صحيفة الاتحاد:
2025-12-13@03:10:43 GMT

شيخة الجابري تكتب: كنز ليوا الأخضر

تاريخ النشر: 28th, July 2025 GMT

انتهى مهرجان «ليوا للرطب»، وانتهت معه أجمل الأيام التي شهدت عروضاً مميزة، واهتماماً رسمياً كبيراً، وحضوراً جماهيرياً مدهشاً، ومنتجات يفخر بها الوطن، ومشاركات فاقت التوقعات. إن المهرجان الذي خصصت دورته هذا العام للاحتفاء بالنخلة كان موفقاً في ذلك، حيث إن منطقة الظفرة تحفل بالعديد من أصناف وأنواع النخل التي تُبهج القلوب، وتضعك أمام حيرة فيما تختار منها تبارك الرحمن، إنها خيرات وطن المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، صاحب اليد الخضراء الذي كان يرى في النخلة امتداداً للإنسان وثقافته، واهتمامه وعمره الناضح بالطموح والأمل.


النخلة هي عمة العرب، بل هي رفيقتهم، وصديقة حياتهم منذ الأزل، ارتبط إنسان هذا المكان بالنخلة، فكانت له خير صديق وأنيس، إن النخلة هي المُحبّ النافع مثلها مثل الكتاب تعطي بلا حدود، ولا شروط، ولا مِنّة، فيهما وفاء لا حدود له، ولهما مكانة لا تقدير لها، تشبه ذاك الحب الممتد من قلب إلى قلب ينبض بالشوق والمحبة، النخلة هي الشجرة «المبروكة» التي ينال منها الإنسان أجمل الحصاد والغذاء.
النخلة هي المثال الحي للاستدامة بمفهومها الواسع والعلمي كذلك، فالإنسان ينتفع بها منذ أن يغرسها في الأرض وحتى أن تورق وتطرح من الخير الكثير، لقد استفاد الإنسان في الخليج والجزيرة العربية على الدقة من كل جزء من أجزاء النخلة، وكانت تشكّل لابن الإمارات في القديم مصدر اكتفاء غذائي، وكذلك حملت إليه الكثير من المنافع الأخرى، النخلة في صغرها تشبه الفتى اليافع، وفي هرمها تشبه الكبير العاشق لها، لذا فإن دورة حياتها كالإنسان من حيث الولادة، ثم الانطفاء.
لم يأت احتفاء ليوا بالنخلة من فراغ، بل من إيمان حقيقي بقيمتها، ووعي تام بأهميتها، فهي المُلهمة، وهي التي تربطنا بتراث وماضي وطننا ومستقبله كذلك، فالتنوع الذي شهده المهرجان في نوع وشكل وحجم الرطب الذي شاركت به عديد من الجهات، يؤكد أهمية النخلة، والجهود التي تبذلها الدولة لتشجيع المواطنين على الاعتناء بها، والإبداع في إكثارها، وتعدد أصنافها، ففي الوقت الذي كان الناس يعرفون فيه «لخلاص ولخنيزي وبومعان والرزيز» وغيرها من الأصناف، صاروا اليوم يتباهون بالأصناف الجديدة التي يشاركون بها في المهرجان ويتسابق الناس إلى شرائها.
إنك وأنت تتجول بين الأجنحة المشاركة في مهرجان «ليوا للرطب» تشعر بعبق التراث، ورائحة الماضي الجميل، ولون الحب الذي تعمر به القلوب، إن كلمة شكر وتقدير واجبة لكل القائمين على المهرجان من مسؤولين ومنظمين ومشاركين، وكل سنة وكل حول ووطننا عامر بالمهرجانات الوطنية الرائعة.

أخبار ذات صلة شيخة الجابري تكتب: بخصوص ما يبتكره اللصوص! شيخة الجابري تكتب: دمعة بدور وأغلى شعور

المصدر: صحيفة الاتحاد

كلمات دلالية: أحوال شيخة الجابري

إقرأ أيضاً:

د. منال إمام تكتب: الإنسان المصري.. حالة فريدة عبر الزمن

وأنا أراجع كتابي "الدبلوماسية المصرية عبر العصور" استعدادًا لإصدار الطبعة الثانية، استوقفني الإنسان المصري في مختلف العصور: قديمًا ووسيطًا (العصر الإسلامي) وحديثًا، بشخصيته المتفردة في رقيها وبساطتها وروحه المرحة في أصعب الظروف، والأهم حبه لوطنه الذي لا يدانيه أحد. يظلّ الإنسان المصري، منذ فجر التاريخ وحتى يومنا هذا، لغزًا جميلًا يأسر القلوب قبل العقول، ويمضي عبر العصور بملامح ثابتة من الطيبة والصلابة والكرامة وحب الوطن. هو إنسان لم ينقطع عنه دفء الروح ولا نقاء القلب، مهما تبدّلت الظروف وتغيّرت الأزمنة وتباينت الحقب. وكأن نهر النيل، وهو يمنح الحياة لأرضه، منح أبناءه أيضًا سكينة خاصة، ورُقيًا أصيلًا، وإيمانًا عميقًا بالإنسانية.

لقد وقف المؤرخون مندهشين أمام هذا الإنسان منذ الدولة القديمة. كيف يمكن لشعبٍ أن يجمع بين القوة والرقة؟ بين الحكمة والعمل؟ بين حب الأرض والتفاني من أجلها؟ كتب عنه هيرودوت منذ آلاف السنين مشيدًا بصفاته، متسائلًا بإعجاب عن هذا الشعب الذي يتمسّك بالخير ويتقن بناء الحضارة كما لو كان ينسج من الحجارة قصائد خالدة.

وحين دخل المسلمون مصر، سُحر القادة العرب بأخلاق المصريين، ببساطتهم وكرمهم، وبقدرتهم العجيبة على احتواء الآخر. بلغت دهشتهم حدّ الإعجاب الذي سجله التاريخ، حتى إن الخليفة عمر بن الخطاب لم يتردد في طلب المساعدات لأهل الجزيرة وقت القحط، واثقًا أن المصريين لن يبخلوا بأخوّة ولا بعطاء، فهذه طبيعتهم التي لا يعرفون غيرها، وكان المصريون عند حسن ظنه فأرسلوا القوافل، أولها في جزيرة العرب وآخرها في مصر.

وجاءت الحملة الفرنسية، يحمل علماؤها أدواتهم وفضولهم، فكتبوا في "وصف مصر" الكثير عن الآثار، لكن الجزء الأجمل كان ذاك الذي تحدّثوا فيه عن الإنسان المصري ذاته: عن صبره، ونبله، وخفة ظله، وميله الفطري إلى الحكمة. لقد رأوه ليس مجرد فرد من شعب عريق، بل مرآة لروح حضارة كاملة.

حتى في زمن الاحتلال الإنجليزي، حين كتب اللورد كرومر وملنر وغيرهم مذكّراتهم، لم يستطيعوا تجاوز حقيقة هذا الإنسان، سواء كان بسيطًا يعمل في الحقل أو مثقفًا يدوّن أفكاره. وجدوا فيه شخصية تجمع بين الوقار والصبر، بين العناد النبيل والروح المتسامحة، بين الرغبة في الحرية والإصرار على الكرامة.

وفي العصر الحديث، حين بدأت مصر تعيد علاقاتها الدبلوماسية مع الولايات المتحدة قبيل حرب أكتوبر، كان الانطباع ذاته يتكرر. فالرئيس الأمريكي ريتشارد نيكسون لم يُخفِ انبهاره بشخصيات مصرية لامعة مثل حافظ إسماعيل أو إسماعيل فهمي، تلك الشخصيات التي حملت الوقار المصري الأصيل، وتحدثت بحكمة وهدوء وثقة، فأدهشت العالم كما أدهشت من قبلهم شعوبًا كثيرة.

نعم… الإنسان المصري، غنيًا كان أو فقيرًا، متعلمًا أو بسيطًا، يظل حالة فريدة في هذا العالم. حالة تستحق التأمل، وتستحق الحب، وتستحق التقدير. فهو يجمع في ملامحه تاريخًا طويلًا من النبل، وفي صوته صدى حضارة لا تنطفئ، وفي قلبه محبة تتسع للجميع.

هو المصري… ابن النيل، وابن الحضارة، وابن الإنسانية كلها.

طباعة شارك الدبلوماسية المصرية الإنسان المصري العصر الإسلامي

مقالات مشابهة

  • حمدان بن زايد وهزاع بن زايد يشهدان افتتاح مهرجان ليوا الدولي 2026
  • اسماء عبدالعظيم تكتب: «حين سبقنا التطوير.. ونسينا الإنسان»
  • وظيفة الأحلام.. راتب بالدولار مقابل قيادة سيارة تشبه الهوت دوج
  • أبوظبي للزراعة تنظم سوق المزارعين ومربي الثروة الحيوانية في ليوا الدولي
  • «أبوظبي للدفاع المدني» تعزز إجراءات الوقاية والسلامة في «ليوا الدولي»
  • مهرجان ليوا الدولي يرسم لوحة الاستعراض الحر اليوم
  • د. إيمان شاهين تكتب: اتيكيت التعامل بين الأزواج في الإسلام
  • شروط نتنياهو تكتب الفشل للمرحلة الثانية في غزة
  • علماء للجزيرة نت: اكتشفنا 3 كواكب تشبه الأرض تدور حول شمسين
  • د. منال إمام تكتب: الإنسان المصري.. حالة فريدة عبر الزمن