ازداد خلال العامين الماضيين، توجه المضاربين الذين يشترون الذهب إلى الأسواق، حيث أدى تراجع العملة المصرية إلى زيادة الطلب على المعدن النفيس كملاذ آمن من الاضطرابات، بحسب تقرير لصحيفة “نيويورك تايمز” الأميركية.

وفي حين أن الجنيه المصري فقد ثلث قيمته أمام الدولار، الأربعاء، مع قرار البنك المركزي رفع أسعار الفائدة بمقدار 6 بالمئة، فإن سعر الذهب يبقى أكثر أمانا.

ووصل سعر الدولار في البنوك المصرية إلى حوالي 47 جنيها. وجاء هذا الارتفاع بعدما استقر سعر الدولار في البنوك خلال الفترة الماضية عند حاجة 31 جنيها تقريبا.

ورغم أن سعر الذهب ارتفع بشكل عام، حتى وإن سجل تراجعا في بعض الأحيان، فإن قيمته تأتي اعتمادا على تقلبات الأخبار الاقتصادية اليومية، مما حيّر المستهلكين والتجار على حد سواء.

وأبرمت مصر أواخر الشهر الماضي، صفقة بقيمة 35 مليار دولار مع الإمارات، لتطوير مدينة جديدة ووجهة سياحية على ساحل البحر الأبيض المتوسط، تعرف باسم “رأس الحكمة”.

وفي غضون ساعات من إعلان الصفقة، ارتفعت قيمة الجنيه المصري، وانخفضت قيمة الدولار في السوق السوداء، وانخفضت معها أسعار الذهب.

ويقول محللون إن توفير الأموال النقدية الإماراتية، إلى جانب اتفاقية الإنقاذ الجديدة مع صندوق النقد الدولي المتوقعة في غضون أسابيع، “ستساعد مصر على استقرار اقتصادها”.

وسيساعد ذلك البلاد على تجنب التخلف عن سداد الديون، ودفع ثمن الواردات المتراكمة، وتقويض أسعار الدولار في السوق السوداء الناتجة عن نقص احتياطي العملات الأجنبية.

وقالت الصحيفة، إن مصر “تعيش أزمة اقتصادية طاحنة بعد سنوات من الإنفاق المتهور وسوء الإدارة الاقتصادية”، لافتة إلى أن “الغزو الروسي لأوكرانيا عام 2022 ساعد على إغراق البلاد في أزمة مالية”.

ولم تؤد الحرب في غزة إلا إلى تعميق الألم لدى الاقتصاد المصري وعملته الجنيه، التي فقدت أكثر من 50 بالمئة من قيمتها خلال سنتين.

وبعد الحرب في غزة، أصبح قطاع السياحة مهددا، وهو مصدر رئيسي للعملة الأجنبية، علاوة على انخفاض إيرادات مصر بالدولار من قناة السويس إلى النصف، بسبب هجمات ميليشيات الحوثي المدعومة من إيران على السفن التجارية في البحر الأحمر.

وبينما كانوا يشاهدون قيمة رواتبهم ومدخراتهم تتبخر على مدى العامين الماضيين، قلل المصريون الفقراء من الطعام، وسحبت الطبقة الوسطى أطفالها من المدارس الجيدة إلى مدارس أرخص أو مجانية، وحتى الأفضل حالا تأثرت عطلاتهم في الخارج وتناولهم للطعام خارج المنزل، فيما انحدر الملايين من الناس إلى الفقر المدقع، وفق الصحيفة.

وداخل محل في سوق خان الخليلي الشهير بالقاهرة، دخلت رانيا حسين لبيع عدد من المصوغات الذهبية التي تعود لوالدتها.

وقالت حسين عن انخفاض سعر الذهب أثناء جلوسها في المحل، موضحة سبب قرارها بالبيع: “ليس مضمونا أن يرتفع، وأخشى أن ينخفض مرة أخرى”.

وكانت الأسرة قد باعت بالفعل أحد خواتم والدة رانيا، تمريهان عبد الهادي، وذلك لشراء 3 خواتم جديدة حتى يقدمها ابنها الذي يعمل على ترتيب حفل زواجه، لعروسه.

وقال سعيد إمبابي، وهو مؤسس منصة “الصاغة” لتداول الذهب، إن المصريين يشترون المجوهرات الذهبية تقليديا “كاستراتيجية ادخار طويلة الأجل، لكن المضاربين يتجهون الآن إلى العملات الذهبية والسبائك لمحاولة تحقيق ربح سريع”.

وتضاعف الطلب على الذهب، مما أدى إلى ارتفاع الأسعار، إذ نمت السوق بشكل محموم لدرجة أن الحكومة أعلنت في نوفمبر أنها دخلت في شراكة مع شركة تكنولوجيا مالية، لتركيب أجهزة الصراف الآلي التي من شأنها توزيع سبائك الذهب بدلا من النقد.

وقالت نرمين نزار (52 عاما)، وهي مترجمة من القاهرة، إنه قبل أن تبدأ قيمة الجنيه في الانخفاض، “لم تفكر أبداً في الذهب، ولا حتى المجوهرات”.

ومع ذلك، قالت: “في ظل هذا الذعر، كنت بحاجة إلى أي شيء يمكنني الحصول عليه لحماية قيمة أموالي”.

وقال محللون، وفق نيويورك تايمز، إن هذه الأموال (الخاصة بصفقة رأس الحكمة) “ستمنع التخلف عن السداد، لكن مصر تخاطر بأزمة أخرى إذا لم تقم بإصلاحات ذات معنى لخفض الإنفاق وجذب المزيد من الاستثمارات الخاصة، وإنتاج المزيد من الصادرات، والحد من هيمنة الجيش على الاقتصاد”.

وبالفعل، اتخذ البنك المركزي المصري قرارات الأربعاء، شملت رفع أسعار الفائدة بواقع 600 نقطة أساس، في محاولة لكبح جماح التضخم وفي إطار الاستعداد “لتنفيذ إجراءات برنامج الإصلاح”، وذلك في وقت يتم فيه وضع اللمسات النهائية على حزمة تمويل إضافية من صندوق النقد الدولي.

وأصدرت لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي المصري بيانًا، أكدت فيه “رفع سعري عائد الإيداع والإقراض لليلة واحدة وسعر العملية الرئيسية للبنك المركزي بواقع 600 نقطة أساس، ليصل إلى 27.25%، 28.25% و27.75%، على الترتيب. كما تم رفع سعر الائتمان والخصم بواقع 600 نقطة أساس ليصل إلى 27.75%”.

كما أشار المركزي المصري في البيان إلى أن القرارات تأتي “في إطار حزمة إصلاحات اقتصادية شاملة بالتنسيق مع الحكومة المصرية، وبدعم من الشركاء الثنائيين ومتعددي الأطراف. واستعداداً لتنفيذ إجراءات برنامج الإصلاح، تم توفير التمويل اللازم لدعم سيولة النقد الأجنبي”.

من جانبها، نقلت قناة “القاهرة الإخبارية” عن مصدر وصفته برفيع المستوى، قوله إن توقيع اتفاق “التمويل الجديد بين الحكومة المصرية وصندوق النقد الدولي من المتوقع أن يتم خلال الساعات القليلة المقبلة”.

يذكر أنه قبل صفقة رأس الحكمة، أجبرت الضغوط الاقتصادية المتزايدة، الحكومة على إجراء بعض التغييرات، بما في ذلك تجميد بعض المشاريع الضخمة المكلفة التي أمر بها الرئيس، عبد الفتاح السيسي، من بينها عاصمة جديدة مبهرة، وفق نيويورك تايمز.

وقال رئيس مجموعة القاهرة للدواجن، رئيس غرفة التجارة الأميركية المصرية، طارق توفيق، للصحيفة، إن الصفقة الإماراتية “تغير قواعد اللعبة”، لكن تساءل قائلا: “السؤال هو كيف سيتم استخدام الأموال؟”.

الحرة

المصدر: موقع النيلين

كلمات دلالية: الدولار فی

إقرأ أيضاً:

“الأحزاب اليمنية”: الاحتفاء بذكرى الوحدة قيمة حاضرة في نفوس اليمنيين

يمن مونيتور/ قسم الأخبار

أكّد تحالف الاحزاب والقوي السياسية، أن الاحتفاء بذكرى الوحدة اليمنية لايزال قيمة حاضرة في نفوس اليمنيين، غم سنوات الحرب والمعاناة.

وقال تحالف القوى والأحزاب السياسية اليمنية في بيان الأربعاء، إن إعادة تحقيق الوحدة اليمنية في يوم الثاني والعشرين من مايو 1990، مثل تاريخاً جديداً لميلاد اليمن الكبير الذي حلم به اليمنيون طويلاً.

وأضاف البيان، أن الشعب اليمني بذل ولا يزال يبذل الغالي والنفيس من أجل الحفاظ على المكتسبات الوطنية والتي توجت بتحقيق الوحدة اليمنية وإعادة لحمة الوطن اليمني بعد عقود من التشطير الذي كان أحد إفرازات الحكم الإمامي الكهنوتي في الشمال والاستعمار البريطاني البغيض لجنوب وطننا اليمني الحبيب.

واعتبر البيان “إعادة تحقيق الوحدة اليمنية في يوم الثاني والعشرين من مايو 1990 تاريخاً جديداً لميلاد اليمن الكبير الذي حلم به اليمنيون طويلاً وتتويجاً لنضالات أجيال عديدة قدمت التضحيات من أجل تحقيق هذه الثمرة العظيمة التي اقترنت بالتعددية السياسية وحرية التعبير وأسهمت في توفير القنوات السليمة ليعبر الشعب عن تبايناته وتعدد مشاربه التي أطر دستور دولة الوحدة سقفها وجعلها محكومة بثوابت وطنية غير قابلة للمساس أو التفريط بها وفي مقدمتها سيادة واستقلال اليمن ونظامه الجمهوري القائم على الديموقراطية والتعددية السياسية”.

وتابع البيان: “رغم الأخطاء التي شابت مرحلة ما بعد إعلان الوحدة اليمنية إلا أن الزمن وجهود الوطنيين المخلصين كانت كفيلة بمعالجتها وتصويبها”.

واستدرك بيان الأحزاب: “لولا أن قوى الشر التي ظلت منذ نجاح ثورتي سبتمبر وأكتوبر تتربص باليمن ووحدته ونظامه الجمهوري وتحينت الفرصة المواتية لتنقض على كل هذه المكتسبات في محاولة منها لإعادة عجلة التاريخ إلى الوراء والانتقام من لحظة إفلات اليمن من أغلال الإمامة والتمزيق ورغم خيبة مساعيها في تحقيق ذلك إلا أنها تمكنت من إدخال اليمن في أتون صراع لم ينته بعد وإطالة أمد معاناة اليمنيين وإعاقة تطلعاتهم في الاستقرار والتنمية”.

وأكد التحالف أن مسيرة النضال “من أجل استعادة الدولة لن تتوقف” وأن حق الشعب “في حياة حرة وكريمة ودولة يسودها النظام والقانون أمر غير قابل للمساومة أو الانتقاص”.

ولفت إلى أن “كل هذه الغايات لن تتحقق إلا في ظل نظام جمهوري ديموقراطي تعددي ويمن اتحادي يضمن لجميع أبنائه فرصاً متساوية ويقوم على تنمية الإنسان أولاً باعتباره حجر الزاوية في عملية التنمية الشاملة، يمن يتعلم من التاريخ ولا يكرر اخطاءه ولا يقتفي من الاثار  سوى تلك التي تعبر عن جوهر اليمني وما فيه صلاح الجميع نابذا كل سبب اثبت فساده وعدم جدواه”.

وأوضح البيان أن الذكرى الرابعة والثلاثين لإعادة تحقيق الوحدة اليمنية هذا العام واليمن تعيش ظروفاً بالغة التعقيد إثر تعثر جهود السلام وإمعان جماعة الحوثي في إطالة أمد معاناة اليمنيين وإصرارها على تقطيع أوصال البلد وتمزيق أواصر القربى بين اليمنيين.

مقالات مشابهة

  • البنك المركزي.. يحسم الأمر ويحدد أسعار الفائدة
  • اجتماع البنك المركزي المصري اليوم: توقعات بتثبيت أسعار الفائدة
  • اليوم "اجتماع مصير الفائدة".. التثبيت خيار المركزي المصري الأكثر واقعية
  • اليوم.. البنك المركزي يطرح أذون خزانة بقيمة 50 مليار جنيه
  • “الأحزاب اليمنية”: الاحتفاء بذكرى الوحدة قيمة حاضرة في نفوس اليمنيين
  • البنك المركزي السعودي يطرح “قواعد ممارسة نشاط التمويل الجماعي بالدين” المحدثة لطلب مرئيات العموم
  • اليابان تسجل عجزاً تجارياً بقيمة 462.5 مليار “ين” خلال أبريل
  • تراجع أسعار الذهب وسط ترقب “المركزي الأمريكي”
  • 160 مليون دينار حصة “الضمان” من توزيعات الشركات
  • انهيار كارثي للريال اليمني بفعل مقترحات صندوق النقد الدولي.. هل تتجه اليمن نحو “صوملة” اقتصادية؟