لماذا يثير تبادل المعلومات الاستخباراتية بين أميركا وإسرائيل المخاوف؟
تاريخ النشر: 31st, March 2024 GMT
تسببت مذكرة سرية لتوسيع تبادل المعلومات الاستخبارية بين الولايات المتحدة وإسرائيل بعد هجوم حماس في 7 أكتوبر، بمخاوف متزايدة في واشنطن حول ما إذا كانت المعلومات تساهم في مقتل مدنيين، وفقا لما نقلته "وول ستريت جورنال" عن أشخاص مطلعين.
ومن بين المخاوف عدم وجود رقابة مستقلة كافية للتأكد من أن المعلومات الاستخباراتية التي توفرها الولايات المتحدة لا تستخدم في الضربات التي تقتل المدنيين دون داع أو تلحق الضرر بالبنية التحتية، حسب المصدر ذاته.
وحظيت اتفاقية تبادل المعلومات الاستخبارية السرية بين الولايات المتحدة وإسرائيل بتدقيق عام أقل من مبيعات الأسلحة الأميركية لإسرائيل.
لكنها تثير تساؤلات متزايدة من مشرعين ديمقراطيين وجماعات حقوقية، مع تصاعد القلق داخل إدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن، بشأن كيفية قيام إسرائيل بإدارة حملتها العسكرية في غزة.
تعكس المخاوف بشأن تبادل المعلومات الاستخبارية في بعض النواحي تلك المتعلقة بتوفير الأسلحة الأميركية مع تزايد عدد القتلى في غزة، وقد ترك الرئيس بايدن إمكانية "حجب بعض الأسلحة" عن أقرب حليف له في الشرق الأوسط "مفتوحة".
وقال النائب الديمقراطي عضو لجنة الاستخبارات بمجلس النواب، جيسون كرو، في مقابلة: "ما يقلقني هو كيفية التأكد من أن تبادل المعلومات الاستخبارية يتوافق مع قيمنا ومصالح أمننا القومي".
وأضاف كرو، الذي كتب في ديسمبر إلى مديرة الاستخبارات الوطنية، أفريل هاينز، للحصول على تفاصيل إضافية، أنه يشعر بالقلق من أن "ما تشاركه الولايات المتحدة لا يخدم مصالحها".
وأدت العملية العسكرية الإسرائيلية في غزة إلى تدمير أو إلحاق أضرار جسيمة بمساحة كبيرة من البنية التحتية المدنية، بما في ذلك المساجد والمستشفيات والجامعات والمدارس.
وتقول إسرائيل إن الدمار واسع النطاق أمر لا مفر منه بسبب قرار حماس بدمج بنيتها التحتية العسكرية عمداً داخل المناطق المدنية لحماية نفسها من الهجمات الإسرائيلية.
وقال كرو إنه التقى بشكل منفصل مع شخصية عسكرية إسرائيلية كبيرة ومسؤولين في المخابرات الأميركية، وقال إن هناك "بعض التناقضات الكبيرة" في روايات الجانبين عن الخسائر البشرية.
وقال مسؤولون أميركيون إن تبادل المعلومات الاستخبارية مع إسرائيل يتم بموجب مذكرة سرية أصدرها البيت الأبيض بعد وقت قصير من هجوم حماس في 7 أكتوبر وتم تعديلها بعد بضعة أيام.
وفي الوقت نفسه تقريبا، قامت الولايات المتحدة بتوسيع جمع معلوماتها الاستخباراتية حول غزة.
في بداية الحرب، وضع مجتمع الاستخبارات الأميركي مبادئ توجيهية لتبادل المعلومات الاستخبارية مع الإسرائيليين، لكن كبار صناع السياسة في البيت الأبيض يحددون في نهاية المطاف ما إذا كان قد حدث أي انتهاك، حسبما قال أشخاص مطلعون لـ"وول ستريت جورنال".
وتقوم وكالات الاستخبارات الأميركية بتجميع حالات الانتهاكات المحتملة لقوانين النزاع المسلح من قبل كلا الجانبين في غزة كجزء من تقرير نصف شهري بعنوان "ملخص الأعمال غير المشروعة المحتملة لأزمة غزة"، والذي يحدد حوادث واتجاهات محددة تتعلق بالحرب، كما قال أحد الأشخاص.
ورفض مسؤولون إسرائيليون التعليق لـ"وول ستريت جورنال"، على تفاصيل ترتيب تبادل المعلومات الاستخبارية.
وفي مؤتمر صحفي، الثلاثاء، قال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، الأدميرال دانيال هاغاري، إنه خلال 30 عاما من خدمته في الجيش الإسرائيلي، لم يكن مستوى التعاون الاستخباراتي والعسكري بين إسرائيل والولايات المتحدة أعلى من أي وقت مضى.
وأضاف: "إننا نشهد مستويات غير مسبوقة من التنسيق الاستخباراتي".
ومن جانبهم، قال مسؤولون أميركيون وآخرون مطلعون إن دعم وكالات التجسس الأميركية لإسرائيل يهدف بشكل أساسي إلى "المساعدة في تحديد مكان قادة الجناح العسكري لحركة حماس، والعثور على الرهائن ومراقبة حدود إسرائيل".
وقالوا إن الولايات المتحدة تتقاسم ما يعرف بالمعلومات الاستخبارية الأولية، مثل لقطات الفيديو الحية من الطائرات المسيرة، مع وكالات الأمن الإسرائيلية.
وقال أحد الأشخاص المطلعين إن "الولايات المتحدة لا تشارك المعلومات الاستخبارية المخصصة للعمليات البرية أو الجوية في الحملة العسكرية الإسرائيلية في غزة".
وأضاف: "إن تبادل المعلومات الاستخبارية لدينا يركز على جهود استعادة الرهائن ومنع التوغلات المستقبلية داخل إسرائيل".
وقال مسؤول في الإدارة الأميركية إن ذلك يشمل مراقبة التعبئة أو الحركة بالقرب من الحدود.
وأوضح مسؤولون أميركيون مطلعون أن "إسرائيل مطالبة بضمان عدم استخدام المعلومات الاستخبارية الأميركية بطرق تؤدي إلى خسائر غير مقبولة في صفوف المدنيين أو إلحاق أضرار بالبنية التحتية المدنية".
ومع ذلك، قال مسؤولون إن إسرائيل مسؤولة عن التصديق على امتثالها، وفي بعض الحالات تفعل ذلك "شفهيا".
بالإضافة إلى ذلك، قالوا إنه من الصعب معرفة كيفية استخدام المعلومات الاستخبارية المقدمة من الولايات المتحدة بمجرد دمجها مع البيانات الإسرائيلية الخاصة.
وأشار مسؤول كبير في المخابرات الأميركية إلى أن "إسرائيل تقدم ضمانات بأن العمليات التي تستخدم المعلومات الاستخبارية الأميركية تتم بطريقة تتفق مع القانون الدولي، بما في ذلك قانون الصراع المسلح، الذي يدعو إلى حماية المدنيين".
وعندما تشارك واشنطن المعلومات الاستخبارية مع الحلفاء، فإنها تقوم أولا بتقييم ما يمكن أن يفعله الشريك بهذه المعلومات، وتقرر ما إذا كان من القانوني للولايات المتحدة أن تفعل الشيء نفسه.
وبناء على هذا التحديد، قد تطلب الولايات المتحدة ضمانات إضافية من الحليف بشأن ما سيفعله بالمعلومات الاستخباراتية قبل مشاركتها.
وفي حديثه لـ"وول ستريت جورنال"، قال دوغلاس لندن، ضابط عمليات متقاعد في وكالة المخابرات المركزية وباحث غير مقيم في معهد الشرق الأوسط: "لا يمكننا تقديم معلومات قابلة للتنفيذ يمكن أن تؤدي إلى عواقب مميتة من قبل دولة ما لم يتم السماح لنا بالقيام بنفس النشاط".
واندلعت الحرب في قطاع غزة إثر هجوم حركة حماس غير المسبوق في السابع من أكتوبر، الذي أسفر عن مقتل 1200 شخص، معظمهم مدنيون، وبينهم نساء وأطفال، وفق السلطات الإسرائيلية.
وردا على الهجوم، تعهدت إسرائيل "القضاء على الحركة"، وتنفذ منذ ذلك الحين حملة قصف أتبعت بعمليات برية منذ 27 أكتوبر، ما تسبب بمقتل 32705 أشخاص، غالبيتهم من النساء والأطفال، وإصابة 75190، وفق ما أعلنته وزارة الصحة التابعة لحماس، السبت.
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: الولایات المتحدة وول ستریت جورنال فی غزة
إقرأ أيضاً:
لماذا لم تنتصر إسرائيل رغم تفوقها؟
بعد ما يقرب من العامَين من الحرب على غزة والمنطقة، أظهرت "إسرائيل" تفوقًا ملحوظًا في المجالَين: العسكري، والأمني، مع دعم شبه مطلق من الولايات المتحدة، ما مكّنها من إنزال خسائر كبيرة بكل أعدائها، لكن ذلك لم يمنحها فرصة إعلان نصر واضح أو حاسم.
التفوق الساحقمنذ اللحظة الأولى، قررت دولة الاحتلال طي صفحة عملية طوفان الأقصى بكل تأثيراتها السلبية عليها والإيجابية لأعدائها، ضمن سياسة "كيّ الوعي" وفرض نسيان ما حصل يومها من انتكاسة كبيرة لها على كافة المستويات.
كما ترسخت القناعة بالخطر الوجودي على دولة الاحتلال، ما فرض عليها تغيير تعاملها مع التهديدات التي تواجهها في المنطقة، إضافة إلى الرغبة في استعادة ثقة الجبهة الداخلية بالدولة والمؤسسة العسكرية والحكومة، فضلًا عن كون ما حصل فرصة غير مسبوقة لفرض وقائع ومسارات جديدة على المنطقة في إطار "تغيير خرائط الشرق الأوسط"، والتي كانت خطة معدة مسبقًا وُضعت في إطار التنفيذ.
تفاعل كل ما سبق ليولّد "إسرائيل" جديدة، في ذروة العدوان والوحشية والدموية، بنظرية أمنية مختلفة، لا تنتظر حصول التهديد لتتعامل معه احتواءً أو إدارةً أو إفناءً، وإنما تسعى لمنع نشوئه، ومواجهة هذا الاحتمال/ الإمكانية بالقوة الغاشمة وبأقصى دموية ممكنة، بشكل متعمد، كبديل عن معادلة الردع التي تداعت يوم السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023.
تبلور ذلك إبادةً جماعيةً في غزة، ذهب ضحيتها عشرات آلاف الشهداء، وأكثر منهم من الجرحى والمصابين، ونزوح معظم سكان القطاع، وتدمير شبه كامل لمؤسساته وبنيته التحتية، وخسائر كبيرة للمقاومة الفلسطينية في العتاد والرجال، وفي القطاعات العسكرية والسياسية والحكومية.
وسعيًا للضغط بالقوة القصوى على المقاومة في المفاوضات، فرض الاحتلال حصارًا مطبقًا، وتجويعًا غير مسبوق، وتهجيرًا مستمرًّا لسكان القطاع؛ تمهيدًا لمشروع تهجير شامل إن استطاع. كل ذلك بغطاء أميركي كامل ساهم في قدرة "إسرائيل" على التعامل مع الضغوط الدولية.
إعلانوفي لبنان، شنّت دولة الاحتلال حربًا ساحقة على حزب الله؛ بغية تدميره واجتثاثه، من خلال عمليات "البيجر" والاتصالات، ثم سلسلة الاغتيالات التي طالت قيادات عسكرية وأمنية وسياسية وازنة، على رأسها أمينه العام السابق حسن نصر الله، بكل ما يمثله من ثقل ورمزية وقدرات قيادية.
وترافق ذلك مع مئات الغارات التي استهدفت أسلحته وصواريخه الإستراتيجية، وتبعها توقيع الاتفاق المجحف لوقف إطلاق النار، وإطلاق يد "إسرائيل" في لبنان قصفًا وتوغّلًا واغتيالًا، مع ضغط الجبهة الداخلية اللبنانية لتسليم سلاح الحزب. كما لا يمكن تجاهل آثار تغيير النظام في سوريا على خطوط إمداد الحزب وقدرته على التعافي.
وفي إيران، وجّهت "إسرائيل" لها خلال "حرب الـ12 يومًا" ضربات موجعة، بالاغتيالات، واستباحة الأجواء، وتدمير منظومات الدفاع الجوي، وصولًا لاستهداف المنشآت النووية بالقصف الأميركي المنسق معها.
كما استهدفت قوات الاحتلال اليمن مرات عديدة، مُوقعة خسائر فادحة في ميناء الحُديدة ذي الأهمية الإستراتيجية، فضلًا عن غارات جوية مستمرة، ومحاولات الاغتيال.
وفي سوريا، ورغم غياب أي تهديد حقيقي لها، أعلنت "إسرائيل" إلغاء اتفاق فض الاشتباك لعام 1974 من جانب واحد، واحتلت مساحات جديدة، وسيطرت على مصادر المياه، وقصفت قرب القصر الرئاسي، وهددت باغتيال الرئيس أحمد الشرع، وأعلنت جهارًا دعم الأقليات، وهددت بتقسيم البلاد، وفرضت واقعًا جديدًا في السويداء تفاوض دمشق بخصوصه، فضلًا عن تدمير معظم الأسلحة وقدرات الدولة السورية.
لا انتصارَ ساحقًايعطي كل ما سبق انطباعًا بأن "إسرائيل" هزمت كل أعدائها، بل وخصومها المحتملين مستقبلًا، وحقّقت الانتصار الكامل الذي طالما وعد به نتنياهو، وأنها أعادت فعلًا رسم خرائط المنطقة بالقوة والنار، على ما تبجّح به الأخير.
والحقيقة أن هذا ليس مجرد انطباع خاطئ وحسب، بل هو إيحاء تعمل على ترسيخه البروباغندا "الإسرائيلية"، لتخدم أهدافًا داخلية وخارجية على حد سواء.
في غزة، بؤرة الحرب الرئيسة والجبهة التي أذلّت الاحتلال يوم السابع من أكتوبر/ تشرين الأول، وهزّت دعائم نظريته الأمنية وتفوّقه الاستخباري والعسكري، في تلك الجبهة المحاصَرة تمامًا والمفتقدة للدعم الخارجي بالكامل، تكيّفت المقاومة بقيادة كتائب القسام بنيويًا ومؤسسيًا وميدانيًا بحيث ما زالت تُنازل الاحتلال رغم ضخامة الخسائر التي تعرضت لها.
أثبتت الكتائب قدرتها على استنزاف العدو وإيقاع خسائر كبيرة فيه، بل وطوّرت عملها لمحاولة أسر جنود إضافيين في المعركة. وما زالت المقاومة ممسكة بورقة الأسرى، والتي هي ورقتها الأقوى في مسار التفاوض، الذي يؤكد بدوره أنها ما زالت عصية على الهزيمة والانْسحاق، بما يفرض على الطرف الآخر التفاوض معها حتى اللحظة.
وفي لبنان، ورغم الخسائر صعبة التعويض، لم ينكسر حزب الله ولم يستسلم، ورغم مرونته الكبيرة- والمستغرَبة- في موضوع السلاح جنوب نهر الليطاني، حيث تتحدث التقارير عن مصادرة معظم سلاحه هناك، فإنه بعيد جدًّا عن فكرة تسليم السلاح، وما زال الرئيس جوزيف عون مصرًّا على سيناريو الحوار الداخلي بهذا الخصوص وليس المواجهة.
إعلانكما ارتفعت وتيرة تصريحات الحزب مؤخرًا، بما في ذلك تصريح أمينه العام نعيم قاسم، بأنه يتعافى ورمّم الكثير من خسائره، وبات "مستعدًّا للمواجهة" إن اضطر لها.
كما أن إيران استوعبت الصدمة الأولى وخاضت حرب استنزاف لاحقة، مستهدفة- كما كشفت تقارير لاحقة- الجبهة الداخلية "الإسرائيلية"، وبعض المواقع الحساسة بدقة فاقت التوقعات.
كما فرضت صواريخها معادلات ردع جديدة دفعت نتنياهو للدعوة إلى وقف إطلاق النار بعد الضربة الأميركية للمنشآت النووية، وهذا- من البديهي- ليس موقف مَن حقق انتصارًا كاسحًا.
كما أنه ليس من المعروف حتى اللحظة مدى الضرر الذي تعرض له المشروع النووي، بل تشير معظم التقديرات إلى عدم تدميره بالكامل، ما يعني إمكانية استعادته النشاط، وبشكل أسرع ربما، إن توفرت إرادة سياسية لذلك.
ولعل اليمن أقل الجبهات التي تعرضت لضربات "إسرائيلية" كبيرة، وهي- للمفارقة- الجبهة التي ما زالت على نشاطها وفاعليتها، مع سقف خطاب أعلى بكثير اليوم، وبوعيد بتصعيد الاشتباك مع الاحتلال؛ بسبب حرب التجويع لأهل غزة.
والخلاصة..يتيح التفوق العسكري والاستخباري الكبير لدولة الاحتلال، والذي بنته لها الولايات المتحدة الأميركية على مدى عقود، وانخراط الأخيرة بشكل واسع في الحرب دعمًا وغطاءً ومشاركة فعلية (كما حصل في إيران وجبهات أخرى)، يتيح لها توجيه ضربات قاسية لأعدائها، بما يشمل الدمار الكبير، والاغتيالات الوازنة، والاختراقات العميقة، وبما يتسبب بخسائر بشرية كبيرة جدًّا، ولا سيما في غزة.
لكن كل ذلك لم يمكّنها من تحقيق الانتصار، ولا حتى ادعائه.
تحاول دولة الاحتلال أن تُصوّر الخسائر الكبيرة التي تسببت بها على أنها النتيجة النهائية للحرب، ويتساوق معها البعض أحيانًا، إما جهلًا بالوقائع، أو تحت ضغط الأزمة الإنسانية الخانقة، أو بسبب أجندات سياسية معروفة.
لكن ذلك غير دقيق بالمرة، ليس تقليلًا من شأن الإنسان، شهيدًا وأسيرًا ومصابًا ومهجّرًا ومجوَّعًا، ولا تقزيمًا من قدرات "إسرائيل" وأثر الدعم الذي تحظى به، ولكن لأن ذلك جزء من تقييم المعركة/الحرب، وليس نتيجتها النهائية.
لقد فصّلنا في مقالات سابقة العوامل التي تُقيّم نتائج الحروب على أساسها، والتي منها بالتأكيد الخسائر البشرية والمادية، ولكنها ليست الوحيدة، وفي أحيانٍ كثيرة ليست الأولى، فكم من دولة قدّمت خسائر أكبر بكثير من عدوّها ولكن انتصرت عليه في النهاية.
فإذا كان ذلك حال الدول، فحركات التحرر الوطني ومقاومة الاحتلال أولى وأجدر. فضلًا عن أن المبالغة في الوحشية مع المدنيين مقصودة لذاتها من قبل "إسرائيل"، ما يدفع للحذر من الوقوع في فخ التقييم الذي تنصبه.
كل ذلك في حال وُضعت الحرب أوزارها واتضحت نتائجها بشكل كامل، فما بالنا والحرب مستمرة، وهي- بالمعنى الأشمل- طويلة الأمد، قد تقف مؤقتًا، لكن مسارها ومفاعيلها مرشحة دائمًا للانفجار والتوسع، ولا سيما في ظل النوايا المعلنة لنتنياهو وشركائه؟
والإشارة الأخيرة، أنه كلما أظهر طرف من الأطراف مرونة كبيرة وسعيًا ملحوظًا لوقف الحرب، تَصَلَّب الموقف "الإسرائيلي" أكثر، وبات أكثر عدوانية ودموية. وقد تكرر الأمر في غزة، ولبنان، وسوريا، وإيران.
أخيرًا، ما زالت نتائج عملية السابع من أكتوبر/ تشرين الأول قائمة، لم تُمحَ ولم تُنسَ، وسيُبنى عليها.
وأما تفاعلاتها ومآلاتها طويلة الأمد، فما زالت لم تتبلور جميعها بشكل واضح وكامل.
قد نكون اليوم أمام نصف الساعة الأخير من الجولة الحالية من الحرب، وقد نكون أمام جولة ممتدة، لذلك فالمنطق المُجدي تركيزُ كافة الجهود لتعزيز أوراق القوة، وزيادة الضغط على "إسرائيل"، وليس العكس.
فالمطلوب حاليًّا الصمود وتعزيز الموقف، وإلّا تحوّلت الأزمة الإنسانية التي تسبب بها الاحتلال إلى انتصار إستراتيجي له، وهذا ما ينبغي منعه.
إعلانالآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.
aj-logoaj-logoaj-logo إعلان من نحنمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معناتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناابق على اتصالالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتناشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتناقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+تابع الجزيرة نت على:
facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outline