شبكة اخبار العراق:
2025-06-04@11:45:22 GMT

سوق الإعلام يشكو الكساد

تاريخ النشر: 14th, August 2024 GMT

سوق الإعلام يشكو الكساد

آخر تحديث: 14 غشت 2024 - 10:12 صبقلم: أحمد صبري كثير من السياسيِّين ورجال الأعمال يلجؤون إلى الإعلام بكافَّة منصَّاته في محاولة لاستخدامه لتلميعِ صورتهم تارةً، والترويج لبرامجهم السياسيَّة تارةً أخرى على الرغم من أنَّ هذا السَّعيَ محفوف بالمخاطر، غير أنَّ الكثير مِنْهم دخلَ في معمعان السياسة عَبْرَ نافذة الإعلام، فيما حاول الكثير من رجال الأعمال قلْبَ المعادلة، الَّتي كان السياسيون يتصدَّرونها ويقودون المشهد السياسي بأموال ودعم رجال الأعمال، في محاولة لتوأمة طرفي المعادلة في سابقة غير مسبوقة في الحياة السياسيَّة في العراق؛ لإعادة صياغتها وبما يُعزِّز دَوْر رجال الأعمال في الحياة السياسيَّة.

وتعرَّضت العديد من هذه المحاولات إلى التعثُّر وأيضًا من الفشل؛ لأنَّ سُوق الإعلام يضجُّ بمئات الفضائيَّات والصحف والإذاعات ومنصَّات رقميَّة تضع مَن يرغب بالرِّهان على مشروعه من غير أن يدركَ أنَّ هذا السُّوق مخترق وتنتابه عمليَّات المساومة والشراء والبيع، فضلًا عن استخدامه لغير مقاصده النَّبيلة. وتُشير المعلومات إلى أنَّ أكثر من خمسين فضائيَّة عراقيَّة تسبح في فضاء الإعلام، ناهيك عن مئات الصحف والمجلَّات والإذاعات ومنصَّات إعلاميَّة ذات توجُّهات مختلفة. وحتَّى يأخذَ المشروع الإعلامي مدياته وتأثيره بالشَّارع، ينبغي أن لا يكُونَ مناطقيًّا وطائفيًّا ومصلحيًّا، ولا يحدِّده الاسم، لتغطية كُلِّ ما يتَّصل بالشَّارع العراقي بكُلِّ أطيافه وتوجُّهاته من أحداث تهمُّ الغالبيَّة السَّاحقة لجمهور مشاهدي التلفزيون، بحيادٍ ومصداقيَّة وبهدف التفاعل وتداول المعلومات كجزءٍ أساسي من الصناعة التلفزيونيَّة الحديثة. بهذا المعنى فإنَّ النظرة العامَّة تفرض على العاملين في وسائل الإعلام نمطًا خاصًّا من العمل، وأسلوبًا مختلفًا في البحث عن القصص والأخبار، ستفرض عَلَيْهم مغادرة كُلِّ الأُطر التقليديَّة الَّتي واضبت عَلَيْها التلفزة المحليَّة الَّتي تزدحم بالتكرار والتغطيات الَّتي تطير فوق الأحداث دُونَ أن تفتشَ في تفاصيلها، ناهيك عن تكريس المشروع الإعلامي لخدمة صاحبه والترويج له. إنَّ الصناعة المرئيَّة باتتْ مهدَّدةً بالانقراض بفعل «السوشيال ميديا»؛ لأنَّ الجمهور في عالَمنا اليوم يريد أن يرى نَفْسَه وحياته وقصصه اليوميَّة، وألَّا تتأخرَ عَنْه. على هذا الأساس نتساءل: مَن المراسِل الَّذي يبحث عن الحقيقة ويعبِّر عن نبض الشَّارع وهمومه؟ نقول: هو الصحفي دائم البحث والتنقيب المتَّصل بحياة المُجتمع من حوله. مِن هُنَا تكمن أهميَّة المشروع الإعلامي أيًّا كانت تسميته الَّذي يأخذ بنظر الاعتبار الصِّدق والحياديَّة وقُربه من الواقع ونبض الشَّارع وهمومه من دُونِ التَّماهي مع صاحب المشروع وأهدافه ومشاريعه، وهي في الأحوال كافَّة معادلة صعبة المقاربة للعاملين في هذه المِهنة. وعندما نتوقَّف عند تجارب لجوء السياسيِّين ورجال الأعمال وخواتيم انشغالهم بهذه المهنة، نستطيع القول إنَّها كانت فاشلة، ولم تُحقِّق ما كان يصبو إِلَيْه هؤلاء، والسَّبب يعُودُ إلى أنَّ هذا الانشغال وضع أصحابه في خانة الانتظار والمراهنة على المطاولة في إيجاد موطئ قدَمٍ بَيْنَ هذا السُّوق الَّذي تنتابُه عمليَّات الفساد والابتزاز والطائفيَّة، فضلًا عن قلَّة خبرة مَن يقودونَ هذه المشاريع الَّتي أوقعتهم بالمحظور الَّذي أدَّى بالنِّهاية إلى تراجع اهتمام الجمهور برسالة المشروع الإعلامي الَّذي ولدَ مُشوّهًا، إلَّا أنَّ البعض مِنْه كان ناجحًا واستطاع أن يؤسِّسَ أرضيَّة لمشروعٍ واعد وناجح رغم المصاعب والتحدِّيات.

المصدر: شبكة اخبار العراق

كلمات دلالية: المشروع الإعلامی

إقرأ أيضاً:

حول الاكتئاب السياسي للشعوب العربية

تعيش الشعوب العربية، من بعد عام 2011، أي من بعد اصطدامها مع أنظمتها عبر الثورات والانتفاضات والاحتجاجات والإضرابات، حالة من القمع السياسي لم تشهد مثلها من قبل في تاريخها الحديث. إذ كان حجم القتل والتهجير والنزوح والاعتقال والاختفاء مروّعا، في مصر وسوريا وتونس وليبيا واليمن والسودان وبلدان أُخرى، وفي ظل كلّ هذه الأحداث شهدنا تصاعد موجات كبيرة من الاضطراب النفسي، إذ اجتاح المرض النفسي بأشكاله المتباينة والمعقدة وجدان هذه الشعوب بشكل جمعي، وأصبحت المنظومة الاستبدادية، بما تشمل من سياسات مختلفة أهمّها القمع والإفقار، هي المُسبب الرئيس للاكتئاب لدى الجماهير العربية.

انسحقت الشعوب أمام قمع الأنظمة، هذه حقيقة، ومورست عليها أشكال مختلفة من القتل والتعذيب والاختفاء والسجن والإذلال، إذلال داخل أوطانها وخارجها في منافي الهجرة واللجوء، إذ شهد كثير من اللاجئين والمنفيين تمثّلات إذلالية متباينة؛ كل هذا العذاب الذي رأوه ترك إشكاليات نفسية صَعب تجاوزها، بل وجعلتهم ذوات مريضة، هشّة ومُضطربة، وأحيانا منتحرة، تعيش داخل دوامات الأمراض النفسية وكيفيّة الخلاص منها، في ظل استمرار منظومات سياسية ومُجتمعية تزيد من تفشي هذه الأمراض لا من معالجتها، فالقمع والعنصرية وكل مسببات الأمراض النفسية ما زالت قائمة، بل تزيد وتترسَّخ مع الوقت.

كل تمثلات الإبادة من قتل جماعي وحصار وتجويع وإذلال نراه يوميا. نرى كل هذه المشاهد ولا نستطيع تقديم أي فعل حقيقي لإيقافها، عاجزون تماما عن فعل أي شيء تجاه إنقاذ أهل غزة، أهلنا، من الإبادة
كذلك، ما حدث في فلسطين بعد السابع من أكتوبر، من إبادة جماعية مارستها إسرائيل على الغزيين، جعل من الاكتئاب السياسي الذي تعيشه الشعوب العربية اكتئابا سياسيا وجوديّا، أي ثورة مرضية لا حلَّ لها. ما يحدث مروّع مثل أي إبادة تاريخية، إبادة جماعية تمارس بحق شعب عربي محاصر ومُجوّع، أمام جميع الشعوب العربية، أمامنا نحن. كل تمثلات الإبادة من قتل جماعي وحصار وتجويع وإذلال نراه يوميا. نرى كل هذه المشاهد ولا نستطيع تقديم أي فعل حقيقي لإيقافها، عاجزون تماما عن فعل أي شيء تجاه إنقاذ أهل غزة، أهلنا، من الإبادة.

هذا ما أخذنا، وبشكل واضح، إلى الاكتئاب الوجودي بفعل السياسة، حيث تمرّ علينا السنوات، ونحن كشعوب أصبحنا خارج كل المعادلات السياسية، فلا نستطيع اختيار رئيس جمهورية أو حتى رئيس بلدية، القمع السياسي، وتمثلاته في المجتمع والثقافة والاقتصاد، يتفشّى ونحن نتفرج عليه عاجزين عن إنقاذ أصواتنا التي أصبحت صامتة، ممّحوة تماما، دون تأثير في أي معادلة تحدث من حولنا. نحن نعيش في صمت حياتي، لا سياسي فقط، سُحبت من أيدينا كلّ مفاعيل المشاركة في الحياة اليومية، التي هي حياتنا، وتتحكم فيها السُلطويات، وبيدها الأمنية تقمعنا وتُنسينا تماما أننا ذوات لها الحق في تحقيق مصيرها.

كل هذا تسبب في محونا، دون أن ندري، كذوات كانت لها أصوات تمثّيلية في مشاهد حياتية مُختلفة. الآن، كلٌ يبحث عن معنى لذاته، ويسعى إلى تحقيقه عبر أي عمل فرداني، التمثيل والغناء والكتابة والرقص وغيرهما، كل يؤدي عمله بشكل فردي، وإن كان ظاهره جماعيا. لكن، هنا العودة إلى الذات والبحث عن معنى الوجود والحياة، والتخففّ من حالة الاكتئاب أصبحت ذاتية، في ظل صعود مفاهيم الفردانية المختلفة، من تحقيق الذات والتصالح معها، والإنجاز الشخصي، والأنا أولا ومن ثم الآخر إن جاء من الأساس، متمثلا في العائلة والمجتمع والنظم.

وبفعل موت التنظيمات، ولا أقصد هنا التنظيم السياسي فحسب، بل التنظيم المجتمعي والثقافي المؤثر، أصبحت النجاة فردية تماما، هذا المفهوم الصاعد بقوة، إذ من يستطيع النجاة وحده من كل مفردات القمع ينجو، وتنتهي مهمَّته. فلم يعد يفكر أي إنسان في كيف ننجو جميعا، ونتخلص من تمثلات القهر والاستلاب والاغتراب التي فرضتها علينا الأنظمة السياسية العربية. لكن حتى النجاة الفردية لا يُضمن تحققها وإن تجلَّى تحقيقها بتمظهرات مُختلفة زيفيّة، إذ تستطيع إسرائيل قتلك وأنت مواطن لبناني أو فلسطيني أو سوري، وإن كنت لا تسعى لمقاومتها، فالصاروخ ينزل ولا يفرّق بين مقاوم وغير مقاوم. أيضا قمعت الأنظمة العربية -نظام الأسد كان مثالا واضحا على ذلك- كثيرا من الناس غير السياسيين، قتلتهم ولم تهتم إن كانوا معارضين أو مؤيدين، فالمواطن العربي في عين أنظمته الاستبدادية مواطن لا يساوي عقب سيجارة، كما قال الروائي عبد الرحمن منيف.

إنها المنظومات الكبيرة التي تُدير حياتنا، رغما عنَّا، والتي سببت لنا الأمراض النفسية، إن كل ما نمرّ به من إشكاليات نفسية جزء رئيس منه هو اكتئاب سياسي، جمعي ووجودي، بامتياز
لم تفوّت المنظومة الرأسمالية وذراعها الاجتماعي النيوليبراليّ؛ الفرصة لاستغلال كم الأمراض النفسية التي اجتاحت وجدان الشعوب العربية، فانتشرت عيادات العلاج النفسي باهظة الأثمان، وسوَّقت لمفاهيم الخلاص الفرداني، ومُثل السعي نحو الذات، والابتعاد عن الآخر، وبلورت عدة سلوكيات وإرشادات فردانية بمفردات ثنائية ضيقة، "الصحي والتوكسيك"، كما يقول الكاتب المصري كريم محمد في أحد منشوراته. أما كل ما يخص الاجتماع، المجتمع والسياسة والثقافة، فابتعدوا عنه تماما، لا شأن لنا به، غاضين النظر بوعي أو دون وعي عن أن كل إشكالياتنا تتأسس وتنمو من خلاله. إنها المنظومات الكبيرة التي تُدير حياتنا، رغما عنَّا، والتي سببت لنا الأمراض النفسية، إن كل ما نمرّ به من إشكاليات نفسية جزء رئيس منه هو اكتئاب سياسي، جمعي ووجودي، بامتياز.

الصراع ما زال مستمرا، على الرغم من الحالة السيئة التي وصلنا إليها، فضلا عن انعدام وجود أو بناء معطيات سياسية واجتماعية جديدة، تفضي إلى حالة من اهتزاز أو هدم الحالة الاستبدادية في بلداننا العربية، لكن ما زالت توجد وتعمل بعض من إشراقات التنظيم والعمل المدني والحقوقي والثقافي، والسياسي بدرجة أقل منه، ربما مع الوقت والسعي نحو العمل الإصلاحي والثوري؛ تتفهّم كتل مؤثرة من الشعوب العربية أن حالة الجمود التي نحن عليها هي حالة لا تؤدي سوى إلى المرض النفسي الجمعي، ولا توجد أي طرق أمامنا سوى التحرك والمشاركة وتحدّي هذه المنظومات، من أجل الخلاص، واستعادة ذواتنا التي تم محوها بواسطة سياسات العنف المرئي والرمزي التي تمارس علينا.

مقالات مشابهة

  • وزير الإعلام يطلع على واقع العمل الإعلامي وسبل تعزيزه في القنيطرة
  • بسبب التصالح في مخالفات البناء.. سيد علي يشكو سكرتير المحافظة لمحافظ الجيزة
  • رواتب الكورد في العراق.. حرب اقتصادية تنذر بـانهيار النظام السياسي
  • تحديات العمل الإعلامي في المرحلة القادمة… محور لقاء وزير الإعلام مع محافظ وإعلاميي درعا
  • واقع العمل الإعلامي في السويداء … محور لقاء الوزير المصطفى مع وفد من مديرية الإعلام بالمحافظة
  • محافظ عدن يترأس اجتماعًا لهيئة الإعلام ويشدد على أهمية الدور الإعلامي في مواجهة التحديات
  • الرئيس السيسي يتابع مُستجدات تنفيذ المشروع القومي لتطوير صناعة الغزل والنسيج
  • حول الاكتئاب السياسي للشعوب العربية
  • الاقتصاد السياسي للإدانة الاضطرارية!
  • الكويت.. سحب جنسية الإعلامي الشهير شعيب راشد