لجريدة عمان:
2025-10-13@09:08:54 GMT

التعليم عن بعد.. التحديات والحلول

تاريخ النشر: 20th, April 2024 GMT

أعادتنا الأنواء المناخية وحوادثها المؤسفة التي حلّت -الأسبوع المنصرم- في بعض محافظات سلطنة عُمان إلى فتح ملف التعليم عن بعد وأهميته؛ إذ سبق أن استدعت الظروف الاستثنائية لوباء كورونا الذي عصف بالعالم أجمع قبل سنوات قليلة إلى تسخير التقنيات الرقمية لأجل تطبيق العمل والتعليم عن بعد، واستطاعت بعض الدول والمجتمعات والمؤسسات التأقلم مع ظروف العمل والتعليم الجديدة وتقبلها رغم التحديات التي ترافق التغييرات غير المألوفة، وكانت سلطنة عُمان من ضمن تلك الدول التي أقبلت على تبنّي منظومة العمل والتعليم عن بعد عبر وسائل التقنية المتعددة ومنصاتها، وأثمرت التجربة -التي امتدت إلى ما يقرب عامين أثناء فترة الوباء- في كثير من مفاصلها النجاح رغم وجود بعض التحديات التي نعتبرها مخاضا يعتري أيّ مجتمع مع عمليات التغيير، وكانت عملية التغيير حينها بمثابة الانتقال من المجتمع الصناعي التقليدي إلى مجتمع رقمي أكثر توأمة مع متطلبات الصناعة والتعليم في ظل المرونة التي تتوافق مع تقليل تكاليف التشغيل والإبقاء على الجودة، وحاولت كثير من المؤسسات الحكومية والخاصة أن تتبنى بعض هذه الممارسات الرقمية حتى بعد انخفاض وتيرة الوباء وتقلصه بناءً على النتائج المثمرة التي أُثبتَ تحققها بعد تجربة واضحة المعالم لممارسات العمل والتعليم عن بعد.

نحاول في هذا المقال أن نركّز على ملف التعليم عن بعد الذي تأتي أهميته مع كلّ ظرف استثنائي مثل الأنواء المناخية والأوبئة والظروف لضمان عدم توقف مسيرة التعليم، ولا يتأتى ذلك إلا بصناعة الوعي الرقمي وتسخير الجهود الرقمية وأدواتها في ترجمة الممارسات الرقمية واستمرارها؛ لتكون واقعا في قطاع التعليم بمستوياته المدرسية والجامعية.

مع بداية الانتقال إلى التعليم الرقمي المتمثل في التعليم عن بعد في سلطنة عُمان سواء عبر التطبيق الجزئي أو الشامل حدث أن انقسم المجتمع بين مؤيد ومعارض؛ إذ نجد من أيّد هذا التحول نظرا للضرورة التي فرضها وباء كورونا للإبقاء على التعليم وعدم توقفه، ونجد من عارض هذا المنحى بدعوى عدم الجاهزية من قبل بعض أفراد المجتمع الذي لم يتهيأ للتحول الرقمي وممارساته؛ فكان هذا التحول من التعليم التقليدي إلى التعليم الرقمي بمثابة التحدي بسبب عدم كفاية المهارات الرقمية لدى بعض الهيئات التدريسية والطلبة وأولياء الأمور، وضعف الأدوات الرقمية المساعدة ونقصها مثل شبكات الإنترنت والحواسيب، وبذلت الحكومة جهدها في سبيل تجاوز كثير من هذه التحديات عبر الدعم التقني لأسر الضمان الاجتماعي والدخل المحدود، وكذلك حثّ شركات الاتصالات على توسيع رقعة شبكات الإنترنت والاتصال وتقويتها، وأثمرت كثير من هذه الجهود في تجاوز بعض هذه التحديات، وإن كان لا يزال بعضٌ منها يشكل عائقا لتحقيق التعليم الرقمي المستدام الواسع الذي يعدّ جزءا من منظومة التحول الرقمي المتمثلة في «رؤية عُمان 2040 « التي تسعى حكومة سلطنة عُمان إلى تحقيقها بجانب التحولات الرقمية الأخرى لجميع القطاعات.

يتضح من السرد السابق أن التحديات التي تواجه مسيرة التعليم عن بعد تكمن أولا في ضعف الوعي المجتمعي بالتحول الرقمي وأدواته وأهميته الذي فاقمه الانتشار المحدود للأنظمة الرقمية -مثل أجهزة الحواسيب- والأنظمة المساعدة لها مثل شبكات الإنترنت والاتصالات؛ حيث إن بعض المناطق خصوصا ذات الجغرافيا الصعبة مثل المناطق الجبلية تفتقد لشبكة الإنترنت والاتصالات بشكل كلّي أو جزئي، ويشمل ذلك المنازل والمدارس. بجانب هذه التحديات الرئيسة، ثمّة تحديات تتعلق بالمنصات التعليمية خصوصا التي تخص التعليم المدرسي وتفتقد بعض المَيزَات المهمة مثل التسجيل التلقائي لحضور الطلاب وحصرهم دون الحاجة للطرق التقليدية تجنبا للخطأ وضمانا لجودة التعليم، وغياب نظام التقويم الرقمي الذي يمكّن المنصة من القيام بالتقويم لقياس أداء الطلبة بدل الطرق التقليدية التي بغيابها أفقدت التعليم فعاليته المعرفية، وثمّة تحديات تتعلق بطبيعة بعض المناهج التعليمية وأساليب تعليمها؛ إذ واجهت كثير من المناهج التعليمية ذات الطابع العملي سواء المدرسية أو الجامعية صعوبة في التأقلم مع التعليم الرقمي الذي يصعب عليه تحقيق المستوى التعليمي المناسب رغم بعض الجهود الفردية التي تبذلها طائفة من المعلمين والمعلمات في تذليل هذه الصعاب بالبحث عن مختبرات رقمية تحاكي واقع المختبرات العلمية وتقديمها للطلبة؛ ولهذا وُجّهت بعضُ المناهج العملية -خصوصا الجامعية التي تتطلب التعليم العملي في المختبرات والورش- إلى التعطيل المؤقت لحين العودة إلى نظام التعليم التقليدي، ما أفقد التعليم شيئا من عناصره المهمة؛ ليفتح الدعوة إلى الاستثمار في دعم المنصات التعليمية الرقمية وربطها بمختبرات افتراضية يمكنها أن تحاكي الواقع، والخيارات الرقمية في هذا الشأن متاحة وكثيرة.

بجانب ما عرضناه من تحديات وما صاحبها من جهود بذلتها الحكومة وما زالت تبذلها بشكل عام نلمس أيضا جهود الوزارات المعنية بشكل مباشر في ملف التعليم مثل وزارة التربية والتعليم ووزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار اللتين بذلتا جهدا في تنمية الوعي الرقمي في محيط مؤسساتهما التعليمية عبر الدفع بتدريب الهيئات التدريسية وتعريفها بالمنصات التعليمية وسبل تفعيلها في عملية التعليم عن بعد، إلا أن هذه المهارات لم تصلْ بشكل كافٍ إلى الجميع، وكذلك العنصر الآخر في هذه العملية هم فئة الطلبة رغم الإرشادات التي أُوصلت إلى الطلبة لتوجيههم إلى آلية استعمال المنصات التعليمية. فيما يتعلق بتحدي نقص الأجهزة الحاسوبية، لا يمكن أن نحمّل هذه المسؤولية بشكل كامل أولياء الأمور؛ إذ إن عملية التحول الرقمي في قطاع التعليم -الذي يشمل تفعيل التعليم عن بعد- مطلب لا بدّ من تطبيقه كونه عنصرًا من عناصر المجتمع الرقمي؛ وبالتالي تكون هذه الأدوات التقنية الأساسية جزءا من المستحقات اللازم توفّرها لأفراد المجتمع حالها حال الاحتياجات الأساسية اللازمة في عملية التعليم المألوفة مثل الكتب وأجهزة المختبرات، وتعتبر -أجهزة الحاسوب- أداة رئيسة في تفعيل مشروع رقمنة المناهج التي تعمل عليه بعض المؤسسات الحكومية المعنية.

أثبتت تجارب الدول والأمم التي قطعت شوطا كبيرا في عملية التحول الرقمي أن آلية تحقق هذه الجهود وتوفير أدواتها الرقمية لا تكتمل دون الشراكة بين القطاع الحكومي والقطاع الخاص؛ إذ أثبتت التجارب نجاح هذه الشراكة عبر مساهمة القطاع الخاص في المشاركة المجتمعية ورفد التنمية المستدامة التي تشمل التحول الرقمي ومنه قطاع التعليم، مما يعود بالنفع عاجلا أو آجلا على الجميع، بما في ذلك مؤسسات القطاع الخاص نفسها التي سينعكس دورها في دعم التعليم والبحث العلمي بتنميتها لخبرات محلية، ومضاعفتها للوعي المجتمعي بشكل عام. من المهم كذلك أن تُمنحَ الممارسات الرقمية مثل التعليم عن بعد عنصرَ الاستمرارية عبر تخصيص يوم أو يومين في الأسبوع لتكون بمثابة الفرصة السانحة لتحويل طموحات التحول الرقمي إلى تطبيق واقعي مستمر واعتياده واعتياد أنظمته بدل أن تضيق بالفرص التي تقتضيها الظروف والضرورات؛ إذ من المؤسف أن تنسف كل الجهود والأموال التي بذُلت وأُنفقت في مشروعات التعلم عن بعد؛ فتتراجع مسيرة مشروعات التحول الرقمي كما حصل بعد انحسار وباء كورونا.

د. معمر بن علي التوبي أكاديمي وباحث عُماني

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: العمل والتعلیم التعلیم الرقمی التعلیم عن بعد التحول الرقمی کثیر من

إقرأ أيضاً:

منظمة التجارة العالمية: 341 مليار درهم تجارة الإمارات من الخدمات الرقمية

مصطفى عبد العظيم (أبوظبي)

أخبار ذات صلة إقبال واسع على المشاركة في «الدولي الثالث للأرشيف الرقمي» منصور بن محمد يفتتح الدورة العاشرة لمعرض «إكسباند نورث ستار»

بلغ إجمالي تجارة دولة الإمارات من الخدمات الرقمية خلال العام 2024 أكثر من 341.1 مليار درهم (93 مليار دولار)، وفقاً لأحدث بيانات منظمة التجارة العالمية، التي صنفت الدولة ضمن قائمة كبار المصدرين للخدمات الرقمية عالمياً بحلولها في المرتبة 21 عالمياً والأولى عربياً.
ووفقاً لبيانات المنظمة الواردة ضمن تحديث أكتوبر لتقرير «توقعات وإحصاءات التجارة العالمية» بلغت قيمة صادرات دولة الإمارات من الخدمات الرقمية خلال العام الماضي 187.1 مليار درهم (51 مليار دولار)، شكلت ما نسبته %1.1 من صادرات العالم من الخدمات الرقمية، متقدمة على هونج كونج والدنمارك وفنلندا والنمسا والبرازيل وأستراليا والنرويج.
وجاءت الدولة كذلك في المرتبة 21 عالمياً في الواردات من الخدمات الرقمية خلال العام الماضي بقيمة بلغت 154 مليار درهم (42 مليار دولار) وبحصة بلغت 1.0%.
وبحسب تقرير منظمة التجارة العالمية، فقد بلغت صادرات العالم من الخدمات الرقمية نحو 4.2 تريليون دولار خلال عام 2024. وقالت المنظمة في تقريرها الذي أظهر تجاوز تجارة السلع العالمية التوقعات في النصف الأول من عام 2025، مدفوعة بزيادة الإنفاق على المنتجات المتعلقة ب الذكاء الاصطناعي (AI)، أن دولة الإمارات تأتي في صدارة برامج التحول الرقمي التي تقودها حكومات منطقة الشرق الأوسط التي سجلت زيادة ملحوظة في واردات الخوادم ومعدات الاتصالات في النصف الأول من عام 2025.
ورفع خبراء الاقتصاد في منظمة التجارة العالمية توقعات نمو تجارة السلع لعام 2025 إلى 2.4% (ارتفاعاً من 0.9% في أغسطس) وتم تخفيض التوقعات لعام 2026 إلى 0.5% (من 1.8%). ومن المتوقع أن يتباطأ نمو صادرات الخدمات العالمية من 6.8% في عام 2024 إلى 4.6% في عام 2025 و4.4% في عام 2026.

خدمات الاتصالات
وفي السياق ذاته سجلت تجارة الدولة في خدمات الاتصالات نمواً ملحوظاً خلال عام 2024، محققة ارتفاعاً بنسبة 4.3% لتصل إلى 10.2 مليار درهم، مقارنة ب9.8 مليار درهم في عام 2023، وذلك وفقاً لبيانات المركز الاتحادي للتنافسية والإحصاء، التي أرجعت الأداء الإيجابي إلى النمو القوي المسجل في الربع الرابع من عام 2024، والذي بلغت نسبته 12.95%.
وأظهرت أحدث بيانات للمركز الاتحادي للتنافسية والإحصاء، ارتفاع صادرات خدمات الاتصالات، بنسبة 6.49% في عام 2024، لتصل إلى 4.9 مليار درهم، مقارنة مع 4.6 مليار درهم في العام 2023، كما ارتفع إجمالي واردات الدولة من خدمات الاتصالات بنسبة 2.38% في عام 2024، لتصل إلى 5.3 مليار درهم، مقارنة مع 5.2 مليار درهم في عام 2023.
وعلى مستوى الأداء الربعي، شهد الربع الرابع من عام 2024 مساهمة لافتة في إجمالي تجارة خدمات الاتصالات، حيث بلغت 26.45%، لتكون المساهمة الأعلى بين جميع الأرباع، كما حقق الربع الرابع نمواً قوياً بنسبة 12.95%، ليصل إلى 2.70 مليار درهم، مقارنة مع 2.39 مليار درهم للربع ذاته من العام 2023، وهو النمو الأكبر بين باقي الأرباع خلال العام. وبلغت نسبة مساهمة الربع الثالث في إجمالي تجارة الخدمات خلال العام نحو 25%، بقيمة بلغت 2.59 مليار درهم، مقارنة مع 2.46 مليار درهم في الربع ذاته من العام 2023، في حين بلغت نسبة مساهمة الربع الثاني نحو 25%، بقيمة بلغت 2.56 مليار درهم، مقارنة مع 2.49 مليار درهم، في الربع ذاته من العام 2023، فيما بلغت مساهمة الربع الأول من العام نحو 23%، بقيمة 2.37 مليار درهم، مقارنة مع 2.46 مليار درهم في الربع ذاته من العام 2023.

سلع الذكاء الاصطناعي 
في تحديث أكتوبر من تقرير«توقعات وإحصاءات التجارة العالمية»، قدم خبراء الاقتصاد في منظمة التجارة العالمية تحليلاً جديداً حول تراكم المخزونات في عام 2025 والتجارة القوية في السلع المتعلقة بالذكاء الاصطناعي مثل أشباه الموصلات، والخوادم، ومعدات الاتصالات. ومع ذلك، أشاروا إلى أن نمو التجارة سيتباطأ على الأرجح في عام 2026 مع بدء تأثير تباطؤ الاقتصاد العالمي والرسوم الجمركية الجديدة.
ونما حجم التجارة العالمية للسلع، مقاساً بمتوسط الصادرات والواردات، بنسبة 4.9% على أساس سنوي في النصف الأول من عام 2025. وارتفعت قيمة التجارة العالمية للسلع بالقيمة الحالية للدولار الأميركي بنسبة 6% على أساس سنوي في الأشهر الستة الأولى من عام 2025، بعد زيادة بنسبة 2% في عام 2024.
وشملت محركات نمو التجارة في النصف الأول السلع المتعلقة بالذكاء الاصطناعي - بما في ذلك أشباه الموصلات والخوادم ومعدات الاتصالات -التي دفعت ما يقرب من نصف إجمالي التوسع التجاري في النصف الأول من العام، حيث ارتفعت بنسبة 20% على أساس سنوي من حيث القيمة. 
وشمل نمو التجارة سلسلة القيمة الرقمية بأكملها، بدءاً من السيليكون الخام والغازات المتخصصة وصولاً إلى الأجهزة التي تشغل منصات الحوسبة السحابية وتطبيقات الذكاء الاصطناعي. وكان أداء صادرات آسيا قوياً في المنتجات المتعلقة بالذكاء الاصطناعي، وهو ما يتماشى مع الارتفاع العالمي في الاستثمار في هذا القطاع.

مقالات مشابهة

  • منظمة التجارة العالمية: 341 مليار درهم تجارة الإمارات من الخدمات الرقمية
  • حكومة الفجيرة تستعرض مشاريعها الرقمية في «جيتكس جلوبال 2025»
  • خبير يكشف الأسباب الرئيسة وراء ارتفاع أسعار الذهب والعملات الرقمية
  • «دبي الرقمية» تنطلق برؤية مستقبلية في «جيتكس جلوبال 2025»
  • 250 مشارك في معرض التجارة الالكترونية والخدمات الرقمية بالجزائر
  • المفتي طالب: لوضع خطة استراتيجية لمواجهة التحديات المقبلة
  • «الذهب األبيض» يصمد أمام التحديات بالشرقية
  • مدبولي: ستاندر آند بورز وفيتش يثقان في الاقتصاد المصري رغم كل التحديات
  • حملاوي: ظاهرة المخدرات من أبرز التحديات التي تواجه المجتمع الجزائري
  • شحادة من الجامعة الأميركية: متفائلون بقدرة لبنان على تحويل التحديات إلى فرص