الأسبوع:
2025-06-06@22:02:01 GMT

حسن الخلق من صميم رسالة الإسلام

تاريخ النشر: 24th, September 2024 GMT

حسن الخلق من صميم رسالة الإسلام

لقد عنى الدين الإسلامي الحنيف بالقيم الأخلاقية فى جميع جنبات الحياة، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم ـ إنما بعث ليتمم مكارم الأخلاق، والعقيدة والشريعة مبناهما على تغليب الجانب الأخلاقى وتربية حسن الخلق لدى أتباع الإسلام، فإذا نظرنا إلى فرائض الإسلام جميعها سنجدها تدعم مكارم الأخلاق، فحيثية تشريع الصلاة، في قول الله تعالى: "وأقم الصلاة إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر"، فمن لم تنهه الصلاة عن الفحشاء والمنكر فلا صلاة له.

والله تعالى يقول فى كتابه العزيز: "يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام.. " لماذا يارب؟ "لعلكم تتقون"، وكذلك الزكاة شرعها الله تعالى لترسيخ بعض الجوانب الخلقية عند المسلم، فهى تطهر الإنسان طهارة حسية ومعنوية، قال تعالى: "خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها وصل عليهم إن صلاتك سكن لهم والله سميع عليم * ألم يعلموا أن الله هو يقبل التوبة عن عباده ويأخذ الصدقات وأن الله هو التواب الرحيم"، وكذلك الحج، شرعه الله تعالى لكي يستفيد المسلم منه، قال تعالى: "الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ ۚ فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ ۗ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ ۗ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَىٰ ۚ وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ"، فعندما يؤدى الإنسان الفرائض والعبادات بطرقها الصحيحة، فيكون ثوابها ناقصا إن لم تثمر مكارم ومحاسن الأخلاق، بل إن سيئات الأخلاق تأكل حسنات الفرائض والعبادات، فعن أبى هريرة، رضي الله عنه، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "أتدرون من المفلس؟.. قالوا: المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع، فقال: المفلس من أمتي من يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام، وزكاة، ويأتي وقد شتم هذا، وقذف هذا، وأكل مال هذا، وسفك دم هذا، وضرب هذا، فيعطى هذا من حسناته، وهذا من حسناته، فإن فنيت حسناته قبل أن يقضي ما عليه، أُخذ من خطاياهم فطُرحت عليه، ثم طُرح في النار" رواه مسلم.

والمرأة التى قال عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم: هى فى النار، كانت كثيرة الصلاة والصيام، إلا أنها كانت تؤذى جيرانها.

ودين الإسلام يحض على أن تكون المعاملات جميعها تتصف بالأخلاق والأمانة، وحسن معاملة الجار من الدين، وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دائما ما يوصى بالإحسان إلى الجار ومعاملته معاملة طيبة، والبعد عن إيذائه.

ولقد بشر رسول الله صلى الله عليه وسلم من يقتدون به في حسن الخلق والمعاملة، بالقرب منه يوم القيامة حيث قال عليه الصلاة والسلام: "هل أدلكم على أقربكم مني مجلسا يوم القيامة؟ قالوا: بلى، قال: أحاسنكم أخلاقا الموطؤون أكنافا الذين يألفون ويؤلفون".

وحسن الخلق هو صميم الرسالة الإسلامية بل هو الغرض من بعثة خاتم الرسل سيدنا محمد، ألم يقل عليه الصلاة والسلام: "إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق"؟، وفي الحديث إشارة إلى أن إتمام المنهج الخلقي القويم والكامل أوكله الله تبارك وتعالى لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم، فهو حجة الله على عباده وهو مصطفاه من بينهم وبالطبع فهو أفضلهم وأقربهم من ربه سبحانه وتعالى.

وعن أبي هريرة قال: سُئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أكثر ما يدخل الناس الجنة، قال: "تقوى الله وحسن الخلق".

أسأل الله أن يمن علينا بحسن الخلق، وأن يعمق فينا وبيننا مكارم الأخلاق حتى تنعم مجتمعاتنا بالسلام الاجتماعى، وتتحقق لنا الخيرية التى يريدها الله لنا فى قوله تعالى: "كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ ۗ.. " (آية 110 ـ سورة آل عمران).

المصدر: الأسبوع

كلمات دلالية: حسن الخلق رسالة الإسلام مقالات صلى الله علیه وسلم مکارم الأخلاق الله تعالى رسول الله

إقرأ أيضاً:

مشروعية الفرح في العيد.. ولتكبّروا الله

قبيل شروق الشمس، وبعد أن بدأت خيوط الضوء تنسج بداية نهار جديد مليء بالفرح، تتحرك خطى المسلمين نحو مصليات العيد، وهم يلبسون أجمل ما عندهم، لا طلبًا للزينة فقط، بل كذلك استجابة لنداء فرحٍ شرّفه الله، ووجوههم تلتمع ببقايا الوضوء، وقلوبهم تمتلئ بالرضا والسكينة والخير، وهم يقبلون على ربهم لتأدية شكره والثناء عليه والتكبير باسمه في صلاة العيد. وفي الوقت الذي تملأ فيه ساحات القرى والمدن بالتكبير، يكون الحجيج في مكة يرجمون الجمرات، ويذبحون الهدي، ويحلقون رؤوسهم، ويتحللون من الإحرام، ويتمّون نسكهم العظيم.

فعيد الأضحى موسم لإظهار السرور، فهو يوم نحر وأكل وشرب وذكر لله، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: "يوم عرفة ويوم النحر وأيام التشريق عيدنا أهل الإسلام، وهي أيام أكل وشرب". فالمسلم يلبس أفضل ما عنده من الثياب، ويتطيب، وينشر البهجة والسرور على كل من يلتقي به.

كما أن التكبير في عيد الأضحى من أعظم الشعائر التي شرعها الإسلام في هذا الموسم المبارك، لما فيه من تعظيم لله تعالى، وتذكير بفضله، وإحياء لروح التوحيد في النفوس، وقد ارتبط التكبير بعيد الأضحى ارتباطًا وثيقًا، حتى صار سمة من سماته، ومظهرًا من مظاهر الفرح المشروع فيه. وأصل مشروعية التكبير في هذا العيد ورد في الكتاب العزيز وفي سنة المصطفى صلى الله عليه وسلم، فقد قال الله تعالى في سورة البقرة: "وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَىٰ مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ". ويسن التكبير في كل وقت في أيام عيد الأضحى المبارك، ويكون كذلك عقب الصلوات المفروضة، ويبدأ من صلاة فجر يوم العيد، ويستمر إلى عصر اليوم الثالث عشر من ذي الحجة، وهو آخر يوم من أيام التشريق.

ولم ترد صيغة واحدة عن النبي صلى الله عليه وسلم، بل وردت عن الصحابة عدة صيغ، منها: "الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد"، ومنها: "الله أكبر كبيرًا، والحمد لله كثيرًا، وسبحان الله بكرة وأصيلًا"، فكلها صحيحة، ومن المشروع ترديدها.

وقد جاء الحث على هذه الشعيرة المباركة في يوم العيد لما فيها من الفضل العظيم والثواب الجزيل، فهو إحياء لشعيرة من شعائر الله، وقد قال تعالى: "ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب". فهي تعظيم لله تعالى وتوحيده، ورفع ذكره، وهو ما يتناسب مع جو العيد، الذي يذكر المسلم بحقيقة العبودية، وتأليف القلوب حين يجتمع الناس على الذكر، ويسمع التكبير من كل مكان، فتنشرح النفوس ويعمها الإيمان والطمأنينة. كما أنه اتباع لسنة النبي صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام، الذين كانوا يرفعون أصواتهم به في الأسواق والطرقات.

ومن الطقوس الدينية في هذا العيد المبارك ذبح الأضاحي التي تجسد الكثير من المعاني الإيمانية، بالإضافة إلى انسجامها مع أجواء الفرح والأكل والشرب، ففيها استحضار لقصة خليل الله إبراهيم عليه السلام، حين ابتُلي برؤيا ذبح ابنه إسماعيل، فاستجاب لأمر ربه دون تردد، وجاء الفداء من الله بكبش عظيم، ليكون هذا الحدث العظيم أصلًا لشعيرة الأضحية التي يحييها المسلمون كل عام تقربًا إلى الله تعالى.

وفيها مظهر من مظاهر التكافل في المجتمع المسلم، فحين يخرج المسلم من ماله ما يشتري به الأضحية، ثم يهدي جزءًا منها للفقراء، يكون قد حقق توازنًا بين العبادة الفردية والمسؤولية المجتمعية. كما أن العمانيين وغيرهم من المسلمين قد جسدوا مظهرًا من مظاهر التكاتف والتكافل في المجتمع الإسلامي، فأرسلوا أضاحيهم إلى غزة الجريحة وإلى المحتاجين من شعب فلسطين، وذلك أقل ما يمكن أن يقدموا لإخوانهم المستضعفين.

وإذا تأملنا في فكرة الأضحية، ندرك أن الله يربينا عبر هذه الشعيرة على التنازل عن شيء نحبه مثل المال، في سبيل أمر نحبه أكثر وهو الله والامتثال لأمره. والأضحية رغم كونها لحظية في فعلها، إلا أنها تمتد في أثرها إلى عمق الروح، فحين يذبح المسلم أضحيته، يذبح معها شيئًا من أنانيته، وحرصه، وتعلقَه الزائد بالدنيا، فهي تربية على الفداء والبذل، وتزكية للنفس، وتدريب على الإخلاص في النية.

فحين أمر الله إبراهيم عليه السلام بذبح فلذة كبده، لم يكن المقصود من الاختبار هو الدم أو الموت، بل كان المقصود هو الصدق الكامل في العبودية، والخضوع التام لإرادة الله. ولهذا، لما تهيأ إبراهيم للذبح، وفداه الله بذبح عظيم، خلدت القصة في القرآن الكريم كنموذج خالد للتسليم المطلق، حينما قال الله عز وجل:

فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ (103) وَنَادَيْنَاهُ أَن يَا إِبْرَاهِيمُ (104) قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا ۚ إِنَّا كَذَٰلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (105) إِنَّ هَٰذَا لَهُوَ الْبَلَاءُ الْمُبِينُ (106) وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ (107) وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ (108) سَلَامٌ عَلَىٰ إِبْرَاهِيمَ (109) كَذَٰلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (110) إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ (111) الصافات.

وقد قربه الله منه وجعله خليلًا له لنجاحه في هذا الاختبار والبلاء العظيم.

وقد بيّن الله في كتابه العزيز الهدف من سن هذه الشعيرة العظيمة، فأخبرنا أنه سبحانه لا يحتاج إلى دم الأنعام ولا إلى لحمها، كما قال في محكم كتابه:"لَن يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَٰكِن يَنَالُهُ التَّقْوَىٰ مِنكُمْ ۚ كَذَٰلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمْ لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَىٰ مَا هَدَاكُمْ ۗ وَبَشِّرِ الْمُحْسِنِينَ (37).

فقد بيّن الله تعالى أن الهدف من هذه الشعيرة هو التقوى، وتعريف التقوى باختصار هو امتثال أمر الله واجتناب نواهيه، فهو حالة دائمة من الوعي بالله. فإذا لم تثمر الأضحية تقوى، وحياءً من الله، وعزمًا على الطاعة، فإنها تبقى مجرد ممارسة شكلية، وهذا ما يجب أن يراجع فيه كل مسلم نفسه، وهو يقبل على هذه الشعيرة.

كما أن العيد فرصة لصلة الرحم وزيارة الأقارب، ونزع البغضاء والشحناء من النفوس، وإعطاء الهدايا للأطفال، وإدخال السرور والبهجة إلى نفوسهم، وهذا ما يشكل الذاكرة الطفولية لديهم وستبقى محفورة في أذهانهم، فالطفل لا يتذكر تفاصيل خطب العيد، ولا يعي أسرار النسك، لكنه يتذكر جيدًا من أعطاه هدية، ومن ناداه باسمه، ومن ابتسم له وهو يلبس الجديد، ومن وضع في جيبه قطعة حلوى أو أعطاه ريالًا؛ فالطفل الذي يرى والده يوزع اللحم على الفقراء، ويزور الجيران، ويهدي الأرحام، يكبر على أن الإسلام دين رحمة وتكافل، لا دين جمود وعادة.

وقد حرص الإسلام منذ بدايته على جعل الفرح عبادة حين يكون سببًا في إدخال السرور على الآخرين، لا سيما الأطفال، ففي الحديث النبوي الشريف: "من لا يرحم لا يُرحم"، كما أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: "أحب الناس إلى الله تعالى أنفعهم للناس، وأحب الأعمال إلى الله تعالى سرور تدخله على مسلم". فلنجعل من العيد مظهر فرح وتجديدًا للأمل ونشر الحب والرحمة.

مقالات مشابهة

  • عجائب الصلاة على النبي ليلة عيد الأضحى.. 40 مكافأة ربانية
  • مشروعية الفرح في العيد.. ولتكبّروا الله
  • محمد بن راشد: يوم عرفة.. يوم الحج الأعظم.. خير أيام الإسلام
  • ألقى في موضعه النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- خطبة حجة الوداع.. “مسجد نمرة” تهفو إليه قلوب الحجيج في يوم عرفة
  • موعد اذان الفجر يوم عرفة ومواقيت الصلاة وعدد ساعات صيام عرفات
  • د.حماد عبدالله يكتب: وقفــة عرفـــات...
  • دعاء يوم عرفة مكتوب كامل – نص الدعاء وأهميته في الإسلام
  • زيارة العليمي لروسيا.. تناقض وازدواجية وانتهازية على حساب الأخلاق (ترجمة خاصة)
  • نداء الإسلام من جبل الرحمة
  • دعاء يوم التروية 2025.. «اللهم ارزقنا شربة من يد حبيبنا سيد الخلق»