في رمضان المقاطعة وغزة غيرتا من خيارات استهلاك الأردنيين
تاريخ النشر: 16th, March 2024 GMT
عمان - صفا
ألقت الحرب على قطاع غزة التي دخلت شهرها السادس على التوالي بظلالها على خيارات وحجم الاستهلاك في الأردن مع حلول شهر رمضان المبارك الذي عادة ما يشهد ارتفاعا بمعدل الإنفاق عن باقي شهور السنة بنسبة عالية، فيما يتوقع خبراء اقتصاديون أن تتراجع نسبة الإنفاق لهذا العام.
وانعكس العدوان المستمر على قطاع غزة على خيارات المواطنين الأردنيين الاستهلاكية ومظاهر استقبال الشهر الكريم، ويشير أصحاب محال تجارية التقتهم الجزيرة نت إلى أن هناك تراجعا عاما في الحركة الشرائية، أبرز أسبابه تأثر المواطنين مع ما يحدث في قطاع غزة واستجابتهم لحملة مقاطعة العلامات الداعمة لـ"إسرائيل.
تراجع كبير بالشراء
يقول أحمد رحال أحد أصحاب المحال التجارية في عمّان إن صور التجويع التي تأتي من غزة لأطفال لا يجدون قوت يومهم جعلت المواطن الأردني يشعر بشيء من الترف عند تسوّقه بما يزيد على حاجته، فضلا عن حدوث تغيّر في خياراته وأولوياته الشرائية.
ويضيف للجزيرة نت: "الزبون يدخل ليشتري على مضض، ولهفة التحضير لشهر رمضان غائبة، كما أن الزبون بتعامل بحذر من المنتجات المقاطعة ويتحرى ذلك بدقة"، مشيرا إلى أن القوة الشرائية قد ضعفت بالفعل.
بدوره، قال خليل الحاج توفيق رئيس غرفة تجارة الأردن أنه تم رصد تراجع بنسبة تصل لـ40% في قطاع الغذاء ونسب كبرى في قطاعات أخرى نتيجة أجواء التعاطف والألم إذ يرتبط الأردني ارتباطا وجدانيا مع ما يحصل في قطاع غزة من مشاهد الإبادة والتجويع.
وأضاف للجزيرة نت أن هناك تراجعا كبيرا في الطلب على مكونات الحلوى الرمضانية، فضلا عن توجه الشركات المختلفة إلى الامتناع عن إقامة الولائم الرمضانية للعملاء والشركاء المعتادة في شهر الصيام وتخصيص مبالغها لصالح غزة.
وأشار الحاج توفيق إلى أن "مناظر الغزيين الجوعى ربما أشد ألما من مشهد الشهداء، حيث إننا نؤمن أن الشهيد حي في جنان خالقه بينما مشهد الأطفال والكبار الجوعى يضع في القلب غصة تدفع بالشخص للشعور بالخجل والعار إذا أسرف بالطعام والشراب".
المقاطعة
لم يتوقّع عبيدة (35 عاما) أن امتناعه عن التسوق من أحد المتاجر التي كان يرتادها باستمرار فيما سبق بسبب قرار المقاطعة سيدفع إدارة التسويق في هذا المتجر للتواصل معه هاتفيا للاستفسار عن سبب غيابه قبيل شهر رمضان، حيث أوضح للجزيرة نت أن الموظف الذي تحدث معه حاول تغيير قناعاته فيما يخص مقاطعة هذا المتجر العالمي الذي يملك سلسلة من الفروع في الأردن.
وانتقلت مقاطعة المنتجات الداعمة للاحتلال من حيز "رد الفعل" كما كان يحصل سابقا مع كل تصعيد تشهده المدن الفلسطينية إلى "ثقافة وأسلوب حياة" لدى المواطن الأردني انعكس على سلوك التسوّق في التحضير لشهر رمضان وفقا للحملة الشعبية للمقاطعة "قاطع".
ويشير عبد الله قفاف عضو الحملة في حديثه للجزيرة نت إلى التجاوب الكبير من قبل المواطنين مع المقاطعة خلال شهر رمضان خاصة بالامتناع عن بعض المنتجات التي كانت في السابق جزءا أساسيا من مائدة رمضان في كثير من المنازل أو تلك التي تستخدم بشكل أساسي في الطهي، وهو ما دفع بعض المتاجر المدرجة ضمن قوائم المقاطعة إلى القيام بعروض غير مسبوقة لجلب المستهلكين.
كما أشار قفاف إلى رصد الحملة الشعبية خلو الكثير من المطاعم المدرجة على قوائم المقاطعة من الزبائن في فترات السحور والإفطار والتي كانت في السابق تعجّ بالمواطنين وهو ما يؤشر إلى الاستمرارية التي دفعت علامات تجارية عالمية لعرض وجباتها بنصف السعر الأصلي.
ويقول أسامة، وهو مالك متجر للتمور، إن " السؤال الأول الذي أصبحنا نتلقاه من كثير من الزبائن قبل سؤال الجودة والنوعية والسعر هو مصدر هذه التمور وما إذا كانت مرتبطة بالاحتلال الإسرائيلي".
وفي استطلاع لمركز الدراسات الإستراتيجية في الجامعة الأردنية في نوفمبر/تشرين الثاني من العام الماضي أظهرت النتائج أن 93% من الأردنيين يشاركون في المقاطعة الاقتصادية لمنتجات الاحتلال والمنتجات الأميركية مع توجه المعظم إلى منتجات وطنية محلية الصنع.
مظاهر الزينة والاحتفال
مع اقتراب دخول شهر رمضان خلال الأعوام السابقة كان محمود (40 عاما) وهو رب أسرة يسارع في اختيار آخر أفكار حبال الزينة الكهربائية والأهلة والفوانيس لشرائها، حاله حال معظم الأسر الأردنية، حيث تشهد واجهات المنازل مع دخول رمضان صورة كرنفالية لافتة احتفالا بالشهر، وهو الأمر الذي اختفى بشكل كبير في هذا العام.
ويقول سعيد، وهو مالك متجر للإنارة، للجزيرة نت: "فيما سبق كنا لا نكتفي بملء المحال بمنتجات زينة رمضان بل كنا نقوم بنصب خيام أمام المتجر لاستقبال الأعداد الكبيرة من الراغبين بالحصول على أنواع الزينة المختلفة والتي تتجدد مع كل عام، أما هذه السنة فقد تراجع الإقبال بنسبة كبيرة حتى أننا عرضنا المنتجات بكميات قليلة وعلى حسب الطلب وباستحياء".
من جهته، يقول رئيس غرفة تجارة الأردن خليل الحاج توفيق إن الطلب على منتجات زينة رمضان تراجع بنسبة تفوق 50% عن السنوات السابقة وذلك تعاطفا مع غزة.
الدافع النفسي
ويحلل فراس الحبيس أستاذ علم النفس في الجامعة الأردنية توجه المواطن لتجنب أشكال الرفاه في الاستهلاك بالقول إن هناك في علم النفس ما يسمّى "التقمّص" فالمواطن يتقمّص مشاعر إخوانه ومن يربطه بهم رباط وجداني وثيق من أهالي غزة من الأبطال والمناضلين الذين اجتهدوا في الدفاع الأعراض وعن أرضهم.
وأضاف "طبيعة الإنسان أن يتقمّص دور البطل، حتى في الأفلام والمسلسلات يتقمص هذا الدور، فكيف عندما يكون هؤلاء الأبطال حقيقيين تحملوا وعانوا فيكون لهذا التقمص دور كبير في تبني مشاعرهم والعيش بنفس عيشتهم قدر المستطاع للشعور بهم، وهو دليل على تآلف القلوب".
ويشير إلى أن الاقتصار على الأساسيات مردّها مقارنة الإنسان نفسه مع إخوته الآخرين ممن كانوا في نفس وضعه أو أحسن وأصبحوا يفتقدون لقمة الخبز.
المصدر : الجزيرة
المصدر: وكالة الصحافة الفلسطينية
كلمات دلالية: طوفان الأقصى للجزیرة نت شهر رمضان قطاع غزة فی قطاع إلى أن وهو ما
إقرأ أيضاً:
الصين تتقدم خطوة جديدة نحو الاستقلال التقني.. وجوانجدونج تكشف عن مفاجآت هواوي
في خطوة تؤكد التحول المتسارع الذي تشهده الصين نحو تعزيز استقلالها التكنولوجي، أعلنت مقاطعة جوانجدونج أن رقائق الذكاء الاصطناعي المتقدمة من هواوي تكنولوجيز ونظام التشغيل HarmonyOS يمثلان أبرز إنجازاتها خلال العام الحالي.
وتأتي هذه التصريحات في توقيت دقيق، حيث تتعرض الحكومات المحلية في الصين لضغوط متنامية لدعم توجه بكين نحو تقليل الاعتماد على المنتجات الأجنبية، خصوصًا في مجالات التكنولوجيا الحساسة.
جوانجدونج، التي تُعد أغنى مقاطعة في البلاد ويزيد ناتجها المحلي عن ناتج كوريا الجنوبية، لطالما كانت مركزًا محوريًا للابتكار الصناعي، بفضل احتضانها لمدينة شنتشن، التي تُعرف عالميًا بأنها وادي السيليكون الصيني. إلا أن المقاطعة واجهت خلال الأشهر الماضية نوعًا من خيبة الأمل بعد أن تأكد أن شركة DeepSeek الرائدة في الذكاء الاصطناعي تتخذ من هانجتشو في مقاطعة تشجيانغ مقرًا لها، رغم أن مؤسسها ينحدر من جوانجدونج، ما أثار نقاشات داخلية حول ضرورة تعزيز بيئة الابتكار المحلية والحفاظ على الكفاءات.
وخلال مؤتمر صحفي موسع عقدته حكومة المقاطعة يوم الأربعاء، استعرض المسؤولون سلسلة واسعة من الإنجازات والأرقام التي تعكس تسارع خطوات جوانجدونج في سباق التكنولوجيا المتقدمة.
وأكدت وانج يوي تشين، رئيسة إدارة العلوم والتكنولوجيا في جوانجدونج، أن المقاطعة ستُحافظ على مركزها الأول في الابتكار على مستوى الصين للعام التاسع على التوالي بحلول عام 2025، مشيرة إلى أن هذا التفوق ليس وليد الصدفة بل نتيجة استثمارات ضخمة ودعم سياسي واقتصادي متواصل.
وكان أبرز ما سلطت وانج الضوء عليه هو معالجات هواوي من سلسلة Ascend 910C، التي طُرحت في وقت سابق خلال العام، والتي تُعد خطوة محورية في جهود الصين لتقليل اعتمادها على رقائق إنفيديا الأمريكية، التي تهيمن على سوق معالجات الذكاء الاصطناعي عالميًا.
وأكدت أن هذه الرقاقة جاءت كاستجابة مباشرة للقيود التي فرضتها الولايات المتحدة على تصدير الرقائق المتقدمة إلى الصين، مشيرة إلى أن هذه المعالجات ساعدت البلاد على "التغلب على الحظر الأجنبي" وتحقيق تقدم ملموس في تطوير نماذج الذكاء الاصطناعي المحلية.
وتُعتبر سلسلة Ascend إحدى أهم أدوات الصين في سعيها لبناء منظومة حوسبة مستقلة تدعم مشاريع الذكاء الاصطناعي واسعة النطاق، من تدريب النماذج اللغوية الضخمة إلى تشغيل الأنظمة الذكية في قطاعات الصناعة والخدمات. وقد أثبتت الرقاقة الجديدة قدرتها على المنافسة، خصوصًا في ظل سباق عالمي محتدم يعتمد على تطوير معالجات قادرة على التعامل مع كميات هائلة من البيانات بسرعة وكفاءة.
إلى جانب الرقائق، احتفت المقاطعة كذلك بنجاح نظام التشغيل HarmonyOS، الذي تواصل هواوي تطويره ليصبح بديلاً قويًا لأنظمة تشغيل الأجهزة الذكية الغربية مثل أندرويد وiOS. وبحسب ما أكده مسؤولو المقاطعة، فقد أصبح النظام جزءًا أساسيًا من رؤية الصين لتأسيس منظومة برمجية محلية بالكامل، قادرة على دعم الهواتف الذكية والأجهزة المنزلية وحتى الأجهزة الصناعية.
ويعكس هذا الزخم التكنولوجي رغبة بكين في تقليل نقاط الضغط التي يمكن أن تؤثر على صناعاتها الاستراتيجية، خصوصًا بعد سنوات من القيود الأمريكية على الشركات الصينية. وتعمل جوانجدونج، باعتبارها أكبر مركز صناعي في البلاد، على أن تكون في مقدمة هذا التحول، عبر بناء شبكات دعم للشركات الناشئة، وتوفير تمويل حكومي للبحث والتطوير، إضافة إلى تعزيز الترابط بين الجامعات ومراكز الابتكار.
ومع استمرار تصاعد المنافسة العالمية في مجالات الحوسبة والذكاء الاصطناعي، تبدو جوانجدونج مصممة على حماية مكانتها كقاطرة الابتكار التكنولوجي في الصين، مستندة إلى تفوق شركاتها الكبرى مثل هواوي، وإلى رؤية وطنية تسعى لامتلاك المستقبل التكنولوجي بعيدًا عن التبعية للخارج.