قال الباحث في الشأن الدولي، محمد صادق، إن مجلس الأمن الدولي اعتمد قرارًا بإنهاء الحصار المفروض على مدينة الفاشر من جانب قوات الدعم السريع في السودان، ووضع حد للمعارك حول هذه المدينة الكبيرة في إقليم دارفور حيث تعرض حياة مئات آلاف المدنيين للخطر والانتهاكات.

وقف إطلاق النار 

وأضاف صادق، أن القرار الذي قدمته المملكة المتحدة على تأييد 14 عضوا في المجلس مع امتناع روسيا عن التصويت حظي بالتأييد ليدخل القرار حيز التنفيذ، وتكون جميع الجهات ملزمة بوقف إطلاق النار والسماح بدخول المساعدات الإنسانية لمدينة الفاشر.

وتابع صادق خلال لقائه على قناة "الحدث"، أنه هنا يكمن السر في القرار المعتمد من قبل مجلس الأمن، فهو يلزم الطرفين باتخاذ إجراءات محددة لضمان وصول المساعدات، وأي اختراق أو عدم التزام بهذا القرار يسمح للدول الداعمة للقرار بالتدخل المباشر لإيجاد حلول تظهر وكأنها في صالح المواطن السوداني، مؤكدا أنه لابد أن يكون القرار صارم وحازم وأن يكون هناك تهديد بالتدخل الدولي إذا اقتضى الأمر وتعنت الطرفان وأصرا أن يواصلا الحرب بهذه الصورة التي من شـأنها أن تؤثر وتفاقم من معاناة المواطنين في السودان لأنهما لم يلتزما بكل الاتفاقات السابقة وهذا يعني أنهم يحتاجان إلى عقوبات صارمة وواضحة في هذا الصدد وتدخل دولي مباشر لإنقاذ حياة المواطنين السودانيين.

السودان يحترق بنيران أهله

الحكومة السودانية
وأكد أن الحكومة السودانية قد أعلنت عن رفضها بالظروف الحالية للعودة الى محادثات جدة المدعومة من قبل الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة العربية السعودية، وبذلك قد تكون هذه الخطوة محاولة جديدة من قبل الولايات المتحدة الأمريكية لفرض شروطها على الحكومة السودانية بطريقة أخرى بعد فشل العودة الى مفاوضات جدة.

وزير الصحة يبحث مع سفير السودان بالقاهرة التعاون في دعم القطاع الصحي


وتطرق صادق  إلى أنه بحسب القرار،٩ سيكون السودان مجبرًا على التعاون مع الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية غير الحكومية، ومثل هذا التعاون سيجعل من الممكن إدخال أجانب إلى السودان والعمل على إطالة أمد الصراع.
كما أكد صادق، أن استمرار الأعمال العدائية يصب في المقام الأول بمصلحة الولايات المتحدة، فهو جزء من سياستها التي تهدف إلى زعزعة الاستقرار في أفريقيا والشرق الأوسط، مما يسمح باستمرار أزمة الهجرة والتوتر ويضعف المنطقة بأكملها ويسمح لواشنطن بإملاء شروطها على الجميع.

وزير الصحة يبحث مع سفير السودان بالقاهرة التعاون في دعم القطاع الصحي

قطاع غزة

وأشار إلى أن دول الجوار أكثر الدول تضررًا من الصراع السوداني واطالة أمد الحرب، حيث تؤثر الأزمة السودانية بشكل مباشر على دول الجوار بالتعامل مع القضية الفلسطينية ومخاطرها المتوقعة على الحدود الشرقية للبلاد، فالغرب يضغط بشكل علني على هذه الدول المجاورة لاستقبال النازحين من قطاع غزة الى حين انتهاء إسرائيل من عمليتها العسكرية.

ولفت إلى أن تشاد حيث تستخدم الهجرة غير الشرعية كحجة للضغط على الرئيس محمد ادريس ديبي فيما يتعلق بعودة وتوسيع القوات العسكرية الأمريكية في البلاد.

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: محمد صادق مجلس الأمن الدولي الحكومة السودانية قطاع غزة

إقرأ أيضاً:

إبراهيم شقلاوي يكتب: لجنة وطنية لمواجهة الضغوط الأمريكية

عادت العلاقات السودانية الأمريكية إلى واجهة التوتر، بعد إعلان واشنطن فرض عقوبات جديدة على السودان، استنادًا إلى اتهامات باستخدام الجيش السوداني أسلحة كيميائية خلال الحرب ضد مليشيا الدعم السريع. غير أن التوقيت والسياق السياسي يفرضان قراءة مغايرة، تكشف عن تحوّل نوعي في طريقة تعامل السودان مع الضغوط الأمريكية، بالنظر لتجارب سابقة.

في خطوة وصفها مراقبون بـ”الذكية”، أصدر رئيس مجلس السيادة السوداني قرارًا بتشكيل لجنة وطنية للتحقيق في المزاعم الأمريكية، تضم وزارات الخارجية والدفاع، وجهاز المخابرات العامة. هذه الخطوة تعكس جدية الدولة في تناول الملف، وتحمل أبعادًا قانونية ودبلوماسية مهمة، حيث تؤكد التزام السودان بالاتفاقيات الدولية، وعلى رأسها اتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية. كما أنها تبعث برسالة واضحة: السودان دولة مؤسسات، ترفض الإملاءات والتجريم المسبق.

كانت الولايات المتحدة قد أعلنت أن العقوبات ستدخل حيّز التنفيذ في يونيو المقبل، وتشمل قيودًا على الصادرات وخطوط الائتمان الحكومية. ورغم أن الأثر الاقتصادي لهذه العقوبات يبدو محدودًا بسبب ضعف العلاقات التجارية بين البلدين، إلا أن توقيتها السياسي يثير التساؤلات. فقد تزامن إعلان العقوبات مع تقدم ميداني كبير أحرزه الجيش السوداني، ما دفع بعض المراقبين إلى الربط بين القرار الأمريكي والواقع العسكري، واعتبار العقوبات محاولة لإعادة ترتيب موازين القوى وفرض بيئة تفاوضية لا تعكس الوقائع على الأرض، بل تعبر عن رغبات خارجية تمثل مصالح داعمي المليشيا الإقليميين.

في هذا السياق، تبدو السياسة الأمريكية تجاه السودان وكأنها لا تزال رهينة لكتاب قديم يعود إلى تسعينيات القرن الماضي، تُعيد قرأته كلما تعثرت رهاناتها على التحولات المحلية. فمنذ سقوط نظام البشير عام 2019، انخرطت واشنطن في محاولات متعددة لإعادة تشكيل المشهد السياسي السوداني، بدءً بدعم البعثة الأممية بقيادة فولكر بيرتس، ومرورًا بمحاولات فرض “دستور المحامين” بصيغته المستوردة، وانتهاءً بالاتفاق الإطاري الذي وُلد ميتًا بعد أن اصطدم بواقع سوداني معقد ومتشابك. ومع فشل هذه الأدوات “الناعمة”، انتقلت الإدارة الأمريكية إلى أدوات أكثر خشونة، من خلال دعم غير مباشر لتحركات مليشيا الدعم السريع التي انقلبت على السلطة في أبريل 2023 وأدخلت البلاد في أتون الحرب.

هذه القراءة تكشف عن محاولة لإعادة هندسة موازين القوى، وفرض مناخ تفاوضي جديد يستند إلى ضغوط خارجية تُستخدم فيها قضايا الحقوق كسلاح سياسي. تدرك الولايات المتحدة أن انتصار الجيش سيُضعف من نفوذها في البلاد، ويوسّع هامش مناورة الخرطوم، ما قد يدفع السودان نحو تقارب أكبر مع شركاء دوليين كروسيا أو الصين، وهو ما لا يخدم مشروع الهيمنة الغربية في المنطقة.

وفي هذا السياق، أعلنت الخارجية الأمريكية فرض قيود على الصادرات وخطوط الائتمان الحكومية، تدخل حيز التنفيذ في يونيو 2025، في محاولة لضبط المسار السياسي مجددًا، بعد فشل الرهان على المليشيا. اللافت أن هذا الدعم غير المباشر للمليشيا ينسجم أيضًا مع أجندات بعض الحلفاء الإقليميين، خصوصًا الإمارات، التي ترى في هذه القوات أداة تخدم مشروعها في السودان و القرن الإفريقي، وهي سياسات أثارت انتقادات حتى داخل الولايات المتحدة نفسها، كما عبّرت عن ذلك السيناتور سارة جاكوبس التي حذّرت من تواطؤ واشنطن مع أبوظبي، مؤكدة أن السياسات الأمريكية تُضلّل الرأي العام ولا تعكس قيمًا أخلاقية حقيقية (رويترز).

العقوبات الأمريكية على السودان ليست جديدة، بل امتداد لسلسلة بدأت منذ عام 1993، وأدت إلى عزله اقتصاديًا وتكنولوجيًا، دون أن تحقق أهدافها السياسية. بل إنها أضرت بالمواطن ودفعته للتعامل مع دول بديلة كالصين. وفي هذا الإطار، وصفت الحكومة السودانية عبر الناطق الرسمي خالد الإعيسر الاتهامات الأمريكية بحسب “سونا” بأنها “ابتزاز سياسي” و”تزييف للحقائق”، مشيرة إلى تشابه هذه المزاعم مع سيناريوهات قديمة، كقصف مصنع الشفاء في عام 1998.

وفي سياق تعزيز موقفها الأخلاقي والقانوني ، عمدت الحكومة إلى تقديم نفسها كقوة منضبطة في سلوكها العسكري، إذ قامت الفرقة الثالثة شندي، قبل يومين، بتسليم 66 طفلًا جندتهم مليشيا الدعم السريع إلى أسرهم، عبر المجلس القومي لرعاية الطفولة، بحضور ممثلين من مؤسسات حكومية وعدلية. وقد مثّل هذا الحدث ردًّا عمليًا على الاتهامات، وفارقًا جوهريًا في طبيعة السلوك القتالي بين الجيش و المليشيا المتمردة.

ومن منظور # وجه_ الحقيقة ، فإن تعامل السودان مع الأزمة الراهنة يُظهر تحوّلًا تدريجيًا من الاستجابة الانفعالية إلى إدارة متأنية للأزمات، في توازن بين الدفاع السياسي والاحتواء الدبلوماسي، دون التفريط في السيادة أو السقوط في فخ العزلة. ومع أن الولايات المتحدة ما تزال تملك أوراق ضغط، فإن السودان اليوم أكثر وعيًا بتاريخ هذه الضغوط، وأكثر استعدادًا لصياغة مسارات بديلة تحترم قراره الوطني. ويبقى السؤال المفتوح: هل تنجح الخرطوم في تجاوز هذه العقوبات؟ الإجابة على هذا السؤال ستحدد ملامح المرحلة القادمة في السودان.
دمتم بخير وعافية.

إبراهيم شقلاوي
السبت 31 مايو 2025م Shglawi55@gmail.com

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • السيسي يؤكد رفض مصر لتوسيع الصراع في المنطقة
  • أوغندا: أزمة تمويل تهدد نحو مليوني لاجئ بينهم أكثر من 110 ألف سوداني
  • وزير الخارجية: القضية الفلسطينية أساس الصراع في المنطقة
  • ترامب يحذر: إلغاء الرسوم الجمركية يهدد بانهيار اقتصاد الولايات المتحدة
  • ترامب: إلغاء الرسوم الجمركية يعني انهيار اقتصاد الولايات المتحدة
  • السفيرة الأمريكية: مصر قلب الإسلام المعتدل ولها دور عظيم في مكافحة الإرهاب
  • إبراهيم شقلاوي يكتب: لجنة وطنية لمواجهة الضغوط الأمريكية
  • باحث كردي:حكومة البارزاني تتعامل مع الحكومة الاتحادية بـ”فوقية”لإعتمادها على واشنطن
  • متى تتراجع الولايات المتحدة؟
  • الصين تحذّر الولايات المتحدة من «اللعب بالنار» بسبب تصريحات وزير الدفاع الأمريكي