دور التكنولوجيا والاستدامة في التحول الرقمي للمؤسسات المالية في السعودية و الإمارات
تاريخ النشر: 18th, March 2024 GMT
أظهرت نتائج دراسة أجرتها شركة فيناسترا، أن المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة تحتلان الصدارة عالمياً في تبني تقنية الذكاء الاصطناعي، حيث أشارت 55% و45% من المؤسسات المالية المستطلعة على التوالي بأنها قامت بتبني استخدام أو تحسين تقنية الذكاء الاصطناعي على مدى 12 شهراً الماضية. “البلاد” أجرت حواراً شاملاً مع ناهاندرا ميستري، الرئيس التنفيذي للمنتجات والتكنولوجيا بشركه فيناسترا.
نود منكم إطلاعنا بإسهاب عن تقنيات الذكاء الاصطناعي المحددة التي تحظى بالأولوية في القطاعات المالية في المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة؟
أظهرت نتائج دراسة أجريناها بعنوان: “استطلاع أراء المجتمع المحلي” بأن دولة الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية تحتلان الصدارة عالمياً في تبني تقنية الذكاء الاصطناعي، حيث أشارت 55% و45% من المؤسسات المالية المستطلعة على التوالي بأنها قامت بتبني استخدام أو تحسين تقنية الذكاء الاصطناعي على مدى 12 شهراً الماضية. ومع ذلك، فإن الذكاء الاصطناعي ليس جديداً، وقد استخدمته المؤسسات بفعالية على مدار السنوات القليلة الماضية. يدعم الذكاء الاصطناعي البنوك في عملياتها المصرفية منذ فترة ليست ببعيدة، وذلك ابتداءً من “روبوتات” الدردشة، التي تؤدي مهام مندوب خدمة العملاء، وصولاً إلى وسائل الكشف عن المدفوعات المشبوهة في أنظمة مكافحة الاحتيال. ما نشهده الآن، بالتوازي مع سائر أنحاء العالم، هو قيام المؤسسات بتقييم حالات الاستخدام التي يمكن فيها استخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي، وهو ما انعكس من خلال آراء 88% من صنّاع القرار في المملكة العربية السعودية و86% في دولة الإمارات العربية المتحدة الذين أبدوا اهتمامهم بهذه التقنية.
مع اقتراب التقنية من امتلاك القدرة على اجتياز اختبار “تورينج” المصمم لقيادس قدرة الآلة على إظهار سلوك ذكي شبيه كلياً بسلوك الإنسان أو لا يمكن تمييزه عنه، فإننا نقترب من امتلاك القدرة على تسخير شخصيات اصطناعية، وتقديم أداء فائق الذكاء. سيتم تقديم خدمات مخصصة لكل من الأفراد و(مع إيلاء أهمية خاصة للمملكة) للشركات الصغيرة والمتوسطة – وهو مجال لا يمكن أن يستفيد إلا من التركيز المتجدد على تحسين نتائجها المالية.
بالنظر إلى المناخ الاقتصادية الحالي، كيف يمكن للمؤسسات المالية تحقيق التوازن بين الاستثمار في التقنية والاستقرار المالي في دولة الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية؟
لا يتمثل دور مدير المنتج الجيد، ولجنة الاستثمار في الاستجابة للتغيرات التي تستجد في الحاضر فحسب، بل أيضاً في توقع ما قد يحدث في الغد. إدراك الاتجاه الذي تتحرك فيه الكثبان الرملية وتوقع ما يعنيه ذلك. إن رؤية 2030 هي مؤشر توجيهي رائع ولا يقدر بثمن، ولكن الشيء الأهم هو ترجمتها إلى تطبيقات عملية للتقنية، والتي ستحدد نتائجها في نهاية المطاف الفائز والخاسر.
وأود التأكيد على أن الاستثمار المستمر ضروري لدعم أسس البنية التقنية لديك في حال رغبتك بامتلاك القدرة على الاستفادة من تلك الرمال المتحركة. ومع استمرار المنطقة بترسيخ مكانتها كمركز مالي عالمي، يتعين علينا إلقاء نظرة داخلية وخارجية متأنيّة على التغييرات اللازمة لتحقيق هذا الحلم – فالاستقرار المالي لن يكون قوياً إلا بقدر قوة الأسس التقنية التي يرتكز عليها. والخبر السار هو أن التوجهات السائدة حول الاستثمار في التقنية لا تزال إيجابية، حيث تتوقع 78% من الشركات في دولة الإمارات العربية المتحدة و72% في المملكة العربية السعودية معاودة انتعاش نشاطها الاستثماري بالكامل قبل نهاية النصف الأول من هذا العام.
هل يمكنكم إعطاؤنا أمثلة على كيفية استخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي في المؤسسات المالية في المنطقة؟
يلزم اتباع نهج مرن للاستفادة من المنافع التي يمكن أن يحققها الذكاء الاصطناعي التوليدي للمؤسسات المالية. ومن خلال الرقمنة والأتمتة، يمكن إدخال تحسينات كبيرة على العمليات الداخلية. إن التحول من ثقافة استخدام الورق إلى عالم رقمي بالكامل لن يحدث بين عشية وضحاها، وبالتالي فإن استخدام الذكاء الاصطناعي لتحويل المحتوى غير المنظم والمكتوب بخط اليد إلى بيانات وصفية قابلة للاستخدام يعد بداية رائعة. نحن نشهد أمثلة رائعة حقاً ومثيرة للاهتمام في جميع أنحاء القطاع المصرفي، بما في ذلك حالات الاستخدام غير المالية، مثل استخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي لإطلاق حملات تسويقية سريعة.
سيتيح استيعاب واستهلاك كميات أكبر من البيانات، العامة والخاصة، على حد سواء، إمكانية التنبؤ بشكل أكثر دقة بمرور الوقت، مما يعود بالنفع على البنوك وعملائها، سواء في الإدارة المالية الشخصية أو إدارة السيولة في الشركات الصغيرة والمتوسطة، أو المعالجة الآلية لذمم الأنشطة التمويلية المدينة. إن القدرة على استخدام النماذج المتطورة لتحويل البيانات الأولية إلى ذكاء قابل للتنفيذ، بالإضافة إلى الاستعلام عن البيانات باستخدام أدوات اللغة الطبيعية، غالباً ما يعرف بالتآزر الطبيعي في التقنية القائمة على الذكاء الاصطناعي.
التجربة والخطأ هو الأساس والمهم بالنسبة لنا هنا كمؤسسة مالية. عليك أن تنتهج مبدأ المرونة والابتكار في الوضع التجريبي. فالذكاء الاصطناعي ليس حلاً سحرياً مضموناً، لذا عليك أن تكون مستعداً لاحتمال الفشل السريع والتعلم والتكرار، والأهم من ذلك تحديث النماذج الخاصة بك أثناء مراحل تقدمك.
ما هي التغييرات التنظيمية المتوقعة في المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة لجعل التمويل المفتوح أكثر سهولة ويُسراً؟
هناك اختلاف في الرأي بين الدولتين – فقد حددت المملكة العربية السعودية ما يجب على مؤسساتها المالية تقديمه، بينما تسمح دولة الإمارات العربية المتحدة لمؤسساتها المالية باستكشاف الإمكانيات وتقييم الفوائد الحقيقية التي يمكن جنيها من خلال الانفتاح.
واللافت أن استطلاعنا قد وجد بأن 91% من صناع القرار في دولة الإمارات العربية المتحدة يعتقدون أن هناك حاجة إلى مزيد من الدعم من الجهات التنظيمية والهيئات المعنية في القطاع لإنجاح التمويل المفتوح، والشيء ذاته ينطبق على نسبة مماثلة في المملكة العربية السعودية (88%). وقد يعني ذلك أنه لتشجيع تبني هذا النهج من الضروري تعزيز العرض بدلاً من تحفيز الطلب لتحقيق التبني – يجب على القطاع إجراء مراجعة ذاتية دقيقة لفهم ما إذا كان لديه حالات الاستخدام الصحيحة، أو ما إذا كانت هناك حاجة إلى تثقيف المستهلك.
كيف تقوم المؤسسات المالية في هذه الدول بدمج مبادرات الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية ومحو الأمية المالية؟
يحتل الابتكار المستدام مكانة متقدمة على جدول أعمال العديد من المؤسسات المالية، وأصبح من الملاحظ الاستعدادات التي تقوم شركات التقنية المالية باتخاذها للاستفادة من هذا الجانب بالذات، مما يساعد البنوك على دمج الاستدامة في جميع جوانب أنشطتها.”
ما الذي يعنيه ذلك بالفعل؟
من وجهة نظري، فإن الجانب الاجتماعي من ممارسات الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية هو الجانب الذي يمكن للبنوك أن تُحدث فيه فرقاً كبيراً. وعلى غرار المؤسسات الأخرى، يمكن للبنوك الحد من تأثيرها البيئي ومعالجة قضايا الحوكمة. ومع ذلك، فإن البنوك في وضع جيد يتيح لها إحداث فرق حقيقي على المستوى المجتمعي. فهي تقلل من عدد الأشخاص الذين لا يتعاملون مع البنوك، وتُحسّن من مستوى الثقافة المالية، وتساعد الشركات الصغيرة والمتوسطة على النمو من خلال الإقراض والأدوات المالية والأتمتة. كل ذلك يمكن أن يكون له تأثير إيجابي واضح على مجتمعنا. وعلى الرغم من وجود بعض التحركات في هذا الاتجاه، إلا أن هناك فرصاً لتسريع وتيرة هذه التحركات بشكل أكبر. لا يقتصر دور التكنولوجيا المناسبة على تقليل تكلفة تقديم المنتجات والخدمات المصرفية الحديثة بشكل كبير فحسب، بل يمكنها أيضاً تسهيل الوصول إلى المزيد من الأشخاص في أماكن أكثر، من خلال مجموعة واسعة من القنوات.
المصدر: صحيفة البلاد
كلمات دلالية: فيناسترا فی دولة الإمارات العربیة المتحدة فی المملکة العربیة السعودیة الذکاء الاصطناعی التولیدی استخدام الذکاء الاصطناعی تقنیة الذکاء الاصطناعی المؤسسات المالیة القدرة على المالیة فی من خلال
إقرأ أيضاً:
لماذا تحتاج أمريكا إلى الخليج في معركة الذكاء الاصطناعي مع الصين؟
نشرت مجلة "فورين أفيرز" تقريرًا تناولت فيه الاتفاقيات التي أبرمتها الولايات المتحدة خلال الفترة الماضية مع دول الخليج في مجال الذكاء الاصطناعي، والشروط الضرورية لنجاحها في ظل المنافسة المحتدمة مع الصين.
وقالت المجلة في تقريرها الذي ترجمته "عربي 21"، إن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لم يركز خلال زيارته للخليج في أيار/ مايو على غزة أو إيران أو حتى مسألة التطبيع بين إسرائيل والسعودية، بل كان اهتمامه منصبًا على الصفقات التجارية، وعلى وجه الخصوص الذكاء الاصطناعي.
وأوضحت المجلة أن ترامب وافق على بيع رقائق متقدمة للسعودية والإمارات والاستثمار في مجمعات ضخمة للذكاء الاصطناعي في المنطقة، وتعهدت دول الخليج في المقابل بضخ عشرات المليارات في مشاريع داخل الولايات المتحدة.
وأكدت المجلة أن دول الخليج، بما تملكه من رقائق وتقنيات وثروات سيادية ووفرة في الطاقة، قد تتفوق على أوروبا والهند في البنية التحتية للذكاء الاصطناعي، لتصبح ثالث أكبر مركز عالمي بعد الولايات المتحدة والصين، ما يجعل الحوسبة ركنًا أساسيًا في العلاقة الأمريكية مع دول الخليج إلى جانب النفط.
وأضافت المجلة أن التعاون في مجال الذكاء الاصطناعي يحمل مكاسب كبيرة، إذ سيسمح بضخ أموال خليجية طائلة في شركات أمريكية ناشئة ويوفر لهذه الشركات فرص التوسع في منطقة لا تواجه فيها الكثير من العوائق من حيث الطاقة والتراخيص.
كما أن موقع الخليج الجغرافي قد يتيح للولايات المتحدة توسيع نطاق منظومة الذكاء الاصطناعي الأمريكية لتصل إلى مئات الملايين في أفريقيا وآسيا الوسطى والشرق الأوسط، بما يساعد واشنطن على إزاحة الصين من موقع الشريك التكنولوجي الأول للخليج.
وحذرت المجلة من أن تصدير التكنولوجيا الأمريكية المتقدمة لدول الخليج ينطوي على عدة مخاطر، فقد تقع في الأيدي الخطأ أو تضر بعمليات الشركات الأمريكية داخليًا.
وكان ترامب قد أعلن عن هذه الصفقات قبل استكمال تفاصيلها، وهو بحاجة ماسة إلى ضبط الشروط الدقيقة وإلزام هذه الدول بضمانات صارمة مقابل الحصول على الابتكارات الأمريكية، وفقا للمجلة.
الرهان على الذكاء الاصطناعي
أشارت المجلة إلى أن أبوظبي والرياض راهنتا منذ نحو عقد على الذكاء الاصطناعي لتنويع مصادر الاقتصاد بعيدًا عن النفط.
فقد أنشأت الإمارات عام 2017 أول وزارة للذكاء الاصطناعي وأطلقت شركة "جي 42"، وافتتحت جامعة متخصصة، وطورت نماذج عربية، وأطلقت صندوقًا استثماريًا ضخمًا، حتى باتت صاحبة أعلى معدل اعتماد على الذكاء الاصطناعي عالميًا وفق تقرير أصدرته "مايكروسوفت".
وبدأت السعودية منذ 2016 استثمار مليارات الدولارات في شركات تقنية أمريكية مثل "أوبر"، وعملت على دمج الذكاء الاصطناعي في مشاريعها الكبرى، بما في ذلك جامعتها البحثية الرائدة وشركة النفط الوطنية.
وقالت المجلة إن هذا التوجه واجه عقبات بعد مقتل الصحفي جمال خاشقجي عام 2018 على يد أجهزة الأمن السعودية، إذ ترددت بعض شركات وادي السيليكون في التعاون مع حكومات الخليج.
في تلك الفترة، سارعت الصين لملء الفراغ، مقدمةً خدمات شبكة الجيل الخامس والحوسبة السحابية بأسعار تنافسية، غالبًا عبر رقائق "هواوي"، وبدا أن الذكاء الاصطناعي الصيني في طريقه للهيمنة على المنطقة.
لكن في أواخر عام 2022 -تضيف المجلة-، أثبت نجاح "شات جي بي تي" أن الولايات المتحدة تتصدر مجال الذكاء الاصطناعي، ما جعلها الشريك الأكثر جاذبية.
وفي عام 2023 فرضت واشنطن شروطًا جديدة على تصدير الرقائق المتقدمة، إذ طُلب من أي دولة راغبة في شرائها أن تنأى بنفسها عن الكيانات الصينية الخاضعة للعقوبات الأمريكية، بما فيها "هواوي".
وحسب المجلة، استوعبت دول الخليج الرسالة، فبدأت شركة "جي 42" الإماراتية، التي كانت مرتبطة بشدة بالشركات الصينية، باستبدال معدات "هواوي".
بين المتشددين ومؤيدي الانتشار
وذكرت المجلة أن صفقات ترامب مع دول الخليج في مجال الذكاء الاصطناعي أعادت إشعال جدل محتدم منذ فترة طويلة في واشنطن حول كيفية الحفاظ على التفوق التكنولوجي للولايات المتحدة.
يدعو المتشددون في مجال الرقائق الإلكترونية إلى حصر صادرات أشباه الموصلات على الحلفاء المقربين والشركات الأمريكية في الخارج، وذلك لمنع تسريب التكنولوجيا الحساسة إلى خصوم الولايات المتحدة.
ويعارض هؤلاء بيع الرقائق المتطورة لدول الخليج بسبب الروابط التكنولوجية والعسكرية مع الصين، ويرون أنه يمكن للولايات المتحدة أن تكون انتقائية في صادراتها لأن الصين لا تستطيع حتى الآن تقديم بديل عملي للرقائق الأمريكية على نطاق واسع، كما يحذرون من أن الدول الاستبدادية قد تسيء استخدام الذكاء الاصطناعي.
في المقابل، يؤكد مؤيدو انتشار الذكاء الاصطناعي أن التفوق في هذا المجال يعتمد على تبني الدول الأخرى أدوات الحوسبة السحابية والذكاء الاصطناعي الأمريكية واستخدامها على نطاق واسع.
ويحذر هؤلاء من أن الإفراط في فرض الرقابة التنظيمية على الذكاء الاصطناعي سيعيق الشركات الأمريكية، ويرون أن انتشار التكنولوجيا الأمريكية أمرٌ حتمي ومرغوب فيه، ويقللون من شأن مخاطر سرقة الرقائق.
واعتبرت المجلة أن اتفاقيات ترامب مع دول الخليج تمثل انتصاراً كبيراً لمعسكر انتشار التكنولوجيا، موضحة أن هذه الاتفاقيات بدأت في عهد إدارة بايدن، إلا أن إدارة ترامب وسّعت نطاقها بشكل كبير وألغت القيود التي فرضتها إدارة بايدن على صادرات أشباه الموصلات.
قيود ضرورية
ترى المجلة أن فوائد تعزيز التعاون مع دول الخليج في مجال الذكاء الاصطناعي تفوق حجم المخاطر، إذ قد تسهم هذه الاتفاقيات في تنويع الاقتصادين السعودي والإماراتي، وتمنح الولايات المتحدة التفوق في المنافسة الاستراتيجية مع الصين عبر إزاحتها من موقع الشريك التكنولوجي المفضل لدول الخليج.
كما أن هذه الصفقات تضمن -حسب المجلة- توسيع الحضور العالمي للذكاء الاصطناعي الأمريكي، حيث يمكن للشبكات الخليجية في أفريقيا وآسيا، بالشراكة مع الشركات الأمريكية أو بالاعتماد على منظومة التقنية الأمريكية، أن توفر وصولاً إلى أسواق يصعب على الشركات الأمريكية دخولها منفردة، خاصة في ظل ضعف البنية التحتية للإنترنت في تلك المناطق، وفي ظل المنافسة مع الصين التي تقدم خدمات أقل تكلفة.
وأكدت المجلة أن خطر تسرب التكنولوجيا يبقى قائمًا، ما يستدعي معالجة الأمر مبكرًا أثناء صياغة تفاصيل الصفقات، خاصة أن كثيرًا من الرقائق ما يزال يحتاج موافقة وزارة التجارة الأمريكية قبل شحنه للخليج.
ووفقا للمجلة، يجب أن تتضمن الاتفاقيات بنوداً تلزم المشترين بإبعاد التكنولوجيا الحساسة عن شركات مثل "هواوي"، ويجب على واشنطن أن توضح أن أي تقارب عسكري أو تقني مع الصين سيعرض هذا التعاون في مجال الذكاء الاصطناعي للخطر.
وتضيف المجلة أن هذه القيود يجب أن تقتصر على المجالات الأكثر خطورة، وأن تكون مفهومة بوضوح من الطرفين، مع إدراك أن دول الخليج قد توظف الذكاء الاصطناعي في حملات القمع الداخلية أو التدخلات الخارجية، حتى دون امتلاك الرقائق المتقدمة.
وتوضح المجلة أن واشنطن تملك أدوات الضغط اللازمة لضمان الالتزام بهذه القيود، إذ تحتاج الرقائق إلى تحديث واستبدال كل بضع سنوات، ما يمنحها القدرة على وقف الشحنات إذا خالفت السعودية أو الإمارات شروط الاتفاق، على أن يتم اللجوء إلى مثل هذا الإجراء كخيار أخير.
وتستطيع إدارة ترامب -وفقا للمجلة- تفادي النزاعات التقنية عبر التنسيق الدبلوماسي وتوسيع مكتب الصناعة والأمن المسؤول عن صادرات الرقائق في وزارة التجارة، وتعزيز التعاون بين وكالات الاستخبارات الأمريكية وشركات التكنولوجيا المحلية والدولية للتحقق من التزام الشركاء الدوليين.
شروط نجاح الصفقات
تؤكد المجلة أن إسهام اتفاقيات الذكاء الاصطناعي الدولية في دعم الولايات المتحدة على المدى البعيد، يتطلب أن يتم تصميمها لتُكمّل صناعة الذكاء الاصطناعي المحلية، لا أن تُضعفها.
وهذا يعني أن على المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة الإسراع في تنفيذ استثماراتهما الموعودة في البنية التحتية للذكاء الاصطناعي داخل الولايات المتحدة. كما يعني أيضاً أن على الولايات المتحدة التحرك بشكل عاجل لتشييد بنية تحتية للذكاء الاصطناعي محلياً، وذلك عبر إزالة معوقات الترخيص وزيادة القدرة الإنتاجية المحلية للطاقة.
وحسب المجلة، ستحدد قدرة الولايات المتحدة على توليد جيجاوات إضافية من الكهرباء للذكاء الاصطناعي الحد الأقصى لحجم الطلب العالمي الذي يمكن تلبيته من الأراضي الأمريكية.
وأشارت المجلة إلى أن نجاح هذه الصفقات يعتمد أيضًا على قبول الرأي العام الأمريكي، خاصة أن التفاوض عليها تم على عجل وخلف أبواب مغلقة، كما استفاد أقارب كبار المسؤولين الأمريكيين من صفقات مع دول الخليج في قطاعي العقارات والعملات المشفرة.
وتقول المجلة إنه إذا رأى الأمريكيون أن صفقات الذكاء الاصطناعي مُعرّضة للخطر، فقد يُقوّض ذلك استدامتها ويُغذي رد فعل محليا عنيفا، خاصة أن المشاركين في هذا المشروع، بمن فيهم مسؤولو إدارة ترامب، وملوك الخليج، وعمالقة وادي السيليكون، يثيرون جدلًا واسعًا بين الأمريكيين.
وتضيف بأن هناك عقبات أخرى، منها ضرورة أن تثبت دول الخليج قدرتها على بناء مراكز بيانات ضخمة وتقديم أسعار تنافسية وخدمات تلبي الطلب، مع مواجهة اضطرابات السوق التي قد تبطئ موجة الاستثمار الحالية.
وتختم المجلة بأن نجاح التعاون الأمريكي الخليجي في هذا المجال سيشكل نقطة تحول في انتقال دول الخليج من اقتصادات نفطية إلى أطراف فاعلة عالميا في مجال الذكاء الاصطناعي، فيما تستعيد الولايات المتحدة موقعها كشريك أول في هذه التقنيات الحاسمة.