عقد الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، اجتماعا مع قيادات حزبه "العدالة والتنمية"، بحث خلاله أسباب "الانتكاسة" التي تعرضوا لها قبل 3 أيام في انتخابات البلديات، على خلاف الحالة التي شهدها حزب "الشعب الجمهوري" العلماني.

ووفقا للمعلومات التي كشفت عنها مصادر حزبية لموقع "خبر تورك"، الأربعاء، فإن إردوغان اعتبر أن ما حصل "لم يكن خسارة للأصوات فحسب، بل أيضا خسارة على صعيد الدماء والروح".

وأضاف الرئيس التركي: "إن أكبر عدو لحزب سياسي يولد من حضن الأمة، هو بناء الجدران بينه وبين المواطنين"، مشيرا إلى أن "ضغط التضخم وعواقبه كان محسوسا بعمق في 31 مارس"، بينما "لم تكن الإجراءات الوقائية كافية".

إردوغان ذكر أيضا أن شرائح كثيرة من المجتمع عانت، خاصة المتقاعدين، الذين "استمع إلى الشكاوى الخاصة بهم في جميع المحافظات، بشأن فقدانهم الرفاهية".

كما صرح إردوغان أنه "لا يمكن لأحد في إدارة حزبه، بما في ذلك هو نفسه، أن يتهرب من مسؤولية نتائج انتخابات 31 مارس".

وأخبر قادة "العدالة والتنمية"، أن خسارة الأصوات "لا يمكن اختزالها في مشكلة واحدة وموضوع واحد"، ووأن من واجبهم معالجة أي "تقصير أو خطأ أو نوايا أو خيانات".

كما ورد أن إردوغان قال: "لكي لا يذوب مثل الجليد عندما ترى الشمس ولا يشبه الأحزاب التي ينتقدونها ولا يدفع ثمنا باهظا، يجب على (العدالة والتنمية) أن يرى أخطاءه ويجمع شتات نفسه، ويقوّي جسور القلوب مع الأمة من جديد".

انتكاسة كبيرة

وكانت أصوات حزب "العدالة والتنمية" قد انخفضت من 44.33 في المئة إلى 35.48 في المئة.

وعلى أساس ذلك، احتل الحزب الحاكم المركز الثاني بعدما كان الأول، ومني بهزيمة انتخابية للمرة الأولى خلال حكمه الذي دام ما يقرب من 22 عاما.

إردوغان: الحزب الحاكم سيحاسب نفسه بعد نتائج الانتخابات المحلية قال الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، إن ائتلافه الحاكم لم يحقق النتائج المرجوة في الانتخابات المحلية التي أجريت، الأحد، مضيفا أنهم سيحاسبون أنفسهم وسيعالجون أوجه القصور.

في المقابل، وفي جميع أنحاء تركيا، حصل حزب "الشعب الجمهوري" على 37.8 في المئة من الأصوات، وحزب "العدالة والتنمية" على 35.5 في المئة.

في غضون ذلك، حصل حزب "الرفاه من جديد" الذي يتزعمه فاتح إربكان، على 6.2 في المئة.

أما حزب "المساواة وديمقراطية الشعوب" الكردي، فحصل على 5.7 في المئة، ,"الحركة القومية" على 5 في المئة، وحزب "الجيد" على 3.8 في المئة.

بالأرقام 

بالنظر إلى الأرقام وبمقارنة انتخابات عام 2019 والحالية في 2024، يتضح حجم الخسارة التي مني بها التحالف الحاكم، الذي يضم "العدالة والتنمية" وحليفه "الحركة القومية".

قبل 5 سنوات، كان رصيد الحزب الحاكم في رئاسة البلدية محددا بـ39 بلدية، واليوم انخفض إلى 24 (الفارق السلبي 15 بلدية).

وبينما كان "الشعب الجمهوري" في 2019 يستحوذ على رئاسة 21 بلدية، ارتفع الرقم الآن إلى 35 (الفارق الإيجابي 14)، وهو ما تظهره نتائج فرز 99 بالمئة من الأصوات.

الحزب المعارض حصل أيضا على أغلبية المجلس البلدي لكل من بلديتي أنقرة وإسطنبول، ورفع رصيده في العاصمة من 3 إلى 16 على صعيد بلديات أحياء المدن الكبرى.

في المقابل، تراجع "العدالة والتنمية" من 19 إلى 8 من أصل 25 بلدية فرعية. 

وكذلك الأمر في إسطنبول، حيث رفع "الشعب الجمهوري" رصيده من 14 إلى 26، بينما تراجع "العدالة والتنمية" من 24 إلى 13 من أصل 39 بلدية فرعية.

"غزة لها دور"

ووفق المعلومات التي أوردتها الصحفية في "خبر تورك"، إسراء نهير، فقد عُلم أن الرئيس التركي تطرق إلى قضية قطاع غزة، ووضعها كـ"أحد الأسباب" التي أدت إلى انخفاض الأصوات.

وقال لقيادات حزبه: "للأسف، لم نستطع صد الهجمات السياسية وإقناع بعض الشرائح بخصوص قضايا فعلنا فيها ما بوسعنا ودفعنا ثمنا لذلك، مثل قضية غزة".

وأضاف: "سنقوم بالتأكيد بإجراء تقييماتنا حول هذه الأمور، سواء كانت إيجابيات أو سلبيات".

وكان إردوغان يقصد الحملة السياسية التي أطلقها ضده حزب "الرفاه من جديد" الذي يتزعمه فاتح إربكان (حليفه السابق في انتخابات مايو 2023).

أسباب وانعكاسات "انتكاسة" حزب إردوغان في الانتخابات المحلية رغم أن خسارة تحالف "الجمهور" الحاكم في تركيا كانت واحدة من بين الاحتمالات الخاصة بالانتخابات المحلية لم يكن من المتوقع أن تسفر النتائج عن "انتكاسة" كبيرة لم يشهدها حزب "العدالة والتنمية" الذي يتزعمه الرئيس رجب طيب إردوغان منذ 2002.

الحملة ركزت على طريقة تعاطي الحكومة التركية مع الأوضاع في غزة، والمسار التجاري مع إسرائيل.

ووصلت قبل يوم واحد من الانتخابات إلى حد اعتبار من يصوت لـ"العدالة والتنمية"، "هو داعم لإسرائيل بالسلاح"، وهو ما أظهره تسجيل مصور نشرته حسابات مقربة من حزب إربكان عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

من جانب آخر، اعتبر الرئيس التركي أن "إلقاء اللوم على الأمة لا يمكن إلا أن يكون أسلوب العاجزين والغافلين". وقال في ختام حديثه: "لا يمكننا أن نسمح لأحد بأن يضيّع 22 عاما من النضال الشاق".

وكان إردوغان قد أعلن في كلمة أمام أنصاره ليلة الخسارة في الانتخابات، أن ائتلافه الحاكم لم يحقق النتائج المرجوة، لكنه أضاف مستدركا أنهم "سيحاسبون أنفسهم وسيعالجون أوجه القصور".

واعتبر قبل 3 أيام، أن الانتخابات "ليست نهاية المطاف".. وإنما "نقطة تحول" (منعطف).

المصدر: الحرة

كلمات دلالية: الانتخابات المحلیة العدالة والتنمیة الشعب الجمهوری الرئیس الترکی فی الانتخابات فی المئة

إقرأ أيضاً:

الإجادة ليست عزفًا منفردًا

 

 

عباس المسكري

 

في عالم الإدارة، لا يُقاس النجاح الحقيقي بعدد الكلمات الرنانة، ولا بشهادات التقدير المُعلّقة على الجدران، بل يُقاس بما يتركه القائد من أثر في من حوله. فالإدارة، في جوهرها، هي فن صناعة الفرق وتشكيل الفارق. وإذا كانت القيادة بلا أتباع ناجحين، فهي أشبه بسفينة شراعية تبحر وحدها في عرض البحر، دون طاقم، ودون وجهة.

من هذا المنطلق، تستوقفنا أحيانًا مفارقات يصعب تبريرها، مثل أن يحصل مدير أو مدير عام على تقييم "ممتاز" في برنامج أداء وقياس مثل "إجادة"، بينما معظم موظفي إدارته يتراوح تقييمهم بين "ضعيف" و"جيد". فهنا يُطرح سؤال جوهري: ما قيمة إجادة المدير إذا لم تنعكس في أداء فريقه؟ وأين هو أثر القيادة إذا لم تظهر نتائجها في تطور وتقدّم من يقودهم؟

إن من أبرز أدوار المدير الناجح ليس فقط إدارة المهام وتحقيق الأرقام، بل بناء الإنسان المهني، وصقل مهارات فريقه، وتحفيزهم للوصول إلى أقصى طاقاتهم. فنجاح القائد الحقيقي لا يُقاس فقط بما ينجزه بيده، بل بما يستطيع أن ينجزه عبر الآخرين، وبما يزرعه فيهم من ثقة وكفاءة وروح عمل.

المدير الذي يكتفي بالتميّز الفردي دون أن ينعكس ذلك على منظومته، ربما ينجح كفرد، لكنه يفشل كقائد. فالقيادة مسؤولية جماعية في جوهرها، لا تقبل بالأنانية، ولا تُبرّر العزلة. وإن تميّز المدير يجب أن يكون مظلة تُظلّل موظفيه، لا سقفًا يعلوهم بلا أثر؛ بل إن أحد مؤشرات القائد الفاعل هو قدرته على تحويل الضعف إلى قوة، وتوجيه الموارد البشرية من حالة الأداء المتواضع إلى التميّز، عبر التوجيه، والمتابعة، والتدريب، والتمكين. أما إذا بقي الموظفون في مواقعهم الراكدة، رغم تميّز من يقودهم، فهنا يجب إعادة النظر في أدوات القياس، وفي مفهوم "الإجادة" ذاته.

كثيرٌ من أدوات التقييم تعتمد على تقارير مكتبية، ومؤشرات جامدة، وأرقام صامتة لا تُعبّر دائمًا عن الواقع. وقد يحصل المدير على تقييم مرتفع لأنه أنجز متطلبات شكلية، أو أتقن كتابة التقارير، بينما تغيب الجوانب الجوهرية، كالروح في فريق العمل، ومعدّلات التحفيز، ومدى شعور الموظف بأنه جزء من نجاح حقيقي، لا مجرّد رقم في جدول. وهنا تتّسع الفجوة بين التقييم الورقي، والتأثير الفعلي على الأرض.

ومن جهة أخرى، لا يمكن فصل القائد عن بيئة العمل التي يصنعها. والمدير الفعّال هو من يخلق بيئة يشعر فيها الموظف بالاحترام، والأمان الوظيفي، والرغبة في التعلّم والتطوّر. بيئة يشعر فيها الموظف أن صوته مسموع، وجهده مُقدّر، وخطأه فرصة للتعلّم لا للّوم. وهذه البيئة لا تُبنى بالأوامر، بل بالمثال الشخصي الذي يُقدّمه القائد، وبالعدل، والتواضع، والإنصاف في المعاملة.

من الضروري – إذن – أن تتحرر أدوات التقييم من نظرتها الضيّقة التي تقتصر على الإنجاز الفردي، لتتبنّى معيار الأثر الجماعي. فالقائد الناجح ليس من يعلو فوق فريقه، بل من يرتقي بهم. وعليه، فإن نجاح المدير لا يُستكمل إلا حين تنعكس تلك "الإجادة" في نضج موظفيه، وتقدّمهم، وتحسّن نتائجهم.

قائدٌ بلا أثر، كمن يسير في صحراء بلا رمال، خطواته لا تُرى، وتأثيره لا يُشعر. وإن بدا متقدمًا في الظاهر، فجوهر القيادة لا يكمن في الحضور الشكلي، ولا في تقييمات صامتة، بل في القدرة على صناعة أثر باقٍ في من حولك، وعلى تمكين الآخرين من الوقوف على أقدامهم بثقة وكفاءة. فالقائد الذي يمرّ دون أن يُغيّر، يُعد راعيًا لا قائدًا، وشاغل منصب لا صانع أثر.

وحين نمنح تقييم "ممتاز" لقائد، علينا أن ننظر خلفه: ماذا حقق فريقه؟ كيف تطور أداؤهم؟ كم موظفًا ألهم؟ كم موهبة اكتشف؟ وكم إنسانًا مكّنه من أن يثق في نفسه ويُحقق فرقًا؟

وأخيرًا... الإجادة ليست وسامًا يُعلّق على صدر المدير، بل مسؤولية تُترجم إلى تغيير، وتطوير، ونموّ في كل فرد يعمل تحت قيادته. وما لم يحدث ذلك، فكل تقييم يظل ناقصًا، مهما بدا لامعًا.

 

مقالات مشابهة

  • الحاكم يلوّح بالتدقيق بالمنتفعين من الفوائد المرتفعة
  • مسؤول حزب: الانتخابات المقبلة مجرد تدوير نفس الوجوه التي دمرت البلاد والعباد
  • التضخم في إسطنبول يسجل 46.57%
  • ''اللوبي الإنساني'' والدور المشبوه في اليمن.. الحكومة تعلق على تصريحات السفير البريطاني السابق وتعتبرها ''شهادة صادمة".. ماذا قال؟
  • الإصلاح والتنمية: توجيهات الرئيس حجر الزاوية في تعديل قانون الإيجار القديم
  • الخديعة الامريكية في المفاوضات النووية ماهي خسارة ايران التي لايمكن تعويضها
  • الرائحة كشفت وفاته .. العثور على جثمان شخص داخل شقته في المنوفية
  • طائرات مسيرة “إسرائيلية” تقتحم المنازل في غزة وتبث أصواتاً مرعبة
  • الإجادة ليست عزفًا منفردًا
  • إعلام تركي: الحزب الحاكم يدرس ترشيح أردوغان لولاية رئاسية ثالثة