قال الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء، إن الله عز وجل من على الأمة الإسلامية برفع الحرج، وجعل لها أمر الدين سهلا ميسورا، لا كما كان في الأمم السابقة عند اليهود حيث وضع عليهم إصرهم وأغلالا كانت في أعناقهم، وتحيط بهم من كل جانب حتى جاء المسيح عليه السلام فقال  : ﴿وَمُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَلأُحِلَّ لَكُم بَعْضَ الَّذِى حُرِّمَ عَلَيْكُمْ وَجِئْتُكُم بِآيَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ﴾ [آل عمران :50].

ثم جاء النبي صلى الله عليه وسلم يزيل باقي تلك الأغلال، قال تعالى : ﴿الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذِى يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِندَهُمْ فِى التَّوْرَاةِ وَالإِنجِيلِ يَأْمُرُهُم بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ المُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَغْلالَ الَتِى كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِى أُنزِلَ مَعَهُ أُوْلَئِكَ هُمُ المُفْلِحُونَ﴾ [الأعراف :157]. 

فرفع الحرج والتيسير جزء من مكونات المسلم لا يستطيع أن ينفك عنها، وهذا ما يتضح من البيان الرباني السابق، فحق للمسلم أن يفخر بدينه وبشرعه وبنبيه، فيباهي العالمين بأنه لا يشرب الخمور والمخدرات، ولا يأكل الخنزير والخبائث.

ولقد عم التيسير ورفع الحرج أحكام الشريعة الإسلامية حتى يرى الناظر إليها أنها كلها مبنية على اليسر والمستطاع، وذلك في أركان الدين وفروعه بدء من النطق بالشهادتين، فإن كان سيواجه التعذيب والقتل لإسلامه فلا حرج عليه أن ينطق بكلمة الكفر، قال تعالى : ﴿إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ﴾ [النحل :106].

وكذلك مبنى أداء الصلوات على التيسير وقد نقلنا كلام ابن كثير فيها، وكذلك الزكاة لا تجب إلى على المستطيع، وكذلك الصوم أساسه التيسير، قال تعالى : ﴿فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ وَأَن تَصُومُوا خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ﴾ [البقرة :184].

وبني الحج على التيسير كذلك، ثبت من هديه صلى الله عليه وسلم، فعن عبد الله بن عمرو بن العاص : «أن رسول الله  صلى الله عليه وسلم وقف في حجة الوداع بمنى للناس يسألونه، فجاءه رجل، فقال : لم أشعر فحلقت قبل أن أذبح. فقال : اذبح ولا حرج. فجاء آخر، فقال : لم أشعر فنحرت قبل أن أرمي. قال : ارم ولا حرج، فما سئل النبي  صلى الله عليه وسلم عن شيء قدم ولا أخر إلا قال : افعل ولا حرج» [رواه البخاري ومسلم].

ها نحن قد علمنا أن اليسر هو شريعة الله، وأن الله راعى التيسير ورفع الحرج عن عباده، ومن باب التخلق بالرحمة ينبغي على المسلم أن يراعي التيسير ورفع الحرج عن المؤمنين دائما، وأن يزداد تمسكا بشرع الله وحبا لدينه ولرسوله صلى الله عليه وسلم.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: صلى الله علیه وسلم

إقرأ أيضاً:

تعلن محكمة غرب الأمانة أن على المدعى عليه حسن شرف الدين الحضور إلى المحكمة

تعلن محكمة غرب الأمانة أن على المدعى عليه حسن شرف الدين الحضور إلى المحكمة

مقالات مشابهة

  • تعلن محكمة ذي السفال الابتدائية م/إب أن على المدعي عليه/محمد نجم الدين ال
  • أمين الفتوى: الاتفاق على مبلغ «من تحت الترابيزة» في عقد الإيجار لا يجوز شرعًا
  • نصيحة سيدنا النبي لمن يكثر من الشكوى والهم ويعاني من الكرب والضيق
  • رؤية قرآنية تصنع أمة مجاهدة لا تخاف الموت .. الشهادة والشهداء في فكر الشهيد القائد حسين بدر الدين الحوثي (رضوان الله عليه)
  • تعلن محكمة ذي السفال الأبتدائية م اب ان على المدعى عليه محمد نجم الدين الحضور إلى المحكمة
  • آية واحدة تحميك وأسرتك ومنزلك من أي مكروه وسوء.. وأوصى بها سيدنا النبي
  • تعلن محكمة غرب الأمانة أن على المدعى عليه حسن شرف الدين الحضور إلى المحكمة
  • التنوع الثقافي لدى الشباب الرياضي
  • أنوار الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم
  • الاستكبار الصامت والمصير الأبدي .. قراءة قرآنية دلالية للشهيد القائد حسين بدر الدين الحوثي رضوان الله عليه