ماهي الوثائق البريطانية التي تحاول اسرائيل اخفاءها؟
تاريخ النشر: 8th, April 2024 GMT
تعمل حكومة الاحتلال الاسرائيلي وقيادة الجيش بجهود مضنية من اجل اخفاء ادلة ووثائق تثبت انتهاكات سلطات الاحتلال للقوانين الدولية في غزة
يقول تقرير منشور في صحيفة "إسرائيل اليوم" العبرية ان هناك محاولات مكثفة تجريها وزارة الخارجية الإسرائيلية، وسفارة تل أبيب في لندن، بغرض منع نشر الوثيقة أُعدِّت بالفعل، وأصبحت جاهزة في انتظار توقيع وزير الخارجية ديفيد كاميرون وقد أعدها قانونيون بريطانيون تثبت ان الجيش الإسرائيلي "يعمل في قطاع غزة على خلاف القانون الدولي".
وزير الخارجيةالبريطاني حتى الساعة "لم يتخذ قرارًا نهائيًا بعد بتوقيع الوثيقة ومن ثم نشرها" في الوقت التي تسابق الدبلوماسية الاسرائيلية والضغوطات التي تمارسها على وقف نشر الوثيقة والتي تحمل رؤية قانونية "تضر بموقف إسرائيل على الساحة الدولية". الضرر الذي تخشاة اسرائيل :
ستُعد الوثيقة أساسًا قانونية لخطوات بريطانية نحو فرض حظر سلاح على إسرائيلتدعيم فرضية صدور قرارات ضد إسرائيل في مجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة.
وتؤكد صحيفة "الأوبزرفر"، ان الحكومة البريطانية تمتلك مشورة قانونية تشير إلى انتهاك إسرائيل للقانون الإنساني الدولي في غزة حيث ان الشخصيات القانونية التي أعدت الوثيقة هي عبارة عن "فريق استشاري قانوني للحكومة البريطانية" مكلف من الحكومةالبريطانية نفسها طلب منه اعداد تقرير يحمل خلاصة الرأي القانوني في العمليات الإسرائيلية في قطاع غزة، وما إذا كانت تنتهك القانون الدولي.
المصدر: البوابة
إقرأ أيضاً:
القانون الدولي ودروس التاريخ
لم يعد العالم يملك تلك القواعد التي توافق عليها بعد الحرب العالمية الثانية، وعادت إلى المشهد الدولي تلك الموازين التي تعتمد على السلاح والخطاب الإعلامي المتغوّل الذي لا يقيم أي اعتبار للقيم والمبادئ والأخلاق الإنسانية. ففي غزة -كما في مناطق أخرى في العالم- تسقط العدالة سقوطا كاملا ومدويا تحت وقع التفجيرات، والإبادة الجماعية والتجويع، وتغيب الشرعية القانونية خلف جدار من المسوغات الجاهزة التي باتت منكشفة أمام العالم أجمع رغم بقائها مكتوبة في المواثيق المعلقة على جدران المنظمات الدولية.
ولا يجد القانون الدولي طريقا للتطبيق إلا حين يتوافق مع مصالح الكبار الذين يملكون القوة المطلقة في العالم، سواء القوة العسكرية أو القوة الاقتصادية، ولا عزاء للضعفاء الذين يحاولون الاحتماء بالقوانين الدولية التي لم يشاركوا حتى في وضعها.
رغم ذلك فإن العودة مرارا للحديث عن القانون وعن أهمية أن يسود بين الدول ليست عودة الضعفاء؛ فالأمر في غاية الأهمية، وضرورة واقعية لتجنب الانحدار الكامل نحو عالم تسوده شريعة الهيمنة. وأظهرت التجارب الحديثة - من غزو العراق إلى تفكيك ليبيا - أن إسقاط الأنظمة من الخارج دون مسارات شرعية لا يمكن أن نتج ديمقراطيات، ولكنه يخلّف فراغا أمنيا يستدعي الفوضى بالضرورة، ويمنح القوى المتربصة فرصة لإعادة التشكل الأمر الذي يحول الدول إلى دول فاشلة قابلة لتشكيل بؤر إرهاب وتطرف وتراكم مع الوقت قدرا كبيرا من الأحقاد والضغائن التاريخية التي لا تتآكل بسهولة، ولكنها تتراكم مع تراكم الندوب والجروح والمآسي.
كان ميثاق الأمم المتحدة بكل ما فيه من قصور محاولة لتقييد اندفاع القوة، وإرساء حد أدنى من الضوابط التي تحول دون تكرار مآسي النصف الأول من القرن العشرين. لكن غياب الإرادة السياسية، وتغوّل المصالح، أضعفا هذا الإطار وجعلاه أداة انتقائية تُستخدم أحيانا لتسويغ التدخل، وتتجاهل في أحيان أخرى الإبادة، والتجويع، والتطهير العرقي.
وأكثر ما يزيد المشهد تعقيدا هو صعود سرديات جديدة تُضفي على التدمير شرعية إعلامية تحت عناوين كـ«الدفاع عن النفس»، أو «مكافحة الإرهاب» بينما تُهمّش جرائم الإبادة الجماعية، والتهجير القسري، وتُسكت أصوات الضحايا، وتُعاد صياغة الحقيقة؛ وفقًا لما تقرره غرف الأخبار في العواصم القوية.
ورغم ما في القانون الدولي من ثغرات فالحل ليس في سقوطه، ولكن في ترميمه؛ حيث يبقى المسار الوحيد الممكن لبناء علاقات مستقرة لا تقوم على موازين السلاح، بل على موازين المسؤولية والمساءلة. لكنه بحاجة إلى إرادة جماعية؛ لتجديد شرعيته، وتوسيع قاعدته الأخلاقية، ووقف استغلاله كسلاح إضافي في يد الأقوياء.
وإذا كان التاريخ لا يُعيد نفسه فإنه يعيد تحذيراته، ومن لا يستمع لها سيجد نفسه في الدائرة ذاتها من العنف، والفوضى، وغياب الأفق. فلنتعلم هذه المرة قبل أن يُصبح القانون ذكرى من الماضي، ومجرد حلم جميل في كُتب العلاقات الدولية.