فوزي عمار

أنتجت الحرب العالمية الثانية خلخلة اجتماعية في طبقات المجتمع، منها موت الرجال وخروج النساء للعمل وظهور أبناء الاغتصاب وهم بمئات الألوف، خاصة في نساء ألمانيا على يد الجنود الروس، مما أدى للمجتمع أن يعترف بقوانين جديدة لا تقدس العائلة وتعترف بآلام العزباء.

وظهر الفن التشكيلي الذي يعبِّر بالأساس عن الحالة النفسية المتشظية بعد حالة الحرب وظهر فلاسفة يكفرون بالإله،  ويعلنون موت الاله مثل نيتشه في قوله "مات الإله بعد كل هذا الدم الذي سال".

وظهرت الحركات النسوية بعد أن أخذت المرأة مكانًا في سوق العمل بعد موت الرجال.

كل هذا أنتج مفهومًا وواقعًا اجتماعيًا جديدًا، وحتى لا نطلق عليه وفق التقييم السابق اللا أخلاقي، أُطلقَ عليه "الحداثة وما بعد الحداثة"، حتى تتغلب هذه الشعوب على واقعها المرير الجديد وتتعايش معه ولا تستعر منه؛ بل وأصبح مدعاة للتطبيق من قبل شعوب أخرى لم تمر بالتجربة المخجلة ذاتها، وليس في حاجة لها تحت وطأة ماكينة تسويقية للمنتصر الذي يقتدي به المهزوم، كما يقول المفكر العربي ابن خلدون.

إنها أزمة أُمّة لا تملك مشروعًا خاصًا بها.

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

"الجورة".. كلمة سر "النجاة" لمنتظري المساعدات تتحول لـ"قبو تعذيب"

غزة - خاص صفا

"مجرد أن يطلقوا الرصاص ننبطح في الجورة ولا نتحرك"، يقول وسام أبو عنزة، أحد الناجين من رصاص جنود الاحتلال الإسرائيلي من منتظري المساعدات.

و"الجورة" اسم عُرف بين منتظري المساعدات في نقطة توزيع المساعدات الأمريكية بمنطقة الشاكوش بمحافظة رفح أقصى جنوب قطاع غزة، والتي لكل منتظرٍ فيها قصة مروعة، منذ فتح تلك المصائد.

بجسدٍ منهك وملابس متسخة بطين وركام منطقة التوزيع، وضع أبو عنزة كفي يديه على ركبتيه محاولًا إسناد نفسه عقب عودته ناجيًا، وهو يردد بصوت مبحوح: "قتلوا الشباب والله نجانا".

تعذبيهم "بالأطعمة"

وعن الجورة يضيف "هذه المنطقة منخفضة بعيدة إلى حدٍ ما عن الجيش، نختبىء فيها حينما يطلقوا الرصاص، وفي أحيان كثيرة ننام فيها لليوم التالي".

ويبيت عدد من منتظري المساعدات في "الجورة"-بمعنى الحفرة-، إذا لم يحالفهم الحظ في الحصول عليها، فيفضلون عدم المغادرة والعودة، بسبب المسافات البعيدة التي يقطعونها مشيًا من أجل الوصول لنقطة المساعدات.

"عذبوني وشتموني بألفاظ نابية، ثم سكبوا الكولا على وجهي وهم يضحكون"،، يروي الشاب محمد تيم يوم وليلة من التعذيب في "الجورة".

كان عدد الجنود كثير حينما حاصروا المحتمين في "الجورة"، والذين لم يشعروا أو يُدركوا كيف وصل هؤلاء إليهم، بينما طائرة "كواد كابتر" تحوم من فوقهم، مطلقة الرصاص على كل من يتحرك.

تفاصيل مروعة 

يروي القاصر إبراهيم موسى تفاصيل مؤلمة "حاصرونا وطلبوا منا خلع ملابسنا وأطلقوا الرصاص فوق رؤوسنا وقالوا لنا من يتحرك سنقتله".

يضيف "أغمضوا أعيننا وصاروا يضربوننا بشكل مهين في كل مكان، وتركونا هكذا من الظهر حتى المغرب".

ولأن "الجيش النازي" يعلم يقينًا أن هؤلاء الشبان مجوعين، أخذ جنوده بإخراج أنواع مما تشتهي الأنفس من الطعام والمشروبات.

يقول موسى "رفعوا عن أعيننا الأغطية، وإذ بهم يتناولون الطعام، ويسكبون منه على أجسادنا، ويضحكون بشكل حقير، ثم كتبوا على أيدينا كلام بالعبري ورسموا شعار لا نعلم معناه".

وبعد ليلة من العذاب، طلب الجنود من الشبان المغادرة وهو رافعين أيديهم، دون أن يسمحوا لبعضهم بأخذ ملابسهم وأغراضهم، وكانوا يرفعون الأسلحة ويقولون "غادروا ومن ينظر خلفه سيُقتل".

وفي الوقت الذي ينجو فيه بعض منتظري المساعدات، بعد التعذيب والإهانة التي تعرضوا لها، يعتقل جنود الاحتلال عدد آخر، ما زال مغيب في السجون، يتعرض لأعتى أساليب التعذيب، كما تؤكد هيئات مختصة بشؤون الأسرى والمحررين.

وتحدث كل هذه الممارسات على مرأى من عناصر نقطة التوزيع الأمريكيين، ما يؤكد أن هذه النقاط مجرد مصائد للاعتقال والتعذيب والتجويع، والقتل قبل كل ذلك.

ويرتكب جنود الاحتلال مجازر يومية بحق منظري المساعدات في نقاط التوزيع التي تحولت لـ"مصائد موت".

وقتل جيش الاحتلال الإسرائيلي ما يزيد عن 995 مواطنًا وأصابة ما يزيد عن 6011 آخرين، فيما لا يزال 45 مفقودين، وذلك منذ تاريخ 27 مايو 2025م.

وتؤكد شبكة المنظمات الأهلية والمرصد الأورومتوسطي، أن ما يسمى مؤسسة غزة الإنسانية GHF والشركة الأمنية الأمريكية شركاء للاحتلال في إنشاء مصائد الموت للغزيين، وفي تنفيذ مخططات الاحتلال التي تهدف إلى تهجيرهم عبر مخطط اقامة مدينة لتحميعهم جنوبي القطاع، وتعميق الكارثة الإنسانية التي يعيشها.

ومنذ أكتوبر للعام 2023 ترتكب "إسرائيل" بدعم أمريكي، حرب إبادة جماعية وجريمة تجويع، أدت لاستشهاد ما يزيد عن 59,821 شهيدًا بالإضافة لـ 144,851 إصابة، وما يزيد عن 14 ألف مفقود تحت الأنقاض.

مقالات مشابهة

  • "الجورة".. كلمة سر "النجاة" لمنتظري المساعدات تتحول لـ"قبو تعذيب"
  • لحظات كادت أن تتحول إلى كارثة
  • هل تتحول أفريقيا إلى مكبّ بشري للمبعدين من أميركا؟
  • ضمن جرش الـ39 “أنا كارمن” عندما تتحول خشبة مسرح المونودراما إلى مرآة نسوية صادقة
  • دراسة رائدة تكشف عن السبب الذي يجبر الدماغ على النوم
  • ما معنى قهر الرجال الذي استعاذ منه النبي؟.. الإفتاء تجيب
  • سمر الشهوان: المواطَنة الصّلبة والحداثة السائلة!
  • هدية قطرية غير مشروطة .. طائرة بوينغ تتحول إلى رئاسية لترمب وتكلفة ضخمة للتحديث
  • موسيقى زياد الرحباني.. حين تتحول النغمات إلى منشور سياسي غاضب
  • وجه جورج وظهر حنظلة