عندما قيل إن خطر الوجود السوري غير الشرعي في لبنان بهذا الشكل الفوضوي والكثيف هو خطر وجودي قامت قيامة البعض ولم تقعد. وعندما طالب بعض الذين أيدّوا قائل هذا الكلام بخطّة مبرمجة لإعادة النازحين إلى الداخل السوري، وهي مطلوبة من ثلاث جهات، لم يتجاوب الآخرون مع هذه المطالبة في شكل إيجابي، خصوصًا أن لدى هذا البعض بعض المؤهلات، التي تجعله مؤثّرًا في إمكانية الدفع في اتجاه هذه العودة، أيًّا يكن شكلها، ولكن بشرط أن تترافق مع مستلزمات الأمن والأمان لجميع العائدين، سواء إلى المناطق الخاضعة للدولة السورية، أو تلك الواقعة تحت سيطرة المعارضة بتلاوينها المتعدّدة.


أمّا الجهات الثلاث المطالَبة بتسهيل عودة آمنة للنازحين السوريين، سواء أكانوا شرعيين أو غير شرعيين، فهي: المجتمع الدولي، وبالأخصّ المجتمع الأوروبي، الذي عليه أن يتعامل مع هذا النزوح، وبهذا الشكل الكثيف والفوضوي، على أنه يشكّل خطرًا على استقرار دول الاتحاد بالقدر ذاته، الذي يهدّد استقرار لبنان. وقد جاء الاعتداء السافر على مقر السفارة الأميركية في منطقة عوكر لكي يؤكد المؤكد، ولكي يعيد تصحيح وجهة "البوصلة الأوروبية" بالنسبة إلى ملف النزوح، خصوصًا أن بعض عواصم دول هذا الاتحاد لا يزال يعتقد أن ما يقوم به لجهة تأمين المساعدات المادية للنازحين المسجّلين رسميًا في المفوضية العامة للاجئين يبعد عنه هذا الخطر، الذي بدأ يأخذ أشكالًا متقدمة.
فمسؤولية الاتحاد الأوروبي كبيرة جدًّا بالنسبة إلى ما يتهدّد لبنان من مخاطر داهمة، والتي سيكون لها تأثير مباشر على الاستقرار الأوروبي. وهذا ما سبق أن حذّر منه رئيس الحكومة نجيب ميقاتي في أكثر من مناسبة حين تحدّث عن أن عدم الاستقرار في لبنان بسبب النزوح السوري الفوضوي سينعكس سلبًا على استقرار الدول الأوروبية.
إلاّ أن ما صدر عن مؤتمر بروكسل من توصيات محبِطة يؤشّر إلى أن الأوروبيين لم يأخذوا التحذيرات اللبنانية على محمل الجدّ، واستمرّوا بالتعاطي مع هذا الملف الحسّاس بخّفة وسطحية على غرار ما تفعله النعامة عندما تطمر رأسها في الرمل اعتقادًا منها بأن بفعلتها هذه قد أبعدت الخطر عنها.
أمّا الجهة الثانية المسؤولة عن تسهيل العودة الآمنة للنازحين فهي السلطات السورية الرسمية المطلوب منها معالجات أكثر صرامة في ما يختص بالخطة التي تضمن هذه العودة مع صفر عقبات ومشاكل، وأن ربط هذه العودة بالوضع الاقتصادي السوري وبـ قانون قيصر" لن يفيد كثيرًا في المجال، الذي يسعى إليه لبنان، الذي يعاني اقتصاديًا أكثر بكثير مما تعانيه سوريا.
وتبقى المسؤولية الكبرى على المكونات السياسية، التي تبدو في الظاهر وفي العناوين متوافقة على ترحيل السوريين النازحين، أقّله النازحين غير الشرعيين في المرحلة الأولى، فيما هم مختلفون على التفاصيل الشيطانية، وذلك بعدما قامت الحكومة بما هو مطلوب منها على أثر التوصية التي صدرت عن مجلس النواب، على أن تبقى العين ساهرة على إمكانية لجوء بعض المنتمين من النازحين السوريين إلى تنظيمات إرهابية إلى القيام ببعض الاعمال التخريبية. وقد يكون الاعتداء على السفارة الأميركية عيّنة عمّا يمكن أن تقوم به عصابات الخلايا النائمة أو ما يُعرف بـ "الذئاب المنفردة" من عمليات إرهابية قد تطال المصالح الغربية في لبنان أو حتى تنفيذ عمليات عسكرية ضد مؤسسات لبنانية.
ولو لم يتحرّك الجيش بالسرعة المطلوبة لأمكن القول إن عناصر"داعش"، التي أُخرجت من باب "فجر الجرود" وقد عادت من طاقة المعابر غير الشرعية الممتدة على طول الحدود الشمالية والشرقية بين لبنان وسوريا، كانت لتنجح في ما هي مصممة عليه لجهة زعزعة الأمن الداخلي للبنان، الذي يواجه خطرًا محدقًا عبر بوابته الجنوبية، مستفيدة مما تعتقده، عن خطأ أو سوء تقدير، حال ضياع تعيشها الساحة اللبنانية الداخلية نتيجة تشرذم أهلها وعدم توافقهم على الاقدام على خطوة إنقاذيه أولى في مسيرة إصلاحية طويلة، لتكتشف أن الجيش والقوى الأمنية، وعلى رغم الضائقة الاقتصادية، كانت لها بالمرصاد، وأجهضت مخططاتها في مهدها قبل أن تتمكّن من الوصول إلى أهدافها الشيطانية.    المصدر: خاص "لبنان 24"

المصدر: لبنان ٢٤

إقرأ أيضاً:

المتحدث باسم الأمين العام لجامعة الدول العربية : نثمن الدور الذي قامت به قطر لإقرار وقف الحرب في قطاع غزة

ثمن جمال رشدي المتحدث باسم الأمين العام لجامعة الدول العربية، الدور الذي قامت به دولة قطر في المفاوضات التي جرت للتوصل إلى قرار وقف الحرب في قطاع غزة، مشيرا إلى أن قمة شرم الشيخ للسلام التي ستعقد في وقت لاحق اليوم تكلل مسيرة طويلة من المفاوضات الصعبة والشاقة في هذا الشأن.

وقال رشدي، في تصريحات لوكالة الأنباء القطرية "قنا": "إن قطر لعبت دورا مشهودا في الوساطة لوضع حد للحرب في قطاع غزة".. معتبرا في الوقت نفسه أن دور الوساطة كان صعبا وواجه عقبات خلال المفاوضات لدى الطرفين في التوصل إلى حلول وسط، لكن الوسطاء من دولة قطر ومصر أظهروا صبرا كبيرا ومثابرة من أجل الوصول إلى وقف نزيف الدم وإنهاء الحرب في قطاع غزة، بمساعدة الولايات المتحدة الأمريكية. 

وأضاف المتحدث باسم الأمين العام للجامعة العربية، أن هدف الوسطاء في دولة قطر ومصر والولايات المتحدة الأمريكية هو وقف هذه المذبحة، وصولا إلى حلول تحمي الفلسطينيين وتصوغ مسارا لتسوية سياسية لتحقيق وضع أفضل للفلسطينيين، لافتا إلى أن قمة شرم الشيخ للسلام تعد حدثا مهما جدا يكلل مسيرة طويلة عبر عامين من المفاوضات الصعبة والشاقة، والتي تكللت في النهاية بتحقيق الهدف الأول وهو وقف هذه المذبحة والإبادة بحق الشعب الفلسطيني.

واختتم رشدي تصريحاته لـ"قنا" بالإعراب عن أمله في تحقيق الاستقرار للشعب الفلسطيني بعد إنهاء الحرب في قطاع غزة، قائلا: "المثابرة والإصرار على تحقيق الهدف أوصلنا لتلك اللحظة التي ليست نهاية الطريق وإنما بداية جديدة للشعب الفلسطيني".

مقالات مشابهة

  • تقرير عالمي يكشف ما الذي يسيطر على مشاعر الأردنيين
  • ترامب: سنفعل شيئًا لا يُصدق.. وأشيد بالدول العربية التي تعهدت بإعادة إعمار غزة
  • هذا تاريخ بدء المرحلة الخامسة من عودة النازحين السوريين
  • المتحدث باسم الأمين العام لجامعة الدول العربية : نثمن الدور الذي قامت به قطر لإقرار وقف الحرب في قطاع غزة
  • هاشم: الرسالة التي أرادت إسرائيل إيصالها وصلت
  • سقوط الرهان على إيجابيات اتفاق غزة
  • رسائل اربع وصلت عبر غارات المصيلح
  • بري مصرّ على اعادة الاعمار: الرسالة الإسرائيلية وصلت وأين صدقية الراعي الأميركي؟
  • ما الذي سيدمّر أميركا في صراع النظام العالمي الجديد؟
  • بعد الهجوم على لبنان.. قيادي حوثي يحذّر: يبدو أن الإسرائيليين يريدون العودة للملاجئ!