عربي21:
2025-06-10@11:07:58 GMT

عن أي دولة فلسطينية يتحدثون؟!

تاريخ النشر: 9th, June 2024 GMT

تتسع رقعة الدول التي قررت برلماناتها وحكوماتها الاعتراف بالدولة الفلسطينية، متحدية بذلك الرفض الإسرائيلي والرغبة الأمريكية في عدم تغيير الأوضاع السائدة، وآخر هذه الدول كانت النرويج وإيرلندا وإسبانيا بعد المكسيك وجزر الباهاما وترينيداد وتوباجو وجاماييكا وبيربادوس. هذه الدول التحقت بين سنتي 2023 و2024 بقائمة طويلة من الدول التي انطلقت في سنة 1988 في اعترافها بدولة مستقلة للفلسطينيين، حتى الولايات المتحدة تلوح من جهتها بهذه الورقة للضغط على حكومة نتنياهو، دون أن تذهب بعيدا في هذا الاتجاه حتى لا تغضب حلفاءها في تل أبيب.



يكتسب هذا اللاعتراف المتصاعد أهمية رمزية لا يمكن الاستهانة بها، فهناك تحول في المواقف الدولية من هذا الصراع المتواصل منذ حوالي القرن من الزمان. وهذا التطور في عدد الدول التي أقرت بحق الفلسطينيين في دولة مستقلة أصبح يزعج الإسرائيليين أكثر من أي مضى، خاصة وأنه بدأ يشمل أطرافا أساسية سبق لها وأن ساهمت في تثبيت الكيان الصهيوني عام 1948؛ تاريخ إضفاء الشرعية على قرار التقسيم والاعتراف بدولة إسرائيل. فمن بين مجموعة الدول العشرين توجد تسع دول أعلنت اعترافها بالدولة الفلسطينية، وداخل الاتحاد الأوروبي بلغ العدد 12 من أصل 27 دولة.

المشكلة الأكثر تعقيدا تتمثل في غياب قيادة فلسطينية قادرة على استثمار هذا التحول الدبلوماسي الدولي، لتحقيق اختراقات فعلية هنا وهناك تكون في صالح القضية. إذ يستمر الانقسام البائس بين الفلسطينيين حول الاستراتيجيا والتكتيك، وحول الشرعية والسلطة
لكن ذلك غير كاف وحده لتغيير المعادلات على الأرض، فالصهاينة يواصلون سياساتهم صباح مساء من أجل الحيلولة دون تحويل هذا الحق إلى واقع. فبالإضافة إلى الاستيطان المستمر على قدم وساق، وتقطيع الأرض الفلسطينية إربا إربا دون الاستماع للاعتراضات الدولية، أكدت الحرب العدوانية على غزة النوايا الحقيقية للدولة العبرية التي تعمل على احتلال الضفة والقطاع والسيطرة ععلى القدس الشرقية وتهجير الفلسطينيين خلال المرحلة القادمة. هذه لم تعد أوهاما تروجها بعض الأطراف المعادية للصهيونية، وإنما تُرجمت الآن قيادة سياسية شديدة التعصب والوحشية، تقود جيشا مدججا يتمتع بمطلق الصلاحية ولا رادع له. وهناك تصريحات ثابتة وعلنية تتعلق بإعادة تشكيل الأرض والسكان من أجل الهيمنة الإسرائيلية على الجغرافيا والثروة، والتحكم في مستقبل فلسطين التاريخية والحالية.

المشكلة الأكثر تعقيدا تتمثل في غياب قيادة فلسطينية قادرة على استثمار هذا التحول الدبلوماسي الدولي، لتحقيق اختراقات فعلية هنا وهناك تكون في صالح القضية. إذ يستمر الانقسام البائس بين الفلسطينيين حول الاستراتيجيا والتكتيك، وحول الشرعية والسلطة، وهو ما يجعل الدول التي اقتنعت ببطلان المشروع الصهيوني أمام معضلة حقيقية عندما تلاحظ المشهد الفلسطيني من الداخل الذي يتسم بالعجز والشيخوخة والتشرذم.

من المهم الاعتراف بدولة فلسطينية قابلة للحياة، لكن قبل ذلك لا بد من ضمان شروط هذه الحياة والإبقاء عليها، ولن يتحقق ذلك إلا عبر الاعتراف بحق الشعب الفلسطيني بالدفاع عن وطنه بما في ذلك المقاومة المسلحة. فالسياسة الإسرائيلية قائمة بالأساس على الاغتصاب المسلح، ولم تعترف بالتفاوض كوسيلة لتقاسم الأرض والثروة، والفرصة الوحيدة التي تم القبول بها من طرف الكيان الغاصب هي " أوسلو"، والتي كان ثمنها اغتيال إسحاق رابين ثم قتل ياسر عرفات والتخلي عن جميع التعهدات الواردة في تلك الاتفاقية. وما يجري حاليا هو النتيجة الحتمية لفشل التسوية السياسية؛ في غياب الحد الأدنى من القدرة على مواجهة عدو بهذا القبح والعنجهية والصفاقة.

الشروط ضرورية حتى يصبح الحديث عن إقامة الدولة الفلسطينية والاعتراف بها من قبل العالم أمرا ممكنا وقابلا للتحقق على أرض الواقع، أما بقاء الأمر على ما هو عليه، مجرد حسن نوايا من اجل التخلص من تأنيب الضمير، فلن يحل ذلك المشكلة
لن تكون للاعتراف بدولة فلسطينية مستقلة أي جدوى بدون الخطوات التالية:

أولا: ممارسة أقصى درجات الضغط من أجل التوصل إلى إنهاء الحرب في غزة، ومنع تصدير مختلف الأسلحة إلى الكيان الصهيوني.

ثانيا: العودة إلى حدود 67 وإلغاء الهيمنة الإسرائيلية على كامل الضفة الغربية والقدس، إلى جانب مدينة غزة.

ثالثا: الاعتراف بحق الفلسطينيين في الدفاع عن أراضيهم بكل الوسائل المشروعة بما في ذلك الكفاح المسلح، بناء على الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والمواثيق الدولية.

رابعا: إشراك الجناح السياسي للمقاومة في أي مفاوضات قد تبرمج حول مستقبل فلسطين، وذلك في انتظار تنظيم انتخابات ديمقراطية ونزيهة تشمل جميع الأطراف الفلسطينية.

تلك الشروط ضرورية حتى يصبح الحديث عن إقامة الدولة الفلسطينية والاعتراف بها من قبل العالم أمرا ممكنا وقابلا للتحقق على أرض الواقع، أما بقاء الأمر على ما هو عليه، مجرد حسن نوايا من اجل التخلص من تأنيب الضمير، فلن يحل ذلك المشكلة التي ستزداد عنفا وتشعبا ومأساوية. 

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه الاعتراف الفلسطينية الانقسام المقاومة الدولة الفلسطينية فلسطين الاحتلال المقاومة الدولة الفلسطينية الانقسام مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة صحافة سياسة سياسة اقتصاد سياسة اقتصاد سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الدول التی

إقرأ أيضاً:

سياسة بريطانيا وجرائم إسرائيل ضد الفلسطينيين

 

 

حمد الناصري

 

انتقد جيرمي كوربين الزعيم السابق لحزب العمال البريطاني، الهجمات التي شنتها إسرائيل على المدنيين في غزة واعتبرها مؤسفة جدًا، وقال "لا يبرر القتل العشوائي للفلسطينيين الذين يدفعون الثمن.."، كما انتقد سيادة بلاده بريطانيا وقال "يصعب عليهم الاتساق ـ الفلسطينيين، مع مبدأ تساوي الجميع في حق الحياة بغض النظر عن جنسياتهم أو أصولهم".

كما وجه انتقادات لاذعة إلى وزيرة الداخلية البريطانية سويلا برافرمان التي لوحت في أكثر من مرة بجعل حمل العلم الفلسطيني مخالفًا للقانون في حال تم تقدير أن حمله يعتبر استفزازًا أو يضر بالأمن العام، في إشارة إلى المُظاهرات العارمة في بريطانيا والدول الغربية المُناهضة لقتل المدنيين في غزة وتجويعهم.

وفي هذا الصدد، اعتبر كورين أن وزيرة الداخلية البريطانية سويلا برافرمان، قد قلصت الحقوق الديمقراطية للمواطنين في بريطانيا عبر قانون النظام العام الذي يمنح الشرطة سُلطة غير مسبوقة لقمع الاحتجاجات السلمية، مؤكدا أن ما يحدث من تهديد للمتظاهرين السلميين "امتداد مُرَوع آخر، لهذا الهجوم المناهض للديمقراطية".

إن موقف الإعلامي البريطاني الشهير بيرس مورغان في وجه العُدوان على غزة لا يقل قوة وبطولة عن موقف كوربين الذي خروج عن حزب العمال، بسبب انتقاده لسياسة بلاده في تقليص حقوق المواطنين السلميين وتهديدهم بمنح الشرطة البريطانية لسلطة غير مسبوقة وهي قمع الاحتجاجات السلمية. وجاء موقف الإعلامي البريطاني بيرس مورغان مُتماهيًا تمامًا مع موقف كورين، وقد صاح مورغان في وجه سفيرة إسرائيل في بريطانيا "إسرائيل تقتل الأطفال كل يوم، وتمنع دخول الصحفيين إلى غزة بحجة الخوف على سلامتهم… نحن لسنا أغبياء.." مِما وضعها في موقف مُحرج. جاء ذلك خلال حوار مُعد ومُسبق بين تسيبي هوتوفلي سفيرة إسرائيل في بريطانيا، وقد عرى نوايا الاحتلال، وقال بكل قوة: "أنتم تقتلون الأطفال في غزة"، مما دفع بالسفيرة إلى الانفعال والتهرُب من الرد الصريح.

إن جرائم الإبادة الإسرائيلية في غزة، هي امتداد لجرائم سابقة منذ 1948 إلى يومنا هذا.. بلا رادع دولي ولا قانون يوقفها ولا محكمة العدل الدولية تقول كلمة حق؛ وهي محكمة مختصة لمثل هذه الجرائم والإبادة الوحشية.. فضلا عن صَمت العالم أمامها وموت الضمير الحُر المدافع عن الحقوق الإنسانية.. فتشديد الحصار على أكثر من 2 مليون فلسطيني وتجويعهم جريمة يعاقب عليها القانون الدولي، لكن إسرائيل فوق القانون الدولي وقانون الأمم المتحدة وقانون الإبادة والوحشية وقانون الإنسانية.

ولا تزال جرائم إسرائيل مُتسلسلة؛ حيث دمرت حياة النبات والإنسان والحيوان، وتُشدد حصارها بالتواطؤ مع أذنابها الذين أعلنوا موت ضمائرهم الإنسانية، واستهدفت كل القطاعات زرعًا وعِمارة وسكنًا ومخيمًا وشوارع عليها يسيرون، وأدوية وموت مرضى تنهار السُقوف من فوقهم، ذلك هو الفِعْل القبيح والسلوك المُشين. وصَمت العالم جميعه أمام هذه المجازر الوحشية والإبادة الجماعية والموت جوعًا وتشديد الحصار في كل شيء.. جرائم حرب ضد الإنسانية جمعاء.. ساهمت في خنق الرجولة ضد أجساد عربية مُسلمة أطمأنت أن قضيتها أبعد بكثير مما يعقله الآخرون، ورغم أن بيوتهم تهدمت وأولادهم قتلوا، وبأي ذنب قُتلت، إلا أنها تقاوم لأجل البقاء أو الحياة التي هي من حق الجميع.

الصور والتقارير المنشورة عن فاجعة الطبيبة آلاء النجار- التي قتل الإسرائيليون أولادها التسعة ولا يزال زوجها الطبيب حمدي النجار وأحد أولادها في حالة حرجة جدًا-  تعني استخفاف إسرائيل بكل ما له وجود على وجه الأرض، عربي وغربي وشرقي، ضاربة بقوانين الأمم المتحدة عرض الحائط ومُستهترة بالمحكمة الدولية وعاصفة بكل تجمهر مُناهض لها، بل وتزيد من أفعالها المُشينة بلا رادع ولا خوف ولا وازع من ضمير، وكأنها مُطمئنة.. لا حسيب أُمميًا ولا رقيب دوليًا.

ما يحدث في غزة الآن من إبادة ووحشية يدعو إلى تحرك فوري؛ عربي ودولي، فالمشهد أمامنا صارخٌ إلى حد لا تحتمله الضمائر الحية، ولا يُجيز الصمت، هدم منازل وتسويتها بالشوارع وكأنها لم تكن، وتفحم جثامين المدنيين وتجويع ووحشية وإبادة جماعية لهي أساليب قمعية للحقوق الفلسطينية المُطالبة بدولة فلسطينية آمنة.

قرأنا عن كثير من الجرائم الوحشية والإبادة الجماعية ولنا في الأساليب الوحشية ما يُذكرنا بها كالنازية والفاشية والبربرية، ومجازر أخرى للعرب والعُمانيين في إفريقيا، وتحديدًا مجزرة يناير 1964 في زنجبار، وهناك من يُؤكد عن دور إسرائيل الخفي في المجزرة البشعة للعُمانيين وإنهاء الحُكم العُماني في زنجبار في شرق افريقيا الذي امتد إلى قرابة 300 سنة أي 3 قرون، بعد تاريخ طويل من علاقة العُمانيين بشرق إفريقيا.

إن الخُذلان العربي سوف يذكره التاريخ بمرارة وقسوة، وأن فاجعة تجويع الفلسطينيين وإبادتهم سوف يُسأل عنه كل مُتواطئ.. لقد وصَف كثير من الصحف العالمية والمحلية كتاب "مُتواطئ" للصحفي البريطاني بيتر أوبورن حول ما وصفه في كتابه المُرتقب في أكتوبر من العام هذا 2025 بـ"التواطؤ الصريح" من العالم ومن الحكومة البريطانية، وسكوتها عن كل الجرائم والعُدوان الإسرائيلي على غزة على وجه الخصوص. وأكد أوبورن ما يُسميه بـ"تحالف الصمت والتواطؤ". ويرى أن تبرير المواقف وغض البصر عن الانتهاكات الإسرائيلية في حق الفلسطينيين، هو تواطؤ وتضليل وتشويه للحقائق، واعتبره خطاب كراهية، مؤكدًا أن بريطانيا شريكة في خلق بيئة تسمح بارتكاب جرائم ضد المدنيين في غزة، ومُنحازة دبلوماسيًا لإسرائيل، ومنحتها غطاءً سياسيًا وأخلاقيًا، مُتجاهلة قرارات الأمم المتحدة والمواثيق الدولية في الوقت الذي تنقل شاشات التلفزة مشاهد الدمار في غزة.

مقالات مشابهة

  • بدء سريان قرار أميركي يمنع دخول مواطني 12 دولة بينها اليمن
  • ليبيا في الصدارة.. تقدير عربي لدعمها العمال الفلسطينيين
  • حظر السفر الجديد الذي فرضه ترامب على 12 دولة.. ماهيته والهدف منه
  • ما يجب معرفته عن قرار ترامب حظر دخول مواطني 12 دولة
  • دولة واحدة فقط في العالم قادرة على إطعام سكانها دون الحاجة إلى الاستيراد.. فما هي؟
  • الحظر الأميركي على دخول مواطني 12 دولة يدخل حيز التنفيذ غدا
  • نكبة فلسطينية أم انقلاب عربي؟
  • الاتحاد الأوروبي يبحث فرض عقوبات على دولة الاحتلال الإسرائيلي
  • سياسة بريطانيا وجرائم إسرائيل ضد الفلسطينيين
  • مسؤول: برنامج الحج المباشر يستهدف تجويد خدمات حجاج الدول ذات الأقليات الإسلامية