ارتفاع درجة حرارة المحيطات.. هل وصلنا إلى نقطة تحول مناخي؟
تاريخ النشر: 30th, July 2025 GMT
صفا
في عام 2023 لم يكن وضع المحيطات طبيعيا، فقد ارتفعت حرارتها بشكل مفرط وظلت كذلك حتى الآن، وساهمت في احترار الكوكب بأكمله تقريبا، وبحسب العلماء لم يكن الأمر مجرد ارتفاع في درجة الحرارة، بل قد يكون ذلك بداية لشيء أكبر يشمل تغييرا في آلية عمل مناخ الأرض.
وكشفت دراسة جديدة أن موجات الحر البحرية لعام 2023 حطمت كل الأرقام القياسية المعروفة، إذ كانت أقوى وأطول، وغطت مساحات أكبر من أي وقت مضى، كما لم تكن موجة واحدة، بل كانت موجات عديدة متداخلة وممتدة.
ولا تعد موجات الحر البحرية مجرد بقع دافئة في البحر، بل هي ارتفاعات حادة وممتدة في درجة حرارة البحر قد تستمر لأشهر وتأثيرها مدمر، إذ تقتل الشعاب المرجانية وتطرد الأسماك وتعطل مصائد الأسماك بأكملها.
وبسبب تغير المناخ الناجم عن أنشطة الإنسان أصبحت هذه الأحداث أكثر تواترا وأكثر شدة.
ووفقا للدراسة، شهد 96% من سطح المحيطات العالمية موجات حر، وتحملت مناطق مثل شمال الأطلسي وشمال المحيط الهادي والمناطق الاستوائية فيه وجنوبه الغربي أسوأ آثارها، وشكلت هذه المناطق مجتمعة 90% من ارتفاع حرارة المحيطات غير الاعتيادية.
واستمرت موجة الحر في شمال المحيط الأطلسي 525 يوما، بدءا من منتصف عام 2022 ولم تهدأ، كما شهدت منطقة جنوب غرب المحيط الهادي موجة حر بحرية واسعة النطاق وممتدة حطمت الأرقام القياسية السابقة.
كما جاءت ظاهرة النينيو في شرق المنطقة الاستوائية بالمحيط الهادي، حيث بلغت درجات حرارة المحيط هناك ذروتها عند 1.63 درجة مئوية فوق المتوسط.
وبالنسبة للحياة البحرية وهذا النوع من الحرارة يمكنه أن يغيّر كل شيء، بما في ذلك الحركة والتكاثر والبقاء.
ومن خلال تقنية تتبع انتقال الحرارة عبر الطبقات العليا من المحيط وجد الباحثون أسبابا متعددة لموجات الحر البحرية لعام 2023، ففي بعض المناطق قلّت الغيوم، مما سمح بوصول المزيد من أشعة الشمس إلى المياه.
وفي مناطق أخرى أدى ضعف الرياح إلى قلة اختلاط المياه، مما تسبب في ركود المياه الدافئة.
كما تحولت تيارات المحيطات أيضا عن أنماطها المعتادة، مما أسهم في زيادة تراكم الحرارة، وبذلك تختلف الأسباب باختلاف الأماكن، لكنها جميعها تؤدي إلى نفس النتيجة: محيطات ظلت ساخنة لفترة طويلة جدا.
نقطة تحول خطيرة
تلعب المحيطات دورا مهما في تنظيم المناخ على الكوكب، إذ تمتص 90% من الحرارة الزائدة، و23% من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون الناجمة عن الأنشطة البشرية، كما تعد مصدر 85% من بخار الماء في الغلاف الجوي وتنتج 50% من الأكسجين الذي نحتاجه.
وتشير الدراسة إلى أن الأعاصير المدارية الشديدة في عام 2023 مثلت تحولا جوهريا في ديناميكيات المحيط والغلاف الجوي، وقد تعمل بمثابة تحذير مبكر من نقطة تحول وشيكة في نظام مناخ الأرض.
وتعني نقطة التحول المناخي تجاوز عتبة لا يستطيع فيها النظام التعافي بمفرده، وبالنسبة للمحيطات قد يؤدي ذلك إلى موجات حر أكثر تواترا، وانهيار شبكات الغذاء، وتناقص أعداد الأسماك وتدمير الشعاب المرجانية جراء ذات الأهمية البالغة في النظم البيئية البحرية جراء تحمض المياه.
كما لن يقتصر التأثير على البحار، فالمحيطات الدافئة تحتفظ بكمية أقل من الأكسجين، مما يعيق تبادل الحرارة والرطوبة مع الغلاف الجوي، ويؤدي ذلك إلى تفاقم الأحوال الجوية المتطرفة، مما يؤثر على كل شيء، من العواصف والأمطار إلى الجفاف على اليابسة.
وبحسب الباحثين، فإن أحداث عام 2023 تسلط الضوء على التأثيرات المتزايدة للمناخ الحار والتحديات في فهم الأحداث المتطرفة، ويواجه العلماء مهمة عاجلة تتمثل في مراقبة مدى تكرار حدوث هذه الظواهر وكيف تتطور بمرور الوقت.
ويحتاج ذلك -حسب الدراسة- إلى بيانات عالية الدقة ومعالجة أسرع ونماذج قادرة على التنبؤ بشكل أفضل بهذه التغيرات المعقدة في مختلف المناطق، حيث يمكن للمجتمعات التي تعيش خاصة في المناطق الساحلية أن تستعد لمزيد من الاضطرابات المتكررة في النظم البيئية البحرية.
وتشير الدراسات إلى أن مستقبل المناخ العالمي يعتمد بشكل كبير على سلامة المحيطات وقدرتها على الاستمرار في أداء وظائفها الطبيعيىة، لكن الصراع على الموارد وتصريف النفايات -خصوصا البلاستيكية- وكلها عوامل تسرع من احترار المحيطات وتحمضها وتعجل بنقطة تحول مناخي هي الأخطر على الكوكب.
المصدر: الجزيرة
المصدر: وكالة الصحافة الفلسطينية
كلمات دلالية: حرارة ارتفاع محيطات تحول مناخي نقطة تحول عام 2023
إقرأ أيضاً:
تابع زلازل المحيطات الأخطر.. كيف تحدث موجات تسونامي العاتية؟
مع أن موجات تسونامي أو أمواج المد العاتية نادرة الحدوث، فإن لها عواقب مدمرة. ففي القرن الماضي حدث 58 تسونامي فقط، لكنها أودت بأكثر من 260 ألف شخص. وفي المتوسط تسببت كل كارثة في وفاة 4600 شخص، وهو ما يفوق أي خطر طبيعي آخر حسب منظمة الأمم المتحدة.
وليست هناك علاقة مباشرة بين الزلازل أو موجات تسونامي مع التغير المناخي. لكن في القرن الحالي، زادت الخسائر بشكل كبير، ففي ديسمبر/كانون الأول 2004 أدى تسونامي بالمحيط الهندي إلى أكبر عدد من الوفيات تلك الفترة وتسبب ما يقدر بـ 227 ألف حالة وفاة في 14 بلدا، حيث كانت إندونيسيا وسريلانكا والهند وتايلند الأكثر تضررا.
اقرأ أيضا list of 3 itemslist 1 of 3علماء يحذرون من تأثير التغير المناخي على زيادة خطر الزلازلlist 2 of 3"شيء كبير قريب".. لم ارتفعت أعداد الزلازل مع الزمن؟list 3 of 3ما علاقة الزلازل بالأنشطة البشرية والتغير المناخي؟end of listوعام 2011، ضرب زلزال بقوة 9 درجات سواحل اليابان وغمرت موجات تسونامي سواحل شمال وشرقي البلاد مخلفة أكثر من 18 ألف قتيل ومفقود، وكارثة بيئية مدمرة بسبب انفجار مفاعل نووي لتوليد الطاقة في منطقة فوكوشيما.
وعقب الزلزال بقوة 8.8 درجات على مقياس ريختر -الذي ضرب اليوم الأربعاء شبه جزيرة كامتشاتكا قبالة الساحل الروسي- تشكلت موجات تسونامي في بعض سواحل المحيط الهادي، خصوصا جزر الكوريل الروسية والجزيرة الشمالية الكبرى لليابان هوكايدو، ووصلت إلى بعض سواحل كاليفورنيا بالولايات المتحدة.
كما انطلقت صفارات التحذير في عدة دول، وطُلب من السكان التوجه إلى مناطق مرتفعة. ومن جانبها حذرت كل من إندونيسيا والمكسيك والإكوادور من تشكل موجات تسونامي، ولم يتم حصر الخسائر بعد.
تشير كلمة تسونامي اليابانية إلى الأمواج العاتية وغير الطبيعية، وتعني مفردة "تسو" الميناء، أما "نامي" فتعني موجة. وهي موجات ضخمة تنشأ بفعل اضطرابات تحت الماء ولها علاقة مع الزلازل التي تحدث في الأسفل أو بالقرب من المحيط.
إعلانويمكن أن تتسبب ثوران البراكين والانهيارات الأرضية الغواصة، وتساقط الصخور الساحلية أيضا، في توليد موجات المد العاتية، كما يمكن لكويكب كبير أن يؤثر على المحيط. إنها تنشأ نتيجة الحركة العمودية بقاع البحر والتي تتسبب في نزوح الكتلة المائية.
وتظهر موجات تسونامي في كثير من الأحيان كجدران من الماء ويمكن أن تهاجم الشاطئ وتصبح خطرة لعدة ساعات، مع قدوم موجات كل 5 دقائق إلى 60 دقيقة، ويختلف ارتفاع الموجات المد البحري حسب أسبابها.
وقد لا تكون الموجة الأولى هي الأكبر، ولكن غالبا ما تكون الثانية أو الثالثة او الرابعة أو حتى الموجات اللاحقة هي الأكبر. وبعد أن تفيض موجة واحدة، أو تفيض في المناطق البرية، فإنها تتراجع باتجاه البحر في كثير من الأحيان بقدر ما يمكن للشخص أن يرى ذلك، وبالتالي يصبح قاع البحر معرضا للخطر أو مكشوفا.
وبعد ذلك تندفع الموجة المقبلة إلى الشاطئ خلال دقائق، وتحمل في طياتها الكثير من كتل الحطام العائمة التي دمرتها موجات سابقة.
تعد الزلازل من أهم أسباب حدوث موجات تسونامي، وتولد الزلازل عن طريق تحركات على طول الصدوع المرتبطة بحدود الصفائح التكتونية، وتحدث معظم الزلازل القوية في مناطق الاندساس حيث تنزلق شرائح لوحة المحيط تحت الصفيحة القارية أو لوحة محيط أصغر. ولا تتسبب كل الزلازل في حدوث تسونامي. فهناك 4 شروط لازمة لتتسبب الزلازل في حدوث تسونامي:
– أن يحدث الزلزال تحت المحيط أو نتيجة انزلاق المواد في المحيط.
– أن يكون الزلزال قويا، أي ما لا يقل عن حجم 6.5 درجات على مقياس ريختر.
– أن يمزق الزلزال سطح الأرض، وأن يحدث في عمق ضحل أي أقل من 70 كيلومترا تحت سطح الأرض.
– أن يتسبب الزلزال في حركة عمودية لقاع البحر (تصل إلى عدة أمتار).
من الممكن أن يجبر الانهيار الأرضي الذي يحدث على طول الساحل كميات كبيرة من المياه باتجاه البحر، مما يتسبب في إخلال حركة المياه وبالتالي توليد تسونامي. ويمكن أيضا أن تؤدي الانهيارات الأرضية تحت الماء لموجات تسونامي عندما تتحرك المواد العائمة جراء الانهيارات الأرضية بعنف، مما يدفع الماء أمامها.
الثورات البركانيةعلى الرغم من ندرتها نسبيا، تتسبب الثورات البركانية العنيفة أيضا في تسريع الاضطرابات، والتي يمكن أن تحل محل وحدات كبيرة من المياه وتوليد موجات تسونامي مدمرة للغاية في المنطقة المجاورة للمصدر.
ففي 26 أغسطس/آب 1883، تم تسجيل أكبر تسونامي وأكثرها تدميرا على الإطلاق بعد انفجار وانهيار بركان كراكاتوا بإندونيسيا. حيث ولد هذا الانفجار موجات وصلت طولها إلى 41 مترا تقريبا، ودمرت المدن والقرى الساحلية على طول مضيق سوندا في كل من جزيرتي جاوة وسومطرة، مما أسفر عن مقتل أكثر من 36 ألف شخص.
وقد تنشأ أمواج تسونامي أيضا جراء سقوط أجسام من خارج الأرض مثل الكويكبات والنيازك، وهو أمر نادر الحدوث للغاية. ولم يتم تسجيل تسونامي نتيجة نيزك أو كويكب بالتاريخ الحديث، لكن العلماء يدركون أنه في حالة اصطدام الأجرام السماوية هذه بالمحيط فإنها ستتسبب في موجات تسونامي عاتية.
ونظرا لخطورتها، حددت الجمعية العامة للأمم المتحدة يوم 5 نوفمبر/تشرين الثاني ليكون اليوم العالمي للتوعية بأمواج تسونامي، ودعت البلدان والهيئات الدولية والمجتمع المدني لإذكاء الوعي بأمواج تسونامي وتبادل الأساليب المبتكرة للحد من مخاطرها.
إعلانوعام 2022، دشن مكتب الأمم المتحدة للحد من مخاطر الكوارث حملة "اصعدوا إلى الأرض المرتفعة" (#GetToHighGround) للتوعية بمخاطر أمواج تسونامي، والتشجيع على المشاركة في التدريبات المتعلقة بأساليب الهروب من الأمواج على طول الطرق المحددة للإخلاء، مما يساعد المجتمعات على الاستعدادات للكوارث الطبيعية وبناء قدرتها على الصمود.
وأكدت هذه الحملة أن الموت بالأمواج ليس أمرا حتميا. فالإنذار والاستعداد المبكر أداتان ناجعتان في حماية الناس وصون الأنفس، والحيلولة دون تحول الأخطار إلى كوارث.
ولنجاعة تلك الأدوات، ينبغي أن تشمل أنظمة الإنذار المبكر من أمواج تسونامي كل من يمكن أن يكون معرضا لمخاطرها، فضلا عن ضرورة أن تكون تلك الأنظمة قادرة على الإنذار من مخاطر متعدة، كما ينبغي أن تكون المجتمعات المعنية على أهبة الاستعداد لتستطيع التصرف بشكل سريع.