القاهرة- تراجعت مظاهر الاحتفاء بشهر رمضان في مصر مع دخول موجة الغلاء عامها الثاني على التوالي، وارتفاع الأسعار إلى مستويات قياسية؛ بسبب ارتفاع معدلات التضخم ثلاثة أمثالها منذ عامين وأزمة نقص العملة الصعبة.

وتتعدد أوجه مظاهر استقبال شهر رمضان في مصر ما بين الاحتفال به بالزينة والأنوار وشراء المستلزمات الرمضانية؛ مثل: "ياميش رمضان" وإعداد "كرتونة رمضان"، أو "شنطة رمضان" وتقديمها للمحتاجين من الأسر الفقيرة والعمالة اليومية، والتجهيز لموائد الرحمن لإطعام الصائمين.

"شنطة رمضان" كما في اللغة الدارجة، هي من مظاهر التكافل الاجتماعي، وأحد أوجه الأعمال الخيرية التي تسبق قدوم الشهر المبارك بهدف مساعدة الفقراء وميسوري الحال، وهي عبارة عن مساعدات عينية، وليست مالية لاستخدامها في إعداد وجبات الإفطار.

يختلف وزن الشنطة الرمضانية على حسب قدرات المتبرعين، وتختلف كذلك مكوناتها ما بين المواد الغذائية الرئيسة إلى إضافة بعض "ياميش رمضان"؛ مثل: البلح والزبيب ولكن بكميات قليلة، وفي جميع الأحوال لا تقل عن نحو 5 كيلوغرامات.

الجمعيات تشكو تراجع التبرعات

وكشفت زينب مجاهد المسؤولة بجمعية عباد الرحمن بمركز أخميم بمحافظة سوهاج (صعيد مصر) عن "معاناة الجمعية وكثير من الجمعيات في المحافظة في إعداد (كراتين) شهر رمضان؛ بسبب قلة المتبرعين خاصة من الأغنياء ورجال الأعمال والنواب، وارتفاع أسعار المواد الغذائية".

أسعار شنطة رمضان في مصر تضاعفت ما بين 100% و200% (الجزيرة)

وأضافت "بسبب قلة شنط رمضان سوف نُدخل بعض الحالات ضمن برنامج مطعم أبواب الخير للحصول على وجبة إفطار، بدلا من الكرتونة".

وأشارت زينب مجاهد، في تصريحات للجزيرة نت، إلى أن أعداد المحتاجين هذا العام أكثر من أي عام مضى، وقالت "نشتري الكرتونة التي تحتوي على بعض المواد الغذائية الرئيسة بسعر 300 جنيه (الدولار يساوي نحو 50 جنيها) بدلا من 159 جنيها العام الماضي، ونشتريها من الجمعيات الخيرية الكبيرة، خاصة الحكومية بسعر أقل من السوق بنحو 50%".

وأوضحت زينب أن قيمة ومكونات الشنطة أصبحت قليلة وأنهم أصبحوا "غير راضين عن مكوناتها، خاصة أننا في بعض السنوات كنا نضع البروتين (لحوم أو دجاج) ولكنها الآن جافة، وحتى البلح (التمر) ليس من النوع الممتاز الذي كنا نضعه كل عام".

كيف تغير شكل ووزن شنطة رمضان؟

يقول محمد أبو كمال المشرف بأحد السلاسل التجارية بمحافظة الجيزة، إن "ارتفاع الأسعار حمل بعض الناس على التخلي عن تلك العادة، بعد أن تضاعفت أسعار شنطة رمضان ما بين 100% و200%، بينما حملت بعضهم على تقليل مكوناتها وحجمها".

وفي حديثه، للجزيرة نت، أوضح المشرف أن المتجر لم يطرح هذا العام العدد الكبير من الكراتين الرمضانية التي كان يطرحها كل مرة، وراعى أن تكون مكوناتها أقل وزنا مع الحفاظ على التنوع حتى تصبح في متناول راغبي فعل الخير.

كرتونة رمضان أحد مظاهر التكافل الاجتماعي في مصر (الجزيرة)

وبشأن مكونات الكرتونة، تحدث أبو كمال عن الأرز والزيت والسكر والصلصة والمسلى الصناعي والفول والمكرونة والشاي، إلى جانب البلح الجاف وأحيانا كيس تمر، وكان فيما مضى لفة قمر الدين والتمر هندي وجوز الهند والزبيب والكركدية ضمن مكونات الشنطة.

محاولات حكومية وأوضاع اقتصادية متردية

وفق مسح الدخل والإنفاق الصادر من الجهاز المركزي للإحصاء، لسنة 2019/2020 بلغت نسبة الفقر في مصر 29.7%، أي أكثر من 30 مليون فقير.

وسجلت هذه النسبة قبل أزمة كورونا وقبل خفض قيمة الجنيه 4 مرات منذ 2022، وهو وضع أدخل كثيرا من الأسر المصرية إلى دائرة الفقر.

وفي محاولة لتقليل أثر ارتفاع الأسعار، زادت الحكومة المصرية معارض "أهلا رمضان" ومبادرة "كلنا واحد" إلى 3 آلاف منفذ وسلسلة على مستوى الجمهورية، وتراوحت نسب الحسم على السلع ما بين 10% و30%.

وحسب الحكومة، تضم المنافذ والسلاسل كبار منتجي السلع الغذائية والرمضانية، إلى جانب الشركة القابضة للصناعات الغذائية بوزارة التموين والتجارة الداخلية والشركات التابعة لها، مع تخصيص مساحات لجهاز الخدمة الوطنية بوزارة الدفاع و"أمان" بوزارة الداخلية.

عادات لا تغيب لكنها تتأثر سلبيا

يقول رئيس جمعية مواطنون ضد الغلاء، محمود العسقلاني، إنه "رغم التأثير السلبي للغلاء على ظاهرة التجميع والتوزيع لكراتين وشنط شهر رمضان في مصر، فإنها لا تغيب أو تختفي. من طبائع المصريين أنهم يحرصون على العادات والمناسبات حتى وإن تردت الظروف الاقتصادية".

مبادرات حكومية تهدف للتخفيف من غلاء أسعار مواد رمضان (الجزيرة)

المثير في الأمر، يضيف محمود العسقلاني للجزيرة نت، اختفاء كيس السكر أحد المكونات الرئيسة من كرتونة رمضان لدى بعض الناس، على خلفية أزمة نقص هذه المادة الأساسية، ويقول "أبحث بنفسي على أي كميات من السكر وأضعها في الكرتونة من أجل توزيعها على المحتاجين".

وبشأن تأثير الأسعار، أوضح العسقلاني، أن الكرتونة فقدت جزءا من قيمتها ومكوناتها دون شك، مشيرا إلى أن أكثر المتضررين هم الفقراء والعمالة اليومية في التجمعات السكانية والشركات والمصانع والعقارات وغيرها.

ورأى العسقلاني أن الأوضاع الاقتصادية  الصعبة التي يمر بها ملايين المصريين يجب أن تكون دافعا وحافزا للأغنياء، من أجل زيادة التبرع والإسهامات حول ما يخص إعداد وتوزيع شنط رمضان؛ لتعزيز أجواء التكافل بين الناس.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات رمضان فی مصر شنطة رمضان ما بین

إقرأ أيضاً:

وزير الميزانية: عملية إعادة تكوين القطيع الوطني تدعم المربين وتؤمن السيادة الغذائية

زنقة 20 . الرباط

أكد الوزير المنتدب المكلف بالميزانية، فوزي لقجع، اليوم الجمعة بالرباط، أن الإجراءات المرتبطة بعملية إعادة تكوين القطيع الوطني للماشية تروم تمكين المربين من مزاولة نشاطهم في أحسن الظروف والتخفيف من الصعوبات الناجمة عن توالي سنوات الجفاف.

وأوضح لقجع، في تصريح للصحافة عقب اجتماع انعقد بوزارة الداخلية حول إعادة تكوين القطيع الوطني للماشية، أن التعليمات السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس تروم إتاحة الفرصة لإعادة تشكيل وتأهيل قطاع الماشية على الصعيد الوطني.

وأضاف الوزير أن عملية إعادة تكوين القطيع الوطني للماشية تهدف، بالأساس، إلى تمكين المربين من كل الوسائل لمزاولة نشاطهم في ظروف عادية والاضطلاع بدورهم في التنمية الاجتماعية والاقتصادية.

وتم خلال هذا الاجتماع، الذي انعقد تنفيذا للتوجيهات الملكية السامية، التأكيد على الأهمية القصوى لهذه العملية، ولما لها من أدوار في تعزيز إنتاجية قطاع تربية المواشي وضمان استدامته لتأمين السيادة الغذائية للمملكة، ودعم المربين، وتعزيز القدرة على مواجهة التحديات الاقتصادية والمناخية، في ظل توالي سنوات الجفاف، وذلك من خلال إنشاء قاعدة بيانات رقمية وطنية دقيقة تحدد تكوين القطيع ومالكيه، وفق رؤية استراتيجية شاملة ترتكز على رقمنة الإجراءات.

وجرى هذا الاجتماع بحضور وزير الداخلية عبد الوافي لفتيت ووزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، أحمد البواري، وعدد من المسؤولين المركزيين للقطاعات الوزارية المعنية، وشارك فيه عبر تقنية التناظر المرئي، ولاة الجهات وعمال عمالات وأقاليم وعمالات مقاطعات المملكة وممثلو قطاعات الاقتصاد والمالية والفلاحة بالجهات والعمالات والأقاليم.

مقالات مشابهة

  • وزير الميزانية: عملية إعادة تكوين القطيع الوطني تدعم المربين وتؤمن السيادة الغذائية
  • خبير: الحرب بين إيران وإسرائيل تساهم في تفاقم الأزمة الاقتصادية عالميا
  • اعتماد 14 مواصفة قياسية وطنية في القطاعات الغذائية والنسيجية
  • خالد بن محمد بن زايد يعين حمد صياح المزروعي وكيلاً لـ«التنمية الاقتصادية»
  • شركات مكونات السيارات الألمانية تقلص استثماراتها المحلية
  • وزير التموين يعقد اجتماعًا مع ممثلي المواد الغذائية وبقالي التموين وجمعيتي
  • التوسع في بيع السلع الحرة.. تفاصيل لقاء وزير التموين بشعبة المواد الغذائية والبقالين
  • احترس.. 5 مواد تكتب في مكونات مزيل العرق تسبب السرطان| تفاصيل
  • محافظ بني سويف يوجه بتكثيف الحملات الرقابية على المنشآت الغذائية والمخابز
  • بري طبيعي واقتصادي يُنافس اللحوم في قيمته الغذائية