تزداد المخاوف لبنانياً ودولياً من تفلّت المواجهة بين حزب الله واسرائيل وانتقالها إلى حرب واسعة، خصوصاً بعد التهديدات الإسرائيلية الأخيرة والاستعدادات التي أعلنتها قيادة الجبهة الشماليةلهجوم واسع على لبنان. ويبدو أن التصعيد الذي تشهده جبهة الجنوب، إن كان بالقصف الإسرائيلي المستمر وعمليات الاغتيال بالطائرات المسيّرة، أو بالهجمات التي يشنّها الحزب خصوصاً بعد اغتيال القائد العسكري طالب سامي عبدالله، والتي وصفت بـ"الأوسع" عبر المسيّرات الاتقضاضية والصواريخ ضد مواقع عسكرية ومستوطنات، قد تؤدي إلى توسيع الحرب ما لم يجرِ ضبطها وإعادتها إلى قواعد الاشتباك السابقة، وهي مهمة يتولاها المبعوث الأميركي آموس هوكشتاين بين إسرائيل ولبنان ابتداءً من الإثنين المقبل، بعدما شعر الأميركيون بأن الأوضاع تتجه إلى الانفجار الشامل.


وكتب ابراهيم حيدر في" النهار": يأتي هوكشتاين إلى المنطقة في جولة يستهلها في تل أبيب، للبحث في التهدئة وممارسة ضغوط لمنع الحكومة الإسرائيلية من توسيع حربها على لبنان، ومن المفترض وفق مصادر ديبلوماسية متابعة أن ينتقل بعدها إلى لبنان، لكن ذلك مشروط بما ستتوصل إليه مباحثاته مع المسؤولين الإسرائيليين الذين اتخذوا قراراً بالحرب، لكن توقيتها لا يزال مرتبطاً بغزة أو أقله في معركة رفح. علماً أن هوكشتاين لم ينتقل إلى بيروت بعد زيارته الأخيرة التي وصفت بـ"العائلية" قبل نحو شهر في إسرائيل، وعكست حجم الصعوبات في التوصل إلى تسوية أو أقله تفاهم لاطلاق المفاوضات بفعل الانسداد في العملية السياسية وإصرار إسرائيل على إبعاد قوات "حزب الله" عن الحدود.
 تشير المعلومات إلى أن هوكشتاين سيسعى بكل قوة للتوصل إلى نوع من التهدئة على جبهة الجنوب، أو أقله إقناع المسؤولين الإسرائيليين بتأجيل أي هجوم على لبنان، وإتاحة الفرصة لتسويق مشروعه حول تسوية الحدود. وهو لا يحمل في جعبته غير سلاح الضغط الأميركي الغير كافٍ حتى الآن لمنع الانجرار نحو الحرب، طالما أن إسرائيل رفضت مقترحات بايدن في ما يتعلق بغزة، وبالتالي تبقى الامور مفتوحة على احتمالات الحرب طالما استمر الربط القائم بين جبهتي غزة ولبنان. والامر مرتبط بـ"حزب الله" أيضاً الذي لا يوافق على التهدئة أو تعليق العمليات العسكرية قبل وقف النار في غزة، لا بل أنه انتقل إلى مرحلة جديدة من التصعيد وهو يجرّ لبنان كله إلى الحرب، معتبراً أن تصعيده هو لمنع إسرائيل من شنها، والتي تهدده بها مع البلد كله.

وفي الواقع لا يزال هوكشتاين يحمل المبادرة ذاتها التي تتوزع على ثلاث مراحل في ما يتعلق بالجبهة اللبنانية- الإسرائيلية، وهو يراهن وفق المصادر الديبلوماسية على أن ينتزع من إسرائيل قراراً بتأجيل الحرب والموافقة على تدرّج الحل بدءاً بالتهدئة ثم بالتفاوض وصولاً إلى تطبيق القرار 1701 وانتشار الجيش اللبناني وابتعاد الحزب عن الحدود، لينتقل بعدها إلى لبنان إذا كانت الأجواء إيجابية، وليطرح مجدداً عناوين مبادرته خصوصا في ما يتعلق بالقرار 1701، وهو كان مهّد لها بالاتصال الأخير مع رئيس مجلس النواب نبيه بري، وحاملاً أيضاً مجموعة أفكار وعناوين مما ناقشته القمة الفرنسية- الأميركية.
 
لكن السيناريو الذي يضعه هوكشتاين لا يزال يواجه صعوبات، وإن كانت زيارته تُعتبر الفرصة الاخيرة لمنع الحرب. وهناك جزء يتعلق بلبنان وتحديداً "حزب الله" الذي يعتبر أنه حقق انتصاراً في معركته، ويراهن على أن إسرائيل لن تكون قادرة على تحقيق أي من أهدافها في لبنان، كما قطاع غزة. ولذلك تفيد المصادر الديبلوماسية أن "حزب الله" انطلاقاً من حساباته واعتباراته سيتشدد أكثر في ما يطرحه هوكشتاين، مرتكزاً على معادلة ما يسميه الردع الذي حققه ومنع من خلاله إسرائيل من تحقيق ما تريده أولاً بإبعاده إلى شمال نهر الليطاني وعدم قدرتها على ضرب منصات صواريخه، وبالتالي يعتبر أن ما لم تحققه إسرائيل في حربها لن يقدمه لها في أي اتفاق، وذلك رغم الخسائر البشرية التي تكبدها. لا بل أن "حزب الله" وفقاً لحساباته الإقليمية بدأ يفكر بالمطالبة بتعديل القرار 1701 وفقاً لموازين القوى التي أرساها من دون أن يأخذ بالاعتبار أنه يقدم ذرائع للاحتلال لتوسيع حربه التي يهدد بها وهي باتت ضد لبنان ولا تقتصر فقط على الحزب.


المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: حزب الله

إقرأ أيضاً:

عودة الهذالين.. صوت النضال الذي أسكتته إسرائيل

أستاذ وناشط حقوقي فلسطيني ولد عام 1994 في محافظة الخليل بالضفة الغربية المحتلة، عُرف بموقفه الثابت في الدفاع عن قريته ومناهضة التوسع الاستيطاني الإسرائيلي في منطقة مسافر يطا. ساهم عام 2019 في إنتاج الفيلم الوثائقي "لا أرض أخرى" الذي حاز جائزة أوسكار لأفضل فيلم وثائقي طويل عام 2025، ووثق معاناة الفلسطينيين تحت الاحتلال. واستشهد في 28 يوليو/تموز 2025 برصاص مستوطن إسرائيلي قرب منزله أثناء تصديه لعملية استيطانية.

المولد والنشأة

وُلد عودة محمد خليل الهذالين عام 1994 في قرية أم الخير شرق بلدة يطا بمحافظة الخليل، في قلب الضفة الغربية المحتلة.

وتعود أصوله إلى قبيلة الهذالين، إحدى القبائل البدوية العريقة التي استقرت في المنطقة بعد أن أجبرها الاحتلال الإسرائيلي على النزوح من موطنها الأصلي في بئر السبع عام 1948.

نشأ في كنف أسرة بدوية تعتز بأرضها، وتربى على قيم الصمود والتشبث بالأرض وعدم الاستسلام.

كان محبا للرياضة لا سيما كرة القدم، وشارك في مباريات ودية أقيمت في قريته ضمن فرق محلية مثل نادي مسافر يطا ونادي سوسيا، وآمن بأن الرياضة تعزز الانتماء وتُنمّي روح التحدي.

عودة الهذالين عمل مدرسا للغة الإنجليزية في مدرسة الصرايعة الثانوية الواقعة في البادية الفلسطينية (مواقع التواصل)الدراسة والتكوين

تلقى عودة تعليمه الأساسي في مدارس مسافر يطا، والتحق بمدرسة أم الخير الابتدائية عام 2000، وواصل دراسته رغم ضعف البنية التحتية وصعوبة الوصول إلى المدارس بسبب مضايقات جيش الاحتلال الإسرائيلي.

أظهر منذ صغره حبه لتعلم اللغات، وأبدى اهتماما خاصا باللغة الإنجليزية، مما دفعه لإكمال تعليمه الإعدادي والثانوي في مدرسة الصرايعة التي تخرج فيها عام 2012. وواصل دراسته الجامعية في جامعة الخليل، وحصل على درجة البكالوريوس في اللغة الإنجليزية عام 2016.

تزوج الهذالين وأنجب ثلاثة أطفال وهم وطن ومحمد وكنان.

المسيرة النضالية

عمل عودة بعد تخرجه مدرسا للغة الإنجليزية في مدرسة الصرايعة الثانوية الواقعة في البادية الفلسطينية، لكنه لم يكتف بالدور التعليمي، بل سرعان ما برز ناشطا في مجال حقوق الإنسان ومقاومة الاستيطان جنوب الضفة الغربية.

وعرفه المحليون والدوليون بأنه صوت قرية "أم الخير" والمدافع الأول عن سكانها، وأصبح المتحدث غير الرسمي باسمها، خاصة في الأوساط الحقوقية والإعلامية.

تولى لفترة طويلة مسؤولية المرافعة الميدانية، واستقبل الوفود الأجنبية من دبلوماسيين وصحفيين ونشطاء حقوقيين، وقادهم في جولات توثيقية داخل المناطق المهددة بالهدم، موضحا واقع البيوت التي أصبحت خياما، والأراضي التي صودرت لصالح التوسع الاستيطاني.

إعلان

بالعربية والإنجليزية، قدّم الهذالين شهادات حية ومؤثرة نقلت معاناة قريته إلى العالم، مستخدما لغة بسيطة لكنها قادرة على النفاذ إلى الضمير الإنساني.

عودة الهذالين شارك في إنتاج فيلم "لا أرض أخرى" الذي فاز بأوسكار أفضل فيلم وثائقي طويل (مواقع التواصل)"لا أرض أخرى"

شارك الهذالين في إنتاج الفيلم الوثائقي "لا أرض أخرى" الذي صُوّر على مدى أربع سنوات (2019-2023) وانتهى العمل عليه قبل أيام قليلة من اندلاع عملية "طوفان الأقصى" في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023.

وهو إنتاج مشترك بين فلسطين والنرويج، حصد أصداء واسعة في الأوساط السينمائية والحقوقية، وفاز بجائزتي "أفضل فيلم وثائقي" و"جائزة الجمهور" في مهرجان برلين السينمائي عام 2024، ثم حقق إنجازا تاريخيا بفوزه بجائزة أوسكار لأفضل فيلم وثائقي طويل في الدورة الـ97 للأكاديمية، التي أُقيمت يوم 2 مارس/آذار 2025 على مسرح دولبي في هوليود.

وسلّط الفيلم الضوء على معاناة الفلسطينيين في قرية مسافر يطا جنوب محافظة الخليل، وركز على حياتهم التي يقضونها في المقاومة للبقاء والعيش في أرضهم رغم القمع والاستيطان.

وأثار فوز الفيلم بجائزة أوسكار موجة غضب كبيرة في الأوساط السياسية والإعلامية الإسرائيلية، واعتبرته الحكومة الإسرائيلية "لحظة حزينة للسينما العالمية"، ذلك أنه جسّد حقيقة النكبة التي ترفض روايتها.

الاستشهاد

استشهد عودة محمد خليل الهذالين مساء يوم الاثنين 28 يوليو/تموز 2025، وذلك بعدما أطلق مستوطن إسرائيلي النار مباشرة على رأسه أمام منزله في قرية أم الخير.

ووفقا لشهادات الأهالي، جاء الاعتداء في سياق اقتحام قوات الاحتلال الإسرائيلي برفقة جرافة عسكرية أراضي القرية لتوسيع مستوطنة "كرميئيل" المقامة على الأراضي المصادرة.

وكشفت وسائل إعلام إسرائيلية أن المستوطن المسؤول عن إطلاق النار هو ينون ليفي، أحد أبرز المستوطنين المعروفين بتورطهم في اعتداءات ممنهجة ضد الفلسطينيين جنوب الضفة الغربية.

ويُذكر أن ليفي هذا مُدرج منذ عام 2023 في قوائم العقوبات الأميركية والبريطانية والأوروبية والكندية، ضمن حزمة شُرعت لمحاسبة المستوطنين المتورطين في انتهاكات حقوق الإنسان في المنطقة (ج) من الضفة الغربية.

سياسات قمع إسرائيلية

وفي 29 يوليو/تموز 2025، اقتحمت قوات الاحتلال الإسرائيلي خيمة عزاء الشهيد عودة الهذالين في قرية أم الخير، واعتدت على عدد من النشطاء والصحفيين الأجانب ثم طردتهم بالقوة، وأعلنت المنطقة "عسكرية مغلقة"، في محاولة واضحة لمنع أي مظاهر للتضامن المحلي والدولي.

وذكرت وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا) أن القوات طردت المعزين بالقوة من العزاء واعتقلت ناشطتين أجنبيتين كانتا ضمن المتضامنين.

مقالات مشابهة

  • الحكومة: الحوثيون يجنون من قطع التبغ الذي سيطروا عليه نصف مليار دولار سنوياً
  • الغزيون يحبّون ترامب.. سفير أميركا في إسرائيل يحذف منشورًا عقب زيارته للقطاع
  • سفير أميركا في إسرائيل يحذف تغريدة عن "سكان غزة وترامب"
  • تقدم: كيان لأداء وظيفة في الحرب لا ضدها!
  • العراق يتسلّم دفعة جديدة قادمة من الهول
  • أميركا تُحدد سقفا زمنيا لإنهاء الحرب في أوكرانيا
  • عودة الهذالين.. صوت النضال الذي أسكتته إسرائيل
  • لبنان في فوهة الانفجار: الرئيس يصعّد وحزب الله يتوعّد
  • هل الخيار المتطرف الذي تبحثه إسرائيل في غزة قابل للتنفيذ؟
  • إعلام عبري: حزب الله يستنفر في الجنوب ويوزع معدات استعدادا لاحتمال الحرب مع إسرائيل