لماذا اعلن زعيم المليشيات اليوم تخليه عن خطبته الطائفية الأسبوعية ؟
تاريخ النشر: 20th, September 2024 GMT
تخلّى زعيم مليشيات الحوثي الارهابية، المدعو عبد الملك الحوثي، اليوم الخميس، عن خطبته الطائفية الأسبوعية المقررة منذ نحو عشرة أشهر؛ لتعارضِ توقيتها مع خطبة زعيم مليشيات«حزب الله» اللبناني، حسن نصر الله، ودعا أنصاره إلى متابعة خطبة الأخير.
ونقلت وسائل إعلام الجماعة أنه تقرَّر تأجيل خطبة زعيمها إلى عصر يوم السبت المقبل، حيث تحتفل الجماعة بالذكرى العاشرة لانقلابها على الشرعية اليمنية.
وفي حين تُعدّ هذه المرة الأولي التي يحض فيها الحوثي أتباعه صراحةً على متابعة خطاب زعيم مليشيات«حزب الله»، حسن نصر الله، سبق، في أحد الأسابيع الماضية، أن أجَّل خطبته عن موعدها، في الرابعة عصراً بتوقيت اليمن إلى الساعة الثامنة من اليوم نفسه، لكي لا يتعارض توقيتها مع خطبة نصر الله.
وتتلقى جماعة الحوثية الارهابية الدعم العسكري والإعلامي واللوجستي من إيران و«حزب الله» اللبناني، كما تدَّعي الجماعة أنها باتت جزءاً مما يسمى «محور المقاومة الإسلامية»، بقيادة طهران.
وتشنُّ الجماعة الحوثية، منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن والمحيط الهندي، تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة، ومنع ملاحة السفن المرتبطة بإسرائيل، بغض النظر عن جنسيتها، إضافة إلى السفن الأميركية والبريطانية.
مقابل ذلك، أطلقت واشنطن، في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، ما سمّته «تحالف حارس الازدهار»؛ لحماية الملاحة البحرية من هجمات الحوثيين، قبل أن تبدأ ضرباتها الجوية على الأرض في 12 يناير (كانون الثاني) الماضي، بمشاركة من بريطانيا.
وكان آخِر هجوم تبنّته الجماعة باتجاه تل أبيب، السبت الماضي، من خلال إطلاق صاروخ باليستي قالت إنه «فرط صوتي»، ولم ينجم عنه أي خسائر بشرية، بخلاف هجوم الطائرة المُسيّرة، في 19 يوليو (تموز) الماضي، الذي أدى إلى مقتل إسرائيلي، وإصابة آخرين.
700 غارة
تلقّت الجماعة الحوثية نحو 700 غارة غربية وقصف بحري، وفق زعيمها عبد الملك الحوثي، في مناطق يمنية عدة خاضعة لها، بما فيها صنعاء، لكن أكثر الضربات تركّزت على المناطق الساحلية في محافظة الحديدة الساحلية، وأدت، في مجملها، إلى مقتل أكثر من 60 عنصراً.
ومِن بين نحو 185 سفينة تبنّت الجماعة مهاجمتها، أدى هجوم، في 18 فبراير (شباط) الماضي، إلى غرق السفينة البريطانية «روبيمار» في البحر الأحمر، قبل غرق السفينة اليونانية «توتور»، التي استهدفتها الجماعة في 12 يونيو (حزيران) الماضي.
كما أدى هجوم صاروخي حوثي، في 6 مارس (آذار) الماضي، إلى مقتل 3 بحّارة، وإصابة 4 آخرين، بعد أن استهدف سفينة «ترو كونفيدنس» الليبيرية في خليج عدن.
وإلى جانب الإصابات، التي لحقت عدداً من السفن، لا تزال الجماعة تحتجز السفينة «غالاكسي ليدر»، التي قرصنتها في 19 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، واقتادتها مع طاقمها إلى ميناء الصليف، شمال الحديدة، وحوّلتها مزاراً لأتباعها.
وسبق أن تبنت الجماعة الحوثية إطلاق مئات الصواريخ والطائرات المُسيّرة باتجاه إسرائيل، خلال الأشهر الماضية، لكن لم يكن لها أي تأثير، كما زعمت استهداف سفن في موانئ إسرائيلية، بالتنسيق مع فصائل عراقية مسلَّحة موالية لإيران، وهي مزاعم لم تؤكدها أي مصادر غربية أو إسرائيلية.
غضب حوثي
عبّرت الجماعة الموالية لإيران عن غضبها بسبب عملية تدشين «الإنترنت الفضائي» في المحافظات اليمنية المحرَّرة عبر نظام «ستارلينك»، زاعمة أنه «تهديد قومي» ولن تسمح به.
وزعمت الجماعة، في بيان صادر عن وزارة اتصالاتها في حكومتها الانقلابية، أن «تقديم خدمات الإنترنت من قِبل شركة أجنبية في أي منطقة في الجمهورية اليمنية، يشكل تهديداً مباشراً للأمن القومي اليمني، ويقوّض القدرة على حماية خصوصية المواطنين وبياناتهم».
وحذَّرت الجماعة السكان في مناطق سيطرتها من التعامل مع نظام «ستارلينك»، المملوك لشركة «سبيس إكس»، التي تقدم خدمات الإنترنت الفضائي؛ لكون خدماتها غير قانونية، وتوعدت بأنها ستتخذ كل التدابير اللازمة.
كما زعمت أن سماح الحكومة اليمنية لشبكة «ستارلينك» بتقديم خدمات الإنترنت الفضائي يُعدّ «انتهاكاً صارخاً لسيادة اليمن ويشكل، في الوقت نفسه، تهديداً كبيراً لأمنه القومي، فضلاً عن أنه يضرّ نسيجه الاجتماعي».
وكانت شركة «ستارلينك»؛ وهي أكبر مُزوّد لخدمة الإنترنت الفضائي في العالم، قد أعلنت، الأربعاء، تفعيل خدماتها في اليمن، وهو الأمر الذي أكدته المؤسسة العامة للاتصالات في عدن.
ولقيت الخطوة ترحيباً من السفارة الأميركية لدى اليمن، في تغريدة على منصة «إكس»، حيث قالت إنها تقدم التهاني لليمن؛ لكونه أول دولة في الشرق الأوسط تتمتع بإمكانية الوصول الكامل إلى الإنترنت عبر الأقمار الصناعية من «ستارلينك».
وأضافت أن هذا الإنجاز يوضح «كيف يمكن للتكنولوجيا أن تفتح فرصاً جديدة وتدفع عجلة التقدم»، مشيرة إلى أن وزير الخارجية بلينكن أكد «أن التكنولوجيا تعمل على إعادة تشكيل الدبلوماسية، وتحديد ملامح المستقبل».
وفي أول تعليق لمسؤول يمني رفيع، أكد عضو مجلس القيادة الرئاسي، عبد الرحمن المحرّمي، أن تفعيل خدمة الإنترنت الفضائي «ستارلينك» يمثل خطوة مهمة لتعزيز التنمية والتواصل في اليمن.
وأوضح المحرّمي، في تغريدة على منصة «إكس»، أن هذه الخدمة ستوفر إمكانية الوصول إلى الإنترنت بشكل أكثر أماناً، مما يعكس التطلعات نحو مستقبل مشرق يتكاتف فيه الجميع لبناء وطن مزدهر ومتصل بالعالم.
وعبّر المحرّمي عن شكره وتقديره للجهود المبذولة من قِبل جميع المعنيين في إنجاح هذا المشروع الحيوي، مؤكداً الدعم التام لهذه التحولات الإيجابية.
يشار إلى أن الجماعة الحوثية لا تزال تتحكم في الاتصالات اليمنية بشكل مركزي من العاصمة المختطَفة صنعاء، حيث يشكو السكان ارتفاع أسعار الخدمات ورداءتها في الوقت نفسه.
ولقي إعلان تدشين الإنترنت الفضائي عبر شبكة «ستارلينك» ارتياحاً واسعاً في الأوساط اليمنية، لجهة سرعة الخدمة وجودتها، مقارنة بالخدمات التي تقدمها شركات الاتصالات الخاضعة للجماعة الحوثية في صنعاء.
المصدر: مأرب برس
إقرأ أيضاً:
زياد الرحباني.. خاطب الوعي وانتقد الطائفية بأعماله الفنية
ملحن وكاتب ومؤلف مسرحي وعازف وصحفي وسياسي لبناني، وُلد في بيروت مطلع يناير/كانون الثاني 1956، وهو الابن البكر للفنانة فيروز. أبدى مبكرا موهبة استثنائية، وألّف أول كتبه بعنوان "صديقي الله" في سن الثالثة عشرة، ودخل عالم المسرح عام 1973 حين قدم أولى مسرحياته "سهرية" ولم يكن قد بلغ الـ17 بعد.
تميّز بأسلوبه الموسيقي المتفرّد الذي مزج بين الموسيقى الشرقية والجاز، وترك بصمته في الأغنية العربية المعاصرة عبر ألحان أبرزها "سألوني الناس" التي غنتها والدته. توفي يوم 26 يوليو/تموز 2025.
المولد والنشأةوُلد زياد عاصي الرحباني في الأول من يناير/كانون الثاني 1956 في بلدة أنطلياس، الواقعة شمالي العاصمة بيروت.
نشأ في كنف أسرة فنية استثنائية، فوالدته هي نهاد رزق وديع المعروفة باسم فيروز إحدى أيقونات الغناء العربي، ووالده الملحن الراحل عاصي الرحباني، أحد أبرز أعمدة الموسيقى اللبنانية والعربية.
الدراسة والتكوينتلقى زياد الرحباني تعليمه في مدارس فرنسية ببيروت المعروفة بانضباطها الأكاديمي وانفتاحها الثقافي، وتأثر بالفكر الفلسفي والنقدي الغربي، إلى جانب انغماسه في البيئة الفنية التي نشأ فيها.
منذ طفولته، أبدى شغفا بالموسيقى وبدأ العزف على البيانو تحت إشراف موسيقيين مقربين من والده وعمه.
كان يقضي ساعات يوميا في التمرين، مما مكنه من تطوير أسلوبه الخاص في التأليف والعزف. ورغم تجربته في العزف على العود والطبلة، مال لاحقا إلى الآلات الغربية مثل البيانو الرقمي والساكسوفون، متأثرا برواد الجاز والبلوز من مثل مايلز ديفيس وديف بروبك، واستلهم منهم أساليب في التوزيع والارتجال.
جمع زياد في تكوينه بين روح الموسيقى الشرقية وبنية الموسيقى الغربية، مما منحه هوية موسيقية فريدة مهدت لانطلاقته في عالم المسرح والموسيقى، بعيدا عن النمط الأكاديمي التقليدي.
لمع اسم زياد الرحباني في المسرح وهو لم يتجاوز الـ17 من عمره حين قدّم أولى مسرحياته "سهرية" عام 1973، والتي تميزت بمزيج من السخرية الحادة والنقد الاجتماعي والسياسي، وعكست واقع المواطن اللبناني بهمومه اليومية وتعقيداته المجتمعية. واستخدم في المسرحية لغة عامية قريبة من الناس، وهو ما رسّخ مكانته باعتباره صوتا نقديا جريئا ومختلفا في المسرح اللبناني.
إعلانتابع بعد ذلك إنتاج أعمال مسرحية بارزة، من بينها:
"نزل السرور" عام 1974: وهي مسرحية سياسية كوميدية تناولت الفوارق الطبقية عبر قصة عمال يستولون على مطعم شعبي، في سعيهم لتحقيق العدالة. "فيلم أميركي طويل" عام 1980: جرت أحداثها في مستشفى للأمراض النفسية، وعكست أزمات لبنان الطائفية والسياسية والاقتصادية في أوج الحرب الأهلية التي استمرت إلى حتى عام 1990. "شي فاشل" عام 1983: قدم فيها نقدا لاذعا للواقع اللبناني بعد الحرب عبر حوارات تدور بين شخصيات منهكة في مقهى شعبي. "بخصوص الكرامة والشعب العنيد" عام 1993: عاد فيها الرحباني إلى المسرح بعد غياب عشر سنوات، وتناولت بأسلوب ساخر مفاهيم الكرامة والوطن. "لولا فسحة أمل" (1994): وهي مسرحية مكملة لسابقتها. التجربة الموسيقيةلم تقتصر تجربة الرحباني على خشبة المسرح، بل امتدت إلى عالم الموسيقى وبرز فيه ملحنا موهوبا منذ بداياته. ففي العام نفسه الذي قدّم فيه أولى مسرحياته، لحّن أولى أغاني والدته فيروز "سألوني الناس"، وكانت بمثابة انطلاقة فعلية له في مجال التلحين.
ولاحقا، أصبح الرحباني أحد أبرز من جددوا في الأغنية الفيروزية الحديثة، عبر ألحان حملت بصمته الخاصة، ومزجت بين الإحساس الشرقي والأسلوب الغربي. ومن بين أشهر أعماله: "كيفك إنت"، "صباح ومساء"، "وعودك رنان"، و"بكتب اسمك يا حبيبي" التي أصبحت من كلاسيكيات أرشيف فيروز.
وإلى جانب الأغاني، خاض زياد تجربة الألبومات الموسيقية المستقلة، وأطلق عدة أعمال موسيقية مميزة منها:
"إلى عاصي" عام 1986: وهي تحية موسيقية مؤثرة أهداها إلى روح والده. "أنا مش كافر" بين عامي 1995 و1996. "مونودوز" عام 2001: وهي عمل موسيقي بالكامل بدون كلمات، وتميز بمزجه الفريد بين الموسيقى الشرقية وأنماط الجاز. التجربة الصحفيةخاض الرحباني تجربته الصحفية في منتصف سبعينيات القرن الـ20، عبر كتاباته في "جريدة السفير" اللبنانية، إذ قدّم سلسلة مقالات ساخرة تحت عنوان "بالصميم"، تميزت بلغتها الشعبية القريبة من الناس، واعتمد فيها اللهجة اللبنانية العامية لنقد الواقع السياسي والاجتماعي بأسلوب لاذع ومباشر.
وفي عام 2006، انضم إلى "جريدة الأخبار" منذ انطلاقتها، وكتب فيها مقالات أسبوعية امتدت حتى عام 2014، مستفيدا من الخط التحريري اليساري للصحيفة، الذي انسجم مع رؤاه السياسية.
واتسم أسلوبه في المقالة بالحوار الداخلي (مونولوغ)، فقد كان يعالج القضايا اللبنانية والعربية من منظور نقدي شخصي، يمزج بين التهكم والأسى.
توفي زياد الرحباني يوم 26 يوليو/تموز 2025 عن عمر ناهز 69 عاما، بعد معاناة طويلة مع مرض تليف الكبد، وشارك الآلاف في تشييعه من أمام مستشفى "خوري" في بيروت.
كما رفع المشاركون في الجنازة العلم الفلسطيني وارتدوا الكوفيات، في إشارة إلى مواقف الرحباني المناصرة للقضية الفلسطينية، وظهرت ملصقات تجمع صورته مع الناشط اللبناني جورج عبد الله.
إعلانانطلق موكب تشييعه من بيروت إلى بلدة المحيدثة في قضاء المتن، وأقيمت مراسم الدفن في كنيسة "رقاد السيدة"، قبل أن يُوارى الثرى في مدافن العائلة.
نعاه عدد من المسؤولين اللبنانيين، بينهم رئيس الجمهورية جوزيف عون، الذي وصفه بـ"الضمير الحي"، ورئيس الحكومة نواف سلام الذي اعتبره رمزا فنيا وفكريا. كما أشاد به الأمين العام للحزب الشيوعي حنا غريب واصفا إياه بـ"الثائر الإنساني" الحالم بلبنان ديمقراطي بلا طائفية.