سودانايل:
2025-05-23@20:11:13 GMT

معادلات السياسة بين الثورة و الحرب

تاريخ النشر: 4th, June 2024 GMT

زين العابدين صالح عبد الرحمن
الواقع التاريخي و الاجتماعي للبشرية يقول أن أعلى درجات العنف في المجتمعات هي الحروب و ليست الثورة، و الأخيرة يمكن أن تتحول إلي حرب، و تخلق واقعا مغايرا تماما للذي كان قبل الثورة، في الأجندة و المطالب و حتى في الشعارات، و الحرب مادامت تمثل أعلى درجات العنف في المجتمع لا تتوقف لكي تتحول إلي ثورة، فالذين يعتقدون أن الحرب المستمرة في السودان سوف تتحول إلي ثورة لكي تحقق لهم الشعارات التي يبشرون بها، هذا الاعتقاد يعتبر محاولة لخلق وهم سياسي وسط قلة محدودة، و هذا الاعتقاد لا مكان له وسط الطليعة الاجتماعية التي تملك "الوعي و إدارة الصراع" لأنهم يعلمون أن الحرب سوف ينتج عنها عنصرين مهمين في مسيرة العمل السياسي " العنصر الأول سوف تخلق أجندة جديدة مغايرة تماما للتي كانت سائدة قبل الحرب.

. و الثاني سوف تبرز قيادات جديدة لها دعم اجتماعي تكتسبه من خلال دورها في الحرب" هذه المتغيرات إذا لم تراعيها القوى السياسية لن تستطيع أن تحجز لها مكانا في المسرح السياسي بعد الحرب..
أن المنتصر في الحروب هو الذي سوف يكتب التاريخ بعدها، و هو الذي سوف يضع أجندة مستقبل البلاد، و يكشف عن القوى التي كانت سببا فيها، و هو سوف يصبح صاحب الكلمة العليا بسبب التحولات التي حدثت في المجتمع تأييدا له و حملت معه السلاح، و قاتلت معه كتفا بكتف، و هذا ليس إحباط للناس لكنه الواقع، فأهم عامل في السياسة معرفة المتغيرات في الواقع و دراسته، و يجب معرفة المكنزمات المحركة له، فالسياسي يجب أن لا يقفز على الواقع، و يضع افتراضات من الخيال، بل لابد من تشريح الواقع حتى يعرف كيف يتعامل معه حاضرا و مستقبلا.. هناك بعض القوى السياسة و النخب الذين يبشرون أنهم سوف يسيرون في خط الثورة و عدم الانحراف عنه، هذا التعهد كان يجب أن يكون بعد انتصار الثورة و يجعلونه مشروعهم السياسي، لكن بعد فشل هذه النخبة عن انجاز شعارات الثورة لا تعد وعودهم صالحة لصناعة المستقبل.. هي محاولة لتبرئة الذمة من الذي حدث، و لكنهم على قناعة أن عجلة التاريخ لا تعود للوراء مرة أخرى..
كما ذكرت تكرار في المقالات أن " الشعار" لا يصبح بديلا عن الفكرة، فالأفكار هي التي تغير الواقع، و إذا أحسنت النخب السياسية التعامل معها، و أجادوا إدارتها.. و دائما تجهض الأفكار؛ إذا كانت القيادات التي تتولى تنفيذها ذات قدرات متواضعة، و قليلة التجربة في الإدارة و الخبرة السياسية، و أيضا تعاملت معها بإنتهازية، أي يخاطبون الناس بأنهم يريدون تنفيذها، و هم يخططون لتنفيذ مصالح أخرى أقل منها شأنا.. فإذا كانت النخب السياسية تحترم الشعب يجب عليهم أحترام خياراته.. و الحرب الدائرة الآن فرضتها تناقضات السياسة، و عدم التعامل معها بعقلانية.. خاصة أن الرهان حتى اليوم عند أغلبية القيادات السياسية ليس رهانها على الشعب، و مايزال رهانها على الخارج بأن يصبح لها رافعة للسلطة.. و السؤال هل الخارج سوف يصبح هو القوى التي سوف تشكل توازن القوى في المجتمع؟ إذا كانت هناك إمكانية لفعل ذلك؛ كانت نجحت في فيتنام و أفغانستان و العراق و لم تفر أمريكا تاركة أدواتها تواجه مصيرها في تلك الدول، الشعب وحده هو الذي سوف يشكل توازن القوى في المجتمع، و يضغط لفرض أجندته، و الآن تغيرت المعادلة السياسية، و الذي يريد الثور يجب عليه أن يبدأ التحضير لها لكي تنجح من خلال أجيال جديدة لم تحضر الحرب، و لا سلبيات مرحلة الفترة الانتقالية...
فالواقع السياسي يفرض على النخب السياسية قراءة تاريخ الثورة و الانتفاضة في السودان، و لماذا كان التباعد بينهما دائما و يتم تنفيذها بقيادات جديدة؟ عندما تفشل القيادات السياسية في انجاز شعارات الثورة يصيب الإحباط قيادات الثورة و خاصة الشباب، و يصعب أن تقنعهم أن يثوروا مرة أخرى، و يقدموا ذات التضحيات، و لكي تعود ذات القيادات التي عجزت عن تحقيق الشعارات. لذلك تنتظر المجتمعات حتى تأتي أجيال جديدة لكي تتولى زمام الأمر.. و التاريخ يقول قد حدث التجديد في قيادات ثورة أكتوبر و في انتفاضة إبريل و في ثورة ديسمبر.. و أيضا أنظر إلي الفارق الزمني بين كل واحدة و أخرى بسبب الحاجة لتجديد الأجيال.. فالذين يعتقدون أنهم يريدون إعادة العجلة للوراء لكي يبدأون عندما توقفوا هم يطاردون السراب. لكن يستطيعوا أن يغيروا اجندتهم حتى تتماشى مع متغيرات الواقع، حتى يستطيعوا أن يخلقوا منافذ جديدة للحوار بأجندة جديدة..
أن الحرب هي أعلى مراحل النزاعات في المجتمعات، و هي المناط بها أن تخلق واقعا جديدا مغايرا للذي أدى إلي الحرب، و أن الحرب صنعت تحالفات جديدة في المجتمع، و أجندة و قيادات جديدة، و هؤلاء هم الذين سوف يضعون أجندة الحوار في المجتمع، و ليس هناك قوى تستطيع أن تبعدهم إذا كانت خارجية أو داخلية.. القيادات التي سوف تفرزها الحرب هؤلاء الذين يصنعون السودان الجديد.. أما المجتمع الدولي و الدول الأخرى أن كانت أمريكا و الغرب و بعض دول الإقليم الذين يتدخلون في شأن السودان الداخلي، هؤلاء يريدون الطمأنة على مصالحها حتى يستطيعوا تغيير مواقفهم.. و أقول؛ ليس بعد الحرب ثورة كما يعتقد بعض الذين لا يقرأون التاريخ.. فالذي يفرض شروطه لوقف الحرب على الأخر هو الذي سوف يشكل مستقبل السودان.. نسأل الله حسن البصيرة..

zainsalih@hotmail.com  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: فی المجتمع أن الحرب إذا کانت

إقرأ أيضاً:

تيتيه: المجتمع الدولي يعترف بحكومة الوحدة الوطنية رغم الاحتجاجات، وتشكيل حكومة جديدة يجب أن لا يكون أحاديا

قالت المبعوثة الأممية إلى ليبيا هانا تيتيه إن مجلس النواب حاول مرتين تشكيل حكومة جديدة بديلة عن حكومة الوحدة الوطنية ولكن لم يحظ بقبول كبير.

المبادرات الأحادية لن تنجح

ونوهت تيتيه في لقاء خاص مع قناة العربية الحدث إلى أن أية مبادرة جديدة يقوم بها أي طرف لا يجب أن تكون أحادية، باعتبار أن التجارب الماضية لم تنجح، مشددة على أهمية إجراء المشاورات بشأن السبيل التي يجب انتهاجها.

وأشارت تيتيه إلى أن المجتمع الدولي مازال يعترف بحكومة الوحدة الوطنية على الرغم من الاحتجاجات، قائلة: “نقر بأن حكومة الوحدة الوطنية تواجه مظاهرات ورفض من قبل المدنيين لا سيما في غرب البلاد، وفي طرابلس، وبالتالي هل هذا الوضع مثالي؟ كلا.. هل التفويض الأصلي الذي منح لحكومة الوحدة الوطنية، بنفس حكومة حماد، وعدم حصوله على اعتراف هل هذا هو الوضع؟ نعم”.

وأضافت تيتيه أن المضي في هذا المسار سوف يؤدي إلى المزيد من الانقسامات في ليبيا، واعتبرت أن الحل يكمن في إجراء عملية تشاورية والعمل على التوافق والاتفاق، لافتة إلى أن أي تحرك من قبل أي جهة يمكن أن يساعد في هذا الاتجاه.

كما وجهت تيتيه رسالة إلى مجلس النواب توصي فيها بضرورة احترام الإجراءات القانونية بالتعاون مع المجلس الرئاسي، وأن أي عملية يجب أن تكون شفافة، لتؤدي إلى حكومة ذات شرعية وتقبلها الأغلبية.

هل ليبيا مستعدة للانتخابات؟

وعن مسألة إجراء الانتخابات قالت تيتيه إن ليبيا ليست مستعدة لتنظيم انتخابات فوراً، لافتة إلى أن الهدف من نشر تقارير اللجنة الاستشارية، هو بناء توافق وإعداد آليات لإجراء انتخابات حرة وذات مصداقية.

وذكرت تيتيه أن الخيارات الممكنة لإجراء الانتخابات هي انتخابات رئاسية وبرلمانية، أو انتخابات برلمانية تمكن الأعضاء من النظر في صاغة دستور جديد للبلاد ومن ثم إجراء الرئاسية بعد المصادقة عليه، أو بدلا من الانتخابات يكون التركيز على صياغة الدستور، ثم بعدها تجرى الانتخابات.

وأوضحت تيتيه أنه في حال رفض الليبيين هذه الخيارات، سيُعاد إلى المادة الـ46 من الدستور وبدء حوار ليبي جديد، مبينة أن البعثة تعقد سلسلة اجتماعات تسعى فيها للحصول على آراء الشعب الليبي وما يرونه أكثر نجاعة لتوفير خارطة لانتخابات قادمة وفق تعبيرها.

كما أكدت تيتيه أنها على تواصل مع جميع الأطراف، لاستطلاع آرائهم والوصول إلى توافق، ثم تقدم هذه الأفكار للشعب الليبي ومجلس الأمن الدولي.

التوترات الأمنية والمظاهرات

وعن التوترات الأمنية في طرابلس، بينت تيتيه خلال مقابلتها أن البعثة أكدت الحاجة لإنهاء أعمال العنف وحماية المدنيين وضمان عدم تصعيد الصراع، مشيرة إلى أنه ستكون هناك مساءلة لأولئك الذين تصرفوا بطرق إجرامية، ولم يحترموا حقوق الإنسان وحماية المدنيين، وفق تعبيرها.

وأشارت تيتيه إلى دعم البعثة الأممية للمجلس الرئاسي في تشكيله لجنة تقصي حقائق بهدف منع التصعيد والمحافظة على وقف إطلاق النار.

وعن المظاهرات في العاصمة، أوضحت تيتيه أن البعثة ليست في موقف يتيح لها تقييم حجم هذه المظاهرات، مؤكدة أهمية الحق في التظاهر سلمياً، مع حماية حياة وممتلكات الناس.

كما حثت تيتيه الجهات الحكومية على احترام وحماية المدنيين وضرورة المحافظة على حق التظاهر السلمي دون عنف أو تخريب، وأنه ينبغي أن يكون التظاهر متاحا لكافة المواطنين إذا لم يكونوا راضين عن الطريقة التي تُدار بها الأمور، ولا يجب أن تكون هناك أعمال عنف خلال المظاهرات، ومن المهم أن تتم حماية حياة الآخرين وممتلكاتهم، وفق تعبيره.

المصدر: قناة العربية الحدث ” مقابلة خاصة “

الدبيبةهانا تيته Total 0 Shares Share 0 Tweet 0 Pin it 0

مقالات مشابهة

  • نحو مقاربة مختلفة لعلاقة المجتمع المدني بـمنظومة الاستعمار الداخلي
  • الحرب فرضت نفسها علي الواقع السوداني وكما ترون فقد تحولت البلاد الي حطام !!.. ما الذي قادنا الي هذا الوضع الكارثي ؟! الجهل هو السبب !!..
  • تيتيه: المجتمع الدولي يعترف بحكومة الوحدة الوطنية رغم الاحتجاجات، وتشكيل حكومة جديدة يجب أن لا يكون أحاديا
  • اقتصاد الظل في السودان: تحالفات الخفاء التي تموّل الحرب وتقمع ثورة التحول المدني
  • محمد موسى: الدولة كانت شريكًا في صناعة دراما هادفة.. واليوم تعود للمشهد
  • في هذه البلدة.. ساعة واحدة كانت كافية لإشعال أزمة بلدية جديدة
  • فينيسيوس يودع لوكا مودريتش: كانت كرة القدم التي تقدمها فنا
  • صحة غزة: 16 ألفا و503 أطفال استشهدوا بالقطاع جراء الحرب الإسرائيلية
  • سفير الاتحاد الأوروبي بالسودان لـ«التغيير»: وقف الحرب أولوية قصوى
  • خبير عسكري فلسطيني: القرار اليمني يفرض معادلات جديدة في المنطقة ويربك حسابات العدو الإسرائيلي