عربي21:
2025-07-08@07:05:22 GMT

ترامب كذوبا ومهرجا

تاريخ النشر: 17th, August 2024 GMT

منذ أن ظهر محمد حمدان دقلو (حميدتي ) في الخرطوم ببدلة وربطة عنق، أو بجلابية وعمامة بيضاء، بدلا من الكدمول (عمامة داكنة اللون يعتمرها رجال أفريقيا جنوب الصحراء)، مؤتزرا حلة فريق أول، ورتبة نائب رئيس مجلس السيادة، في أعقاب خروج الرئيس عمر البشير من قصر الحكم في نيسان/ أبريل من عام 2019، ظل كثيرون يعتبرونه مجرد مهرج في السيرك السياسي، ويتداولون أقواله الممعنة في الركاكة والطرافة: نحن هدفنا، ما عندنا هدف/ حجر العسل من الأحجار الكريمة؛ (حجر العسل قرية في وسط السودان)/ قال تعالى "صاحب العقل يميِّز"، والرسول قال "البيان بالعمل"/ إذا دعتك قدرتك إلي ظلم الناس فالكلام ده مش كويس/ يسرني مخاطبة هذه الكوكوة من الرياضيين (يقصد الكوكبة) / لازم نندهس (ننتهز) الفرصة .



وقلتها هنا في "عربي21" وفي أكثر من مقال، بأن الديمقراطية تتعرض لإشانة السمعة من أهل الولايات المتحدة، وأن ذلك يتجلى ذلك بقوة خلال الحملات الرئاسية الانتخابية، ومن يتابع المهرجانات الخطابية بين مرشحي الرئاسة حاليا، كامالا هاريس، ودونالد ترامب، يحس بأنه يشهد "سيركا"، للمهرجين فيه نصيب الأسد، في غياب أسد حقيقي، وأن الفتك الذي يلحقه ترامب بمعمار اللغة الإنجليزية، يضاهي ما يفعله حميدتي باللغة العربية والمنطق، غير ان حميدتي على جرائره الكثيرة، بريء من جنس الهتر الذي يمارسه ترامب وأنصاره بحق هاريس: غبية، حمقاء، لا تحمل رخصة ممارسة القانون (وكانت يوما أعلى سلطة قانونية في ولاية كاليفورنيا)، وشقت طريقها الى الكونغرس ب"رهن جسدها"، وكانت هندية عندما عرفناها قبل سنوات، وفجأة صارت سوداء، وهي تريد فتح حدود بلادنا للمجرمين والمعتوهين من المكسيك.

من يستمع إلى ترامب وهو يزكي نفسه لمنصب الرئيس، يحسب أنه ينافس على دور في فيلم سينمائي أو مسلسل تلفزيوني: أنا ذكي، ووسيم، ولي معجبون ومعجبات بالملايين، وزوجتي ميلانيا أجمل بكثير من كمالا هاريس، التي ظهرت على غلاف مجلة تايم بملامح تشبه ميلانيا، لأن صورتها تلك بريشة فنان، وليتني أعثر على ذلك الفنان ليرسم صورتي. كلما اعتليت منصة وقف عشرات الآلاف مشدوهين أمامي، وجمهور مخاطباتي أكبر من جمهور مسيرة الحقوق المدنية التي قادها مارتن لوثر كنغ (شارك في المسيرة في آب / أغسطس 1963 أكثر من 300 ألف شخص، وهو الأمر الذي لم تشهده مسيرة قبلها أو بعدها).

الديمقراطية أفضل الخيارات السيئة لحكم الشعوب، فهي تقوم على حكم الأغلبية، وهذه الأغلبية أتت بهتلر فقاد بلاده وأوربا إلى الدمار، وأتت بنتنياهو الذي جعل من إسرائيل دولة منبوذة خارجيا كما لم يحدث من قبل، وآلت قيادة الدولة السوفيتية إلى ستالين بأغلبية أصوات المكتب السياسي للحزب الشيوعي السوفييتي، فسفح دماء الشيوعيين وخصوم الشيوعيين، والأغلبية جعلت من ترامب الذي انكشف سجله الإجرامي مؤخرا، رئيسا في كانون الثاني/ يناير 2017 لأربع سنوات،صحيفة ذا نيشن الأمريكية قالت إنه ليس فيما يصدر عن ترامب خلال جولاته في مختلف الولايات، ما ينم عن أنه جاد في الفوز بالرئاسة، "لأنه يقدم نفسه كغبي طفولي كسول"، وتقول الصحيفة، إن كسله يتجلى في أنه لا يعرف، ولا يريد ان يعرف مواطن الضعف في هاريس، "فلو اطلع على سجلها في الكونغرس لاكتشف انها تأتي في المرتبة الثانية في اليسارية، بعد بيرني ساندرز، ولكن ولأنه لا يقرأ فإنه لا يعرف شيئا عن ذلك السجل، ويظل يهرف بعموميات ساذجة وضحلة.

أما غباء ترامب فمغلف بكسله، وما من نص مكتوب او مرتجل صدر عن ترامب، إلا وفضح أنه يفتقر إلى الذكاء، وأنه لا يجهد نفسه للحصول على معلومات، يزكي بها نفسه ويزعزع بها مواقف خصومه"، وتمضي الصحيفة قائلة ان طفوليته تتبدى في تلاحم مع الغباء والكسل، وفي أنه وبدلا من التطرق الى مواضيع السياسة والاقتصاد، يظل يرغي ويزبد وهو يطلق النعوت على هاريس، ويتباكي على نصر مزعوم انتزعه منه الرئيس الحالي جو بايدن في انتخابات عام 2016 الرئاسية.

في عام 2017 كتبت كارول مكغراناهان في مجلة "إثنولوجست" التي تعنى بدراسة الإنسان وعلاقاته بالآخرين "جميع السياسيون يكذبون، ولكن ترامب هو أكبر كذاب  ومحترف كذب عرفته سوح السياسة الأمريكية"، أما المؤرخ الأمريكي دوغلاس برينكلي فقد كتب في مجلة سايكوأنالتيك دايالوغ (تختص بعلم النفس التحليلي) قائلا ان ترامب كاذب متسلسل، فالكذب عنده ممارسة سياسية ثابتة، إرضاء لأهواء نفسه وجمهوره.

رؤساء أمريكيون كثر مارسوا الكذب لتضليل الرأي العام المحلي أو العالمي، أو لتفادي تبعات قانونية، فليندون جونسون كذب كثيرا ومرارا لإخفاء مدى تورط جيش بلاده في فيتنام، وبيل كلينتون كذب أمام المحققين لتعمية علاقته مع المتدربة في البيت الأبيض مونيكا لوينسكي، ثم اضطر إلى الخطرفة بأقوال حول الفوارق بين "الحب الشفهي والتحريري"، أما ريتشارد نيكسون فقد كذب وكذب لإخفاء ضلوعه في فضيحة التجسس على مقر الحزب الديمقراطي (ووترغيت)، وكلفه الكذب منصبه، بينما كذب جورج دبليو بوش عن وجود أسلحة دمار شامل لدى العراق، لتبرير غزوه في عام 2003، أما ترامب فقد ارتقى بالكذب الى درجات لم يسبقه عليها احد، كما يقول مارك باراباك المحرر في جريدة لوس انجلس تايمز، فهو يكرر الكذبة المرة تلو الأخرى، حتى تصبح في تقديره "حقيقة".

كما قال مفكرون كثر، فالديمقراطية أفضل الخيارات السيئة لحكم الشعوب، فهي تقوم على حكم الأغلبية، وهذه الأغلبية أتت بهتلر فقاد بلاده وأوربا إلى الدمار، وأتت بنتنياهو الذي جعل من إسرائيل دولة منبوذة خارجيا كما لم يحدث من قبل، وآلت قيادة الدولة السوفيتية إلى ستالين بأغلبية أصوات المكتب السياسي للحزب الشيوعي السوفييتي، فسفح دماء الشيوعيين وخصوم الشيوعيين، والأغلبية جعلت من ترامب الذي انكشف سجله الإجرامي مؤخرا، رئيسا في كانون الثاني/ يناير 2017 لأربع سنوات، ولعل أبرع من قال إن الأغلبية ليست دائما على حق، هو الشاعر المهجري إيليا أبو ماضي:

لما سألت عن الحقيقة قيل لي             /             الحق ما اتفق السواد عليه
فعجبت كيف ذبحت ثوري في الضحى   /              والهند ساجدة هناك لديه

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه الخطابية ترامب انتخابات الرأي امريكا انتخابات رأي خطاب ترامب مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة صحافة صحافة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة

إقرأ أيضاً:

إفشاء الأسرار تهديد لكشف ستر الإنسان ..فلا تعبثوا بهذه الفضيلة أيها الكرام

يحصل أن يجد الإنسان نفسه في ضيق من أمره، تخنقه هموم الحياة وتكتم على صدره. فيبحث عن ملجأ يريح قلبه فيختار صديق أو قريب، يبوح له بما يثقل كاهله. يستأمنه على أسراره، متوسما خيرا وبأن ذلك الشخص حقا محل ثقة بعبارات حقيقة تبعث بالطمأنينة. كأن يقال لك: “سرك في بئر”.. “لا تخف فلن أبوح بشيء”.. “أنا صديقك ولن أفضح أمرك”.. لكن صدمات كثير قد يعيشها بعد ذلك.

فما إن تخبر عزيز على قلبك بما يؤلمك ويوجعك، حتى تجد له عزيزا هو الآخر على قلبه. ويفشي سرك وينتشر من شخص لآخر كانتشار النار في الهشيم مسببا لك أضرار عديدة. وإن لم تكن مادية كانت معنوية، فتصبح شخصا حذرا جدا في المعاملات اليومية. شخصا منطويا على ذاتك، قديما قالوا: “إن أمناء الأسرار أقل وجودًا من أمناء الأموال، وحفظ الأموال أيسر من كتمان الأسرار، لأن إحراز الأموال منيعة بالأبواب والأقفال، وأحراز الأسرار بارزة يذيعها لسان ناطق، ويشيعها كلام سابق”.

فاللسان حقا قد يخون صاحبه، لأن الأموال كلما كثرت خزَّانها كان أوثق لها، أما الأسرار فكلما كثرت خزَّانها كان أضيع لها.

ولأننا نحرص دوما من خلال هذا المنبر أن نوصل رسالة، وأن نبلغ عبرة، اخترنا موضوع إفشاء الأسرار. لنضع النقاط على الحروف في هذه الخصلة التي تصبح فضيلة في الإنسان إذا ما عرف كيف يصونها. وعادة سيئة لمن غدر واستهانة بالأمانة، وفي السياق لنا شهادات لأشخاص لاحقتهم عواقب وخيمة فقط لأنهم أفشوا أسرارهم:

أسماء من العاصمة: إستأمنت زميلتي على سري.. فأفشته وزاد همي

أسماء موظفة في العقد الرابع من عمرها، امرأة كافحت في الحياة ونجحت بفضل الله، لطالما كانت تعيش بأخلاق وعفة عالية. تدرجت على مناصب عدة إلى أن صارت إطار محترمة، فوق حسن سيرتها أنعم الله بحسن جمالها. لكنها أبدا لم تكن مغرورة بذلك، بل تتميز بالتواضع والبساطة، كل الأمور كانت طبيعية. إلى أن جاء المدير الجديد، الذي أقلب حياتها رأسا عن عقب، بدأ في التحرش بها، فصارت ساعات الدوام جحيما بالنسبة لها. فكرت في الاستقالة لكنها كانت المعيلة الوحيدة لعائلتها، فلا مناص لها إلا الحفاظ على منصب عملها والبحث عن حل لهذا الذئب. فلم تجد إلا أن تستشير زميلة مقربة منها في مشكلتها، لكن ليتها لم تفعل، فالزميلة التي ظنت أنها ستجد عندها النصيحة الحسنة صارت ترشقها بنظرات الاتهام. بدلا من التعاطف والبحث عن مخرج لهذا المأزق، فصارت المسكينة تفكر في حلين بدلا من حل واحد.، سرها والزميلة التي أفشت لها سرها، فكم صعبا أن تودع سرك لدى الشخص الخطأ.

أم إياد من بومرداس..لأنني لم أمسك لساني شوهت سمعة ابنتي

بكلمات تحكي نفسية متعبة، راسلتنا سيدة تقول أنها تعيش أسوأ أيام حياتها، فهي لم تتمالك نفسها حين رأت من ابنتها ما أحزن قلبها. تقول أنه كان يوما مشؤوما يوم قرأت على هاتف ابنتها رسائل غرامية بينها وبين شاب تعرفت عليه عبر تطبيق الفايسبوك. فأعمى الغضب عينيها وقامت اولا بكسر هاتف ابنتها، ولم تكتفي بهذا، بل راحت تحكي قصة ابنتها في مجلس مع القريبات. من هذه لتلك انتقلت قصة البنت وصار الكل ينظر إليها على أنها قليلة حياء ومذنبة. ابتعد عنها الكل حتى تريباتها من القريبات، ظنا منهم أنها ستؤثر فيهم ويحذون حذوها، الابنة تعلمت من الدرس، على حد قول أمها، وصححت خطأها. ونجحت في دراستها وهي اليوم طالبة بالجامعة، لكن العار لازال يلاحقها، ولا تزال في أعينهم متهمة بالفسق. فأي حال يمكن أن تكون فيه الابنة بعد أن أفشت الأم سرها؟ وأي حال تعيشه اليوم الأم بسبب تأنيب ضميرها، لأنها هي من كانت السبب في تلطيخ سمعة فلذة كبدها.

هذه عينة من قصص وحكايات كثيرة، سببها شخص ضاقت به الدنيا، أو أراد الحصول على استشارة، فباح بسره ليجد نفسه فريسة بيد شخص استل منه سره. لا بل سيفا ليذبحه به، فيصبح الفعل فيه إضرارا لصاحب السر، وخيانة للأمانة. ونقضا للعهد، وإفسادا للصداقة وللعلاقات الإنسانية، فضلا عن أنه دليل على لؤم الطبع وفساد المروءة وقلة الصبر وضيق الصدر. ويعقبه الندم والحسرة في نفس صاحبه، فمن الخيانة أن يستأمن المرء على سر فيذيعه وينشره، ولو إلى واحد فقط من الناس، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: “إذا حدَّث الرجل بالحديث ثم التفت فهي أمانة”.

لا تلومنَّ إلا نفسك

فإذا استودعت أحدًا سرك وأفشاه، فلا تلومنَّ إلا نفسك، إذ كان صدرك أضيق عنه، فالذي تعطيه له أضيق، قال عمرو بن العاص رضي الله عنه: “ما وضعت سري عند أحد فأفشاه عليَّ فلمته، أنا كنت أضيق به حيث استودعته إياه”، ويقول الشاعر إذا المرء أفشى سـره بلسـانـه… لام عليـه غيـره فهو أحمـق. إذا ضاق صدر المرء عن سر نفسه… فصدر الذي يستودع السر أضيق

لكن هذا لا يعني أن لا نثق أبدا، وأن نسيء الظن بالجميع، لكن الإنسان عليه أن يميز بين الصالح الأمين، وبين الثرثار الذي لا له لسانا طليق، عليه أن يميز بين ما يجب أن يقال، وما يمكن البوح به، وبين ما يجب أن يموت بينه وبين نفسه، فالمؤمن لابد أن يكون لبيبا في شؤونه حتى لا يقع في شر أفعاله.

مجرد رأي.. كتمان السر قيمة أخلاقية في قلوب تغلفها التقوى

إن الحفاظ على الأسرار يقوي العلاقة الإنسانية، ويجعلها متينة وقادرة على مواجهة ظروف الحياة، الحفاظ على أسرار يعزز الثقة بين الناس، ويزيد من الاحترام بينهما، الحفاظ على الأسرار يحافظ على استقرار العلاقات، الحفاظ على الأسرار يجعلك شخصا محبوباً وقادراً على تكوين صداقات حقيقية مع من حوله، وهذا أيها الإخوة الكرام من تقوى القلوب وقوة إيمانها وخوفها من الله.
ونختم بما قاله حكيم لابنه: “يا بني كُن جوادًا بالمال في مواضع الحق، ضنينًا بالأسرار عن جميع الخلق، فإن أحمد جود المرء الإنفاق في وجوه البر، والبخل بمكتوم السر..”
وإذا كان الناس معادن فإن كتمان السر يدل على جوهرهم.

مقالات مشابهة

  • الهزاع: جيسوس هو من عرض نفسه على النصر.. فيديو
  • معادلة الردع .. الورقة الرابحة
  • روايتان متناقضتان تشعلان غضب المغردين في ليبيا.. كيف مات المريمي حقاً؟
  • أخنوش: إصلاح قطاع الصحة توجه أساسي ينطلق من المرجعية الاجتماعية لمكونات الأغلبية
  • إفشاء الأسرار تهديد لكشف ستر الإنسان ..فلا تعبثوا بهذه الفضيلة أيها الكرام
  • ممثل الأغلبية البرلمانية يعلن موافقته على نظام البكالوريا
  • قنبلة موقوتة (١)
  • بعد مشاركته في حرب غزة.. جندي إسرائيلي يشعل النار في نفسه
  • في الشمال.. سوري حاول شنق نفسه!
  • غزة تجدد دروس ثورة الامام الحسين