماعة الإخوان ومهما كان مستوى الخلاف معهم الا انهم يظلون قوة محفزة على الصراع، وتستثير الهمم نحو خلاف فكري له منطلقاته الأيدولوجية، وآفاقه السياسية كما يستدعي طاقة موجبة نحو الاطلاع على أدبياتهم وموروثهم الفكري والفلسفي، لذلك فالصراع معهم بهذا الوصف ليس ميداناً للتنابذ والدعاء، وتحريك مواطن الكراهية غير المبررة، ولا حتى بإستئصال شأفتهم عن طريق شن الحرب عليهم، وإنما يتأسس في الأصل على إستثارة العقل ومعرفة مواطن الخلاف فكرياً، قبل إطلاق العنان لحالة الرفض الناتج عن حالة ذهان psychosis الذي لا يفضي إلا لمزيد من الدعاء والدعاء المضاد على الخصوم، والذي سينتهي حتماً بإنتصار الكيزان فكرياً طالما رضى من يصنفون أنفسهم بأنهم خصومهم منازلتهم في ميدانهم وبأدواتهم وبالتالي يضمنون لهم من حيث لا يدروا رصيداً من أنفسهم حيث لا فرق في الأصل بين صاحب الدعاء والمدعو عليه.
د. محمد عبد الحميد

wadrajab222@gmail.com  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: الخلاف مع

إقرأ أيضاً:

نظرة علمية من الفضاء على الإبادة الزراعية في غزة

في ظل استمرار الحرب الإسرائيلية على غزة، تكشف دراسة حديثة عن الآثار المدمرة التي لحقت بالقطاع الزراعي في غزة، الذي يُعد ركيزة أساسية للأمن الغذائي والاقتصاد المحلي.

باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي وتحليل صور الأقمار الصناعية عالية الدقة، توصل الباحثون في دراسة حديثة منشورة في دورية "ساينس أوف ريموت سينسنج" إلى أن ما بين 64% إلى 70% من حقول المحاصيل الشجرية، و58% من البيوت البلاستيكية (الدفيئات الزراعية التي تحفظ درجة حرارة محددة للمزروعات)، قد تعرضت للتدمير بحلول سبتمبر/أيلول 2024.

هذه النتائج تُظهر حجم الكارثة التي ألمت بقطاع غزة، والتي ستترك آثارًا طويلة الأمد على الأمن الغذائي والقدرة الاقتصادية للسكان.

ويقول هي ين، الأستاذ المساعد في قسم الجغرافيا، ورئيس مختبر الاستشعار عن بعد وعلوم الأرض بجامعة ولاية "كنت" الأميركية، والمؤلف الرئيسي في الدراسة في تصريحات حصلت عليها الجزيرة نت: "يُظهر تقييمنا معدلًا مرتفعًا للغاية من الأضرار المباشرة والواسعة النطاق التي لحقت بالنظام الزراعي في غزة، سواءً مقارنةً بالتصعيدات السابقة هناك في عامي 2014 و2021، أو في سياق تصعيدات أخرى"

ويضيف "على سبيل المثال، خلال حرب يوليو وأغسطس عام 2014، تضررت حوالي 1200 دفيئة زراعية في غزة. وهذه المرة، تضرر ما لا يقل عن ثلاثة أضعاف هذا العدد."

صور الأقمار الصناعية تدمير الأشجار (أعلى) والصوبات الزراعية (أسفل) في شمال غزة (هي ين) أقمار ترصد الكارثة!

ويقول ين: "على مدار الأشهر السبعة عشر الماضية، قمنا بتحليل صور الأقمار الصناعية في أنحاء قطاع غزة لتحديد حجم الدمار الزراعي في المنطقة. ويكشف بحثنا المنشور حديثًا ليس فقط عن النطاق الواسع لهذا الدمار، بل أيضًا عن الوتيرة غير المسبوقة المحتملة التي حدث بها. يغطي عملنا الفترة حتى سبتمبر 2024، ولكن تتوفر أيضًا بيانات إضافية حتى يناير 2025."

إعلان

اعتمدت الدراسة على تحليل صور الأقمار الصناعية من نوع "بلانيت سكوب" و"سكاي سات"، والتي توفر دقة تصل إلى 50 سم، مما مكن الباحثين من مراقبة التغيرات في الأراضي الزراعية بدقة عالية. تم استخدام نماذج تعلم آلي لرسم خرائط مفصلة للأراضي الزراعية قبل الحرب وتقييم الأضرار التي لحقت بها خلال السنة الأولى من الحرب على غزة.

يضيف ين: "قبل الحرب، كانت الطماطم والفلفل والخيار والفراولة تُزرع في الحقول المفتوحة والبيوت البلاستيكية، وكانت أشجار الزيتون والحمضيات تصطف على طول صفوفها في أنحاء غزة. وتُعد هذه الأشجار تحديدًا تراثًا ثقافيًا مهمًا في المنطقة، وكانت الزراعة جزءًا حيويًا من اقتصاد غزة. كان حوالي نصف الطعام الذي يُستهلك هناك يُنتج في القطاع نفسه، وكان الغذاء يُشكل نسبة مماثلة من صادراته."

وفقًا للدراسة، غطت المحاصيل الشجرية، مثل الزيتون والحمضيات، حوالي 23% من مساحة قطاع غزة قبل الحرب، أي ما يعادل 8242 هكتارًا. ومع نهاية سبتمبر/أيلول 2024، تضرر ما بين 5305 إلى 5795 هكتارًا من هذه المحاصيل، مع تفاوت كبير بين المحافظات.

وقد شهدت مدينة غزة أعلى نسبة تدمير، حيث تضرر أكثر من 90% من المحاصيل الشجرية، تليها محافظة شمال غزة بنسبة 73%. في المقابل، كانت محافظة رفح الأقل تضررًا بنسبة 42%.

دفيئات زراعية مدمرة

احتوى القطاع على قرابة 7219 دفيئة زراعية قبل الحرب، معظمها يتركز في المناطق الجنوبية والوسطى من القطاع. بحلول سبتمبر 2024، تضررت 58% من هذه الدفيئات، مع تدمير كامل للدفيئات في مدينة غزة وشمال غزة بحلول نهاية عام 2023.

بدأ الفريق عمله بتحديد محاصيل الأشجار المتضررة وغير المتضررة بصريًا لتدريب نموذج التعلم الآلي، حتى يتمكن من تحديد ما يبحث عنه. وبعد تشغيل النموذج على جميع بيانات الأقمار الصناعية، راجع الفريق عينة من النتائج للتأكد من دقتها.

إعلان

نظرًا للتباين الكبير في صور الدفيئات الزراعية عبر الأقمار الصناعية، استخدم الفريق طريقة منفصلة لرسم خريطة للأضرار التي لحقت بها. وجد الباحثون أن أكثر من 4 آلاف دفيئة زراعية قد تضررت بحلول سبتمبر/أيلول 2024، وهو ما يمثل أكثر من 55% من إجمالي الدفيئات الزراعية المرصودة قبل الحرب.

يضيف ين "في جنوب القطاع، حيث وُجدت معظم الدفيئات الزراعية، كان الدمار مُستمرًا نسبيًا من ديسمبر 2023 فصاعدًا. ولكن في شمال غزة ومدينة غزة، وهما أقصى محافظتين شماليتين من بين المحافظات الخمس في القطاع، كان معظم الضرر قد وقع بالفعل بحلول نوفمبر وديسمبر 2023. وبنهاية فترة دراستنا، كانت جميع الدفيئات الزراعية قد دُمرت."

أمن غذائي كارثي

تشير الدراسة إلى أن الدمار الذي لحق بالقطاع الزراعي في غزة له تداعيات خطيرة على الأمن الغذائي للسكان، الذين يعتمدون بشكل كبير على الإنتاج المحلي لتلبية احتياجاتهم الغذائية. قبل الحرب، كان حوالي نصف الطعام الذي يُستهلك في غزة يُنتج محليًا، وكانت الزراعة تشكل جزءًا حيويًا من الاقتصاد المحلي.

يجدر بالذكر أن الهجمات على الأراضي الزراعية محظورة بموجب القانون الدولي. إذ يُعرّف نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية لعام 1998 الاستخدام المتعمد لتجويع المدنيين من خلال (حرمانهم من المواد التي لا غنى عنها لبقائهم) بأنه جريمة حرب.

كما تُعرّف اتفاقيات جنيف هذه المواد التي لا غنى عنها بأنها (المواد الغذائية، والمناطق الزراعية لإنتاجها، والمحاصيل، والثروة الحيوانية، ومرافق وإمدادات مياه الشرب، وأعمال الري).

يقول ين "أظهرت نتائجنا أن ما بين 64% و70% من جميع حقول محاصيل الأشجار في غزة قد تضررت. قد يعني ذلك إما تدمير بعض الأشجار، أو إزالة حقل الأشجار بالكامل، أو أي شيء بينهما. وقعت معظم الأضرار خلال الأشهر القليلة الأولى من الحرب في خريف 2023."

إعلان

لن تكون إعادة بناء القطاع الزراعي في غزة مهمة سهلة. فبالإضافة إلى إزالة الأنقاض وإعادة بناء الدفيئات الزراعية، هناك حاجة إلى تنظيف التربة من التلوث المحتمل وإعادة بناء البنية التحتية للري والصرف الصحي وهو ما قد يستغرق جيلًا أو أكثر. إذ تحتاج أشجار الزيتون والحمضيات 5 سنوات أو أكثر لتصبح منتجة، و15 عامًا حتى تصل إلى مرحلة النضج الكامل.

ويختتم ين "تقدم دراستنا إحصاءات شفافة حول مدى وتوقيت الأضرار التي لحقت بالنظام الزراعي في غزة. إلى جانب توثيق آثار الحرب، نأمل أن يُسهم ذلك في جهود إعادة الإعمار الضخمة المطلوبة."

وفي ظل هذه الأوضاع، يبقى الأمل في أن تُسهم هذه البيانات في دفع المجتمع الدولي نحو اتخاذ إجراءات عاجلة لدعم سكان غزة ومساعدتهم على تجاوز هذه الكارثة الإنسانية والبيئية.

مقالات مشابهة

  • الكويت.. سحب الجنسية من 1292 شخصا وكشف الأسباب
  • السيد القائد عبدالملك: فاعلية صمود إخوتنا المجاهدين تعكس مدى تخوف العدو الإسرائيلي من المواجهة معهم
  • روبيو يرفض سؤالا حول علاقة ترامب التجارية مع الإمارات.. علينا التعامل معهم
  • تصريح إيراني عن المفاوضات النووية وسط الخلاف حول تخصيب اليورانيوم
  • تصاعد الخلاف بين سموتريتش وبن غفير ينذر بانهيار الائتلاف اليمني
  • واعظة بالأوقاف: الدعاء في عرفة خشوع وتذلل
  • المنفي يدعو من طرابلس إلى توحيد الصف وتفادي الصراع: التوافق السياسي هو السبيل للاستقرار
  • نظرة علمية من الفضاء على الإبادة الزراعية في غزة
  • بيومي فؤاد يوضح موقفه بعد الخلاف مع أحمد العوضي: سوء تفاهم فقط
  • إصابة 4 أشخاص فى مشاجرة بسبب الخلاف على أرض زراعية بسوهاج