«معلومات الوزراء» ينشر تقريرا عن المدن الصناعية المتخصصة.. «نقلة على طريق التنمية»
تاريخ النشر: 9th, August 2023 GMT
أصدر مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار في مجلس الوزراء، تقريرا جديدا تحت عنوان «المدن الصناعية المتخصصة.. نقلة نوعية على طريق التنمية»، حيث سلّط التقرير الضوء على مجموعة من أبرز المدن الصناعية المتخصصة الرائدة التي توجد في مصر، وما تتيحه من إمكانات لدفع قطار التنمية الصناعية.
المدن الصناعية المتخصصة تحدث تحول نوعي بعملية التصنيعأوضح التقرير مدى أهمية الدور الذي تلعبه المدن الصناعية المتخصصة في إحداث تحول نوعي بعملية التصنيع، وتعزيز القدرة التنافسية لاقتصادات الدول، وتحسين بيئة الأعمال، فضلًا عن جذب الاستثمارات المحلية والأجنبية، وما يرتبط بذلك من تعظيم فرص نقل التكنولوجيا، وتشجيع الابتكار، ومن ثمّ دفع جهود التنمية على الصعيدين المحلي والإقليمي، مضيفا أنّه في ضوء مساعي الدولة المصرية للارتقاء بالاقتصاد الوطني وتحقيق أهداف البعد الاقتصادي في رؤية مصر 2030، لا سيَّما ما يتعلق بمحور التنمية الاقتصادية والذي يستهدف تحقيق نمو شامل مستدام يتسم بالتنافسية والتنوع ولديه القدرة على لعب دور فاعل في الاقتصاد العالمي والصمود في وجه الأزمات والتكيف مع المتغيرات العالمية، وركزت الدولة المصرية جهودها على النهوض بالصناعة انطلاقًا من دورها في تحقيق التنمية الاقتصادية، وفي الصميم من ذلك إنشاء المدن والمجمعات الصناعية المتخصصة.
وأبرز التقرير أهم هذه المدن وهي مدينة الروبيكي للجلود، ومدينة دمياط للأثاث، ومجمع «مرغم» للصناعات البلاستيكية، ومشروع مدينة الدواء «جيبتو فارم» بمنطقة الخانكة.
مدينة الروبيكي للجلودألقى التقرير الضوء على مدينة الروبيكي للجلود، مشيراً إلى كونها أحد أهم المدن الصناعية المتخصصة في صناعة الجلود، وصُممت وفقا لأحدث المعايير العالمية، بما جعلها أيقونة لصناعة الجلود في الشرق الأوسط، نظرا لتميزها في هذه الصناعة، ويبلغ مساحة هذا المشروع 1629 فدانا.
وذكر التقرير أنّ مشروع مدينة الجلود بالروبيكي يضم وحدات إنتاجية وخدمية؛ حيث تتضمن مدبغة نموذجية تتوافق مع معايير المدابغ العالمية، ووحدات لتقديم خدمات اختبار نوعية الجلود، ويوجد بها محطات لمعالجة مياه الصرف الصناعي والصحي ومدفنا صحيا، وذلك طبقا لأحدث التقنيات التكنولوجية، وأيضا منطقة الغابة الشجرية التي تروي بمياه الصرف المعالجة، ومركز تكنولوجيا الدباغة وصناعة الجلود، حيث أقيم هذه المركز بالتعاون مع إيطاليا، ومتحفا تراثيا متخصصا لتوضيح المراحل المختلفة لتطور صناعة الجلود في مصر، إضافة إلى بنية تحتية حديثة ومراكز وخدمات عامة.
تطوير المحافظة سياحيا واستثمارياويُعد الهدف من هذا المشروع هو إخلاء منطقة مصر القديمة من المدابغ بما يساهم في تطوير المحافظة سياحيا واستثماريا، والحفاظ على منطقة مجرى العيون باعتبارها من المناطق الأثرية لما تشمله من سور مجرى العيون ومجمع الأديان، بجانب إزالة التلوث الناتج عن عمليات الدباغة، ورفع معدل النمو الصناعي بقطاع الجلود ليصل إلى 10% سنويا، وخلق 25 ألف فرصة عمل مباشرة جديدة، وتحسين بيئة العمل ورفع مستوى دخول العاملين في مجال صناعة الجلود.
وعن مدينة دمياط للأثاث، فتُعد أول وأكبر منطقة صناعية متخصصة في صناعة الأثاث والصناعات المكملة في الشرق الأوسط، وتتضمن جميع متطلبات صناعة الأثاث، وتم تأسيسها بمنطقة شطا بمحافظ دمياط على مساحة 331 فدانًا بتكلفة بلغت نحو 3.6 مليار جنيه، ويتضمن المشروع 54 هنجرا تحتوي على 1348 مصنعا وورش لتصنيع الأثاث، ومركزا لتكنولوجيا الأثاث، إضافة إلى ورش لخدمات صغار المُصنعين، وتحتوي على مجمع للصناعات التكميلية يقع على مساحة 9.76 أفدنة يضم صناعة المواد اللاصقة والدهانات، وتضم مجمعا للخدمات الحكومية بمساحة 4.62 أفدنة، ومجمعا إداريا على مساحة 4.23 أفدنة، كما يوجد مركز لتكنولوجيا الأثاث يقوم بإعداد الدراسات التسويقية لمصنعي الأثاث واختباره قبل التصدير، بهدف مطابقة جودة الأثاث المصري بالأثاث الذي يتم إنتاجه في الخارج.
رفع حجم التجارة الداخلية إلى 35 مليار جنيهوأوضح التقرير أنّ الهدف من المشروع هو خلق سلع إنتاجية جديدة، وتحويل السلع من القطاع غير الرسمي إلى الرسمي، ورفع حجم التجارة الداخلية إلى 35 مليار جنيه، وتقليص حجم الاستيراد وزيادة نسبة التصدير والترويج للأثاث المصري في الخارج، كما يوفر 100 ألف فرصة عمل، ويعزز استخدام التكنولوجيا في صناعة الأثاث.
إعادة تأهيل المجمع وطرحه بنظام حق الانتفاعوسلط التقرير الضوء على مجمع «مرغم» للصناعات البلاستيكية، حيث تُعد نواة الصناعات البلاستيكية، واضطلعت وزارة التجارة والصناعة بإعادة تأهيل المجمع وطرحه بنظام حق الانتفاع شاملا التراخيص الصناعية، ويقع المجمع بمحافظة الإسكندرية على مساحة 21 فدانا، ونظرا لقربه من مصادر إنتاج البتروكيماويات، جرى توجيه المجمع ليكون منطقة متخصصة للصناعات البلاستيكية متناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة، وذلك بتكلفة بلغت 379.3 مليون جنيه.
المجمع الصناعي يتكون من 204 وحدة صناعيةوذكر التقرير أنّ المجمع الصناعي يتكون من 204 وحدات صناعية، ومخزن للمواد الخام لتوفير المادة الخام بسعر التكلفة، ومركز تكنولوجيا البلاستيك لتقديم خدمات الدعم الفني، ومركز التدريب الصناعي لتقديم خدمات الدعم التدريبي بالمجان، وتضم المدينة مبني إداري وساحات انتظار السيارات، وتوافر مناطق شجرية وحزام أخضر.
تجميع أصحاب الصناعات البلاستيكية المنتشرين بشكل عشوائي في الإسكندريةويهدف المشروع إلى تجميع أصحاب الصناعات البلاستيكية المنتشرين بشكل عشوائي في الإسكندرية وضواحيها في منطقة واحدة، إحلال الواردات الخاصة بالصناعة البلاستيكية بالإنتاج المحلي، تعزيز الترابط والتعاون بين المشروعات الصغيرة والكبيرة إلى جانب إتاحة المزيد من الفرص العمل أمام الشباب من خلال تخصيص ورش لصغار المستثمرين.
وتناول التقرير أهم ما يميز المجمع الصناعي بمرغم، حيث يوجد مصانع جاهزة بالمرافق، تمتاز بكفاءة خدمات البنية التحتية، وإمكانية الحصول على جميع الخدمات بشكل مرن وسريع وملائم لجميع الاحتياجات الصناعية، والتفاعل والتكامل بين مختلف أنواع الصناعات بالمجمع نظرا لتمركزها في منطقة واحدة، كما يوجد شبكة حريق مستقلة بالمجمع (أنظمة إنذار وإطفاء للحرائق).
مشروع مدينة الدواء «جيبتو فارما» بمنطقة الخانكةواستعرض التقرير مشروع مدينة الدواء «جيبتو فارما» بمنطقة الخانكة، حيث تُعد من كبرى المدن المتخصصة في صناعة الدواء على مستوى الشرق الأوسط، وهي مزودة بأحدث التقنيات والنظم العالمية في إنتاج الدواء، وتعمل المدينة على إنتاج أدوية الأمراض المزمنة، إلى جانب إنتاج المضادات الحيوية، إضافة إلى الأدوية التي تستخدم في بروتوكولات علاج فيروس «كوفيد 19».
تبلغ الطاقة الإنتاجية لها 150 مليون عبوة سنوياوأقيمت المدينة على مساحة 180 ألف متر مربع، وتحتوي على 15 خط إنتاج، كما تبلغ الطاقة الإنتاجية لها 150 مليون عبوة سنويا، كما أنّ المدينة مزودة بأحدث التقنيات العالمية، حيث تعمل ماكينات «مدينة الدواء» بشكل إلكتروني بالكامل، ويقتصر دور الكوادر البشرية على وضع بيانات ومعلومات التشغيل على الماكينات الحديثة فقط، كما أنّ المشروع مزود بماكينات مجهزة بكاميرات لفرز أي نوع من الأقراص غير المطابقة للمواصفات من ناحية الوزن أو اللون بشكل «أوتوماتيكي».
وتطبق المدينة ما يعرف بـ«ممارسات التصنيع الجيد للدواء» من خلال تطبيق أعلى معايير الجودة مه توفير نظام حوكمة إليكتروني والاهتمام بتدريب العنصر البشري لرفع كفاءته.
ويهدف المشروع إلى تحقيق الأمن الغذائي والحد من الممارسات الاحتكارية وضبط أسعار الدواء، وتوفير دواء آمن وفعال وعالي الجودة، وتوطين صناعة الدواء في مصر، وإنشاء مركز إقليمي لصناعة الدواء لجذب شركات الدوية العالمية، وفتح آفاق التصدير للدول الأفريقية، إضافة إلى دول الشرق الأوسط والدول العربية وأوروبا في وقت لاحق، إلى جانب دعم مبادرات الدولة في تقديم الخدمات الطبية والصحية المتنوعة للمواطنين.
مدينة الدواء توسعات مستقبلية تشمل إنتاج الأمصال واللقاحاتأكد التقرير أنّه من المقرر أن تشهد مدينة الدواء توسعات مستقبلية تشمل إنتاج الأمصال واللقاحات في وقت لاحق، ومن المخطط أن تتراوح نسب التصدير بين 25% إلى 30% من إنتاج المدينة، وتسعى المدينة للحصول على شهادات الاعتماد الأوروبية لتصدير الأدوية المصرية إلى الأسواق الأوروبية، ونشر الثقافة الدوائية السليمة وترشيد الاستخدام الخاطئ للدواء ليقتصر استخدامه على حالات الضرورة فقط بهدف الحد من الإسراف في تناول الأدوية، وتعزيز التعاون بين مدينة الدواء وهيئة الدواء المصرية، لتوفير الأدوية الاستراتيجية عالية التكلفة وإتاحتها للمواطن بأسعار مقبولة، إضافة إلى تصنيع أي أدوية بها نواقص بالسوق المحلية، ومن المخطط أن تضم المدينة معامل بحث وتطوير وتوكيد جودة مع تبني خطط تسويقية عبر دعوة الأطباء لزيارتها ونشر ثقافة «التحكم في الأمراض».
وأكد مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار في نهاية تقريره، أنّ إنشاء المدن والمجمعات الصناعية المتخصصة يحظى بأهمية كبيرة، فهو ركيزة أساسية للتنمية الاقتصادية والاجتماعية، وهو ما دفع الدولة المصرية على مدار السنوات الماضية إلى إيلاء المزيد من الاهتمام بتنفيذ عدد كبير من المدن والمجمعات الصناعية في مختلف التخصصات، بهدف النهوض بقطاع الصناعة وتوطين الصناعة المحلية، والحد من الاستيراد وتعزيز القدرة التنافسية لمصر، وخلق المزيد من فرص العمل، فضلا عن تشجيع الاستثمارات المحلية والأجنبية، ما يساهم في نهاية المطاف في تحقيق استراتيجية الدولة للتنمية المستدامة رؤية مصر 2030.
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: الأسواق الأوروبية الأمراض المزمنة الاستثمارات المحلية الاقتصاد العالمي الاقتصاد الوطني البنية التحتية التجارة الداخلية الشرق الأوسط على مساحة إضافة إلى فی صناعة
إقرأ أيضاً:
القُرْنة… مدينة الأموات وبلد السحر والغموض والخبايا والأسرار
جعل الفراعنة من طيبة القديمة في صعيد مصر مدينتين: مدينة للأحياء تقع على الضفة الشرقية من نهر النيل، ومدينة للأموات تقع على الضفة الغربية من النهر.
وجعلوا من مدينة الأموات جبّانة لموتاهم، فأقاموا فيها مقابر الملوك والملكات والنبلاء والنبيلات، وشيّدوا بين ربوعها معابدهم الجنائزية مثل معابد هابو، والرامسيوم، وسيتي الأول، وأمنحتب الثالث وغيرها.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2حمامات نبتون الإمبراطورية في رومانيا من منتجع الأباطرة إلى موقع تاريخي مهجورlist 2 of 2فتح مقبرة أمنحتب الثالث إحدى أكبر مقابر وادي الملوك أمام الزوارend of listوكانت المنطقة المطلة على الضفة الغربية لنهر النيل وحتى تلال جبل القُرنة التاريخي تُعرف باسم جبّانة طيبة، وتُعد أغنى جبّانة في التاريخ القديم والمعاصر، لما تضمه بين جنباتها من مقابر وكنوز لقدماء المصريين.
وصارت جبّانة طيبة القديمة تُعرف اليوم باسم "القُرنة"، وهي منطقة أثرية وسياحية غنية بمئات المقابر وعشرات المعابد التي شيّدها قدماء المصريين، بجانب فنادق ومطاعم تحمل طابعا ريفيّا خاصا.
أما طيبة فصارت تحمل اسم الأقصر، أي مدينة القصور، وهي اليوم من أشهر مقاصد السياحة الثقافية في مصر والعالم أجمع، واختيرت ضمن قائمة عواصم السياحة الثقافية بالعالم من قبل منظمة السياحة العالمية.
وتتفرد الأقصر اليوم -طيبة قديما- بأنماط سياحية خاصة مثل سياحة البالونات الطائرة (المناطيد) التي تقلع في سماء المدينة كل صباح حاملة مئات السياح في رحلة فوق معابد المدينة وآثارها. وهناك سياحة الدواب التي تنقل السياح في رحلة بين الزروع والحقول والقرى والنجوع، وخاصة في قرى البر الغربي للأقصر.
وهناك سياحة عربات الحنطور التي تطوف بالسياح بين معالم البر الشرقي للمدينة من معابده إلى متاحفه وفنادقه ومنتجعاته. وهناك السياحة النيلية التي تنقسم إلى أنماط متعددة، بينها الرحلات النيلية على متن البواخر والفنادق العائمة بين مدينتي الأقصر وأسوان، ورحلات المراكب الشراعية في وسط نهر النيل الخالد، بجانب رحلات "الدهبيات" النيلية.
لكن تبقى منطقة القُرنة، الواقعة في البر الغربي للأقصر، من أكثر المناطق غنى بالأسرار والخبايا، وبالآثار والمعابد والمقابر التي أقامها ملوك الفراعنة وملكاتهم ونبلاؤهم، وهي من أكثر المناطق سحرا وغموضا.
إعلانوتبقى القُرنة كذلك الأغنى بمعالمها التراثية مثل قرية المهندس المعماري المصري الراحل حسن فتحي رائد عمارة الفقراء في العالم، وفندق مراسم القرنة الذي كان مقرا لإقامة مشاهير المستكشفين وعلماء الآثار مثل البريطاني هوارد كارتر مكتشف مقبرة الفرعون الذهبي الملك توت عنخ آمون، والذي كان مقرا لعشرات من كبار الفنانين التشكيليين المصريين الذين كانوا يفدون للأقصر ضمن بعثات مراسم الأقصر التاريخية.
وهو فندق تراثي مملوك لعائلة عبد الرسول، صاحبة الاكتشافات الأثرية الشهيرة في جبّانة طيبة، والتي يدور كثير من الجدل حول دورها في الكشف عن كثير من مقابر ملوك ونبلاء الفراعنة في أحضان جبل القُرنة التاريخي الذي يحتضن المقابر والمعابد الجنائزية لقدماء المصريين.
وتحتفظ القُرنة وجبلها التاريخي بكثير من أسرار الفراعنة، وتبقى شاهدة على كثير من أهم الاكتشافات الأثرية في العالم، والتي كان من أهمها الكشف عن مقبرة الملك توت عنخ آمون وكنوزه في عام 1922. ويوجد في باطن أرض القُرنة مئات المقابر التي لم تُكتشف بعد.
وبحسب علماء المصريات، فإن قرابة 850 مقبرة فرعونية لا تزال تنتظر الكشف عن معالمها وأسرارها في جبل القُرنة والمنطقة التي تقع في محيطه، وهو الغموض الذي تتكشف ملامحه عاما بعد عام، عبر ما يُعلن عن الكشف عنه من آثار بقيت مُخبأة على مدار آلاف السنين.
تشتهر القُرنة بكثرة معابدها ومقابرها المصرية القديمة التي شيدت ونحتت قبل آلاف السنين، حيث يستمتع زائر المنطقة برؤية معبد دير شلويط المكرس لعبادة الإلهة إيزيس، وقصر أمنحتب المعروف باسم "الملقطة"، و"هابو… بيت ملايين السنين"، ومقصورة الرب تحوتي، ومعابد الملك أمنحتب الثالث، والملك مرنبتاح، والملك سيتي الأول، والملك منتوحتب نب حبت رع، والرامسيوم الذي شيّده الملك رمسيس الثاني، ومعبد الملك تحتمس الرابع، والدير البحري الذي شيّدته الملكة حتشبسوت.
وتضم المنطقة مقابر وادي الملوك، ووادي الملكات، ودير المدينة، ومقابر الأشراف، ومقابر العساسيف، ومقابر ذراع أبو النجا، ومقابر قرنة مرعي، ومقابر باب الحجر بالطارف، وهي المناطق التي تضم بين جنباتها مئات المقابر الأثرية.
لكن من أكثر المعالم الأثرية والسياحية شهرة في القُرنة هي مقبرة الفرعون الذهبي الملك توت عنخ آمون في منطقة وادي الملوك، ومقبرة "جميلة الجميلات" الملكة نفرتاري زوجة الملك رمسيس الثاني، المنحوتة في منطقة وادي الملكات، والتي اكتشفها المستكشف الإيطالي جيوفاني باتيستا بيلزوني الملقب بـ"بيلزوني العظيم".
وتُعد المقبرة من أجمل المقابر الفرعونية في المنطقة، وذلك لاحتوائها على نقوش ورسوم ذات ألوان زاهية حتى اليوم، رغم إقامتها قبل آلاف السنين. وهناك معبد الملكة حتشبسوت المعروف باسم معبد الدير البحري، والذي نُحت في باطن الجبل، ويُعد أكثر المعابد براعة في هندسته وعمارته.
لمنطقة القُرنة الأثرية، التي تُعرف أيضا بمدينة الأموات، تاريخ طويل مع اكتشافات الآثاريين وعلماء المصريات لخبيئات أثرية احتوت على مومياوات وتوابيت وكنوز ضخمة، مثل خبيئة الدير البحري، وخبيئة مقبرة أمنحتب الثاني في وادي الملوك.
إعلانأما آخر خبيئة عثر عليها في المنطقة، فهي خبيئة العساسيف التي عثرت عليها البعثة الأثرية المصرية العاملة في منطقة العساسيف برئاسة الدكتور مصطفى وزيري، وذلك في نهاية عام 2019، واحتوت على 30 تابوتا خشبيا ملونا بوجه آدمي، بينها توابيت لرجال ونساء، بجانب توابيت لـ3 أطفال.
ويرجع تاريخ التوابيت إلى القرن العاشر قبل الميلاد، أي قبل 3 آلاف عام مضت، وجميعها من الأسرة 22 في مصر القديمة.
تمثالا ممنون هما أول ما يُشاهده الزائر لآثار منطقة القُرنة ومعابدها ومقابرها في جبّانة طيبة القديمة، وهما تمثالان شهيران كانا على مدخل معبد الملك أمنحتب الثالث الذي تعرض لزلزال مدمر أدى إلى انهيار المعبد قبل آلاف السنين، وتسبب في دفن كثير من معالمه وآثاره في باطن الأرض.
وتمثالا ممنون هما أهم ما تبقى من آثار معبد أمنحتب الثالث المعروف اليوم باسم "كوم الحيتان"، والتمثالان يمثلان الملك أمنحتب الثالث جالسا، وهما تمثالان ضخمان منحوت كل منهما من قطعة واحدة من الحجر الرملي الأحمر، ويبلغ ارتفاعهما 15 مترا من دون القاعدة.
وترجع شهرة هذين التمثالين، بحسب علماء المصريات، إلى أنه في عام 27 ق.م تعرضت المنطقة التي يقع بها المعبد لزلزال مدمر هز غرب طيبة، وتسبب في انشطار التمثال الشمالي إلى نصفين عند وسطه. وبعد ذلك، كان الحجر يرسل ذبذبات صوتية عن طريق فعل داخلي ناتج عن التغيرات الفجائية للرطوبة ودرجة الحرارة عند الفجر. فظهرت أسطورة أن التمثال يصدر أصوات رثاء "أورورا"، ربة الفجر، على ابنها البطل الإثيوبي "ممنون" الذي سقط في ميدان طروادة كل صباح، ومنه أخذ التمثالان اسمهما.
عرفت القُرنة الفنون التشكيلية من رسوم ونحت وتصوير في الأزمنة القديمة، وعاش في المنطقة قبل آلاف السنين فنانون مهرة أقاموا بمنطقة دير المدينة التي تضم مقابر العمال في مصر القديمة، والتي كانت تُعرف باسم "مدينة العمال".
وعمل هؤلاء الفنانون في نحت ورسم وتشييد المقابر والمعابد التي تزدان بها القُرنة اليوم. ومن المثير أن سكان المنطقة توارثوا فنون أجدادهم من قدماء المصريين، وتشتهر المنطقة اليوم بوجود هؤلاء الفنانين الذين يعدّون "فنانين بالفطرة"، فهم ينحتون التماثيل ويرسمون اللوحات بنقوش بارزة وغائرة في صورة مماثلة لما كان يقوم به أجدادهم من قدماء المصريين قبل أكثر من 3500 سنة.
وعلى خطى سكان "مدينة العمال" التي أُسست في عهد الدولة المصرية الحديثة (1570-1070 قبل الميلاد)، يواصل سكان منطقة القُرنة الحفاظ على فنون النحت والنقش والرسم والتلوين في ما بات يُعرف اليوم بـ"صناعة الألباستر".
والزائر للقُرنة سيلفت نظره تلك المصانع التي تسمى "مصانع الألباستر"، والتي أقيمت على جانب الطرق المؤدية إلى معابد الفراعنة ومقابرهم. وتضم هذه المصانع مجموعات من الفنانين بالفطرة من أهل القُرنة، وقاعات عرض ضخمة يعرضون بداخلها مئات التماثيل واللوحات والتحف الفرعونية التي يفد السياح لشرائها والعودة بها إلى بلادهم.
وقد قام هؤلاء الفنانون بدور مهم في حفظ كثير من حرف قدماء المصريين وفنونهم. ومن الطريف أن هؤلاء الفنانين الذين يبدعون تماثيل ولوحات جدارية مدهشة لم يذهبوا إلى كليات أو معاهد فنية، بل توارثوا تلك الحرف والفنون من أجدادهم جيلا بعد جيل.