هل يكون الحراك الطلابي الأميركي لحظة فيتنام بايدن؟
تاريخ النشر: 3rd, May 2024 GMT
واشنطن- في مايو/أيار 2020، تحدّث المرشح الرئاسي الأميركي آنذاك، جو بايدن، عن تعامل قوات الشرطة، في عهد منافسه الحالي الجمهوري دونالد ترامب، مع حركة الاحتجاجات الشعبية الضخمة التي عصفت بعشرات المدن الأميركية عقب قتل رجال شرطة من البيض الرجل الأسود غير المسلح جورج فلويد.
واستخدم بايدن الاحتجاجات بشكل كبير ضد ترامب، سواء بتبريرها أو بفرحه نتيجة عجز البيت الأبيض عن استعادة النظام وإيقافها.
إلا أن الرئيس بايدن، وفي تعليقه الأهم منذ اندلاع الحراك الطلابي الواسع في الجامعات الأميركية، اختار تأكيد أهمية الالتزام بالقانون والنظام، وأن دعمه لإسرائيل لا يزال ثابتا وسط الاحتجاجات ضد عدوانها المستمر على قطاع غزة، والذي يجري بدعم أميركي كامل وغير مشروط.
معضلة كبيرةبايدن أضاف، في خطاب متلفز الخميس، أن التطورات وضعت على المحك مبدأين أميركيين أساسيين: الأول هو الحق في حرية التعبير وفي التجمع السلمي وإسماع أصوات الناس، والثاني هو سيادة القانون "ويجب دعم كليهما".
وشدد على أنه لا مكان لخطاب الكراهية أو العنف من أي نوع، بما في ذلك معاداة السامية أو الإسلاموفوبيا أو التمييز ضد الأميركيين العرب والفلسطينيين.
ولدى مغادرته القاعة، وردا على سؤال عما إذا كانت الاحتجاجات قد جعلته يعيد النظر في سياساته في المنطقة، قال "لا". وأجاب بـ"لا" كذلك عندما سئل إذا ما كان ينبغي الاستعانة بالحرس الوطني.
تمثل الاحتجاجات معضلة كبيرة لبايدن، الذي عملت زوجته، جيل بايدن، لسنوات كأستاذة جامعية في معهد ولاية ديلاوير الفني، قبل تبوئها مهام سيدة أميركا الأولى منذ يناير/كانون الثاني 2021 وتوقفها عن العمل.
وبعد متابعة التطورات في الاحتجاجات من خلال الإعلام والتواصل مع المسؤولين المحليين وأجهزة إنفاذ القانون، طفا على السطح "خلاف جيلي" داخل البيت الأبيض.
وسعى موظفو البيت الأبيض الأصغر سنا، ومنهم العديد من خريجي الجامعات، أو ممن يدرسون في برامج دراستها العليا، والتي أصبحت بمثابة قلب الحراك الطلابي مثل جامعات كولومبيا وهارفارد وكاليفورنيا، إلى الضغط كي يتحدث بايدن إلى الشعب الأميركي عمّا يجري.
ونقل هؤلاء الموظفون الصغار ما يخبر به زملاؤهم أو ما يطلعون عليه من حساباتهم على وسائل التواصل الاجتماعي المباشرة، أو ما يتلقونه من أصدقائهم من العديد من الجامعات الأميركية.
وأثار التصعيد في جامعتي كولومبيا وكاليفورنيا في لوس أنجلوس، والمشاركة المتزايدة لقوات الشرطة في فض العديد من الاعتصامات بالقوة، رغبة بايدن في الحديث علنا بدلا من ترك الموضوع للبيانات أو التعليقات التي يوفرها المتحدثون الرسميون نيابة عنه.
من ناحية أخرى، رأى السيناتور الأميركي بيرني ساندرز خلال لقاء مع شبكة "سي إن إن"، أن الاحتجاجات الطلابية المناهضة للحرب على غزة التي تتكشف في جميع أنحاء الجامعات الأميركية، يمكن أن تكون لحظة "فيتنام بايدن".
وحذّر من أن موقف بايدن من عدوان إسرائيل على غزة ربما ينفّر الناخبين الشباب منه. وعقد ساندرز مقارنة شابه فيها بين الاحتجاجات الحالية وتلك التي وقعت خلال رئاسة ليندون جونسون في أواخر ستينيات القرن الـ20 عندما احتج الطلاب الأميركيون ضد حرب فيتنام.
وقال السيناتور الأميركي المستقل "أشعر بقلق شديد من أن الرئيس بايدن يضع نفسه في موقف لم ينفر فيه الشباب فحسب، بل الكثير من القاعدة الديمقراطية فيما يتعلق بآرائه حول إسرائيل وهذه الحرب".
وسلط الضوء على الحاجة إلى تذكر سبب تظاهر الطلاب بهذه الأعداد الضخمة، قائلا إنهم موجودون ليس لأنهم مؤيدون لحركة (حماس)، بل لأنهم غاضبون مما تفعله الحكومة الإسرائيلية الآن في غزة.
وأضاف ساندرز "أعتقد أن الطلاب الذين يحتجون على المساعدات الأميركية المستمرة لحكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو اليمينية المتطرفة يفعلون ذلك للأسباب الصحيحة".
واستغل التيار الجمهوري بأكمله ما تشهده الساحة الأميركية من حراك طلابي لشن هجوم على ما يرونه فشل إدارة بايدن في وقف "موجة العداء للسامية" في الجامعات الأميركية. وقال ترامب، في حملته الانتخابية الأربعاء الماضي، إن ما يتكشف في حرم الجامعات "عار، ويجب على بايدن التحدث".
وأرجع الجمهوريون فشل بايدن إلى ما اعتبروه بمثابة "خوفه من مواجهة اليسار المجنون، وهو ما يشكل تهديدا حقيقيا لفرص إعادة انتخابه".
أزمة وهزاتوأشارت افتتاحية صحيفة "وول ستريت جورنال" إلى أنه في الوقت الذي فهم فيه معظم السياسيين خطابات الكراهية والعنف بالجامعات الأميركية، شعر بايدن في البداية بأنه غير مضطر إلى إغضاب التيار التقدمي في حزبه الديمقراطي.
وترى الصحيفة أن بايدن بعث برسائل مشوشة وضعيفة في مواجهة "تيار اليسار المجنون الصغير والصاخب والمؤثر في حزبه، مثل نائبة ولاية نيويورك ألكساندريا أوكاسيو كورتيز، التي انتقدت عمل الشرطة في جامعة كولومبيا باعتباره كابوسا، وساندرز الذي ضاعف من دعمه للطلاب المتظاهرين واتهم الدولة اليهودية بالتطهير العرقي".
كما اتهمت بايدن بالفشل في اتخاذ قرار، معتبرة أن ذلك يشجع الآن على حرب مفتوحة في حزبه و"يؤجج الغوغاء".
يخشى بايدن من وصول تبعات حركة الاحتجاجات إلى مؤتمر الحزب الديمقراطي في شيكاغو خلال أغسطس/آب المقبل. وهو ما سيعيد الذاكرة إلى مؤتمر الحزب لعام 1968، وخسارة المرشح الديمقراطي آنذاك هوبرت هيمفري لصالح الجمهوري ريتشارد نيكسون، وذلك بعدما عززت الاحتجاجات وجهة نظر الجمهوريين أن أميركا ينعدم فيها القانون تحت حكم الديمقراطيين.
من هنا كان آخر ما يتمناه بايدن ومستشاروه، هو أزمة شرق أوسطية تعصف بموسم الانتخابات الرئاسية الأميركية.
وجاءت أزمة العدوان على غزة وما تبعها من وصول هزاتها لحرم الجامعات الكبرى من هارفارد في الشمال الشرقي إلى جامعة جنوب كاليفورنيا في أقصى الجنوب الغربي للبلاد، لتعمق من حجم الانقسامات في الحزب الديمقراطي المنقسم على نفسه منذ بدء العدوان الإسرائيلي.
ووجد استطلاع حديث أجرته شبكة "سي إن إن" أن 28% فقط من المستطلعين أثنوا على تعامل الرئيس بايدن مع أزمة غزة، مقابل رفض 81% ممن تقل أعمارهم عن 35 عاما طريقة تعامله.
ويرفض بايدن دعم حق الطلاب في التظاهر السلمي كحق دستوري مطلق دون التطرق إلى ما يراه "معاناة الطلاب اليهود في جامعات أميركا، وشعورهم بالخوف".
وسيتحدث يوم الثلاثاء 7 مايو/أيار الجاري، من داخل المتحف التذكاري "للهولوكوست" بقلب العاصمة واشنطن، حول سبل مكافحة تزايد "العداء للسامية" في الداخل الأميركي وحول العالم.
ويبدو أنها محاولة استجداء من البيت الأبيض لأصوات الناخبين اليهود وأموالهم، بعدما أفقدتهم صدمة الحراك الطلابي الضخم ضد إسرائيل، الثقة في صرامة جو بايدن حسب قولهم.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: ترجمات حريات الجامعات الأمیرکیة الحراک الطلابی البیت الأبیض
إقرأ أيضاً:
بعد 50 عامًا.. جدل حول صاحب صورة فتاة النابالم الأيقونية في فيتنام
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)-- أثارت منظمة "World Press Photo" شكوكًا جديدة حول مالك صورة "رعب الحرب"، المعروفة باسم "فتاة النابالم"، وسط جدل متزايد حول واحدة من أبرز صور القرن الـ20.
أعلنت المنظمة، التي تَوَّجت الصورة بلقب "صورة العام" في عام 1973، الجمعة أنّها "علّقت" نسبها إلى نيك أوت، وهو مصور وكالة "أسوشيتد برس" المتقاعد.
وأفاد تقرير مصاحب أنّ الأدلة البصرية والتقنية تميل نحو نظرية ناشئة مفادها أن المصور الفيتنامي المستقل، نغوين ثان نغه، هو من التقطها.
يُعد هذا أحدث تطور في الجدل الذي أثاره فيلم "The Stringer" الوثائقي الذي عُرض لأول مرة في مهرجان "صندانس" السينمائي في يناير/كانون الثاني، والذي زعم أنّ نغه هو من التقط الصورة الشهيرة لفتاةٍ عارية تهرب من هجوم بقنابل النابالم خلال حرب فيتنام.
كان نغه واحدًا من أكثر من 12 شخصًا تمركزوا عند نقطة تفتيش على الطريق السريع خارج قرية "ترانغ بانغ" في 8 يونيو/حزيران من 1972، عندما اعتقدت القوات الجوية الفيتنامية الجنوبية أنّ الطفلة كيم فوك فان ثي، التي كانت في التاسعة من العمر آنذاك، بالإضافة لقرويين آخرين، من قوات العدو، فقامت بقصفهم.
بعد عام، فاز أوت بجائزة "بوليتزر" بفضل الصورة.
يتناول الفيلم مزاعم بأنّ نغه باع صورته لوكالة "أسوشيتد برس" قبل أن يتدخل المحررون لنسب الفضل لأوت، الذي كان مصورًا لدى الوكالة في سايغون (مدينة هو تشي منه حاليًا) آنذاك.
لم تتمكن CNN من تقييم هذه المزاعم بشكلٍ مستقل لأن مؤسسة "VII" التي أخرجت الفيلم، لم تستجب لطلبات متعددة للحصول على نسخة من الفيلم الوثائقي، الذي لم يُنشر علنًا بعد.
منذ ذلك الحين، نفى أوت مرارًا وتكرارًا مزاعم عدم التقاطه الصورة.
أصدر محامي المصور الأمريكي الفيتنامي، جيم هورنشتاين، بيانًا نيابةً عنه، وَصَف فيه قرار منظمة "World Press Photo" بتعليق نسب الصورة إليه بكونه "مؤسفًا وغير مهني".
وأضاف البيان أنّ ادعاء نغه "غير مدعوم بأي أدلة قاطعة أو شهود عيان".
في وقتٍ سابق من هذا الشهر، نشرت وكالة "أسوشيتد برس" تقريرًا يتكوّن من 96 صفحة حول هذه المسألة، ولم يجد التحقيق "أي دليل قاطع" يبرر تغيير نسب الصورة.
وفي حين أقرّت الوكالة بأنّ مرور الوقت وغياب الأدلة الرئيسية يجعلان إثبات ما إذا كان أوت هو من التقط الصورة أمرًا "مستحيلاً"، إلا أنّ نسب الصورة إلى نغه "يتطلب مقدارًا كبيرًا من الثقة".
مع ذلك، اتخذت منظمة "World Press Photo" موقفًا مختلفًا، إذ كتبت المديرة التنفيذية، جمانة الزين خوري، على موقع المنظمة الإلكتروني أنّ "مستوى الشك كبير جدًا بحيث لا يمكن إبقاء نسب الصورة الحالي كما هو"، مضيفةً أنّ "التعليق سيظل ساريًا ما لم تُقدَّم أدلة أخرى تؤكد أو تدحض بوضوح صحة نسب الصورة الأصلية".
قامت مجموعة "Index" البحثية ومقرّها باريس، بعملية إعادة بناء لبيئة التصوير، التي أجرتها استنادًا إلى "جدول زمني جغرافي".
واقترحت العملية أنّ أوت كان سيضطر إلى "التقاط الصورة، والركض لمسافة 60 مترًا، والعودة بهدوء، خلال فترة زمنية وجيزة"، وفقًا لـ "World Press Photo".
ووصفت المنظمة هذا السيناريو بكونه "مستبعد للغاية" حتّى لو كان "ممكنًا".
في هذه الأثناء، شكّكت وكالة "أسوشيتد برس" في المسافة التي تم تقديرها (أي 60 مترًا)، مشيرةً إلى أنّ الموقع المزعوم لأوت على الطريق السريع، والذي يستند إلى لقطات منخفضة الدقة ومهتزّة وثّقها مصور تلفزيوني، ربّما كان على بُعد 32.8 مترًا فقط من مكان التقاط الصورة، ورجّحت أنّ المصور "كان في موقع سمح له بالتقاط الصورة".
ذكرت منظمة "World Press Photo" أن هناك احتمالًا أن يكون شخص آخر بالكامل هو من التقط الصورة، مشيرةً بذلك إلى المصور العسكري الفيتنامي، هوينه كونغ فوك، الذي كان يبيع الصور لوكالات الأنباء أحيانًا.
خلص تحقيق وكالة "أسوشيتد برس" إلى أنه مثل أوت ونغه، "كان من الممكن أن يكون (فوك) في وضع يسمح له بالتقاط الصورة".