القانون الدولي العام.. إجراءات ونصوص لتنظيم العلاقات بين الدول والمنظمات
تاريخ النشر: 4th, June 2024 GMT
القانون الدولي العام هو قانون وضع لتنظيم العلاقات بين الدول والمنظمات، ووجدت بوادره قديما منذ بدء ظهور الدول والممالك، وتطور على نحو كبير في القرن الـ20 ودوّن بعد الحرب العالمية الثانية، ويستقي قواعده من مجموعة من المصادر المتعارف عليها الأساسية والفرعية، ويتطور وفقا لحاجة المجتمعات والدول، ويعد القانون الدولي الإنساني جزءا منه.
يُعرّف القانون الدولي العام بأنه "مجموعة القواعد القانونية التي تحكم العلاقات بين الدول والمنظمات الدولية والأشخاص الاعتباريين المعترف بهم دوليا"، ويطلق عليه اختصارا اسم "القانون العام".
طبيعة القانون الدولي العاميختلف القانون الدولي العام عن القوانين الداخلية للدول بمجموعة من النقاط، وفق ما ورد في كتاب مبادئ القانون الدولي، الإصدار الخاص بدولة قطر.
ومن أهم هذه النقاط:
لا يتمتع بسلطات تشريعية أو تنفيذية أو قضائية مركزية. المصدر الرئيسي له: المعاهدات والقرارات الملزمة للمنظمات الدولية والقانون العرفي. يمكن تنفيذه من قبل جهة واحدة أو ما يعرف باسم "التنفيذ الأحادي"، ردا على فعل غير مشروع دوليا. تخضع العلاقات القانونية بين الدول لمبدأ المساواة في السيادة. يحكمه مبدأ المعاملة بالمثل، وهو طابع تعاقدي عرفي. التاريختعود بوادر القانون الدولي إلى زمن قديم، إذ ظهر في الدولة الفرعونية عدد من مبادئه، وتندرج معاهدة السلام التي وقعتها الدولة المصرية الحيثية عام 1259 قبل الميلاد تحت القانون الدولي.
وتعد الآليات التي اتخذتها المدن الإغريقية في حل الخلافات بينها وتنظيم التعاملات من أشكال القانون الدولي.
وفي بداية العهد الإسلامي، ظهرت عدد من المعاهدات الدولية التي اعتاد العرب والدول المجاورة لهم الالتزام بها منها: قواعد الحرب، وعقد الصلح، ومنح الأمان للرسل، وعقد الاتفاقات بين الدول والمجتمعات، والمعاهدات الخاصة بتحالفات الحروب والسلم وغيرها.
إلا أن معظم هذه القواعد والقوانين لم تكن ملزمة، بل هي متعارف عليها، ولذا فقد تعرضت لخروقات، وتجاوزات قامت بها الأطراف الأقوى على حساب الأضعف من دون قدرة هذه الأخيرة على الرد.
لكن ظهور القانون الدولي بشكل منظم وواضح يعود إلى القرن الـ20، لا سيما بعد الحرب العالمية الأولى والحرب العالمية الثانية، إذ جاء نتيجة إدراك الدول أهمية وجود ما يمنع حدوث حروب ونزاعات وصراعات تؤدي بها إلى ويلات، وصراعات وخسارات.
ومن أهم المراحل التي مرّ بها القانون الدولي في فترة تطوره:
مرحلة ما قبل سلام وستفاليا عام 1648: وشهدت هذه المرحلة بعض التطورات في المعاهدات الدولية، والحصانات الدبلوماسية، وبعض قوانين البحر والتجارة. الفترة ما بين 1648-1850: وتميزت هذه المرحلة بتطوير القانون الدولي نتيجة تطور الدولة، ونمت قضية ترسيم الحدود، وأخذت طابعا دوليا ولها اختصاص قضائي متبادل بين الدول. ما بعد عام 1850: وأُنشئت في هذه الفترة المنظمات الدولية، كما وضعت إجراءات لتسوية النزاعات بين الدول، ودوِّن القانون الدولي العرفي على شكل معاهدات دولية، وأصبحت واحدة من مصادر القانون الدولي.وساعد وجود بعض المنظمات الإقليمية الدولية في تبني القانون الدولي عالميا، وتطبيق آلياته، وتنفيذ أحكامه، فشهد العالم ظهور مؤسسات دولية مثل:
محكمة العدل الدولية. مجلس الأمن الدولي. الجمعية العامة للأمم المتحدة. تدوين القانون الدوليأسست الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1947 لجنة القانون الدولي، بهدف تطويره وتدوينه، وتتألف اللجنة من 34 عضوا يعملون خبراء في المجال بصفتهم الشخصية ولا يمثلون دولهم، وتمثل معظم عمل اللجنة في إعداد المسودات التي تغطي القانون الدولي، وحين تنتهي من موضوع معين تدعو الجمعية العامة الدول إلى عقد مؤتمر للمفوضين لتحويل المشروع إلى اتفاقية أو قرار.
ومن هذه القرارات التي تم الاتفاق عليها، وفق موقع الأمم المتحدة:
اتفاقية منع الجرائم ضد المتمتعين بحماية دولية، واعتمدت عام 1973. اتفاقية قانون المعاهدات بين الدول والمنظمات واعتمدت عام 1986. اتفاقية قانون استخدام المجاري المائية لهدف غير ملاحي، واعتمدت عام 1997. مجالات فرعية للقانون الدوليينقسم القانون الدولي إلى مجالات فرعية، وفق كتاب "مبادئ القانون الدولي"، وهي:
مجالات تقليدية: وتشمل القانون الدبلوماسي وقانون الحرب، والذي يضم القانون الدولي الإنساني، وقانون البحار. مجالات حديثة: مثل القانون البيئي الدولي، القانون الاقتصادي الدولي، والقانون الجنائي الدولي. مجالات متخصصة: بعضها لها ولاية قضائية مستقلة، مثل: قانون المنظمات الدولية، وقوانين الاتحاد الأوروبي، وقانون منظمة التجارة العالمية، والقانون الجوي والفضائي، وقانون حقوق الإنسان. قوانين موازيةتحيط بالقانون الدولي قوانين موازية ترتبط به ارتباطا قويا إلا أنها ليست جزءا منه، وهي:
القانون الدولي الخاصوهو "قانون ينظم العلاقات القانونية العابرة للحدود بين أشخاص القانون الداخلي. لتحديد أي القواعد القانونية الأصلح للتطبيق على العلاقة القانونية العابرة للحدود".
ويجب على المحكمة الوطنية اتخاذ القرار في: القانون الداخلي المطبق، والمحكمة المختصة بالقضية، ووسائل تنفيذ الأحكام. وقد يخضع القانون الخاص للمعاهدات الدولية.
قانون العلاقات العابرة للحدوديتشكل قانون العلاقات العابرة للحدود من تراكم أعداد من اتفاقيات السلام بين الدول والجهات الفاعلة من غير الدولة، كالمنظمات والشركات والحركات وغيرها.
توضع قواعد القانون الدولي العام من مصادره الأساسية وهي:
المعاهدات الدولية. العرف الدولي. المبادئ العامة للقانون. الأحكام القضائية. آراء فقهاء القانون. مصادر أخرى للقانونالمصادر الاحتياطية للقانون الدولي تتمثل في:
مبادئ القانون العامة: وهي مبادئ قد تكون مشتركة للقوانين الوطنية مثل مبدأ حسن النية في تنفيذ الالتزامات التعاقدية. أحكام المحاكم: وتشمل الأحكام الصادرة عن المحاكم الدولية والوطنية. الفقه الدولي: وهو مصدر وثيق الصلة بتطوير قواعد القانون الدولي. التصرف بالإرادة المفردة: ويقصد به إعلامات فردية في ظل ظروف معينة تلزم الدولة التي صدرت عنها، ومن أمثلته: حين صدرت شكوى من أستراليا ونيوزيلندا بشأن التجارب النووية الفرنسية، أعلن الرئيس الفرنسي إيقاف التجارب النووية، وعدّت محكمة العدل الدولية هذا الإعلان ملزما قانونيا لفرنسا. القرارات الملزمة الصادرة عن المنظمات الدولية: مثل قرارات مجلس الأمن بموجب المادتين 41، و42 من ميثاق الأمم المتحدة، والقرارات التي لا يكون لها تأثير إلا داخل المنظمة. القواعد الآمرة: وهي القواعد القانونية الدولية السامية التي لا يجوز الاتفاق على ما يخالفها، وتطبق على جميع الدول، مثل: مبدأ حظر استخدام القوة.وضعت مجموعة من المبادئ تنظم حالة التعارض بين مصادر القانون الدولي، وتنص على:
الأسبقية بالتطبيق للقواعد الآمرة، وأي قانون دولي يخالفها يكون باطلا. المعاهدات الدولية والعرف الدولي لهما سلطة متساوية، وعند التنازع يتم الاحتكام وفق المبادئ المتعارف عليها، وهي القانون الأحدث يسود على الأسبق، القانون الأكثر خصوصية له أسبقية التطبيق، القانون السابق الأكثر خصوصية يسود على اللاحق العام. مبادئ القانون العامة التي يشترط عدم مخالفتها للعرف الدولي والمعاهدات، مثل قوانين حق الأفراد في اللجوء للقضاء. القرارات الملزمة الصادرة عن المنظمات الدولية تعتبر مصدرا مهما لقواعد القانون الدولي، مثل قرارات مجلس الأمن الدولي. وينظر إلى الفقه وأحكام المحاكم باعتبارهما مصدرين احتياطيين للقانون الدولي، فلا يستطيع القاضي أن يستند في حكمه عليهما. التسوية القضائية للنزاعاتأنشئت محكمة العدل الدولية عام 1946 بهدف تسوية النزاعات بين الدول والمنظمات. ومنذ تأسيسها، نظرت في أكثر من 170 قضية.
وتهتم المحكمة بالخلافات الدولية المتعلقة بالشؤون الاقتصادية، وحقوق المرور، واستخدام القوة، وعدم التدخل بالشؤون الداخلية للدول، والعلاقات الدبلوماسية، والرهائن، وحق اللجوء، والجنسية.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات القانون الدولی العام المعاهدات الدولیة المنظمات الدولیة العابرة للحدود الأمم المتحدة مبادئ القانون
إقرأ أيضاً:
حتى بعد الوفاة.. المعاش يصل لمن يستحق دون عناء | بأمر القانون
أرسى قانون التأمينات والمعاشات الجديد قواعد متكاملة لحماية حقوق جميع أطراف العلاقة التأمينية، في خطوة تعكس توجه الدولة نحو بناء منظومة اجتماعية عادلة تضمن الكرامة الاقتصادية والاستقرار الأسري للعاملين بعد التقاعد، ولأسرهم حال الوفاة.
ويتبنى القانون فلسفة المزايا المحددة، حيث يتم تحديد ما يستحقه المؤمن عليه أو أسرته من معاشات بناءً على اشتراكات تمويلية مسبقة، مع توحيد قواعد التأمين الاجتماعي في قانون واحد، بدلاً من التشريعات المتعددة التي كانت تخلق تعقيدًا في التطبيق، وذلك بما يتوافق مع مواد الدستور التي تضمن الحماية الاجتماعية الشاملة.
ينص القانون على أن للمستحقين عن المؤمن عليه أو صاحب المعاش -في حال وفاته- الحق في تقاضي معاش شهري، وفق جدول مُرفق بالقانون، يشمل فئات محددة هي: الأرمل أو الأرملة، الأبناء، البنات، الوالدين، الإخوة والأخوات، بشرط استيفائهم لشروط الاستحقاق وقت الوفاة.
وتشمل الشروط العامة:
توثيق الزواج بالنسبة للأرمل أو الأرملة.
عدم زواج الإبنة.
ألا يتجاوز عمر الإبن 21 عامًا، مع استثناء الطلاب والعاجزين عن الكسب.
إعالة الأخ أو الأخت من قبل صاحب المعاش شرط أساسي للاستحقاق.
تحديد أولويات الاستحقاق حال وجود أكثر من معاش
وحرصًا على تحقيق العدالة، حدّد القانون أولويات صرف المعاش حال استحقاق أكثر من معاش، بحيث يُصرف المعاش الأعلى فقط، وفق ترتيب: المعاش عن النفس، ثم عن الزوج/الزوجة، ثم الوالدين، فالأولاد، وأخيرًا الإخوة والأخوات.
ويضمن القانون عدم الإضرار بالمستحق، حيث يُصرف الفرق بين المعاشين حال كان أحدهما أعلى، مع إعادة تقييم دوري للحالات حسب التغيرات في القيم أو الحالة الاجتماعية.