بغض النظر عن أى تحفظ لك أو لغيرك على طلب كريم خان المدعى العام للمحكمة الجنائية الدولية، إصدار مذكرة اعتقال بحق نتنياهو ووزير دفاعه جالانت، وضم الطلب ثلاث شخصيات من حماس هم السنوار ومحمد ضيف وهنية بتهم قيامهم بارتكاب جرائم حرب، فإن القرار فى النهاية رسالة للانهزاميين العرب بأن مواجهة إسرائيل والتضييق عليها فى الزاوية أمر ليس عسير بل ممكن.
فبعد سبعة شهور من الحرب على غزة لا يمكن وصفها سوى بأنها عملية إبادة ممنهجة، قد يبدو من الغريب أن يكتشف المواطن العربى أن مطاردة إسرائيل فى المحاكم الدولية ومواجهتها بجرائمها كان يفتقد الإرادة العربية. وكان من الغريب أن تصدت لهذه الخطوة دولة مثل جنوب افريقيا على نحو ما هو معروف منذ بدء الحرب على غزة.
ليس تبسيطا للأمور أو تسطيحا لها أن نقول إن ما يهمنا ليس هو اعتقال نتنياهو وجالانت بالفعل أم لا؟ فذلك أمر ربما يكون فى حكم التطورات المستقبلية فى ضوء ما أشار اليه كريم خان عن تلقيه تهديدات وأنه قيل له إن المحكمة بُنيت لإفريقيا وللبلطجية مثل (الرئيس الروسى فلاديمير) بوتين»، ولكن بالنسبة لنا المهم هو دلالات ذلك الطلب وتأثيراته. وهذا أمر يمكن للمراقب أن يلمسه بسهولة من ردود الفعل الإسرائيلية أو حتى الأمريكية. فالولايات المتحدة، تعتبر على لسان رئيسها بايدن أن طلب المدعى العام بشأن قادة إسرائيل «أمر شائن»، فيما قامت القيامة فى اسرائيل ولم تنتهِ بعد اثر الإعلان عن طلب المدعى العام، حيث استخدم المسئولون الإسرائيليون أقصى العبارات وأشد الانتقادات لحد اعتبار وزير الخارجية الإسرائيلى للطلب بأنه أمر فاضح! فيما اعتبره جانتس الوزير بحكومة الحرب الإسرائيلية تشويها للعدالة وإفلاسا اخلاقيا صارخا.
لكن المهم فى هذه الخطوة أنها فضحت فى تقديرنا النظام الدولى بأكمله وأنه ليس هناك مفهوم حقيقي للعدالة يتم العمل به فى سياق هذا النظام الأمر الذى يبدو من سياق مجمل المواقف الغربية والتى تأتى رغم حقيقة أن الدول الغربية ذاتها هى التى ساعدت على فكرة إنشاء المحكمة الجنائية الدولية، وشجعت على اعتقال ومحاكمة المسئولين عن جرائم الحرب والإبادة الجماعية، بل وسارعت، حسبما أشار البعض، إلى العمل على استصدار قرار من المحكمة باعتقال الرئيس الروسى بوتين بزعم ارتكاب جرائم حرب فى أوكرانيا، إلا إن موقفها من طلب المدعى العام للجنائية الدولية باعتقال قادة من إسرائيل يظل مثيرا للتساؤلات.
طبعا من حقنا كعرب أن نعلن تحفظنا على طلب المدعى العام على الخلفية ذاتها وإن فى الاتجاه المعاكس، باعتباره يساوى بين الضحية وهم الفلسطينيون والجلاد وهو إسرائيل، رغم اشارة البعض إلى أن النص الحرفى لطلب مدعى عام المحكمة الجنائية الدولية يذهب إلى حد أبعد من ذلك بادعائه أن حماس، وفق ما يحمّل مسئوليها، ارتكبت «إبادة»، يذكر ذلك نصًّا من دون أن يحدّد ما هى الأفعال التى ارتكبتها حماس وتوصف بجرائم إبادة، فيما يغيب هذا التوصيف الحرفى عن ادّعاءاته بحق قادة الاحتلال. وفى كل الأحوال يجب التمسك بالأمل بل والعمل على أن يأخذ طلب المدعى العام طريقه إلى التنفيذ، ليبقى نتنياهو وجالانت فى حالة من القلق باعتبارهما هاربين من العدالة الدولية.
[email protected]
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: د مصطفى عبدالرازق تأملات كريم خان المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية حماس جرائم حرب
إقرأ أيضاً:
شكوى امام المحكمة الدولية تتهم الشرع بارتكاب جرائم ضد الإنسانية
مايو 23, 2025آخر تحديث: مايو 23, 2025
المستقلة/- ذكرت إذاعة “راديو فرنسا” الجمعة، أن “التحالف الفرنسي-العلوي”، الذي يضم شخصيات من مختلف الطوائف السورية، قدم شكوى أمام المحكمة الجنائية الدولية (CPI) تستهدف رئيس سوريا للمرحلة الانتقالية أحمد الشرع، بتهمة ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.
فيما يعود للمدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية قرار متابعة الملف أو إغلاقه، في ظل الاتهامات الموجهة إلى الشرع الذي تولى الحكم خلفاً لبشار الأسد بعد سقوط نظامه في ديسمبر الماضي واستيلاء المعارضة المسلحة بقيادة هيئة تحرير الشام “النصرة” سابقا على السلطة في دمشق.
وتتهم الشكوى، التي تم تقديمها إلى نيابة المحكمة الجنائية الدولية، الرئيس السوري الانتقالي وقيادات عسكرية مرتبطة به بالمسؤولية عن مجازر دامية وقعت في مارس ومايو الماضيين، وأسفرت عن مقتل ما بين 1700 و2000 مدني، من ضمنهم أفراد من الأقليات الدينية والعرقية في البلاد.
وقالت لينا بيرون، من اللجنة القانونية التابعة للتحالف: “هذه الشكوى هي باسم الشعب السوري. التاريخ سيذكر أنه كان يعلم ولم يحرك ساكناً، أو أسوأ من ذلك، أنه أمر بما حدث”.
وأوضح محامي التحالف، بيدرو أندوجار، أن الاتهامات مدعومة بأدلة مصورة، بما في ذلك مقاطع فيديو توثق تحركات الوحدات العسكرية قبل وبعد المجازر، مشيراً إلى وجود مئات الغيغابايت من المواد الرقمية كأدلة إدانة.
ويطالب المقدّمون بالتحقيق الفوري مع الشرع وقيادته، في إطار الجرائم المنصوص عليها في النظام الأساسي لروما، سواء باعتبارها جرائم إبادة جماعية أو جرائم ضد الإنسانية، مؤكدين أن هذه الخطوة تأتي لمنع تكرار مثل هذه الجرائم وإرسال رسالة واضحة إلى كل من يعتقد بأنه فوق القانون.
المصدر:يورونيوز