توحيد خطبة الجمعة بالمغرب.. تضييق على الخطباء أم ترشيد لوظيفتهم؟
تاريخ النشر: 4th, July 2024 GMT
الرباط- شهدت مساجد المغرب، الجمعة الماضية، الشروع في تنفيذ خطة "تسديد التبليغ" الدينية التي أعدها المجلس العلمي الأعلى ووزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، وتضمنت توحيد خطبة الجمعة بهدف "إصلاحها وتجاوز الاختلالات التي تعتريها".
وخلّف هذا الإجراء جدلا بين رواد المساجد والمهتمين بالشأن الديني. ورأت فئة أنه سيحول الخطيب من شخص له تكوين شرعي يؤهله لاختيار القضايا المناسبة لرواد المسجد لإلقائها بأسلوبه، إلى مجرد قارئ لخطب مكتوبة في ظروف قد لا تكون مواتية.
في حين اعتبرت فئة ثانية أن هذه الخطوة ستسهم في ترشيد عمل الخطباء وستصلح الأعطاب التي تعتري خطب الجمعة بما يحقق مقصد ترشيد التدين.
بدأ الأسبوع الأخير من يونيو/حزيران الماضي بتنفيذ خطة "تسديد التبليغ من أجل حياة طيبة" بأول خطبة موحدة تم اعتمادها في عدد من مساجد المملكة وعنوانها "فضل الاستجابة إلى الله ورسوله" إلى حين تعميمها على جميع المساجد.
ويبلغ عدد مساجد المغرب حوالي 52 ألفا، 24 ألفا منها مساجد جامعة والبقية للصلوات الخمس، وتوجد 72% منها في الريف، و28% في المدن.
وأوضح رئيس المجلس العلمي لعمالة الحي الحسني بالدار البيضاء سعيد بيهي أن المجلس العلمي الأعلى وضع هذه الخطة بعدما رصد أن التبليغ لا يحقق مقصود الدين المتمثل في تغيير أحوال الناس، والارتقاء بهم إلى مستوى من التدين تَظهر ثمراته على واقعهم.
ولفت بيهي إلى أن التدين -في الواقع الحالي- تحول إلى "تدين قشري ومظاهر جوفاء وأيديولوجيا" دون أن يتحقق مقصود الدين في تحقيق حياة طيبة للمتدينين. وقال للجزيرة نت إن ذلك اقتضى من المجلس إعادة النظر في خطاب التبليغ لتسديده وتحقيق المقصود منه.
وتابع "تُهدر جهود وأوقات وموارد، ويرتاد المساجد كل جمعة حوالي 9 ملايين شخص ينصتون للخطبة لكنها لا تترك أي أثر في حياتهم، فالانحرافات تزداد وتُكلف الأفراد والأسر والدولة الكثير".
وأضاف أنه سيتم تنفيذ هذه الرؤية من خلال خطب الجمعة ودروس الوعظ والإرشاد في المساجد. وسيلقي الخطباء خطبة موحدة الموضوع يوم الجمعة الذي سيتم عرضه في دروس للوعظ والإرشاد تحتضنها المساجد طيلة الأسبوع.
وأوضح بيهي أن الخطة تقوم على مستويين:
الأول: يتعلق بمرجعيتها وخلفيتها وهو مستوى شرعي لا يجادل فيه إلا من له اصطفافات في مواقع ومرجعيات أخرى مزاحمة لا تستوعب المطلوب من الشرع. الثاني: تدبيري يسعى لتصحيح عدد من الاختلالات التي تعتري خطب الجمعة.وبرأيه، فإنه بالنظر إلى حجم الانحراف، يحق للمؤسسة العلمية -باعتبارها تابعة للدولة- أن تقيد العام لأن ذلك من الأمور المباحة، إذ يجوز لولي الأمر أن يقيد الأمر المباح "ونحن هنا نتكلم عن اختلالات حاصلة".
ضررويتفق أحمد كافي أستاذ التعليم العالي للدراسات الإسلامية مع ضرورة إصلاح الأعطاب والاختلالات التي تعتري خطبة الجمعة والخطيب إلا أنه يعارض توحيدها لعدة اعتبارات. ويقول للجزيرة نت إن الخطبة الموحدة فيها ضرر بها وبالخطيب معا لأنها عندما تكون جيدة ومؤثرة فذلك بسبب كفاءة الخطيب وإبداعه.
كما يرى أن في هذا أذية للمصلين لأن واقع الناس يختلف من حي لآخر ومن القرية للمدينة، ولا يمكن للخطبة الواحدة أن تعبر عن واقع الجميع وحاجتهم، وأكد أن إصلاحها بعقلانية وتوسط واعتدال لن يتم إلا بإشراك الجميع في تشخيص الاختلالات ومعالجتها، وألا يستبد بهذا الإصلاح مؤسسة أو أفراد أو هيئات لأن الخطبة تعني الجميع.
وحسب كافي، فإن إصلاح خطبة الجمعة ينبغي أن يبدأ من مضمونها وذلك بالاستفادة من طرق التبليغ العصرية والأساليب الحديثة بالمجال التربوي والتعليمي وفي مخاطبة الجماهير والتأثير فيهم.
من جهته، يرى الباحث في الشأن الديني إدريس الكنبوري أن قرار توحيد الخطبة يتناقض مع مشروع إعادة هيكلة الحقل الديني الذي أطلقه المغرب منذ سنوات، وضمنه إنشاء معهد لتكوين الأئمة والمرشدين والمرشدات.
وقال إن تكوين الأئمة يعني تأهيل نخبة من الأئمة والخطباء للتواصل مع الناس في المجتمع والمسجد. وتساءل: فلماذا التكوين والإنفاق من المال العام لكي يتخرج إمام وظيفته قراءة خطبة مكتوبة من لدن جهة أخرى؟
في نظر الكنبوري، فإن توحيد الخطبة يتناقض مع المطلوب منها لأن دور الخطيب التحدث إلى الناس بما يفقهون وبما يهمهم في الوسط الذي يعيشون فيه، ويراعي مستويات الناس، ويحدثهم فيما نزل بهم في الوسط الذي يعيشون فيه.
ويرى أنها حط من قيمة الخطيب ودوره أمام الناس، وتنزع ثقتهم فيه كشخص مؤهل، وهذا أمر لا يعتقد أنه مرغوب فيه لدى الدولة لأن دافعها إلى تكوين الأئمة وإصلاح الحقل الديني هو إيجاد فئة تحظى بثقة الناس.
تحمل المسؤوليةونشرت وزارة الأوقاف -على صفحتها في فيسبوك– توضيحا حول الخطبة الموحدة. وقالت إن الخطباء والوعاظ كانوا ولا يزالون يتمتعون بحرية تصحبها مسؤولية في إلقاء خطبهم ومواعظهم، باعتبارهم محل ثقة وكفاءة في ذلك، عدا بعض الحالات القليلة جدا التي تشذ أحيانا عن هذا.
وأوضحت الوزارة أن أمر تعميم الخطب مؤقت وليس دائما، ويروم التحسيس العام بهذا المشروع وبناء الاستجابة له والتفاعل الإيجابي معه ومدارسة مواضيع بعينها في دروس وعظ منتظمة في خطة المؤسسة.
ويؤكد بيهي عضو المجلس العلمي الأعلى أن الخطة لا تتهم الخطباء، بل ينبغي أن تكوّن لهم الشجاعة والوعي بضرورة التعاون لإصلاح اختلالات خطب الجمعة، ومنها أن العديد من الخطباء لا يهيئون الخطبة بهدف تحقيق غاية الشرع ولا يحملون جميعهم هم إلقاء خطبة مؤثرة ولا يرون فيها مسؤولية كبيرة.
وتأسف لكون العديد من المتدينين -ونتيجة التأثر بخلفيات أخرى- يذهبون باتجاه المفاصلة بين علماء الأمة وعلماء السلطان وفق تصورهم. لذلك -يضيف بيهي- يحدث لديهم نوع من الرفض المسبق لأي تدبير كان مصدره الدولة ويُنظر إليه على أنه تحكم، في حين أن الأمر يتعلق بخطة مبنية على رؤية شرعية وهندسة إذا تأملها الفرد وجدها معقولة ومطلوبة شرعا.
ودعا بيهي الخطباء إلى التحلي بالأهلية العلمية والنفسية المتمثلة في امتلاك الصدق الذي يجعل الإنسان لا يحتكم لرؤية مزاحمة سواء سياسية أو حركية أو غيرها. وأشار إلى أن بعض الأشخاص لديهم مشاريع خاصة والخطبة بالنسبة لهم وسيلة لاستقطاب الناس من خلال رؤية معينة، في حين أن "همّ الأمة أكبر من الأفراد".
وأكد ضرورة انخراط الوعاظ والخطباء ورواد المساجد في فهم هذه الخطة واستيعابها ليكون لها أثر على واقع الناس وأحوالهم، والعمل على إحياء جماعة المسجد بشكل ينأى به عن التحيزات والطائفيات والانتماءات.
أما أحمد كافي فشدد على ضرورة تحمل وزارة الأوقاف مسؤوليتها في تكوين الخطباء وتدريبهم و"ألا يُتركوا لأقدارهم".
وأشار إلى أن الخطيب لا يخضع لتكوين كما هو الشأن في مجموعة من الدول التي عندها كليات لتكوين وإعداد الدعاة والخطباء، بل يتقدم لاجتياز امتحان في الخطابة والمعلومات الدينية ويصبح بعدها خطيبا دون أن يسبق صعوده المنبر تكوين وتدريب يؤهله لهذه المسؤولية.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات المجلس العلمی خطبة الجمعة خطب الجمعة
إقرأ أيضاً:
إليكم 23 صورة من ملف إبستين وترامب وبيل كلينتون وبيل غيتس التي كُشف عنها الجمعة
(CNN)-- نشر الديمقراطيون في لجنة الرقابة بمجلس النواب الأمريكي، الجمعة، صورا من مقتنيات تركة جيفري إبستين، تُظهر عديدا من الشخصيات النافذة في دائرة تاجر الجنس، بمن فيهم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، والرئيس الأسبق بيل كلينتون، وستيف بانون، وبيل غيتس، وريتشارد برانسون، وغيرهم.
والعديد من هؤلاء الرجال لهم صلات سابقة بإبستين، لكن الصور قد تلقي ضوءا جديدا على مدى عمق تلك العلاقات.
وبشكل إجمالي، فإن الصور الـ19 - التي قالت اللجنة إنها جاءت من تركة إبستين - تؤكد أنه كان مرتبطا في الماضي بمجموعة متنوعة من الأشخاص النافذين والبارزين الذين تخضع علاقاتهم به الآن لتدقيق واسع.
وتظهر إحدى الصور التي نُشرت، الجمعة، ما يبدو أنه "وعاء يحتوي على واقيات ذكرية مُبتكرة عليها رسم كاريكاتوري لوجه ترامب"؛ ويحمل الوعاء لافتة كُتب عليها "واقيات ترامب 4.50 دولار".
ويحمل كل واق ذكري صورة لوجه ترامب مع عبارة "أنا ضخم!". وأظهرت صورة أخرى ترامب مع 6 نساء يرتدين أكاليل الزهور، وقد حجبت اللجنة وجوههن. ونُشرت صور أخرى لستيف بانون وإبستين وهما يلتقطان صورة أمام المرآة؛ وصورة لبيل كلينتون مع إبستين وماكسويل وزوجين آخرين؛ وصورة لملياردير التكنولوجيا بيل غيتس مع الأمير السابق أندرو. كما ظهر رئيس جامعة هارفارد السابق لاري سامرز والمحامي آلان ديرشوفيتز في صور من مقتنيات تركة إبستين.
ولا تُظهر أي من الصور التي تم نشرها أي سلوك جنسي غير لائق، ولا يعتقد أنها تصور فتيات قاصرات. ولم يتضح على الفور متى أو أين تم التقاط هذه الصور، أو من التقطها.
وحصلت اللجنة التي يقودها الجمهوريون على هذه الصور من تركة إبستين كجزء من تحقيقها الجاري. وقد نشرت اللجنة حتى الآن عشرات الآلاف من الوثائق ورسائل البريد الإلكتروني والمراسلات التي تلقتها من تركة إبستين، والتي لا تزال تفتح آفاقا جديدة في التحقيقات.
ووجه محامو تركة جيفري إبستين رسالة إلى اللجنة، الخميس، أشاروا فيها إلى "إمكانية مراجعة مقاطع الفيديو والصور التي طلبتها، والتي تم التقاطها في أي عقار يملكه أو يستأجره أو يديره أو يستخدمه إبستين، وذلك خلال الفترة من 1 يناير 1990 حتى 10 أغسطس 2019".
وذكر المحامون في رسالتهم: "كما هو الحال بالنسبة لما تم الكشف عنه بالأمس، تتضمن هذه الوثائق أيضا موادا قد لا تكون ذات صلة بالموضوع، ولكن لم تتمكن إدارة التركة من تأكيد ما إذا كانت قد التُقطت في عقار يملكه أو يستأجره أو يديره أو يستخدمه إبستين. وقد أجرت التركة تعديلات طفيفة على هذه الصور، واقتصرت هذه التعديلات على صور العُري".
وقال النائب روبرت غارسيا، كبير الديمقراطيين في لجنة الرقابة بمجلس النواب، في بيان، إن آخر ما قدمته التركة من وثائق يحتوي على "أكثر من 95 ألف صورة، من بينها صور لرجال أثرياء ونافذون قضوا وقتا مع جيفري إبستين"، و"آلاف الصور لنساء ومقتنيات تابعة لإبستين".
وأضاف غارسيا في بيان: "حان الوقت لإنهاء هذا التستر من قبل البيت الأبيض، وتحقيق العدالة لضحايا جيفري إبستين وأصدقائه النافذين. هذه الصور المقلقة تثير المزيد من التساؤلات حول إبستين وعلاقاته ببعض أقوى الرجال في العالم. لن نهدأ حتى يعرف الشعب الأمريكي الحقيقة. يجب على وزارة العدل أن تفرج عن جميع الملفات، الآن".
ولم يتم اتهام بيل كلينتون مطلقا من قبل سلطات إنفاذ القانون بأي مخالفة تتعلق بإبستين، وقد أعلن متحدث باسمه مرارا أنه قطع علاقاته بإبستين قبل اعتقاله بتهم فيدرالية في عام 2019، وأنه لم يكن على علم بجرائمه.
ونفى متحدث باسم غيتس مرارا أن يكون إبستين قد عمل لديه. وكان غيتس قد أعرب من قبل عن ندمه على لقائه بإبستين، حيث قال لأندرسون كوبر من شبكة CNN عام 2021: "كان خطأً فادحا قضاء الوقت معه، ومنحه مصداقية التواجد هناك".
في حين أن علاقات ترامب بإبستين معروفة جيدا. فقد كانا ينتميان إلى نفس الأوساط الاجتماعية في مانهاتن وبالم بيتش. لكن لم يتم توجيه الاتهام لترامب بأي مخالفة جنائية، وقد وصف هو وفريقه سابقا إبستين بأنه شخص "بغيض" طرده ترامب من ناديه.
وفي مجموعة من الرسائل الإلكترونية التي نشرتها اللجنة مؤخرًا، ادعى إبستين أن ترامب "قضى ساعات" مع إحدى أبرز من اتهموا إبستين، الراحلة فيرجينيا جيوفري. كما كتب إبستين في رسالة بريد إلكترونية أن ترامب "كان على علم بالفتيات" - في إشارة واضحة إلى ادعاء ترامب أنه طرد إبستين من ناديه مار-أ-لاغو لقيامه باستدراج الشابات اللواتي يعملن هناك.
في أعقاب تلك الرسائل الإلكترونية، وصف ترامب والبيت الأبيض القضية بأنها "خدعة"، حيث قالت السكرتيرة الصحفية كارولين ليفيت إن الرسائل الإلكترونية "لا تثبت شيئا على الإطلاق، سوى حقيقة أن الرئيس ترامب لم يرتكب أي خطأ".
وكشفت مراجعة شبكة CNN لآلاف الصفحات من رسائل إبستين الإلكترونية أنه على مر السنين، استشهد إبستين مرارا وتكرارا بترامب، أحيانًا لتحليل سلوكه، وأحيانا أخرى لغرض النميمة، وأحيانا أخرى لمجرد تصوير نفسه كشخص لديه فهم نادر للرجل الذي أصبح رئيسًا.
وواجه آخرون ممن ارتبطوا بإبستين عواقب مهنية أو غيرها بسبب تلك العلاقة، على الرغم من أنهم لم يُتهموا أيضا بارتكاب أي مخالفات جنائية.
وأخذ سامرز إجازة من التدريس في جامعة هارفارد واستقال من منصبه في مجلس إدارة OpenAI، وقال إنه "يشعر بخجل شديد" من استمراره في التواصل مع إبستين، وإنه سيعمل، مع تنحيه عن أداء الأدوار العامة، على "إعادة بناء الثقة وإصلاح العلاقات مع الأشخاص الأكثر قربا منه". وتخلى أندرو ماونتباتن-ويندسور عن استخدام ألقابه الملكية، ونفى أي مزاعم بسوء السلوك.