في هذه الحياة لم يدرك أحد منا أنه يوما ما سيجد في طريقه شخصية نرجسيكوبية (النرجسية والسيكوباتية) معا؛ يالها من معركة الخاسر الوحيد فيها هو الضحية الذي يقدم نفسه كبش فداء لحبيبه وتضحيات وتنازلات عديدة لم يدرك أنه يوما ما سيجد نفسه تائها وسط أشخاص تبدلت شخصياتهم وتحولت في غمضة عين.

ولكن المفاجأة الأكبر التي يكتشفها بعد، أنها بالفعل شخصياتهم الحقيقية ووجوههم المزيفة التي اخفوها وراء اقنعتهم السامة، حيث يدسون من ورائها السم ويخترقون حياة الآخرين ببراح دون خجل وعدم إدراك لتحمل المسؤولية، وفقدان للمشاعر وانعدام للاخلاق، يشاهدون الحقيقة ويتغاضون عنها ويشاهدون عذاب الأخرين ويستمتعون به.

ومع إزالة القناع تظهر حقيقتهم القاسية، ومع إدراك المحيطين خبثهم وحقارتهم يحاولون بكل الطرق إخفاء الحقيقة والكذب وتبرير المواقف لاستعادة رونقهم من جديد وتغذية نرجسيتهم مره أخرى على ضعفاء أخرين.

ومسلسل نعمة الأفوكاتو خير مثال على ذلك، التي قامت بتجسيد دورها ببراعة مي عمر، لم تدرك للحظة أن صلاح (يجسده البطل أحمد زاهر- زوجها في المسلسل)، سيحطم أمالها فيه ويخيب ظنونها بعد أن كذبت الجميع ووقفت وراءه الزوجة المخلصة المضحية المتفانية المحبة الداعمة الأولى له، لم تكن تدرك أن مصيرها بعد توفير له كل سبل السعادة والمحبة والأموال أن يترك يدها ويراها تتعذب أمامه دون شفقة أو خجل منه أو رحمة، حقا إنها الشخصية النرجسيكوبية.

وبرع صلاح في تقديم دور الشخص النرجسي السيكوباتي، الذي يفضل العيش عاله على المحيطين حوله، لا يحاول بذل مجهود في حياته لم ينفق على منزله، يُلقب بالبخيل في المشاعر والأموال، يحب الزوجة المعطاءه التي توفر له كل شيء مريح، فهو يُغذي نرجسيته على ذلك.

وصلاح منبهات، شخصية اعتمادية من الدرجة الأولى لا يفعل في الحياة أي شيء غير الكلام السلبي والشكوى، ولاقى في نعمة كل ما يريده ليأخذ منها الوقود، فهو ضعيف من الداخل وقليل الثقة بالنفس، وهذا يرجع لسوء تربية الأهل في الأساس، فالنرجسي يكون ضحية الوالدين من تدليل زائد أو كبت زائد.

ومع وصوله لسن الزواج يبحث عن المرأة التي تعطيه الوقود ليتغذى عليه ويحدثها بطريقة مهينة وتتقبلها وتتغاضى عنها بحُجة أن ظروفه صعبة وحياته مليئة بالمواقف المؤلمة، بارع في تجسيد دور الشخص المسكين الضعيف، لتأتي نعمة القوية الشجاعة لتحاول الوقوف بجواره، وتجعله يتماسك لتنهض به للامام وتجعله أفضل، ولكنها محاولة فاشلة منها فهذه الأنواع من الشخصيات سامة وتظل كما هي لا تتغير، تحاول تدمير الجميع لتصل هي لما تريد.

وصلاح وجد في نعمة الضعف أمامه على الرغم من قوتها أمام الجميع، ضعفها كان حب حقيقي ونظرته لها كانت خيانة وغدر، فالشخص النرجسي يحاول تدمير زوجته بتصرفات متعددة منها مشهد الكباب والكفتة ومشهد الأموال التي سرقت من منزل والدها وصاحبة المقهى، ومشهد الخيانة ومشهد هدية عيد الزواج ومشهد السيارة وتركها في الشارع وحدها دون إدراك، فهو فعلا لم يدرك لأنه لم يعرف للحب عنوان، وبعد معرفتة حقيقة أنها تنازلت له عن 8 مليون جنيه لا يعطي للموضوع أهمية وحاول تحطيمها أكثر.

والشخص النرجسي يكون محدث نعمة يجهل التعاطف مع المحيطين كل ما يهمه نفسه في المقام الأول باع زوجته الأولى المضحية المحبة له بمجرد امتلاكه الأموال، مشتت لا يعرف ماذا يريد رأيه متناقض وتصرفاته غامضة بلا معنى، يتلذذ في رؤية الأخرين أمامه ضعفاء ويبكون لأجله، هذه الشخصيات التجاهل يقتلهم والصمت يحطمهم والانتقام يحرقهم.

ومع كشف حقيقته وتعافي الضحية منه يزول القناع ويظهر الشخص النرجسي الذي بداخله وهذا ما رأيناه في مشهد زواجه من أخرى بعد أخذ الأموال من زوجته نعمة، تحدث معها بطريقة مهينة، نعلم جيدا أن الزوج يحاول أن يفعل الخيانة من وراء زوجته في الخفاء وعندما تعلم يحاول تبرير موقفه لتحسين صورته في عيون زوجته، ولكن صلاح تخطى كل الحواجز وصمم على موقفه الخطأ.

وظهر أكثر الشخصية السيكوباتية لدى صلاح عند محاولة قتل محمد (يجسد شخصية محام متدرب)، ففكر في أن يجعله ينتحر وضغط عليه يتناول أقراص وجعله يكتب جواب يعترف فيه بالانتحار، ليبعد الشبهات عنه ويعيش حياته.

ونعمة لأخر لحظة لم تكن تدرك أن صلاح سيئ، كانت تحاول تكذيب المحيطين حولها على الرغم من أن كل الشواهد تؤكد أنه مؤذي، فهي تفعل ذلك ليس بغرض الحب وحده ولكن بعرض الشفقة عليه، حيث أن ضحية النرجسي دائما تشفق عليه وتحاول أن تجد له مبررات لأنها في الأساس شخصية معطاءه وتحب تقديم المساعدة للمحيطين فما بالك من مساعدتها لزوجها الذي يتقمص دائما دور المسكين الضعيف.

على عكس شخصية ياسين الالفي، منذ أن ظهرت نعمة في المحكمة ودافعت عنه وحصل على البراءه لم ينسى موقفها وحاول بكل الطرق تقديم لها الشكر والمساعدة ووقع في حبها، ولكنها اعتادت أن تقدم هي الدعم للمحيطين ولا تنتظره من أحد فشعرت أن ياسين تصرفه غريب، فالنرجسي (صلاح) يجعل المرأة القريبة منه محطمة من الداخل في مشاعرها ولا تدرك أنها بحاجة لأن يشكرها أحد.

وفي النهاية فاقت نعمة من غيبوبة الحب ولمست غدر صلاح بعد مشهد الخيانة، ووقوفها أمامه تبكي وهو لا يرحمها وكسر قلبها وحطمها وجرحها، فلم يسلم منها، فزوجة النرجسي على الرغم من أنها تخضع له وتحبه حبا شديدا إلا أنها سرعان ما تتعافى وتعود إمرأة حديدية متجددة قوية لامعه تنتقم منه دون تأنيب ضمير.

المصدر: بوابة الفجر

إقرأ أيضاً:

كريمة أبو العينين تكتب: اكتئاب عالي الأداء

استوقفني كثيرا هذا المصطلح "اكتئاب عالى الأداء "  ولأول وهلة تخيلت أنه من قبيل التهكم على أصحاب الحالات النفسية التي  تملأ مجتمعنا وتملأنا جميعا ، ولكن مع البحث والسؤال وجدت انه حالة مجتمعية تسود كل  شعوب الدنيا من أقصاها الى أقصاها ولا تستثنى فئة ولا شريحة بعينها .

بمقتضى مايقوله علماء النفس فان الكثير من الأشخاص يواجهون صعوبة في الشعور بالسعادة والاستمتاع بالحياة مقارنة بغيرهم، دون أن يعلموا السبب وراء ذلك، وهي حالة قالت الطبيبة النفسية جوديث جوزيف إنها قد ترجع إلى نوع من الاكتئاب الخفي، يصعب على أصحابه حتى اكتشاف إصابتهم به، ويسمى «الاكتئاب عالي الأداء».

والاكتئاب عالي الأداء هو نوع من الاكتئاب يتمكن الشخص المصاب به من ممارسة مهامه وعمله بأداء عالٍ جداً، كما لو كان لا يعاني من أي شيء. وأحياناً يطلق عليه أيضاً اسم «الاكتئاب المبتسم» حيث يكون المصاب به دائماً مبتسماً، ويبدو سعيداً أمام الآخرين.

وتقول الطبيبة النفسية والباحثة المعتمدة الدكتورة جوزيف لشبكة «سي إن إن» الأميركية: «إن الفرح ليس مجرد شيء نتمناه، بل هو جزء من هويتنا. لقد خُلقنا بهذا الحمض النووي للفرح. 

إنه حقنا الطبيعي كبشر، ومن ثم فإن صعوبة شعور الشخص بالسعادة أمر غير طبيعي، ولا بد من وجود سبب وراءه، ولا ينبغي تجاهله».

وأجرت جوزيف أبحاثاً رائدة حول الاكتئاب عالي الأداء، وألفت كتاباً جديداً عنه، داعية إلى ضرورة أخذه على محمل الجد.واكدت جوزيف: «أردت أن يعلم الناس أن هناك نوعاً من الاكتئاب يبدو مختلفاً في أعراضه عن الأنواع التي نعرفها».وأضافت: «هناك بعض الأشخاص الذين يعانون من انعدام المتعة، أي قلة الفرح. لا يبدو عليهم الاكتئاب، لكن ليس بالضرورة أن يكون الشخص حزيناً ليُصاب بالاكتئاب».

وبشجاعة فائقة تؤكد الدكتورة  جوزيف انها بنفسها ضمن أولئك الذين عانوا من الاكتئاب عالي الأداء، وأشارت إلى أن «العديد منا مُنتجون في عملهم بشكل مُرضٍ، وهو الأمر الذي يعتبر أحد أكبر التحديات في تشخيص هذا النوع من الاكتئاب»وتابعت بقولها : «يرتدي المصابون بهذا الاكتئاب قناعاً من الخارج يجعل كل شيء يبدو على ما يرام، يؤدون عملهم بشكل مثالي، يبتسمون، ويتحدثون مع الآخرين بشكل طبيعي، لكنهم يعانون من انعدام التلذذ، أو عدم القدرة على الشعور بالفرح والسعادة».

وأكدت جوزيف ان هذا النوع من الأمراض يعانى منه المحيطون بالمريض ايضا وفى نهاية بحثها وحديثها الشيق وضعت روشتة للعلاج تبدأها بالتساؤل للمصابين بهذا المرض الخفى وتقول لهم فى اول خطوة نحو العلاج الصحيح وأول دواء فى روشتتها العلاجية  : كيف تتغلب على ذلك؟ فتقول جوزيف إن هناك 5 طرق للتغلب على الاكتئاب عالي الأداء و هي: اولا ..تسمية مشاعرك
فتقول جوزيف: «سمِّ مشاعرك. اعترف بها. وتقبَّلها. فإذا لم نعرف ما نشعر به، وإذا لم نستطع تسميته، فإننا نشعر بالارتباك، ونشعر بعدم اليقين. ونشعر بالقلق.

لذا فإن تحديد مشاعرنا وقبولها أمران بالغا الأهمية». وبعد تسمية المشاعر تأتى الخطوة الثانية وهى التنفيس فقد نصحت الطبيبة النفسية بالبحث عن شخص تثق به للتحدث معه عما تمر به، مع الحرص على أن يكون هذا الشخص هادئاً، وقادراً على منحك شعوراً بالاطمئنان.

 وبعد ذلك تأتى الخطوة الفاصلة فى طريق العلاج وهى ان تفكر في النعم التي تمتلكها فتقول جوزيف: «ينبغي عليك التفكير باستمرار في النعم التي تمتلكها. فهذه الأشياء لا تقدر بثمن وستمنحك معنى وهدفاً للحياة». 

وكل الخطوات السابقة ستكلل بالنجاح اذا اتبع مريض اكتئاب عالى الأداء  نمط حياة صحي من تناول طعام صحي، وممارسة الرياضة بانتظام، والحصول على نوم جيد وبالتالي سيزداد شعورك بالسعادة، وتقلل من الاكتئاب بشكل ملحوظ. 

وعلى أصحاب هذا الاكتئاب ايضا التوقف عن التفكير في الماضي والتركيز على التخطيط للأحداث المفرحة في المستقبل  لان ذلك النمط الفكرى يجعلك أكثر سعادة، ويقلل  من الحزن والاكتئاب.

واضيف الى ما ذكرته العالمة النفسية الكبيرة أن على مرضى الاكتئاب عالى الاداء ان يكونوا فى معية الله ويفعلوا ما يقربهم من المولى سبحانه لان طمأنة القلوب تأتى من ذكر الله عز وجل.

من المؤكد ان ما ذكرته دكتور جوزيف ليس بغريب على الأوضاع الحالية فالكثير منا ان لم يكن معظمنا يمضى فى حياته وهو مثقلا بالهموم محاطا بالاحزان ملفوفا بالالم ومع ذلك يتماشى ويتأقلم ليس حبا فى الحياة ولكن لان الكثيرين ممن يحبهم لا يستطيعون العيش بدونه وبدون مساعدته ودعمه المالى فى الأساس ، كثيرون معلقون بأذيالنا ونحن نجر داخل هذه الأذيال والاثواب قلوبًا متعبة وعقولا مرهقة واجسادا واهنة ولن نجد من يرحم من يتعلقون بنا اذا سقطنا وانتهينا ولذا فنحن نتحايل على الحياة طمعا فى الراحة التي تأتى حتما وتطوى بها متاعبنا وترتاح اجسادنا ويهدأ تفكيرنا ونخلد فى نوم عميق غير منتهى حتى يشاء الله جل علاه.

طباعة شارك الحالات النفسية علماء النفس السعادة الاستمتاع الاكتئاب عالي الأداء

مقالات مشابهة

  • وفاء عامر تلجأ للقانون في مزاعم "الاتجار بالأعضاء"
  • مفتي الجمهورية: لا بقاء لحضارة تهدر نعمة الماء .. صور
  • القبض على البلوجر مروة المعروفة بـ«إبنة مبارك» بتهمة نشر الأكاذيب
  • والدة ياسمين وليد: دعمنا ابنتنا منذ الطفولة وتجاوزنا الصدمة الأولى بإرادة
  • ناشئ قطار المنيا.. قصة كفاح تكتب فصلاً جديداً في ملحمة الحلم الكروي
  • اللقطات الأولى من شخصية أحمد الفيشاوي في «سفاح التجمع»
  • بينهم شخصية عربية.. ترامب يفتح هاتفه الخاص للتواصل مع زعماء العالم
  • "نعمة لا تُهدر".. مبادرة توعوية لإعادة تدوير الملابس في القطيف 
  • شيخة الجابري تكتب: كنز ليوا الأخضر
  • كريمة أبو العينين تكتب: اكتئاب عالي الأداء