الخطيب التقى مطر والخازن: اللبنانيون أخوة وشركاء في الوطن
تاريخ النشر: 3rd, July 2024 GMT
استقبل نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى العلامة الشيخ علي الخطيب صباح اليوم في مقر المجلس المطران بولس مطر والوزير السابق الشيخ وديع الخازن موفدين من البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، وجرى التباحث في القضايا والشؤون الوطنية وتطورات الأوضاع في لبنان والمنطقة.
ورحّب الخطيب بالوفد في" بيت اللبنانيين الذي أطلق مؤسسه الإمام السيد موسى الصدر مقولته التي أصبحت مقدمة للدستور اللبناني: "لبنان وطن نهائي لجميع بنيه"، ونحن في المجلس نعتبر ان اللبنانيين أخوة وشركاء في الوطن، والمسلم مسؤول عن حفظ أخيه المسيحي كما المسيحي مسؤول عن حفظ أخيه المسلم، و التمايز المذهبي للمواطنين لا يعطي تمايزاً في الحقوق والواجبات، والتعصّب والتطرف لا يبنيان وطناً.
وشدّد على "ضرورة تمتين العلاقات بين المسلمين والمسيحيين الذين نعتبرهم أهل كتاب، و صفة أهل كتاب ليست اساءة ولا دونية وإنما مساواة لأننا ايضاً أهل كتاب ونشترك معهم في القيم الاخلاقية والمعنوية، وتعزيز الحوار بين اتباع الديانتين ، وان يبقى الحوار قائماً بين اللبنانيين لانتخاب رئيس للجمهورية تمهيداً لتشكيل حكومة تعيد انتظام عمل المؤسسات وتتصدى للازمات المتفاقمة .
وأكّد سماحته أن المقاومة تدافع عن اللبنانيين وتحمي سيادة لبنان التي لا تتجزأ، وهي نشأت كردة فعل على الاحتلال وتخلي الدولة عن مسؤولياتها في الدفاع عن الجنوب، والمقاومة اليوم تدافع عن كرامة كل اللبنانيين، ودماء شهدائها حفظت لبنان وحررت أرضه وردعت العدوان عن شعبه.
وبعد اللقاء أدلى المطران مطر بالتصريح التالي: تشرفنا هذا الصباح بزيارة نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى العلامة الشيخ علي الخطيب وكان لقاءً أخوياً و جيداً جداً، تحدّثنا فيه عن القيم الجامعة بين اللبنانيين وبين أهل الأديان، وواجبنا أن ندخل في حوار صريح من أجل لبنان ومن أجل المنطقة بأسرها لأن لبنان له رسالة خاصة في هذا المجال، نحن وأنتم أيها الاخوان لنا علاقات تضرب عميقاً في التاريخ وفي الجغرافيا في لبنان، وهذه ثوابت ستبقى، والعلاقة بيننا هي علاقة مستمرة وقوية كما أكد سماحته هذا الصباح، نحن نعمل من أجل لبنان ومن أجل رسالته ومن أجل الحوار الإسلامي المسيحي الذي هو أساس هذا الوطن، الكرسي الرسولي لروما يطلب منا دائماً أن نندرج في العالم العربي وهذا تاريخنا، نحن نندرج في هذا العالم بثقافتنا وبمحبتنا وبانفتاحنا على اخوتنا واخوتنا ينفتحون علينا، ولنا مكانة في قلوبهم جميعاً مما يجعلنا نثق بمستقبلنا وأن يكون المستقبل من صنع أيدينا ومن صنع قلوبنا، نشكر الله على كل ما قيل هذا الصباح بيننا وبين سماحته بالنسبة للمستقبل وبالنسبة للوضع الحاضر وبالنسبة للأخوّة التي تجمعنا، الأخوّة في الإنسانية كما قال البابا والأخوّة في الوطنية أيضاً وفي التاريخ والمستقبل، شكراً لكم جميعاً وإن شاء الله بالنسبة للبنان نحن على يقين أن الله يحميه ويحرسه، والله وكيلنا جميعاً ولكم محبتنا وشكراً.
واستقبل العلامة الخطيب عميد المعهد العالي للدكتوراه في الاداب والعلوم الإنسانية والاجتماعية في الجامعة اللبنانية البروفسور محمد محسن الذي قدم لسماحته روايته «محطة العريس سيرة مفتش ومدينة، حكاية بيروت الضائعة» ، وكانت مناسبة جرى خلالها التباحث في القضايا والشؤون الاكاديمية والتربوية، وتمنى سماحة للبروفيسور محسن دوام التوفيق .
كما واستقبل سماحته وفد من الأساتذة المتعاقدين بالساعة في الجامعة اللبنانية، عرضوا على سماحته واقع الاساتذة المتعاقدين بالجامعة والحاجة الماسة الى ضرورة اقرار ملف التفرغ بأسرع وقت، وشكر الوفد سماحته على دعمه الدائم للجامعة اللبنانية، ووعد سماحته بمتابعة قضيتهم مع الجهات المختصة.
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: من أجل
إقرأ أيضاً:
عبد الفتاح العواري: أخوة الإسلام هي النسب الأصيل الذي انصهرت فيه الأعراق
شهدت الظلة العثمانية بالجامع الأزهر مساء الاثنين، ثاني فعاليات الأسبوع الدعوي الذي تنظمه الأمانة العامة للجنة العليا للدعوة الإسلامية بمجمع البحوث الإسلامية، بالتعاون مع الجامع الأزهر، تحت عنوان: «الهجرة النبويَّة: حدثٌ غيَّر مجرى التاريخ»، وذلك ضمن سلسلة الندوات التي يُشارك فيها نخبة من علماء الأزهر الشريف لإبراز الدروس والعبر من الهجرة النبوية.
وفي ندوة اليوم التي جاءت بعنوان: «المهاجرون والأنصار كالجسد الواحد»، تحدّث فيها الدكتور عبد الفتاح العواري، العميد الأسبق لكلية أصول الدين بالقاهرة، والدكتور حمدي الهدهد، أستاذ أصول اللغة وعميد كلية البنات العاشر من رمضان، وأدارها الدكتور حسن يحيى، الأمين العام المساعد للجنة العليا لشؤون الدعوة، قدّم العلماء تناولًا رصينًا لمعاني الأخوة التي مثّلَتها الهجرة النبويّة المباركة.
وأكد الدكتور عبد الفتاح العواري أنّ المهاجرين والأنصار ضربوا أروع المثل في تحقيق الأخوة الصادقة، تلك التي اتسمت بصدق النية، وحُسن الطوية، وقامت على الحبّ في الله، وكانت عوامل قيامها من منطلقٍ إيمانيٍّ أصيل، ويقينٍ صادق، بأن هذا الدين جاء فوجد العرب «طرائق قِدَدًا» وقبائل شَتّى، فوَحَّد بينهم، وجمع كلمتهم تحت راية «لا إله إلا الله محمد رسول الله»، وقضى على العصبيّات، ونطق بذلك أسعد الخلق، كما جاء في الحديث: «الحمدُ لله الذي أذهبَ عنكم عُبيَّةَ الجاهليَّةِ وتكبُّرَها، إنما هي أخوّةُ الإسلام».
وأوضح أن أخوّة الإسلام هي النسب الأصيل، والأخوة الصادقة، فـ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ﴾، وكلّ نسبٍ ينقطع إلا نسب العقيدة، واستشهد بقول النبيّ ﷺ في حقّ سلمان: «سلمان منّا أهل البيت»، وقول عمر رضي: «سيّدُنا أعتق سيدَنا»، متحدثا بذلك عن سيدنا أبي بكرٍ حيث أعتق سيدنا بلال. فالرابطة الحقّة التي عمل عليها هذا الدين هي رابطة الإسلام، وقد انصهرت في بوتقتها سائر الأعراق والأجناس، حتى لا يبغي أحدٌ على أحد، ولا يتعالى أحدٌ على أحد.
وحذر من الفرقة، قائلاً: إن أراد المسلمون العزّة، وإن أرادوا البقاء والتمكين، فليَعودوا إلى أخوّة الإسلام، متعالين عن كل فرقةٍ تُوقِع العداوة والبغضاء بينهم، فلا يلتفتوا إلى أحزاب، ولا إلى شيَع، ولا إلى غير ذلك مما يُوغِر الصدور، ويورّث الضغائن والأحقاد، والله تبارك وتعالى بيّن ذلك في قرآنه فقال: ﴿إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكانُوا شِيَعًا لَستَ مِنهُم فِي شَيءٍ﴾، وفي قراءة متواترة: «فارَقوا دينهم». مؤكّدًا أنّ الدعوة إلى العصبيّة والنَّعَرات القبليّة، وترك الأخوة الإنسانيّة المسلمة، هي دعوة إلى الفناء، ودعوة إلى أن يكون سُوسُ الفرقةِ ناخِرًا في عِظام هذه الأمّة، فتتفتّت عظامها، ويَنهار قِوامها، وتَصير أثرا بعد عين، والإسلام لا يرضى بذلك، فقد قال رسول الله ﷺ: «يَدُ اللهِ مع الجماعة».
من جانبه، أكّد الدكتور حمدي الهدهد أنّ قوّة هذه الأمّة في وحدة المنتسبين إليها، ولا صلاح لها إلا بصلاح أفرادها، ولا صلاح للفرد إلا بصلاح قلبه، ولا صلاح للقلب إلا بذكر الله عز وجل، مستشهدًا بقوله تعالى: ﴿أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ﴾. وقال فضيلته: إن النبي ﷺ حين أمر بالهجرة من مكة إلى المدينة، كأنّه ناجى ربَّه قائلًا: «اللهم إنك أردت أن تُخرجني من أحب البلاد إلي، فأسكنِّي يا رب في أحب البلاد إليك»، فكان مقامه بالمدينة المنوّرة.
وأضاف أن الهجرة في معناها الحقيقي الدقيق، هي نقطة بداية، وتحوُّلٌ تامٌّ من حالٍ إلى حال؛ إذ كانت الدعوة في مكة مضطهَدةً، محاصَرة، يُنكَّل بكلّ من يدعو إليها أو ينتمي لها، فانتقل النبي ﷺ وأصحابه إلى المدينة المنورة ليُمهِّد لتمكين دين الله في الأرض كلّها، وكان أوّل ما أراده النبي ﷺ هو بناء المجتمع، لا المجتمع المسلم فحسب، بل المجتمع الإنساني بأسره.
واستشهد بقول نبينا محمد ﷺ عند دخوله المدينة: «والذي نفسي بيده، لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابّوا، ألا أدلّكم على شيءٍ إذا فعلتموه تحاببتم؟ أفشوا السلام بينكم». وقال: وكأنّ النبي ﷺ يريد أن يُؤسِّس لبداية طريق الوحدة، وأنّ طريق الوحدة لا يبدأ إلا بتفعيل اسم الله «السلام» بيننا. وأوضح أن من علامات الساعة أن يُصبح إفشاء السلام غريبًا بين الناس، حتى إنك إذا سلّمت على أحد، نظر إليك قبل أن يرد، ليتأكّد: هل يعرفك؟ هل قابلك من قبل؟! وقد غاب الأصل، وهو أن تسلِّم على من عرفتَ ومن لم تعرف.
وفي ختام الندوة، أكّد الدكتور حسن يحيى أنّ الأخوة التي عمل النبيّ ﷺ على ترسيخها كقيمة اجتماعيّة، تنبثق عنها قيمٌ أخرى، فقيمة الإيثار منبثقة من قيمة الأخوة، وقيمة الفداء والتضحية منبثقة من قيمة الأخوة، وكذلك قيمة النصر والنُّصرة. وأوضح فضيلته أن رسول الله ﷺ أسّس دولته على المؤاخاة بين الأوس والخزرج، وبين الأنصار والمهاجرين، لأن هذه الدولة منوطٌ بها أن تنشر رسالة، وأن تحقق هدفًا، وأن تصل أرضًا بسماء، وتصل دنيا بآخرة، وهذه الأهداف العظيمة لا يمكن أن تتحقق إلا بمجتمعٍ متماسكٍ، متآخٍ.
وأضاف: لو تخيّلتم حين اعتدى المشركون على المدينة في بدر، كيف كان رسول الله ﷺ سيواجه هذا الخطر المحدق بهذه الدولة الفتيّة، لو كان المجتمع متهالكًا متناحرًا، لأدركتم عِظم نعمة الأخوة الإسلامية. فقد كانت هذه الأخوة التي رسّخها سيدنا رسول الله ﷺ عاملًا أساسيًّا في تحقيق النصر في بدر، وفي أُحُد، وفي الأحزاب، وكانت سببًا في ردّ عدوان من أرادوا الإغارة على المدينة في تبوك، وكانت كذلك عاملًا في عودة المسلمين إلى ديارهم في مكة منتصرين، ولسان حالهم يردد قول الله تعالى: ﴿وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِرُسُلِهِمْ لَنُخْرِجَنَّكُمْ مِنْ أَرْضِنا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنا فَأَوْحى إِلَيهِمْ رَبُّهُم لَنُهلِكَنَّ الظّالِمين * وَلَنُسكِنَنَّكُمُ الأَرضَ مِن بَعدِهِم﴾.
وختم كلمته بالتأكيد على أن الأخوة نعمة امتنّ الله بها على هذه الأمة، مستشهدًا بقوله تعالى: ﴿وَاذكُروا نِعمَتَ اللَّهِ عَلَيكُم إِذ كُنتُم أَعداء فَأَلَّفَ بَينَ قُلوبِكُم فَأَصبَحتُم بِنِعمَتِهِ إِخوانًا﴾، وقال: إن شكر النعمة يقتضي أن نحافظ عليها، وسبيل الحفاظ على الأخوة أن نتنازل عن ذواتنا وأهوائنا وأغراضنا، وأن نطهّر قلوبنا لله عز وجل، لنبني بها وطنًا، ونحقق بها هدفًا، وننمي من خلالها أواصر الأمن النفسي، والأمن المجتمعي.