الأربعاء.. نادي سينما الأوبرا يعرض فيلم «جحر الفئران» ويعقد ندوة مع صناع العمل
تاريخ النشر: 23rd, June 2024 GMT
تنظم دار الأوبرا المصرية برئاسة الدكتورة لمياء زايد، ضمن نشاطها الثقافي والفكري، عرضا جديدا لنادي السينما لفيلم «جحر الفئران» من تأليف وإخراج محمد السمان، وبطولة رنا خطاب، وذلك في السابعة مساء يوم الأربعاء، المقبل على المسرح الصغير بالأوبرا.
وذكرت دار الأوبرا المصرية أن العرض الجديد لنادي السينما يأتي في إطار اهتمام الثقافة المصرية بمختلف مجالات الإبداع، لافتة إلى أن أحداث الفيلم تدور في إطار اجتماعي حول شابة تضطر لمخالفة مبادئها للحصول على 7 آلاف جنيه يتوقف عليها مصير واستقرار أسرتها بالكامل.
وأشارت الأوبرا إلى أنه من المقرر عقد ندوة عقب عرض فيلم «جحر الفئران» مع مخرج العمل محمد السمان والبطلة رنا خطاب، منوهة إلى أن الفيلم نال إشادة كبيرة من النقاد والجمهور بعد عرضه الأول في مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة، ومهرجان عمان السينمائي الدولي، حيث حصلت الفنانة رنا خطاب على جائزة أحسن ممثلة، كما حصلت مؤخرا على ثاني جوائزها بمهرجان بريكس السينمائي في روسيا والذي يُعد جزءًا من مهرجان موسكو السينمائي الدولي.
اقرأ أيضاً«أشوفكم على خير».. مدحت صالح يروج لحفله بدار الأوبرا
بمناسبة عيد الربيع.. هاني شاكر يشارك كواليس حفله الأخير في دار الأوبرا
أبرز فعاليات دار الأوبرا بعد عيد الأضحى.. احتفالية ثورة 30 يونيو
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: دار الاوبرا الاوبرا دار الاوبرا المصرية الدكتورة لمياء زايد فيلم حجر الفئران دار الأوبرا
إقرأ أيضاً:
«سنة القطط السمان» استبصار الواقع في مرايا زمن ما قبل النفط
تتجلى الكثير من الملامح الاجتماعية والثقافية للمجتمع الكويتي في ثلاثينيات القرن الماضي عبر فصول رواية «سنة القطط السمان» للكاتب الكويتي عبدالوهاب الحمادي، الصادرة عن دار الشروق في القاهرة؛ لكن تلك الملامح تتداعى من دون شروح مباشرة أو تفاصيل خطابية، أو حتى غنائية، بل تتكون الصورة العامة من المشاهد والأحداث التي تتتابع بين سرد يتولى بطل العمل (مساعد) جانبا منه؛ مخاطبًا نفسه بضمير المخاطب (أنت)، وجانب يتم سرده من قبل الراوي بضمير الغائب، لسرد الأحداث التي قد لا يكون (مساعد) حاضرا فيها، وهو ما يبرز الجانب الأسلوبي الذي ابتغى الحمادي إضافته للسرد من بداية النص.
تتخذ الرواية موضوعها المركزي من واقعة تذكرها بعض المدونات التاريخية تعود لعام 1937، بطلها صاحب مطعم هندي اعتاد تقديم لحم القطط لزبائنه بوصفها أغناما؛ لكن الحمادي يغتنم هذه الواقعة ليجعل منها مظلة لجوانب من الواقع الاجتماعي للمجتمع الكويتي في تلك الفترة.
مساعد شاب طموح ورث عن أبيه العمل مع ثري استخدمه ككاتب للحسابات، وهي المهنة التي أجادها بوصفه متعلما وقارئا يسير في الطرقات وهو يحمل بين يديه معجما للغة الإنجليزية، أما صديق طفولته الذي يعمل معلما فلم تتوفر له الفرص التي توفرت لمساعد لكي يثري، أو على الأقل يحقق ثروة تناسب تطلعاته، إذ بالإضافة لعمله كان قد شارك صاحب المطعم الهندي في السر في محاولة لتوسيع أفق الثراء المنتظر، خصوصا أنه كان ينتظر مولودا تترقبه زوجته سعاد كأمل وخلاص، خصوصا أنها فقدت كل أفراد عائلتها في كارثة طبيعية لحقت بالبلاد قبل فترة وجيزة تسببت في هدم البيوت على رؤوس ساكنيها، ولم يبق لها من أمل إلا في زوجها والمولود المرتقب.
تحضر كويت الثلاثينيات، أو كويت داخل السور؛ من خلال وصف الأزقة المتربة أو الموحلة، والطرقات والمقهى والسوق والمآذن المتقاربة بشكل لافت جدا في منطقة السوق المركزي، داخل السور، إضافة إلى الميناء والبحر، وصولا لبيت يعيش فيه هندي يساعد صاحب المطعم المقصود ويلعب دورا مركزيا في مرحلة من المراحل في النص.
ويعتمد الحمادي على بعض الإشارات المقتضبة التي تمنح دلالات تاريخية أو اجتماعية من دون المباشرة، وبينها على سبيل المثال وصف الكويت بأنه بلد يفتقد للون الأخضر على عكس البحرين وفقا لما عرفه مساعد من المعتمد البريطاني في حوار مقتضب يجري في موقع متأخر من النص؛ فهذه واحدة من بين الإشارات التي أود اقتناصها للفت الانتباه إلى الرتوش التي يطعم بها النص ليمنح القارئ صورة أكبر للواقع الذي يعبر عنه.
يحتاج النص لقراءة منتبهة لأن السرد يتنقل بين ضمير المخاطب والغائب، ويتراوح أحيانا بينهما وبين استخدام لافت للمونولوج الداخلي، بحيث يقوم بوصف الشخصيات وأفكارها في الوقت نفسه؛ إذ يصف حركتهم وخواطرهم من خلال تيار الوعي، فثمة مشهد مثلا يجمع بين المُلا فالح البطانة، الذي يقدم في النص نموذجا لتيار يظهر التشدد بينما لا يتوانى عن اغتنام الفرص والفوائد متى أتيحت له، وحين يصلي بهم كإمام يسمع القارئ ما يجول في خاطره خلال الصلاة، ومن خلفه يدور مونولوج داخلي آخر يدور في ذهن مساعد، ويوازيه مونولوج ثالث يدور في ذهن صديقه خليفة، من دون أن يفقد السرد الحس الساخر في الوصف.
ولعل اختيار واقعة القطط السمان له مدلولات اجتماعية وسياسية مختلفة، وهذا ما يمنح النص مبررا فنيا للعودة إلى جانب من التاريخ، ليس لمجرد استعادته كحالة «نوستالجيا»، أو لطرافة الموقف أو الحدث، بل لرمزية الأحداث في دلالاتها الاجتماعية والسياسية التي قد تتماثل أو تتشابه مع وقائع سنة القطط السمان، لكنها تتماثل أيضا مع غيرها أو من أحداث شبيهة في فترات زمنية أخرى.
والنص، سنة القطط السمان، في جانب منه يبدو كما لو أنه وثيقة أدبية تاريخية تثير انتباه القارئ لبعض مما قد لا يبدو شائعا أو معروفا؛ فخلال السرد سيجد القارئ إشارات للسيارات، وسوف تستخدم كوسيلة لكشف تناقضات تجار الدين، لكني أقصد هنا أن الصورة الشائعة أن الكويت لم تنتشر بها السيارات في تلك الفترة، فصحيح أنها كانت مقصورة على طبقة بعينها في تلك الفترة، لكن الصورة النمطية تتمثل في التنقل مشيا أو بواسطة وسائل الانتقال البدائية.
تبرز الأحداث أيضا دور المقاهي الرئيس في المجتمع الكويتي آنذاك بوصفه الملتقى الطبيعي واليومي، بل بوصفه ربما المساحة التي تجسد جانبا يوميا من حياة أهل الكويت، ليس فقط كمكان للقاء اليومي، بل وربما للصفقات التجارية والاتفاقات وربما حتى لمناقشة شؤون ذات طابع اجتماعي، بالإضافة إلى اعتبارها ملتقى للنقاش وتبادل الأفكار، وخصوصا من خلال الإشارة إلى مقهى المثقفين «ابن زنان»، وهو مقهى معروف تاريخيا بأنه مقهى يرتاده المتعلمون والقراء ومن لهم حظ من السفر، وبينهم الشاعر صقر شبيب أحد رموز الاستنارة والثقافة في تلك الفترة، ويتناول السرد بعضا من قصائده أيضا.
هذه القوة المستنيرة على قلة عددها تواجه تيارا يدعو لقيم متخلفة ترفض أي مظهر للحداثة بما في ذلك حتى وسائل العلاج الطبي التي يوفرها المشفى الأمريكاني، وتردد خرافات من مثل أن النيل في مصر يبدأ من الجنة، وشيطنة كل مظاهر التقنية الحديثة، وغير ذلك من أفراد التيار الذي يمثله المُلا المتشدد، فالح البطانة، الذي يجمع بين دوره كإمام وحافظ للقيم الرجعية، جانبا يكشف عن الجشع والتناقضات، كما يكشف السرد أيضا الكيفية التي يرى بها الاستعمار الأجنبي المنطقة وأهل الكويت وطبيعة العلاقة المتبادلة بين الطرفين.
ولعل هذه القضية بين أبرز ما تثيره الرواية بشكل فني، ومن دون مباشرة أيضا، بل من خلال تتبع السلوكيات وردود أفعال أبطال العمل.
بشكل شخصي، لفت انتباهي خفوت وجود المرأة في النص، وحتى سعاد، زوجة مساعد، لا صوت لها في النص إلا إذا مر ذكرها في ذهن مساعد، ولولا المونولوج القصير المكثف الذي جاء في منتصف الرواية تقريبا، وقد لا يزيد عن صفحتين تقريبا، والذي حرر صوت الزوجة من الإقصاء، ثم مونولوج الأم من بعده مباشرة، وقد يكون في هاتين الإشارتين إضاءة ضمنية إلى دور المرأة وأثره حتى لو بدا أنه في الخلفية، لكنه يشير بكل ما فيه إلى أن المرأة حتى لو كان صوتها مستترا، فإن أثرها في الواقع كبير، وليس أدلّ على ذلك من كافة مفارقات حياة زوجة مساعد، وأثرها على حياتهما، أما بقية أجواء النص، فتعبر عن مجتمع قوامُه التجار، والحكام، ورجال الدين المتشددون، ومرتادو المقاهي، والباحثون عن الرزق من سكان الكويت، والصراع بين السلطة والثروة.
ولعلنا سوف نجد عدة تلميحات أو تفسيرات اجتماعية في النص تبرر هذا الإقصاء؛ أخذا في الاعتبار أن الحقبة التي تتناولها الرواية ممثلة في عام 1937 حين كانت فرص العمل والتعليم البسيط المتاح آنذاك مقصورة على الرجال بطبيعة الحال، وأيضا لأن المرأة في تلك الفترة وفق ما عبرت عنه سعاد: «حبيسة هذه الجدران الطينية»، لكن هذا الحبس في الوقت نفسه، على ما يبدو، نوع من ملاذ يمنح المرأة دورها المركزي داخل جدرانه وعلى مستوى العائلة.
استوقفتني الكثير من العبارات ذات الطابع الكويتي، والتي يأتي مصدرها من مرادفات اللهجة الشفاهية، لكن الحمادي كان حريصا على تأكيد وجودها كأنها ختم يؤكد الهُوية الكويتية للنص، مع الإصرار على عدم وضع هوامش شارحة لتلك المفردات والرهان على أن القارئ سيفهمها من السياق العام.
وهذا ما يؤكد انطباعي بأنها في تقديري رواية كويتية بامتياز، ليس فقط لتلك المفردات، بل لأنها تقدم المجتمع الكويتي بشكل مشهدي، أي بدون تعسف، وبدون عاطفية أو غنائية، إذ يكتفي الحمادي، بتطعيم الكلمة في عمق البلاغة الفصيحة للسرد.
تأتي هذه الرواية إضافة جديدة لتجربة الحمادي السردية، خصوصا أنها هنا تؤكد انفتاحه على إيجاد أساليب سردية جديدة ومختلفة، لكنها أيضا، بالنسبة لي على الأقل، ترسخ انطباعا عاما عن ظاهرة كويتية؛ إذ كثيرا ما لفت انتباهي حجم التنوع والثراء الثقافي والاجتماعي للمجتمع الكويتي رغم صغر حجمه، وهو انطباع رسخته رواية «سنة القطط السمان»، بالرغم من أنها تتناول فترة تسبق ظهور النفط، وأظنها إضافة مهمة للسرد الكويتي والعربي.
إبراهيم فرغلي كاتب وروائي مصري