كشفت دراسة حديثة أن الفيضانات الكارثية الأخيرة التي شهدتها دولة الإمارات العربية المتحدة وسلطنة عمان تعزى إلى مزيج مميت من تأثيرات ظاهرة النينيو المكثفة، والتي تفاقمت بسبب اضطراب المناخ الذي يسببه الإنسان والتوسع الحضري. يتعمق تقرير الجارديان في النتائج التي توصل إليها فريق World Weather Attribution، ويسلط الضوء على العوامل التي تساهم في الفيضانات المدمرة.

وتؤكد الدراسة على دور الأنشطة البشرية، وخاصة حرق الوقود الأحفوري والتوسع الحضري الواسع النطاق، في تفاقم شدة الفيضانات. ولاحظ العلماء أن هطول الأمطار الغزيرة خلال سنوات ظاهرة النينيو أصبح أكثر غزارة بنسبة 10% إلى 40% في المنطقة بسبب اضطراب المناخ، في حين أدى عدم كفاية الصرف الطبيعي إلى تفاقم ظروف "فخ الموت"، وتحويل الطرق إلى أنهار.

أودى الطوفان الأخير بحياة ما لا يقل عن 23 شخصًا، من بينهم 10 أطفال في حادث مأساوي لحافلة مدرسية، وتسبب في دمار واسع النطاق في جميع أنحاء المناطق المتضررة. وشهدت دبي هطول الأمطار الغزيرة على الإطلاق، حيث بلغ معدل هطول الأمطار أكثر من 14 سم خلال 24 ساعة، أي ما يعادل عام ونصف من متوسط هطول الأمطار.

وقد بددت الدراسة التكهنات الأولية المتعلقة بتعديل الطقس الاصطناعي من خلال تلقيح السحب، والتي لم تجد أي تأثير كبير لمثل هذه العمليات على الحدث المناخي المتطرف. وبدلاً من ذلك، أشار الباحثون إلى ارتفاع درجة حرارة الأرض باعتباره المحرك الرئيسي وراء هطول الأمطار الغزيرة القياسية، مشيرين إلى قدرة الغلاف الجوي الأكثر دفئًا على الاحتفاظ بمزيد من الرطوبة.

علاوة على ذلك، تسلط الدراسة الضوء على مدى ضعف المناطق الحضرية المكتظة بالسكان أمام الفيضانات المفاجئة، والتي تتفاقم بسبب التغيرات البشرية في المناظر الطبيعية. وفي المناطق المنخفضة حيث يقيم غالبية السكان، يزيد غياب الأسطح النفاذة من خطر الفيضانات السريعة، مما يخلق ظروفا خطرة للركاب والمقيمين على حد سواء.

وأكدت فريدريك أوتو، خبيرة علوم المناخ في إمبريال كوليدج لندن، على الحاجة الملحة للانتقال بعيدًا عن الوقود الأحفوري وإعادة التفكير في التصميم الحضري للتخفيف من آثار الأحداث المناخية القاسية. وشددت على أهمية دمج الأسطح النفاذة وتقليل الغطاء الخرساني لمنع الكوارث المستقبلية.

وتقدم صور الأقمار الصناعية التي قدمتها وكالة ناسا تمثيلا مرئيا صارخا لمدى الفيضانات في المناطق الصحراوية القاحلة عادة، مما يسلط الضوء على الطبيعة غير المسبوقة للكارثة الأخيرة. وتؤكد الآثار التي خلفتها الفيضانات ضرورة اتخاذ إجراءات فورية لمعالجة التحديات المتشابكة المتمثلة في تغير المناخ والتوسع الحضري، خشية أن تصبح مثل هذه الكوارث أكثر تواترا وشدة في المستقبل.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: هطول الأمطار

إقرأ أيضاً:

فيضانات بوروندي تفاقم المعاناة وتشرد 100 ألف

في مشهد بات مألوفا لسكان بحيرة تنجانيقا في بوروندي، وجدت آشا -وهي أم لـ4 أطفال- نفسها تسبح في المياه داخل غرفة المعيشة، بعد أن غمرت الفيضانات منزلها الواقع في مدينة غاتامومبا على الحدود مع العاصمة بوجومبورا.

وبسبب الفيضانات المتكرّرة، بات السكان يلجؤون بشكل متزايد إلى نصب الخيام فوق أسطح منازلهم، فيما يتنقل الأطفال بين البيوت على طوافات بدائية مصنوعة من البلاستيك، مما فاقم من معاناة المواطنين في بوروندي التي تعدّ من أفقر دول العالم، والمصنّفة كواحدة من أكثر 20 بلدا مهدّدا بتغيير المناخ.

بحيرة تنجانيقا

وتسبّب تغير المناخ والاحتباس الحراري في زيادة الفيضانات، ومنسوب المياه في "تنجانيقا" ثاني أكبر بحيرة في أفريقيا، والتي ظلت مستوياتها مرتفعة فوق المعدل الطبيعي منذ عام 2018، مما دفع الكثير من السكان إلى مغادرة منازلهم، واللجوء إلى مخيمات النازحين.

وتشتهر بحيرة تنجانيقا بتقلباتها الموسمية في منسوب المياه، إلا أن هذه الظاهرة تفاقمت بسبب الاحتباس الحراري، حسب برنار سيندايهيبورا، المتخصّص في التخطيط العمراني والبيئة بجامعة بوروندي.

Iالفيضانات تسببت في نزوح النساء والأطفال إلى مخيمات اللاجئين بحثا عن الأمان (الفرنسية)

ومع تضخّم البحيرة، لم يعد نهر روزيزي قادرًا على تصريف المياه إليها، مما تسبّب في فيضانات مستمرة اجتاحت مناطق مجاورة مثل مدينة غاتومبا الواقعة على الضفة الشمالية.

إعلان

وتفاقمت الأوضاع بشكل أكثر في عام 2023 عندما اضطّرت آشا وعائلتها للفرار من فيضان شديد، حيث كانت المياه تصل إلى خصرها، ولجأت إلى مأوى مؤقت قريب من بلدتها.

نزوح أكثر من 100 ألف

وخلال العام الجاري، والذي قبله، تكرّرت عمليات النزوح من المناطق المحاذية للبحيرة مع اجتياح مياه الفيضانات لأحياء بأكملها، كانت حتى وقت قريب مثالا للعمران المتحضّر والأنيق في دولة بوروندي.

وتُصنَّف بوروندي الواقعة بشرق أفريقيا ضمن أفقر دول العالم، حيث تحتل المرتبة 187 من أصل 193، حسب مؤشر التنمية البشرية الصادر عن الأمم المتحدة، كما تُعدّ من بين 20 دولة الأكثر هشاشة في مواجهة التغير المناخي.

وفي عام 2024، تسبّبت أمطار غزيرة في نزوح قرابة 100 ألف شخص وسقوط عدد من الضحايا، رغم عدم توفر أرقام رسمية حتى الآن.

وتحدّثت أرييلا، وهي أم لـ7 أطفال تقيم حاليًا في مخيم "غاتيري" للنازحين شمالي البلاد، عن فقدانها لكل شيء خلال فيضانات غاتومبا عام 2020، وقالت إن منزلها قد انهار، وكادت أن تفقد أحد أطفالها بسبب السيول التي جرفت الكثيرين.

ورغم أن عائلة أرييلا اضطرت للانتقال بين مخيمين مختلفين للنازحين بحثا عن الأمان، فإنها تعرّضت مرة أخرى للسيول الناجمة عن الفيضانات.

معاناة الأطفال

وفي غاتومبا، يقول زعيم المجتمع المحلي، جان ماري نييونكور، البالغ من العمر 42 عامًا، إن السكان يبذلون قصارى جهدهم للتأقلم مع الظروف القاسية، لكن الوضع ما زال كارثيًا حسب تعبيره.

وأضاف أن "الأطفال يعانون من الإسهال لأن المياه اختلطت بمياه الصرف الصحي وغمرت الشوارع… هناك الكثير من حالات الكوليرا".

منظمة أنقذوا الأطفال تقول إن الكوليرا منتشرة بسبب تلوث المياه بالصرف الصحي (إيه إف بي)

وقد ناشدت منظمة "أنقذوا الأطفال" (Save the Children) المجتمع الدولي لتقديم الدعم، لكن التمويل الحاسم قد توقف بسبب تعليق إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب نحو 83% من المشاريع الإنسانية الأميركية، والتي كان من بينها برامج تتعلق بالمناخ.

إعلان

وكانت الولايات المتحدة تقدم سابقًا نحو 40% من إجمالي المساعدات الإنسانية العالمية، ولم يتمكن أي بلد آخر من سد هذه الفجوة حتى الآن.

مقالات مشابهة

  • الأرصاد تحذر من أجواء حارة شديدة وأمطار رعدية على المرتفعات 
  • دراسة.. نحو 40% من الأنهار الجليدية في العالم محكوم عليها بالزوال
  • الإمارات تتضامن مع الهند وتعزي في ضحايا الفيضانات
  • ارتفاع حصيلة ضحايا الفيضانات في نيجيريا إلى 200 قتيل
  • الإحصاء: 0.6% نسبة مساهمة انبعاثات غازات الاحتباس الحراري في مصر
  • فيضانات عارمة وانهيارات أرضية تقتل 34 شخصًا وتدمر 10477 منزلاً في الهند
  • فيضانات بوروندي تفاقم المعاناة وتشرد 100 ألف
  • الأرصاد: أمطار رعدية وغبار واسع على عدة محافظات
  • دراسة: نحو 40% من الأنهار الجليدية ستختفي بسبب أزمة المناخ
  • مقتل 30 شخصًا في فيضانات وانهيارات أرضية شمال شرق الهند