كيف كتب اليمن نهاية دبلوماسية المئة ألف طن
تاريخ النشر: 27th, July 2024 GMT
فحاملة الطائرات ليست مجرد قطعة حربية أو مطار عسكري، بل يتعامل معها الأمريكيون كأداة "دبلوماسية" لفرض قوتهم وهيمنتهم على الآخرين، فهي كما يصفها كيسنجر "تعادل مئة ألف طن من الدبلوماسية".
تقوم العقيدة العسكرية الأمريكية على كون الولايات المتحدة الأمريكية قوة بحرية، ويستلهم الأمريكيون أفكار الضابط في قواتها البحرية الجيوسياسي ألفريد ماهان بأهمية "اجتياح البحر وإحكام القبضة عليه"، وعلى حد تعبيره فـ"إن القوات البحرية هي أدوات العلاقات الدولية.
ويمكن الشعور بوجود القوات البحرية حيث لا تستطيع الجيوش الوطنية أن تذهب، إلا تحت الحماية البحرية...
إن المسألة المطروحة على الولايات المتحدة فيما يتصل بحجم قواتها البحرية لا تتلخص في ما ترغب في تحقيقه بقدر ما تتلخص في ما هي على استعداد للتنازل عنه أو عدم استعدادها للتنازل عنه".
وينص أحدث إصدار للعقيدة البحرية الأمريكية أن "الدبلوماسية البحرية هي تطبيق القدرات البحرية في السعي لتحقيق الأهداف الوطنية أثناء التعاون والمنافسة تحت الصراع".
وحتى قبل ظهور حاملة الطائرات كانت الولايات المتحدة قد اعتمدت ما يسمى بدبلوماسية الزوارق الحربية لإخضاع الآخرين، ففي 1853، أبحر ضابط أمريكي بأسطول مكون من أربع سفن حربية سوداء صلبة إلى خليج طوكيو في اليابان التي لم تكن تملك حينها أي قطع حربية، وفور وصول القوة الأمريكية، وافقت اليابان بسرعة على فتح موانئها للتجارة مع الغرب لأول مرة منذ أكثر من مائتي عام،
وفي عام 1903 أرسل الرئيس الأمريكي ثيودور روزفلت أسطولا من السفن الحربية لدعم انفصال بنما عن كولومبيا، ورغم أن هذه السفن لم تطلق طلقة واحدة، إلا أن استعراض القوة البحرية أجبر كولومبيا على التسيلم بانفصال بنما، وأعطيت الولايات المتحدة امتياز شق قناة بنما.
وفي العام التالي أقر روزفلت رسميا مبدأ مونرو القائم على استخدام القوة العسكرية كأداة للسياسة الخارجية للولايات المتحدة ،
وأعلن إضافة عشر سفن حربية وأربع طرادات إلى البحرية الأميركية، وأعاد روزفلت في العام 1905م تكرار تجربة دبلوماسية الزوارق لفرض الهيمنة على جمهورية الدومنيكان، لكن الطموح الأمريكي واستعراض القوة البحرية في كل العالم كان أكثر وضوحا ورمزية في العام 1907م حينما أطلق روزفلت عملية "العصا الكبيرة" حيث أرسل 14 سفينة حربية بيضاء لامعة وسبع مدمرات في رحلة استعراضية حول العالم، استمرت أربعة عشر شهرا، وقطعت مسافة 43000 في ست قارات.
واستمرت واشنطن منذ ذلك الحين في فرض سيادتها على البحار بقوة متنامية انتقلت من الزوارق والسفن إلى حاملات الطائرات التي تم توجيهها مئات المرات منذ الحرب العالمية الثانية إلى مناطق تشهد نزاعات لدعم الأطراف الموالية لأمريكا، كما لعبت أدوارا حاسمة في الحرب الباردة والحرب الكورية وحين تم إرسالها لدعم الهند في الحرب الهندية الباكستانية في سبعينيات القرن الماضي، إضافة إلى استخدامها في دعم الحروب الأمريكية على العراق وأفغانستان.
وينسب إلى الرئيس الأمريكي كلينتون أنه عندما كانت تصل إليه أنباء أزمة في أي مكان من العالم إلى غرفة العمليات في البيت الأبيض، يسأل دائماً عن أقرب حاملة طائرات إلى موقع الأزمة، بينما عبر الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب عن أهمية حاملة الطائرات ضمن وزن القوة الأمريكية بالقول: "إن حاملات الطائرات الأميركية تشكل جوهر القوة العسكرية الأميركية في الخارج.
فنحن نقف اليوم على مساحة تبلغ 4.5 فدان من القوة القتالية وعلى أرض أميركية ذات سيادة، وهي مساحة لا ينافسها أحد. ولا يوجد من ينافس هذه الحاملة.
إنها نصب تذكاري للقوة الأميركية".
ويعبر وزير البحرية الأمريكي الأسبق راي مابوس، بالقول "تصل إلى هناك في وقت أقرب، وتبقى هناك لفترة أطول، وتحمل معها كل ما تحتاج إليه، ولا تحتاج إلى طلب الإذن من أي شخص. [إنها] توفر لقادة أمتنا خيارات في أوقات الأزمات".
اليمن ينهي دبلوماسية حاملة الطائرات مع بدء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة حركت الولايات المتحدة الأمريكية حاملتي طائرات هما يو اس اس أيزنهاور و يو إس إس فورد بقصد إرهاب أي طرف ومنعه من إسناد قطاع غزة، وكانت الرسالة من تواجد هذه الحاملات كما عبرت الإدارة الأمريكية بشكل صريح موجهة إلى إيران وحزب الله، والجمهورية اليمنية. وقد تحركت حاملة الطائرات يو إس إس أيزنهاور في جولة استعراضية في الأسبوع الثاني من العدوان على غزة شملت البحر الأحمر وخليج عدن والخليج العربي، ولم يكن مستغربا أن هذه الجولة كانت مصحوبة بدعاية إعلامية تواكب مسافات الإبحار بالأميال، لكن هذا الاستعراض لم ينجح حيث أعلن اليمن عن بدء عمليات بحرية تستهدف الملاحة الإسرائيلية، ليصيب بذلك عمق العقيدة البحرية الأمريكية والتفوق القائم منذ أكثر من قرن، وكان من الطبيعي أن تتحرك الولايات المتحدة لاستعادة تواجدها في ما تعتبره ملكا لها من أعالي البحار، ولحماية الكيان الإسرائيلي من الهجمات اليمنية، وبالفعل عادت حاملة الطائرات يو اس اس ايزنهاور مع مجموعتها من السفن الحربية لتتمركز في البحر الأحمر مع انتشار للسفن حتى خليج عدن، وجمعت تحالفا أسمته حارس الازدهار تم الإعلان عنه في التاسع عشر من ديسمبر 2023م. اعتقدت الولايات المتحدة الأمريكية أن التحالف سيرهب اليمن وأن العمليات اليمنية ستتوقف كما هو الحال مع من استخدمت معهم سابقا "دبلوماسية المئة ألف طن"، غير أن اليمن صعد موقفه وأعلن عن توسيع عملياته ورفض التهديدات الأمريكية مثلما رفض عروض الترغيب، وصولا إلى الثاني عشر من يناير حيث بدأ العدوان العسكري المباشر من قبل أمريكا وبريطانيا ضد اليمن، ولم يكن الأمريكيون يتوقعون أن العمليات اليمنية ستستمر بعد هذا العدوان سوى لفترة محدودة، قبل أن يضطروا للاعتراف وعلى لسان كبار المسؤولين أن العدوان ضد اليمن لم يردع القوات اليمنية وأن عملياتها مستمرة ومتصاعدة، بل وامتدت لتشمل الملاحة الأمريكية والبريطانية قبل أن تتوسع إلى المرحلة الرابعة. مالم يكن يتوقعه الأمريكيون أيضا هو أن تتعرض قطعهم الحربية للهجمات وأن اليمن سيشن كما يعترف وزير الدفاع البحرية الأمريكي “كارلوس ديل تورو" أكثر من 300 هجوم على السفن الحربية لأمريكا وحلفاءها في البحر الأحمر حتى مطلع مايو الماضي، وبأسلحة لم تعتد عليها القوات البحرية الأمريكية من قبل، أسلحة يقول عنها قائد الأسطول الأمريكي الخامس براد كوبر، أسرع من الصوت لا تمتلك معها قوات أمريكا سوى ثوان معدودة لاتخاذ قرار الاعتراض، وكانت معركة هي الأكثر استدامة منذ الحرب العالمية الثانية كما يؤكد مسؤولون في البحر الأمريكية، حتى أن قائد سفينة أيزنهاور "تشوداه هيل" يقول معبرا عن هذه المعركة" في بعض هذه الحالات، كنت أرتدي ملابس النوم طوال الوقت - ولست خائفًا من قول ذلك - بحذاء المنزل. لم يكن لدي وقت لارتداء الزي الرسمي". هروب أيزنهاور..اختباء روزفلت المعركة اليمنية مع القطع البحرية الأمريكية كتبت نهاية عصر حاملات الطائرات وأكدت أنها قابلة للاستهداف، فقد استهدفت القوات اليمنية حاملة الطائرات يو اس اس أيزنهاور ثلاث مرات بين 31 مايو و20 يونيو، ورغم أن الولايات المتحدة لم تعترف صراحة بهذا الاستهداف لما يحمله من دلالات على تراجع الهيمنة اليمنية وما قد يشكله اليمن من نموذج في جرأته على ضرب هذه القطعة العسكرية الدبلوماسية حسب التعريف الأمريكي، إلا أن قادة مجموعة أيزنهاور اعترفوا بعد عودة المجموعة إلى موطنها، في تصريحات لمعهد البحرية الأمريكية، أنها "المرة الأولى التي تتعرض فيها حاملة طائرات أمريكية لتهديد مباشر مستمر من عدو منذ الحرب العالمية الثانية". انسحبت مجموعة حاملة الطائرات أيزنهاور بعد فشل تام أكده قائد القيادة الأمريكية ايريك كوريلا في رسالة إلى وزير الدفاع وفق ما ذكره تقرير نشرته صحيفة وول ستريت جورنال، لكنه لم يكن فشلا فقط، بل تعرضت للاستهداف لأول مرة، وأصيبت كما أكدت القوات المسلحة اليمنية في 31 مايو، فاضطرت إلى الهروب بشكل مُذل ومهين إلى شمال البحر الأحمر، وقبل أن تنسحب تماما بعد عشرين يوما من الاستهداف الأول تحولت السفن الحربية الأمريكية من حارس للملاحة الإسرائيلية إلى حارس لسفينة أيزنهاور. تقول الولايات المتحدة إن انسحاب أيزنهاور لم يكن نتيجة لاستهدافها وإنما لأنه قد تم تمديد نشرها لفترة إضافية، وستحل محلها حاملة الطائرات يو اس اس روزفلت، وفقا لبيان القيادة المركزية الأمريكية في 22 يونيو. ورغم إعلان القيادة المركزية الأمريكية أن روزفلت وصلت بالفعل إلى منطقة العمليات بهدف حماية الملاحة في الثاني عشر من يوليو الجاري إلا أنها لم تدخل البحر الأحمر وظلت مختبئة لأيام في أقاصي شرق البحر العربي قبل أن تتجه للتمركز في منطقة الخليج قبالة سواحل البحرين كما تظهر آخر صور الأقمار الصناعية، وعلى غير العادة الأمريكية في تغطية تحركات حاملات الطائرات، أغلقت روزفلت أجهزة تتبعها كما تقطع طائرة الإمداد الخاصة بها إشارة التتبع في منتصف الطريق. إن توجه روزفلت إلى الخليج جاء مناقضا لما هو معلن من قبل الولايات المتحدة إذ أن الخليج ليس منطقة للعمليات اليمنية، لكنه مسار اضطراري يظهر الخشية من تعرض الحاملة للهجوم من قبل اليمن، وهو هجوم توعد به قائد حركة أنصار الله عبدالملك الحوثي عقب أيام من إعلان واشنطن نية نقل روزفلت إلى البحر الأحمر. تقول صحيفة ناشيونال انترست إن الحوثيين أصيبوا بالذعر مع تحرك روزفلت من المحيط الهادئ إلى البحر الأحمر، لكن ما يبدو واضحا هو أن روزفلت هي التي أصيبت بالذعر وتخشى من استهداف محقق إن هي عبرت باب المندب، وتخشى الفضيحة إن هي عبرت إلى البحر الأحمر عبر الرجاء الصالح ومضيق جبل طارق والسويس، لذلك لا بأس من الاستعراض على مستوى الإعلام بأنها موجودة وإن ظهرت كما بات يصفها الصينيون نمرا من ورق، مع أن مشهد الاختباء لا يقل في مستوى الفضيحة عن مشهد هروب أيزنهاور بل يؤكد أنها تعرضت للاستهداف. إن كسر اليمن لهيبة الردع الأمريكية وإسقاط الهيمنة البحرية قد انعكس على قرارات دول أخرى مثل الصين التي باتت تتحرك بجرأة أكبر في محيط تايوان والفلبين، أما الرئيس الروسي فلاديمير بوتين فقد تحدث في مؤتمر بطرسبرج في يونيو الماضي بسخرية عن حاملات الطائرات الأمريكية مؤكدا أنها لم تعد تٌخيف وقائلا لمحاوره: دعهم ينفقون الأموال عليها.. لقد انتهى زمن حاملات الطائرات، هذا ماكتبه اليمن، وقد طٌردت البحرية الأمريكية بشكل مٌهين..يقول القائد السابق للقيادة المركزية الأمريكية جوزيف فوتيل(2016-2019) في مقال نشره في 23 يوليو الجاري:"لا بد من الاعتراف بأننا لم نعد نحافظ على مصلحة حيوية للأمن القومي الأميركي..الوضع الحالي ليس فقط لا يطاق ــ بل إنه غير قابل للاستمرار. وحان الوقت للاعتراف بأن الحوثيين، في وضع يسمح لهم باحتجاز ليس فقط الولايات المتحدة بل والنظام العالمي بأكمله تقريبا رهينة".
المصدر: ٢٦ سبتمبر نت
كلمات دلالية: البحریة الأمریکیة حاملة الطائرات یو البحریة الأمریکی الولایات المتحدة حاملات الطائرات القوات البحریة السفن الحربیة البحر الأحمر إلى البحر یو اس اس لم یکن قبل أن من قبل
إقرأ أيضاً:
كبريات شركات الشحن: لا يزال ممر البحر الأحمر محظورا رغم الإجراءات الأمريكية (ترجمة خاصة)
كشفت كبريات شركات الشحن العالمي عن انخفاض حركة الملاحة عبر ممر البحر الأحمر، حتى بعد اتفاق وقف إطلاق النار الأخير بين الولايات المتحدة والحوثيين الذي يهدف إلى جعل الممرات التجارية أكثر أمانًا.
قالت صحيفة "نيويورك تايمز" إن أكبر شركات الشحن التجاري تواصل تجنب البحر الأحمر وقناة السويس، على الرغم من اتفاق وقف إطلاق النار الأخير بين الولايات المتحدة والحوثيين الذي يهدف إلى جعل الممرات التجارية أكثر أمانًا.
ونقلت صحيفة "نيويورك تايمز" عن القائمين على تلك الشركات قولهم إن حركة الملاحة عبر قناة السويس انخفضت بنحو 60% منذ عام 2023، حتى بعد الهجمات التي أمر بها ترامب على الحوثيين، والآن بعد وقف إطلاق النار.
وقال ريتشارد ميد، رئيس تحرير قائمة لويدز للشحن: "إذا كانت النية هي استعادة حرية الملاحة، وهو ما صرحوا به، فإن النتائج تتحدث عن نفسها: لم تعد صناعة الشحن إلى الوراء".
وأضاف ميد إن حركة السفن عبر البحر الأحمر انخفضت بنحو ثلاثة أخماس منذ عام 2023 عندما بدأ الحوثيون في استهداف السفن هناك تضامناً مع حماس في حربها مع إسرائيل في غزة.
وتابع "خوفًا من استهداف سفنها، تجنبت شركات الشحن الكبرى البحر الأحمر وقناة السويس، واتخذت طريقًا أطول بكثير حول الطرف الجنوبي لأفريقيا للسفر بين آسيا وأوروبا. وأعلن الحوثيون أنهم ما زالوا في حالة حرب مع إسرائيل، وسيهاجمون السفن المتجهة إلى البلاد".
وزاد "ورغم أن الحوثيين لم يهاجموا أي سفينة تجارية منذ ديسمبر، إلا أن شركات الشحن تعرب عن قلقها من تعرض سفنها للاستهداف، عمدًا أو عن طريق الخطأ، وليس لديها أي خطط للإبحار في الجزء الجنوبي من البحر الأحمر في أي وقت قريب".
من جانبه قال فينسنت كليرك، الرئيس التنفيذي لشركة إيه. بي. مولر-ميرسك، وهي شركة شحن كبيرة مقرها كوبنهاغن: "نحن بعيدون جدًا عن الحد الأقصى". وفي حديثه بعد وقف إطلاق النار في مايو/أيار، قال إنه يجب أن يظل البحر الأحمر آمنًا في المستقبل المنظور قبل عودة سفن الشركة.
وقال مسؤولون تنفيذيون في قطاع الشحن إنهم يخشون أيضًا حدوث خلل كبير في شبكاتهم إذا عادوا إلى البحر الأحمر، لكنهم اضطروا فجأة إلى الانسحاب من المنطقة بسبب استئناف الهجمات.
وعندما بدأ ترامب التدخل العسكري مع الحوثيين في مارس/آذار، قال إن هجماتهم على الشحن كلفت الاقتصاد العالمي "مليارات الدولارات". وتعليقًا على وقف إطلاق النار، قال: "يقولون إنهم لن يفجروا السفن بعد الآن".
وتوسطت عُمان في وقف إطلاق النار بين الحوثيين والولايات المتحدة. في وصفه للهدنة، قال وزير الخارجية العماني إن "أياً من الطرفين لن يستهدف الآخر، بما في ذلك السفن الأمريكية، في البحر الأحمر ومضيق باب المندب، مما يضمن حرية الملاحة وانسيابية حركة الشحن التجاري الدولي".
لكن محللين بحريين قالوا إنه من غير الواضح ما إذا كان وقف إطلاق النار ينطبق فقط على السفن الأمريكية.
تساءل جاكوب لارسن، كبير مسؤولي السلامة والأمن في BIMCO، وهي مجموعة تجارية للشحن: "هل كان هذا مجرد اتفاق بين الأمريكيين والحوثيين على عدم استهداف القدرات العسكرية لبعضهم البعض، أم أنه كان يشمل بالفعل السفن التجارية التي تمر بالمنطقة؟".
كما لم يبدُ أن وقف إطلاق النار يشمل صراع الحوثيين مع إسرائيل. أشار جاك كينيدي، رئيس قسم مخاطر الدول في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لدى شركة ستاندرد آند بورز جلوبال ماركت إنتليجنس، إلى أن الحوثيين وسّعوا هجماتهم على إسرائيل الشهر الماضي لتشمل السفن في ميناء حيفا الإسرائيلي أو في طريقها إليه. وبينما من غير المرجح أن يهاجم الحوثيون السفن الأمريكية خلال وقف إطلاق النار، قال كينيدي: "إن التسميات غير الواضحة حول علاقة السفينة أو الشركة بإسرائيل والموانئ الإسرائيلية، وعدم اليقين بشأن دقة استهداف الحوثيين، تعني وجود خطر شديد على السفن العابرة للبحر الأحمر".
وفي رسالة بريد إلكتروني إلى صحيفة نيويورك تايمز، قالت المجموعة المرتبطة بالحوثيين والتي تتواصل مع قطاع الشحن إنه "لا يمكن تقديم أي ضمانات لشركات الشحن".
وأضافت المجموعة: "العقوبات والحظر يقتصران حصريًا على الشركات والسفن التابعة أو المرتبطة" بإسرائيل. كما قالت المجموعة إن إجراءات القوات المسلحة اليمنية "تُنفذ من خلال آلية دقيقة مصممة لمنع الأخطاء".
وبحسب تقرير الصحيفة الذي ترجمه للعربية "الموقع بوست" لم يُعلق البيت الأبيض والبنتاغون.
وعلى الرغم من أن الطريق حول أفريقيا يستهلك وقودًا أكثر، وأن الطواقم تبقى في البحر لفترات أطول، إلا أن عمليات الشحن تكيفت مع هذا التحويل. قالت جينيفر كافانا، مديرة التحليل العسكري في معهد أولويات الدفاع، وهو معهد أبحاث يُفضّل ضبط النفس في السياسة الخارجية: "لو كان هذا الطريق الجديد مُرهِقًا حقًا، ولو كان مُكلفًا بالفعل، لرأينا دولًا أكثر استعدادًا للمخاطرة".
في الواقع، سمح السفر لمسافات أطول لشركات الشحن بنشر فائض السفن الجديدة التي طلبتها خلال فترة ازدهار التجارة خلال الجائحة. قبل هجمات البحر الأحمر، هدّد توريد السفن الجديدة بخفض أسعار الشحن وأرباح شركات الشحن.
قال ميد، المحرر: "بصراحة، سمح هذا الاضطراب، بهذا المسار الطويل، للقطاع بتحدي الجاذبية الاقتصادية إلى حد ما".
ومع ذلك، تُرسل شركة شحن كبيرة، وهي CMA CGM، ومقرها مرسيليا في فرنسا، عددًا صغيرًا من السفن عبر البحر الأحمر. وأظهرت مواقع تتبع السفن أن خمس سفن على الأقل كانت في الجزء الجنوبي من البحر الأحمر، بالقرب من اليمن، خلال الأسابيع الأخيرة.
لكن CMA CGM قالت في بيان إنها "لا تخطط لاستئناف عمليات المرور عبر قناة السويس على نطاق واسع في المدى القريب، إلا إذا سمحت الظروف الأمنية بذلك".
وقد حرم تحويل مسار السفن بعيدًا عن البحر الأحمر مصر من مليارات الدولارات من عائدات رسوم المرور التي تشتد الحاجة إليها من قناة السويس. ولإقناع شركات الشحن بالعودة، تُقدم القناة خصمًا بنسبة 15% للسفن الكبيرة لعبور القناة.