بعد ابتعادها عن الساحة لعقود، تحاول الولايات المتحدة أن تصبح لاعبا رئيسيا في سباق الذهب الأبيض، إذ ذكرت مجلة "فورين بوليسي" أن إدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن، تتطلع إلى تعدين الليثيوم محليا لتعزيز أمن الطاقة الأميركي ومواجهة الصين.

وأوضحت المجلة أنه على بعد آلاف الأميال غرب واشنطن العاصمة، في مساحات ولاية نيفادا المترامية الأطراف والغنية بالليثيوم، تسعى إدارة بايدن إلى تحقيق طفرة في مجال تعدين الليثيوم، المعروف أيضا بالذهب الأبيض، تأمل من خلالها أن تعزز أمن الطاقة في البلاد.

وأشارت إلى أن الليثيوم هو أحد المعادن القليلة التي تلعب دوراً حاسماً في تحول الطاقة العالمية نحو الطاقة النظيفة والمستدامة.

وتكمن أهمية الليثيوم، بحسب المجلة، في أن بطاريات أيونات الليثيوم القوية تدعم العديد من التقنيات الخضراء في العالم، بما في ذلك السيارات الكهربائية وتوربينات الرياح. ونظرا لأهمية هذا المعدن، فمن المتوقع أن يتزايد الطلب عليه بشكل كبير في العقود المقبلة، وفقًا لوكالة الطاقة الدولية.

وتطرقت المجلة إلى مشكلة واشنطن، موضحة أنها ظلت خارج لعبة الليثيوم لعقود من الزمن، ورغم امتلاكها لبعض أكبر رواسب الليثيوم في العالم، فإن الولايات المتحدة تعد موطنا لمنجم واحد فقط من الليثيوم قيد التشغيل، وهو منجم سيلفر بيك التابع لشركة ألبيمارل في ولاية نيفادا، والذي يمثل اليوم جزءًا صغيرًا من الإنتاج العالمي.

وذكرت أنه مع ارتفاع الطلب وتزايد المخاوف بشأن نقاط الضعف الاستراتيجية، كثفت واشنطن جهودها لتحفيز صناعتها المحلية من خلال قانون خفض التضخم الذي أصدرته إدارة بايدن، بالإضافة إلى ضخ مجموعة كبيرة من الاستثمارات الضخمة في هذا القطاع.

وتحدثت المجلة عن الخطوات الأخيرة لإدارة بايدن، موضحة أن وزيرة الطاقة الأميركية، جينيفر غرانهولم، أنهت الأسبوع الماضي، رحلة إلى شمال نيفادا، حيث قامت بجولة في منشأة إنتاج بطاريات الليثيوم أيون التابعة لشركة تكنولوجيا البطاريات الأميركية، وهذه المنشأة يتم دعمها بمنحة من وزارة الطاقة بقيمة 115 مليون دولار.

وقالت غرانهولم للصحفيين: "أعلنت 19 شركة أنها على استعداد للاستثمار هنا، لذلك من المثير للغاية أن نكون قادرين على التنافس مع الصين وعدم السماح لكل هذه الوظائف بالمغادرة من دون أن نفعل شيئا حيال ذلك".

وترى المجلة أن جهود واشنطن في مجال الليثيوم ليست سوى جزء واحد من جهد أوسع لبناء أمن الطاقة لديها وتقليص اعتمادها على المنافسين، وتحديداً الصين، التي تسيطر على العديد من سلاسل توريد المعادن في العالم.

وتحدثت المجلة عن تاريخ الأزمة في الولايا المتحدة، موضحة أنه في حين أن الولايات المتحدة كانت ذات يوم موطنا لصناعة تعدين المعادن القوية، فقد شهد القطاع انخفاضا حادا في السبعينيات، حيث كافحت شركات التعدين للبقاء على قدميها وتزايدت الاحتجاجات بشأن التكاليف البيئية والصحية لهذه الصناعة. وفي العقود التي تلت ذلك، نظرت واشنطن إلى حد كبير إلى التعدين باعتباره صناعة ينبغي الاستعانة فيها بمصادر خارجية على مستوى العالم، لكن التوترات المتزايدة مع بكين غيرت تلك الحسابات.

واليوم، تستورد الولايات المتحدة معظم احتياجاتها من الليثيوم من الأرجنتين وتشيلي، اللتين تشكلان، إلى جانب بوليفيا، ما يسمى بمثلث الليثيوم في أميركا الجنوبية. ومع ذلك، تحتفظ الصين باستثمارات عميقة في المناجم في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك في أميركا الجنوبية، وتسيطر على نحو 58% من معالجة الليثيوم على مستوى العالم.

وأبرزت المجلة إلى الجهود التي بذلتها إدارة بايدن حتى الآن، وعلى رأسها قانون الحد من التضخم، وهو مشروع قانون المناخ الرئيسي الذي يهدف إلى تعزيز إمدادات المعادن الحيوية المحلية من خلال الإعفاءات الضريبية الضخمة، ما دفع العشرات من مشاريع التعدين إلى الظهور في نيفادا الغنية بالليثيوم وأماكن أخرى في جميع أنحاء البلاد. وضخت إدارة بايدن استثمارات إضافية بمليارات الدولارات لدعم هذه الجهود.

لكن المجلة تحدثت عن التحديات التي تلوح في الأفق بشأن طاقة الليثيوم في واشنطن، وأولها غياب العمالة، كما أن العديد من الثروات المعدنية في البلاد تقع إما على أراضي السكان الأصليين أو على مقربة منها، ما أثار احتجاجات شرسة بسبب المخاوف من الأضرار البيئية والاستغلال وغير ذلك من التأثيرات.

ولا تزال التأخيرات الطويلة في إصدار التصاريح تشكل أيضًا صداعًا كبيرًا لهذه الصناعة، ما يؤدي إلى تفاقم حالة عدم اليقين بالنسبة لكل من المستثمرين وشركات التعدين في بيئة معروفة بالفعل بمخاطرها العالية، بحسب المجلة.

تحدي آخر أبرزته المجلة وهو أن أسعار الليثيوم متقلبة للغاية، حيث تشهد تقلبات حادة يمكن أن تربك شركات التعدين التي تتصارع بالفعل مع مكان وكيفية بدء عمليات التعدين المجدية اقتصاديًا على نطاق تجاري. وانخفضت الأسعار مرة أخرى في الأشهر الأخيرة في تراجع كبير أضر بأسعار أسهم شركات التعدين الكبرى.

المصدر: الحرة

كلمات دلالية: الولایات المتحدة إدارة بایدن

إقرأ أيضاً:

لوبوان: هل فرنسا سببٌ في الصراع بين كمبوديا وتايلند؟

قالت مجلة لوبوان، إن كمبوديا وتايلند وقعتا اتفاقا لوقف إطلاق النار بعد 4 أيام من الاقتتال، دارت فيها معارك شرسة عن معابد متنازع عليها، تعود مشكلتها إلى عهد الاستعمار الغربي للمنطقة.

وفي سابقة، هي الأولى من نوعها في تاريخ هذا النزاع الحدودي الطويل -حسب تقرير جيريمي أندريه للمجلة- استخدمت تايلند سلاحها الجوي لقصف الخطوط الكمبودية، وأعلنت عن تعبئة قواتها البحرية، مما خلف نحو ثلاثين قتيلا ونزوح 200 ألف شخص.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2إعلام إسرائيلي: نحن عالقون بغزة وعملية عربات جدعون نتائجها عكسيةlist 2 of 2كاتبة أميركية: عم نتحدث عندما نستذكر حق العودة؟end of list

واستضافت ماليزيا، التي ترأس رابطة دول جنوب شرقي آسيا (آسيان) مفاوضات، اتفق فيها الطرفان على وقف إطلاق نار غير مشروط، واستنكر وزير الخارجية الصيني وانغ يي الحرب قائلا إن " هذه المشكلة تنبع من الضرر الدائم الذي سببه المستعمرون الغربيون، وتتطلب الآن حلا هادئا ومناسبا".

وحدة عسكرية تايلندية متنقلة تطلق النار باتجاه الجانب الكمبودي (رويترز)

وأشارت المجلة إلى أن كلام الوزير الصيني موجه إلى فرنسا، لأن الخلاف الرئيسي بين البلدين، هو الخلاف على الحدود التي رسمها الجغرافيون الفرنسيون عام 1907، عندما كانت كمبوديا محمية مدمجة في الهند الصينية الفرنسية، وقد وضعت 4 معابد على أراض كمبودية على الخرائط الفرنسية، بعد أن كانت معاهدة سابقة تحدد موقعها ضمن الأراضي التايلندية.

انسحاب مفاجئ

ونظرا لذلك، ظلت تايلند تطالب بالمعابد منذ عام 1934، وفي خمسينيات القرن الماضي أرسلت قواتها للسيطرة على أهمها، وهو معبد "برياه فيهير"، الذي يعود تأسيسه إلى 1200 عام، وسبق أن احتلته عدة مرات بين القرنين الخامس عشر والتاسع عشر. ومع ذلك، كسبت كمبوديا قضيتها عام 1961 في محكمة العدل الدولية، التي قضت بأن خرائط عام 1907 المرفقة لا تلغي نص المعاهدة السابقة.

واعتبرت باريس، أن الموقف الصيني ضد القوة الاستعمارية السابقة "مملٌ" وغيرُ مجد ، لأن تطورات كثيرة طرأت بعد فرنسا في تلك المنطقة، حيث اقتربت تايلند وكمبوديا من تسوية القضية في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، وتشاركتا إدارة ثلاثة معابد، وبناءً على عرض مشترك، أُدرج معبد "برياه فيهير" كموقع للتراث العالمي لدى منظمة التربية والثقافة والعلوم (يونسكو) عام 2008.

إعلان

غير أن تايلند انسحبت فجأة من المبادرة، مما أدى إلى معارك متقطعة وتبادل للقصف المدفعي، وقد أحصى ناثان روسر، الباحث في المعهد الأسترالي للسياسات الإستراتيجية 33 حادثة تصعيد بدأتها كمبوديا، و14 حادثة تصعيد بدأتها تايلند، و9 حوادث تهدئة مشتركة"، حسب إحصائه المنشور على موقع إكس.

فرار الناس من منازلهم قرب الحدود الكمبودية التايلندية في مقاطعة أودار مينشي (الأوروبية)

واستعرضت المجلة عددا من الحوادث وتبادل التهم بين البلدين، وقالت إن الجيش التايلندي جر الدولتين إلى الحرب لإسقاط عائلة شيناواترا التي تحكم تايلند في تفاهم مع كمبوديا، وأشارت إلى إحالة رئيس الوزراء الكمبودي هون مانيت القضية إلى محكمة العدل الدولية في منتصف يونيو/حزيران.

خيارات محدودة

وفي هذا السياق نبهت المجلة إلى وجود نزاع بين الحكومة الكمبودية وعائلة شيناواترا حول الكازينوهات والأنشطة الإجرامية المحيطة بها، حيث تدرس تايلند السماح بإنشاء كازينوهات على أراضيها منذ عام 2024، وهي نعمة كانت، حتى الآن، حكرا على جارتها، وكذلك كثفت إجراءاتها ضد مراكز الاحتيال الإلكتروني التابعة للمافيا الصينية التي تستخدم منشآت القمار واجهة لها في كمبوديا.

وقد استهدفت تايلند كبار رجال الأعمال الكمبوديين بمداهمات الشرطة وأوامر التفتيش، ولكن مصالح النخب التايلندية والكمبودية المترابطة بشكل كبير من خلال استثماراتها المتبادلة في العقارات والسياحة، أدت إلى توقيع وقف إطلاق النار السابق لأوانه، لتتساءل المجلة، هل من الممكن التوصل إلى تسوية نهائية للنزاع الحدودي؟

وذكرت المجلة أن انهيار وقف إطلاق النار سيؤثر على قمة الفرانكوفونية لعام 2026، المقرر أن تستضيفها كمبوديا، مما دفع الأمينة العامة للمنظمة لويز موشيكيوابو، إلى التعبير عن "قلقها العميق".

ومن شأن ذلك أن يدفع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى بذل قصارى جهده لتهدئة الوضع، لكن خياراته محدودة، بعد عدة سنوات من الجهود لبناء علاقات أوثق بين البلدين، ينغصها وجود مشاعر معادية لفرنسا في تايلند، تستند إلى ضغائن طويلة الأمد بشأن الإهانات التي تعرضت لها في القرن التاسع عشر وتغذيها سلوكيات بعض السياح الفرنسيين في الجزر التايلندية.

مقالات مشابهة

  • مجلة أمريكية: فيديو طاقم سفينة “إتيرنيتي C” يشعل ارتباكًا في واشنطن وتل أبيب
  • نيوزويك : مشاهد طاقم سفينة اتيرنيتي تصيب واشنطن وتل ابيب بالارباك
  • لوبوان: هل فرنسا سببٌ في الصراع بين كمبوديا وتايلند؟
  • الصين تُغري الآباء بـ1500 دولار لكل طفل لمواجهة أزمة المواليد
  • تراجع أسعار الذهب وارتفاع الدولار وسط ترقب لمصير الهدنة التجارية الأمريكية مع الصين
  • لمواجهة العقوبات الأميركية.. تحالفان للذكاء الاصطناعي في الصين
  • الذهب يستقر مع تحسن شهية المخاطرة بعد الاتفاق التجاري بين واشنطن وبروكسل
  • ما سلاح روسيا لمواجهة العقوبات الغربية؟
  • تدخل رئاسي لإنتشال شركة الخطوط الجوية اليمنية يفضي للكشف عن الجهة التي تسببت في تدهورها الكبير
  • مصدر سياسي: واشنطن رفضت طلبات السوداني لزيارة البيت الأبيض