سودانايل:
2025-12-12@10:12:03 GMT

ماذا نقصد عندما نستعمل عبارة ( دولة ٥٦)

تاريخ النشر: 29th, July 2024 GMT

تنويه ،
يقرأ مع المقال السابق بعنوان (اسباب وعوامل فشل وتفكك ما يسمى بدولة ٥٦)
كنت قد وعدت القراء بالعودة الى موضوع دولة ٥٦، وهانذا افعل.
ماذا نقصد عندما نستعمل عبارة ( دولة ٥٦)
نقصد الدولة التى قامت وما زالت فى السودان منذ الاول من يناير ١٩٥٦.
السؤال هو هل هناك بالفعل مثل هذه الدولة؟
عند اطلاق اسم او تعريف معين لفترة حكم محددة بفترةزمنية محددة لابد ان تكون مختلفة عن الفترة التى سبقتها ومختلفة كذلك عن الفترة التى تلتها.

ومصادر الاختلاف كثيرة خاصة عندما نتحدث عن دول نشأت واستمرت لفترات زمنية طويلة.حينها يمكن اطلاق اسم مختلف على كل فترة من تلك الفترات.
الدولة او اى نظام حكم تكون له مرجعية فكرية اوسياسية ويحتل حيزا جغرافيا معينا وله حدود سياسية مع جيرانه وله مؤسسات تشريعية ونظم ادارية ودستور وقوانين.. الى ٱخر ما يتطلبه ادارة الدولة.فاذا اختلفت هذه المعطيات بين نظام حكم وما قبله وما بعده،جاز لنا ان نعرف هذا النظام باسم او توصيف يختص به.
وفى السودان نستطيع ان نطلق اسم دولة على عدة فترات من تاريخنا.
وبالرجوع الى التاريخ الحديث لبلادنا فنجد انه بعد دخول المسيحية قامت دولة مسيحية كانت مرجعيتها الاساسية هى الدين المسيحى وما استتبع ذلك من تشريعات ومؤسسات وحكمت تلك الدولة حيزا جغرافيا محددا وكانت لها حدود سياسية معروفة.
بدخول الاسلام انتهت الدولة المسيحية وقامت مكانها دولة اسلامية ربما كانت لها عدة عواصم ولكنها اشتركت فى المرجعية الواحدة وهى الدين الاسلامى وما استتبعه من تشريعات وقوانين ونظام حكم وكانت تحكم حيزا حغرافيا محددا ولها حدود سياسية معروفة.
الفتح التركى عام ١٨٢١ انهى تلك الدولة وانشأ مكانها دولة اخرى عرفت بالعهد التركى جاءت بمرجعياتها الاستعمارية وتشريعاتها ومؤسساتها وحكمت حيزا جغرافيا محددا وكانت لها حدود سياسية معترف بها واستمرت حتى عام ١٨٨٥.
جاءت بعد ذلك الدولة المهدية التى حكمت ما بين اعوام ١٨٨٥ و١٨٩٨ وكانت لها مرجعيتها التى اختلفت عن الدولة التركية وحكمت حيزا جغرافيا محددا وكانت لها حدود سياسية ومؤسسات حكم وتشريعات اختلفت عما سبقها.
ثم جاء الحكم الثنائى بعد ذلك واستمر حتى عام ١٩٥٦ بمرجعيات مختلفة وقوانين ومؤسسات لا علاقة لها بدولةالمهدية وتختلف عنها اختلافا جذريا.
هذه كلها فترات حكم تختلف كلا منها عن الاخرى فى الكثير ،فى مرجعيتها الفكرية والسياسية ,فى مؤسسات حكمها وتشريعاتها, فى الحيز الجغرافى الذى تحكمه وفى حدودها السياسية مع جيرانها واحيانا حتى فى الاسر والعوائل او القبائل التى يكون لها الحكم او تتوارثه. ولذلك نستطيع ان نعرف كلا منها باسم محدد.
فهل ما تلى ذلك من انظمة الحكم فى السودان هو نظام واحد يمكن ان نعرفه باسم واحد
منذ العام ١٩٥٦ مرت على السودان سبعة انظمة حكم تختلف كلا منها عن الاخرى فى الكثير.فهناك فترة اول حكومة وطنية والتى اعقبها انقلاب عبود الذى تلته فترة ديمقراطية اخرى بدات فى عام ١٩٦٤ لتكون نهايتها على دبابات النميرى فى ٢٥ مايو ١٩٦٩ التى ازلناها بثورة شعبية فى ابريل ١٩٨٥ لتقوم مكانها حكومة ديمقراطية لنفاجأ بانقلاب الانقاذ فى ٣٠ يونيو ١٩٨٩.كانت كل فترة ديمقراطية يعقبها انقلاب وكل انقلاب تعقبه فترة انتقالية قصيرة ثم تأتى فترة ديمقراطية قصيرة هى الاخرى.
كل فترات الحكم هذه كانت مختلفة عن بعصها البعض فى مرجعياتها الفكرية والسياسية وفى مؤسسات الدولة وفى تشريعاتها وقوانينها فلا يمكن الادعاء ان هناك نظام واحد او سلطة واحدة ذات مرجعيات واحدة ومؤسسات واحدة حكمت السودان منذ عام ١٩٥٦.بل ان نظام الانقاذ مثلا،وهو النظام الذى استمر اطول مدة, وبعد انفصال الجنوب اختلف حتى فى الحيز الجغرافى الذى يحكمه وفى الحدود السياسية التابعة له.
وفى كل هذه الفترات كانت الدساتير تتغير والتقسيمات الادارية تتغير بل ان اسم الدولة نفسه تغير عدة مرات وتغير علم الدولة ورمزها بحيث لم تعد هى الدولة التى ورثناها فى الاول من يناير عام ١٩٥٦
الاحرى بنا ان نسمى تلك الفترات كلا باسم مختلف فنقول الديمقراطية الاولى والديمقراطية الثانية والديمقراطية الثالثة وكذلك الحكم العسكرى الاول والحكم العسكرى الثانى والحكم العسكرى الثالث والحكم العسكرى الرابع وهو ما نعيش تحته الان.
المنطق يقول ان السودان ومنذ الاستقلال لم يحكم ابدا بنظام حكم واحد يمكن ان نطلق عليه دولة ٥٦
ومن المؤكد انه سوف تكون هناك دولة جديدة بعد انتهاء هذه الحرب اللعينة.
محمد فائق يوسف
٢٨ يوليو ٢٠٢٤  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: وکانت لها کانت لها عام ١٩٥٦ نظام حکم دولة ٥٦

إقرأ أيضاً:

بين نظامَين

بعد عامٍ على سقوط «نظام بشار الأسد»، تقف سوريا حائرة بين نظامَين، الأول لم يُغلَق تمامًا على عقود من القمع والحرب والدمار، والآخر مفتوح على مستقبلٍ غامضٍ وأكثر تعقيدًا مما كان في أيام «النظام السابق»!

اللافت أن «التغيير» لم يكن نهاية الأزمة، ليبدو المشهد ـ بعد عام واحد ـ كمرحلة انتقالية صعبة، تختلط فيها الآمال الكبيرة بالخوف من مستقبل تصنعه القوى المتزاحمة، أكثر مما يصنعه السوريون أنفسهم!

للأسف، لم يستطع «النظام الجديد» ترك أي بصمة إيجابية على الأرض، بعد أن وجد نفسه أمام إرثٍ ثقيل، وأنقاض دمار وخراب، ومؤسسات منهارة، واقتصاد مشلول، وخزائن فارغة، وأمعاء خاوية، وحدود مستباحة، مفتوحة على احتمالات الفوضى!

مشهد كارثى، في بلد موزَّع الولاءات.. بين جماعات تشكَّلت في زمن الحرب، وأخرى خرجت من رحم «الثورة»، لتتحول «إدارة الدولة» إلى مهمة مستحيلة، يتقدم فيها العجز على الوعود، وتسبق فيها الوقائع على الأرض قدرة النظام على الفعل!

لقد ازداد المشهد تعقيدًا مع تمدد الاحتلالات المتعددة، سياسيًّا وعسكريًّا، فكل قوة خارجية وجدت في سقوط «بشار»، فرصة لتثبيت قدمٍ إضافية على الأرض السورية، بذريعة حماية المصالح، أو ردع التهديدات، أو المشاركة في رسم خريطة جديدة للمنطقة!

إذن، مع مرور الوقت، أصبح «الاحتلال» المتعدد، جزءًا أساسيًّا من شكل الخارطة الجديدة، يتحرك بثقة أكبر مما يجب، ويتعامل مع سوريا كأنها ساحة نفوذ، لا دولة تستعيد سيادتها.. وهكذا تكرست مناطق النفوذ، وتعدَّدت الرايات، وتحول العام الأول إلى اختبارٍ قاسٍ لفكرة الدولة نفسها!

وفي عمق ذلك المشهد المرير، يظل الإنسان السوري هو الطرف الأكثر بؤسًا وإنهاكًا، حيث يجد ملايين النازحين طرق عودتهم إلى بيوتهم موصدة، بما تبقى من خراب ودمار، أو بما استجد من خطوط تماسٍ جديدة، مع تضاعُفَ الفقر، وانعدام الخدمات!

بكل أسف، بعد مرور عام، يجد الجيل الجديد نفسه، يخطو أولى سنوات ما بعد «نظام بشار»، في دولة غير مستقرة ـ أو كما يراها البعض ـ «منزوعة السيادة»، مع وجود قوى إقليمية وخارجية تتصارع على مستقبله، فوق ركام ماضيه!

لكن آمال السوريين لم تنطفئ تمامًا في بناء وطنهم، رغم تمدد الاحتلال «الصهيوني»، ونزعات الانفصال المتزايدة، والخضوع لـ«إملاءات» الخارج، فلا يزال الشعور السائد بأن سقوط «بشار»، كان ضروريًّا، وأن إعادة بناء الدولة ـ مهما كانت التكلفة ـ أفضل من استمرار الانهيار الممتد لعقود طويلة!

أخيرًا.. هناك حقيقة لا يمكن تجاهلها، وهي أن الطريق إلى إعادة الإعمار، وتثبيت دعائم الاستقرار، ليس سهلًا، بل سيكون طويلًا وشاقًّا، وأن العام الأول لم يكن سوى الفصل الأول في معركة استعادة الوطن، دولة وأرضًا وشعبًا وقرارًا.

فصل الخطاب:

يقول «نيلسون مانديلا»: «لا يوجد طريق إلى الحرية خالٍ من الألم، لكن الشعوب التي تصر على النهوض هي وحدها القادرة على صناعة فجر جديد».

 

[email protected]

مقالات مشابهة

  • الوزيرة الجنجويدية… هل يُفتح أخيراً ملف المتعاونين الذين عادوا إلى مؤسسات الدولة
  • ماذا لو جاء معتذراً.. صلاح يودّع جماهير ليفربول في أنفيلد
  • إقتراب موعد اقالة رئيس الوزراء كامل إدريس عبارة عن منقولات(ساذجة)
  • الإمارات: الحرب في السودان بلا منتصر والإغاثة يجب أن تتدفق دون عوائق
  • ماذا يحدث لجسمك عندما تتوقف عن تناول اللحوم؟
  • أشعر بالطمأنينة عندما أراه.. ماذا قال آدم لالانا عن أزمة محمد صلاح؟
  • الفلاحة ماتت ولازم نسلّم نفسنا!
  • هجليج بين حدثين
  • الصين أول دولة تجمع 5 ملايين براءة اختراع
  • بين نظامَين