محافظ أسيوط: شارك.. الكلمة كلمتك خطوة جادة لترسيخ الوعي السياسي
تاريخ النشر: 2nd, August 2025 GMT
أكد اللواء الدكتور هشام أبو النصر، محافظ أسيوط، استمرار تنفيذ الحملة القومية "شارك.. الكلمة كلمتك" بمختلف مراكز ومدن المحافظة لترسيخ ثقافة المشاركة السياسية بين الشباب، وتعزيز دورهم الوطني في دعم مسيرة التنمية، مشيرًا إلى أن المشاركة في الانتخابات البرلمانية المقبلة، وخاصة انتخابات مجلس الشيوخ، تعد واجبًا دستوريًا ومسؤولية وطنية يجب أن يتحملها كل مواطن.
وأضاف المحافظ أن الدولة المصرية، بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي، تولي اهتمامًا كبيرًا بتمكين الشباب سياسيًا وتثقيفهم بأهمية المشاركة في الحياة العامة، باعتبارهم ركيزة أساسية في بناء الجمهورية الجديدة.
وأشار محافظ أسيوط إلى أن حملة "شارك.. الكلمة كلمتك" نظمتها مديرية الشباب والرياضة بقيادة أحمد سويفي، وكيل الوزارة، بمركز التنمية الشبابية بمنفلوط، بحضور 500 شاب وفتاة، ضمن خطة نشر الوعي والتثقيف السياسي وشهد اللقاء محاضرة لأحد الكوادر الشبابية المعتمدة من وزارة الشباب والرياضة الذي استعرض أهمية المشاركة السياسية باعتبارها جوهر الديمقراطية وروحها الحقيقية، وأن التنمية الشاملة لا تتحقق إلا بإنسان واعي ومدرك لأهمية صوته في رسم السياسات العامة، وأن العملية الانتخابية تمثل آلية حقيقية لتفعيل هذه المشاركة.
بناء قاعدة شبابية قادرة على المساهمة الفاعلةوأوضح اللواء هشام أبوالنصر أن هذه اللقاءات تمثل مساحة حوارية هامة لتمكين الشباب من التعبير عن آرائهم بحرية، وتنمية وعيهم السياسي، بما يسهم في بناء قاعدة شبابية قادرة على المساهمة الفاعلة في الشأن العام، مشددًا على ضرورة استمرار مثل هذه المبادرات التي تعزز الانتماء الوطني وتؤسس لثقافة المشاركة الواعية، مطالبًا الشباب بأن يكونوا رسلًا للتوعية في مجتمعاتهم، وأن ينقلوا هذا الوعي إلى كافة الفئات العمرية.
يذكر أن وزارة الشباب والرياضة وضعت خطة شاملة لتنفيذ لقاءات حوارية وتثقيفية بجميع محافظات الجمهورية، بمشاركة نخبة من أساتذة العلوم السياسية والقانون الدستوري، تحت إشراف الإدارة المركزية للتعليم المدني، والإدارة العامة لبرلمان الطلائع والشباب، برعاية الدكتور أشرف صبحي وزير الشباب والرياضة، وإشراف إيمان عبد الجابر رئيس الإدارة المركزية للبرلمان والتعليم المدني، ورندا البيطار مدير عام برلماني الشباب والطلائع.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: أسيوط الكلمة كلمتك المشاركة السياسية ثقافة المشاركة السياسية دعم مسيرة التنمية الانتخابات البرلمانية انتخابات مجلس الشيوخ المشارکة السیاسیة الشباب والریاضة الکلمة کلمتک
إقرأ أيضاً:
الفزعة البدوية والحق في المشاركة السياسية
الهجري وجبهة الممانعة وإسرائيل كلهم في جبهة واحدة يتهمون الشرع بالتطبيع. هذا ائتلاف مهزومين وينكرون بالخصوص هزيمتهم الأخلاقية. لقد رُفع علم الكيان على أرض سورية، فلم يعد الحديث ممكنا فالخيانة ليست وجهة نظر. للشرع أن يمضي قدما في تهيئة أوضاع سوريا لغد أسلم وأفضل، فالذباب لا يقتل وإن كان يفسد المزاج بطنينه. لنتحدث في موضوع جدي نرى عليه علامات، موضوع طوفان البدو وقد سارت بالعبارة الركبان.
الدرس الخلدوني الدائم
ننصح أحمد الشرع وحكومته بالدرس الخلدوني ولا نعلمهم إياه، فهو يساعد على فهم العلاقة الإشكالية بين البداوة والمدينة عبر التاريخ العربي الطويل، وعسى أن يجدوا في التاريخ عبرة فلا يقعوا في ما وقع فيه حكام تونس في مرات كثيرة من التعامل بانتهازية مع الفزعة البدوية ذات النفس التحريري. فما وقع في تونس في أربع وقائع متشابهة يعتبر دروسا مكررة تقيم حججا إضافية على صواب رأي ابن خلدون حتى بعد أن غيّبه القدر. هذه مقدمة خلدونية ثانية حية.
ثوره الربيع العربي كانت فزعة بدوية وريفية (رابعة) انتهت إلى نفس المصير، التفت عليها نخب العاصمة من التجار والصنائعية الذين صار اسمهم البرجوازية واستعانوا عليها بفرنسا، فإذا الثورة تفشل وإذا الحاضرة تحكم ولكن في فراغ من الشعب والمبادئ
في النصف الثاني من القرن الخامس عشر (بعيد موت ابن خلدون) فزع "العربان" ضد آخر ملوك الحفصيين (مولاي أبو الحسن الحفصي) احتجاجا عل سوء سياساته الضريبية فيهم. و"العربان" وصم تحقيري خرج من الحاضرة ضد البدو وسكان الأرياف عامة. لم يُصغِ الأمير الحفصى الفاسد لصوت العقل، فاستعان على قومه بملك إسبانيا بطل الاستعادة (الروكنكيستا) ومحاكم التفتيش، شارل الخامس، فجاءه في أسطول نجدة لكنه احتل عاصمته وربط خيوله في جامع الزيتونة نكاية في البلد (الذي صدر إليه الإسلام) ودينه وعربانه. نصف قرن من الاحتلال الإسباني لتونس لم تنهه إلا فزعة تركية فيها من بداوة الترك (عصبية في أول صعودها)، وإن ركبت البحر دون الإبل.
في النصف الثاني من القرن التاسع عشر (1864) فزع البدو في ثورة ضد باي تونس (والي عثماني يتمتع باستقلال ذاتي) نتيجة لنفس الأسباب السياسات الضريبية الفاسدة في زمن قحط وفقر قاتل. لم يُصغ الباي إلى العربان (شعبه)، فاستعان بالفرنسيين يقرضونه ليتمتع حتى سقط البلد تحت الاحتلال.
ثورة التحرير التونسية المشابهة في شكلها ومنطلقاتها لثورة عبد القادر الجزائري ولثورة عمر المختار ولثورة عبد الكريم الخطابي؛ كانت كلها فزعات/ثورات الأرياف والبادية تخرج ضد السلطة المركزية أو الغازية الفاسدة والفاشلة فيستعان عليها بعدو مشترك، فيفشل الجميع ويتمكن الاحتلال الغربي
ثوره الربيع العربي كانت فزعة بدوية وريفية (رابعة) انتهت إلى نفس المصير، التفت عليها نخب العاصمة من التجار والصنائعية الذين صار اسمهم البرجوازية واستعانوا عليها بفرنسا، فإذا الثورة تفشل وإذا الحاضرة تحكم ولكن في فراغ من الشعب والمبادئ.
فزعة سوريا
جوهرها الظاهر البدو ضد الخونة وضد عدو مشترك؛ هبت فجأة وانتصرت بتحجيم الخيانة وإرباك خطط العدو، ولكنها أعيدت إلى مواطنها في ما يشبه الطرد، رغم أننا سمعنا قبولا بالمناورة مع السلطة المركزية. ونراقب استعدادات بدت لنا مفاجأة في ما تعودنا من وصم البوادي بالركود؛ استعدادات تتجاوز الحدود القُطرية لسايكس بيكو، قوة فعالة يمكن و-هنا نختار اللفظ بدقة- إشراكها لا توظيفها. إذا تم توظيفها (التعامل معها كقوة وظيفية أو جنود احتياط أو لحم مدافع)، فقد وقع الشرع وحكومته في ما وقع فيه حكام تونس من خطأ في حق الفزعات البدوية، وإذا تم إشراكها فسيكون الشرع قد فهم الدرس الخلدوني؛ شراكة السلطة مع أصحاب الحق الحقيقيين في السلطة الذين يثورون من أجلها ومعها في إطار مشروع وطني استقلالي.
أما سبب التخوف من التوظيف دون الإشراك فهو ما قرّ لدينا من قناعة من أن الحواضر العربية ودمشق منها في القلب؛ قد تعاملت بعقل انتهازي دوما مع البادية وسكانها. فهي مصدر الجند للمعارك، وهي مصدر العمالة للمصانع، وتنزل أحيانا بالبدو إلى منزلة التندر والسخرية وتسلية المجالس، وذلك منذ حكاية أبي عبيد وأبي زيد في بغداد العباسية على ما رواه الجاحظ.
صورة دمشق عن نفسها هي الشام كل الشام وصورة القاهرة عن نفسها هي مصر كل مصر، لذلك يصير الصعيدي موضوعا للتندر وهو في أفضل حالاته بواب عمارة أو مكوجي أو عربجي؛ الدراما المصرية منذ نشأتها لم ترحم الصعيدي ولا السوادني المحسوب عندها في بدو مصر. وصورة تونس (الحاضرة) عن نفسها هي أن كلها تونس والناس مقسمون فيها من في داخل الأسوار (Intra-muros) ومن خارجها (Extra-muros)؛ لا حق لمن يقيم خارج الأسوار إلا في خدمة من بداخلها، ونعدد على بغداد وطرابلس وحواضر المغرب.
ينادى البدو في الملمات ليقوموا بالمهمات العسيرة ثم يعادون إلى مواطنهم وأحيانا دون شكرهم على المجهود، بينما تستقل مدن التجار والصنائعية (الحضر) أو البرجوازيات الناشئة بالسلطة وخيراتها. باختصار، يثور البدو ويقطف الحضر الغنيمة.
هذا الوضع التاريخي كان مؤهلا لنهاية بفعل دولة وطنية ناشئة وتتحدث حديث الوحدة الوطنية، لكن على الأرض لم تفلح دولة عربية واحدة في توحيد مجالها وإشراك كل سكانها في السلطة والخيرات. بل عملت على العكس، قسمت عامدة (كما فعل المحتل) المجال السكاني والثقافي والاقتصادي، مبقية على البدو (الأرياف) كاحتياط يد عاملة رخيصة. (في تونس توجد قرى مفقرة مهمتها إنتاج خادمات المنازل لسكان العاصمة والساحل، وربما نجد قرى مماثلة في مصر والشام). الفشل في توحيد المجال هو ليس سمة غالبة فحسب، بل سياسة متبعة. (فرق تسد القديمة في دول حداثية).
شام التجار والصنائعية أمام اختبار قاس
سيكون هذا سبقا تاريخيا للسوريين يؤسسون عليه حكم العرب لدولهم لقرون طويلة، وإذا كان يطيب للسوريين المنتصرين استذكار بني أمية فالديمقراطية ليست ضد بني أمية، بل لعلها وسيلتهم الجديدة
وضعت فزعة البدو الأخيرة ضد الخونة الدولةَ السورية الجديدة أمام اختبار قاس، فإما أن تأخذ بعين الاعتبار قوة هؤلاء البدو (أصحاب الفزعة) فيكون لهم نصيب من السلطة وخيرات الحكم، أو أن تكتفي على جاري عادة الأنظمة السابقة باستعمالهم (استعمال كلينكس).
في الاحتمال الأول ستكون النتيجة قريبة من اليد، أي توسيع قاعدة الحكم الشعبية وتثبيت أركان السلطة بقوة بشرية نشطة ولو أنها تحتاج إلى تدريب، والاستعمال العسكري ليس الاستعمال الوحيد. فإذا اندمجت هذه القوى في عملية سياسية (وليس من وسيلة إلا الانتخابات)، فإن الدولة تكون قد وحدت جزءا مهما من مجالها الجغرافي والسياسي، فيتبع ذلك المجال الاقتصادي بإعادة توزيع التنمية على قاعدة التوزيع الديموغرافي.
في الاحتمال الانتهازي الذي خبرناه ستعيد حكومة سوريا إنتاج المظالم نفسها، أي الميز السلبي تجاه البدو (الأرياف)، وهو سبب حقيقي لعدم الاستقرار بل الفشل الذي نعرفه في سوريا البعث وفي بقية الأقطار العربية أو الدول الفاشلة رغم خطاب الوطنية.
في الدرس الخلدوني لا بد من وجود هذا التناقض بين بدو حضر لتكون حركة في التاريخ (دورات العصبية)، لكن ماذا لو فكرت سوريا الثورة في كسر القانوني بفكر جديد يتأسس على الحق لا على الموقع؟ لقد كتب ابن خلدون قبل اكتشاف الصندوق الانتخابي وهو آلية تعديل سياسي واجتماعي متاحة، بل يمكن إسنادها بالنص الديني السابق على الجميع. لا بأس من تسميتها شورى، فليس للشورى شكل محدد مسبقا. سيكون هذا سبقا تاريخيا للسوريين يؤسسون عليه حكم العرب لدولهم لقرون طويلة، وإذا كان يطيب للسوريين المنتصرين استذكار بني أمية فالديمقراطية ليست ضد بني أمية، بل لعلها وسيلتهم الجديدة.