خبراء: ميناء غزة العائم تكريس لأهداف الاحتلال وموطئ قدم للجيش الأميركي
تاريخ النشر: 14th, March 2024 GMT
القدس المحتلة– بدت المواقف في إسرائيل متصالحة ومتوافقة مع إعلان الرئيس الأميركي جو بايدن إنشاء ميناء عائم قبالة شواطئ غزة، تحت ذريعة زيادة تدفق المساعدات الإنسانية إلى القطاع بشكل كبير، إذ إن هذا التصالح من قبل حكومة بنيامين نتنياهو يحمل في طياته كثيرا من الرسائل بما يتماشى مع أهداف الحرب وسير القتال.
وخلافا لما هو دارج ومعتمد حيال السجال بين واشنطن وتل أبيب، في ما يتعلق بسير الحرب، وصفقة التبادل، ووقف مؤقت لإطلاق النار، لم يخرج أي من الوزراء في حكومة الطوارئ ضد هذه الخطوة الأميركية على وجه التحديد، على أساس أن القضية الإنسانية، التي تسبب ضغطا شديدا على إسرائيل في العالم، هي مسألة حاسمة بالنسبة للحرب.
وسط الترحيب الإسرائيلي الخجول بمشروع بايدن، اختار وزير الخارجية يسرائيل كاتس أن يستذكر مبادرته في العقد الماضي، التي جددها خلال الحرب على غزة، الهادفة إلى إقامة ميناء منظم على جزيرة صناعية قبالة سواحل غزة، وهو الموقف الذي يعكس التناغم الإسرائيلي الأميركي حيال مشروع الميناء العائم، وذلك كوسيلة للسيطرة على توزيع المساعدات الإنسانية.
وسيكون مشروع الميناء العائم إذا نفذ على أرض الواقع أول معبر في غزة لن يكون تحت السيطرة الإسرائيلية أو المصرية، منذ النكبة عام 1948، لكن عدم معارضة حكومة نتنياهو لمشروع بايدن يشير إلى أن إسرائيل ستكون مسؤولة أو على الأقل تشارك في عمليات التفتيش الأمنية لكل شيء يدخل إلى غزة ويخرج منها عبر الميناء العائم.
يأتي هذا المشروع الأميركي، بعد أن أمعن الجيش الإسرائيلي في القضاء على البنية التحتية لوكالة الأونروا، وتدمير المنظومة المدنية الفلسطينية، إلى جانب المشروع الاحتلالي في حي الزيتون الهادف إلى تقطيع غزة وفصل شمال القطاع عن جنوبه، سعيا للسيطرة على المساعدات الطبية والإغاثية.
وينسجم الميناء الأميركي العائم مع مشروع "جزيرة اصطناعية" بمساحة 8 كيلومترات مربعة قبالة شواطئ غزة لنقل نحو نصف مليون فلسطيني من القطاع، الذي عرضه وزير الخارجية الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، خلال اجتماع وزراء خارجية الدول الأوروبية في بروكسل في يناير/كانون الثاني الماضي.
واعتبر الباحث بالشأن الإسرائيلي في مركز "تقدم" للسياسات، أمير مخول، أن مشروع الميناء العائم يتناغم مع مرحلة الاحتلال الإسرائيلي المستمر للقطاع، حيث تعيد حكومة نتنياهو تفعيل بنية الاحتلال التي كانت قائمة حتى 2005 قبل الانسحاب أحادي الجانب.
وأوضح مخول للجزيرة نت أن مشروع الميناء العائم الذي يأتي تحت ذريعة توزيع "المساعدات الإنسانية" ينسجم مع طرق وآليات هندسة وتوزيع المساعدات وإيصالها لشمال القطاع، وكذلك مع مشروع الطريق العريض الذي يشقه الجيش الإسرائيلي من جنوب شرق غزة باتجاه البحر، وما يسمى مشروع "حي الزيتون" الهادف إلى تقطيع أوصال غزة.
ويعتقد الباحث أن إسرائيل تعمدت عبر المظاهرات والاحتجاجات لعناصر اليمين بمنع دخول الشاحنات من معبر كرم أبو سالم، وإعاقة وعرقلة إيصال المساعدات الإنسانية إلى شمال غزة عبر المعابر البرية لتظهر للعالم أن شمال غزة بات مفصولا عن الجنوب، ولتحصل على اعتراف دولي بهذا الواقع الذي تسعى لفرضه.
نقل بالاتجاهين
ويرى الباحث نفسه أن المشروع الأميركي يحمل في طياته كثيرا من الرسائل، ولعل أبرزها أن إدارة الرئيس جو بايدن غير معنية بممارسة ضغوطات كبيرة على نتنياهو وفرض أجندتها على إسرائيل، وسط غياب أي دور عربي وإسلامي يمكن أن يشكل ضغطا على واشنطن لإغاثة غزة.
كما أن الميناء العائم، يقول مخول "ليس من المستبعد أن يشهد حركة نقل بالاتجاهين، نقل مواد غذائية وطبية للقطاع ونقل الفلسطينيين من غزة، ضمن مخطط التهجير الذي فشلت الحرب الإسرائيلية في تحقيقه، وهو ما يؤكد أن كافة الخطوات الأميركية تتم بالتوافق والتنسيق مع إسرائيل".
وحذر الباحث بالشأن الإسرائيلي من تداعيات الميناء العائم، واعتبر ذلك مقدمة لموطئ قدم وفرض السيطرة الأميركية على قطاع غزة، تحت ذريعة توزيع المساعدات الإنسانية التي ستكون تحت آليات وبنية تحتية بإشراف وسيطرة الجيش الإسرائيلي، مما يعني إطالة أمد الحرب واستمرار البنية الاحتلالية الإسرائيلية في القطاع.
وأكد في السياق ذاته أن مشروع الميناء العائم يخدم إسرائيل ومخططاتها للسيطرة على القطاع، وكذلك إطالة أمد القتال، قائلا إن "على أميركا الكف عن إرسال الذخيرة والسلاح لإسرائيل، لا يعقل أن تقوم بتوجيه إرساليات أسلحة لتل أبيب التي تقتل وتفتك بالفلسطينيين، ومن ثم تقوم بعمليات إنزال جوي في شمال القطاع لوجبات غذائية جاهزة".
الطرح ذاته تبناه المحلل السياسي الكاتب طه إغبارية الذي أكد أن كل الخطاب الأميركي بشأن الحرب الإسرائيلية على غزة مرتبط بانتخابات الرئاسة التي ستجرى في نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، والضغوطات في أوساط الليبراليين في الحزب الديمقراطي بعدم إرسال أسلحة إلى إسرائيل بحال اجتاحت رفح.
ورجح المحلل السياسي للجزيرة نت أن سياسات واشنطن وتصريحات بايدن الناقدة لنتنياهو ما هي إلا محاولة لامتصاص غضب العرب والمسلمين في أميركا، حيث ترجح استطلاعات الرأي فوز المرشح الجمهوري دونالد ترامب، وخروج بايدن من البيت الأبيض.
ويعتقد إغبارية أن إقامة الميناء الأميركي العائم قبالة غزة يؤكد أن إدارة بايدن لم تبحث أي حلول لإنهاء الحرب على غزة، بل تناقش وتبحث سبل إطالة الحرب ضد فصائل المقاومة الفلسطينية وحماس على وجه الخصوص والإبقاء على حالة القتال مع ضمان آليات لإدخال وتوزيع المساعدات على الفلسطينيين بالقطاع.
وفي قراءة للتناغم الأميركي الإسرائيلي حول مشروع الميناء العائم والصمت العربي، لا يستبعد المحلل السياسي أن يندرج مشروع الميناء ضمن رؤية اليوم التالي للحرب بغية تثبيت الوجود الأميركي بالقطاع بما يخدم المصالح الإسرائيلية وتحقيق ما لم تستطع إسرائيل إنجازه بالحرب.
وحذر المحلل السياسي من تداعيات الوجود الأميركي بالقطاع الذي يأتي تحت ذريعة تخفيف المعاناة عن الفلسطينيين وتوفير المساعدات الإنسانية، قائلا إن "الوجود الأميركي سيبلور سياسات نحو حلول وتسويات إقليمية لما بعد الحرب".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: رمضان 1445 حريات المساعدات الإنسانیة الوجود الأمیرکی المحلل السیاسی تحت ذریعة
إقرأ أيضاً:
إسرائيل تدخل الفتات لغزة وتقتل منتظري المساعدات
غزة- لم تسمح قوات الاحتلال الإسرائيلي سوى بإدخال 15% من احتياجات الفلسطينيين في قطاع غزة للمواد الغذائية الأساسية، منذ أن قررت مساء السبت الماضي "تحسين" الاستجابة الإنسانية للسكان عبر فتح ممرات لإدخال المساعدات والأدوية.
وتزامن مرور الكميات المحدودة من الشاحنات التي سمح جيش الاحتلال بوصولها إلى غزة منذ مطلع الأسبوع الجاري مع ارتفاع عدد الشهداء في صفوف منتظري المساعدات الذين قُتلوا أثناء انتظارهم الحصول على الغذاء، مما يكشف إصرار الاحتلال على تجويع القطاع رغم محاولاته تصوير تدفق المساعدات إلى المجوّعين بكميات كافية.
وسمحت قوات الاحتلال منذ الأحد الماضي وحتى مساء أمس الأربعاء بإدخال 381 شاحنة فقط، وعدد محدود من عمليات الإنزال الجوي، حسب البيانات الصادرة عن المكتب الإعلامي الحكومي.
استمرار التجويع
وتشير الإحصائية التي حصلت عليها الجزيرة نت إلى أن قوات الاحتلال سمحت يوم الأحد الماضي بإدخال 73 شاحنة فقط و3 عمليات إنزال جوي، في حين وصل إلى غزة يوم الاثنين الماضي 87 شاحنة رفضت قوات الاحتلال تأمين دخولها، وتعمدت استهداف عناصر التأمين التي تتبع العشائر والعائلات، مما أدى إلى استشهاد 11 منهم في منطقة السودانية شمال غرب القطاع.
ويوم الثلاثاء الماضي، سمح الاحتلال بمرور 109 شاحنات بالإضافة إلى 6 عمليات إنزال جوي، ووصل غزة أمس الأربعاء 112 شاحنة مساعدات.
ويحتاج أكثر من مليوني فلسطيني في القطاع إلى 600 شاحنة يوميا من المواد الغذائية، أي ما مجموعه 2400 شاحنة خلال الأيام الأربعة الماضية، مما يعني أن جيش الاحتلال سمح بإدخال 15% فقط من احتياجات غزة الأساسية.
في هذا السياق، قال المدير العام للمكتب الإعلامي الحكومي بغزة إسماعيل الثوابتة إن حكومة الاحتلال تواصل الترويج لمزاعم كاذبة تنفي وجود تجويع في القطاع، وترفض السماح بمرور مساعدات تكفي السكان، وتعرقل كل محاولات تأمين وصولها لمخازن المؤسسات الدولية مما يعرض غالبيتها للنهب والسرقة بفعل الفوضى التي يُكرّسها الجيش الإسرائيلي.
إعلانوأشار للجزيرة نت إلى أن عمليات الإنزال الجوي المحدودة لا تتجاوز كمياتها في أحسن الأحوال حمولة شاحنتين، ويسقط معظمها في مناطق قتال حمراء يوجد فيها جيش الاحتلال، ولا يمكن للمواطنين الوصول إليها مطلقا.
وأوضح الثوابتة أن جميع محاولات الاحتلال للالتفاف على إدخال المساعدات الغذائية بالكميات الكافية عبر المؤسسات الدولية هي ذر للرماد في العيون، وتُبقي حالة التجويع في قطاع غزة على أشدها، ولا يمكن أن تغير الواقع المعيشي المتردي للفلسطينيين.
وأدان استمرار استهداف الجيش الإسرائيلي منتظري المساعدات مع رفضه تأمين مرورها، محملا الاحتلال والدول الداعمة لعدوانه كامل المسؤولية عن الجرائم المروعة التي يتعرض لها أكثر من 2.4 مليون إنسان في غزة، بينهم 1.1 مليون طفل يُحرمون من الغذاء وحليب الأطفال في ظل حصار خانق وإبادة جماعية ممنهجة.
وطالب المجتمع الدولي والأمم المتحدة بالتحرك العاجل لفتح المعابر بشكل فوري، وكسر الحصار، وتأمين دخول المساعدات الإنسانية بشكل آمن ومنظم، تحت إشراف أممي كامل.
ورفعت قوات الاحتلال الإسرائيلي من وتيرة استهدافها لمنتظري المساعدات في شمال ووسط وجنوب قطاع غزة، وذلك منذ أن أعلنت نيتها السماح بإدخال المزيد من المواد الغذائية لهم.
وحصلت الجزيرة نت على إحصائية محدثة من وحدة المعلومات الصحية بوزارة الصحة بغزة، تكشف عن ارتفاع عدد الشهداء في صفوف منتظري المساعدات منذ بداية العام الجاري وحتى ظهر اليوم الخميس إلى 1320 شهيدا وأكثر من 8818 إصابة.
وتشير الإحصائية إلى ارتفاع ملحوظ في عدد الشهداء أمام مراكز توزيع المساعدات وممرات دخولها في الشهرين الأخيرين، حيث بلغ عدد الشهداء في يونيو/حزيران الماضي 581 شهيدا، في حين ارتفع في يوليو/تموز الحالي إلى 739 شهيدا.
قتل متعمد
وتدل الأرقام الصادرة عن وزارة الصحة على أن الاحتلال تعمد قتل العشرات من الفلسطينيين المجوعين خلال انتظارهم دخول المساعدات منذ مطلع الأسبوع الحالي، أي بالتزامن مع قرار الجيش الإسرائيلي زيادة كميات المساعدات الواردة إلى قطاع غزة.
ففي يوم الأحد الماضي قتل جيش الاحتلال 11 فلسطينيا وأصاب 36 آخرين، في حين قتل يوم الاثنين الماضي 25 فلسطينيا، وأصاب 237 آخرين، واستشهد يوم الثلاثاء 22 من منتظري المساعدات، وأصيب 199 شخصا.
وبلغ عدد الشهداء من منتظري المساعدات في قطاع غزة أمس الأربعاء 60 شهيدا وأكثر من 195 إصابة، فيما وصل إلى المستشفيات منذ مساء أمس وحتى ظهر اليوم الخميس 81 شهيدا وأكثر من 666 إصابة.
وكانت مديرة الإعلام والتواصل في وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا" جولييت توما قد طالبت بوصول آمن للمساعدات إلى قطاع غزة برا من خلال الأمم المتحدة بما في ذلك الأونروا، وبطريقة أكثر أمانا وأسرع وتحفظ كرامة الإنسان.
وشددت -في تصريحات صحفية- على أن الإنزالات الجوية غير ضرورية على الإطلاق، وغير فعّالة، ومكلفة، ومحفوفة بالمخاطر، وإذا تم فتح المعابر إلى قطاع غزة، فستستطيع الأمم المتحدة إدخال 500 إلى 600 شاحنة يوميا محملة بالغذاء والأدوية ولوازم النظافة، للوصول إلى من هم في أمس الحاجة إليها.
إعلان