ثورة الإمام زيد وخطاب المناسبة
تاريخ النشر: 13th, August 2023 GMT
بالقدر الذي كان خطاب قائد الثورة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي – حفظه الله – في مناسبة ذكرى استشهاد الإمام زيد بن علي عليه السلام، مليئا بالمعاني التاريخية في سرد معالم ثورة الإمام زيد وأحداثها، وفي كشف جانب من الطغيان الأموي وعناوين حالته، وبالاستطراق إلى امتدادات نهضة الإمام زيد عليه السلام وثورته التي تحرك بها لتكون قيمة ممتدة لكل زمان ومكان، استطرق أيضا إلى معالم حالة الطغيان في زمننا المعاصر، وعناوينه وتحركاته، فإنه من أهم الخطابات الحاسمة لمسارات الحرب، وفيما يخص الداخل أيضاً.
والخطاب فيه تلخيص لأحداث التاريخ بجانبيه الثوري الجهادي، والأموي الاستبدادي المنحرف، وفيه تشريح لها، وتبيان لمساراتها وانعكاساتها اليوم بما يشبهها وبما هو امتداد لها، فهذا طغيان يمزق المصاحف ويدفع بالبشرية نحو الهاوية، كما أولئك فعلوا بتمزيق المصحف والإساءة لرسول الله صلوات الله عليه وآله وسلم في مجالسهم، وبحرف الأمة عن مسلك الدين المحمدي، إلى الأموية الطغيانية المستبدة، يفعل هؤلاء اليوم بحرف مسالك الأمة وإرضاخها للطغيان الأمريكي الصهيوني الذي يشن حرباً شاملة على الإسلام والقرآن الكريم، وذاك زيد الذي قال «والله لا يدعني كتاب الله أن أسكت»، وهذا شعب يمتد إلى زيد وثورته يصرخ والله لن نسكت وكتابُ الله يُمزَّق.
لا تختلف حالة ذلك العربيد الأموي الذي مزق المصحف قائلا «إذا ناديت ربك يوم حشر فقل يا رب مزقني الوليد»، وحالة عرابيد هذا الزمن الذين يقومون بتمزيق المصاحف، وينخرطون في هجمة الأعداء ضد الإسلام والمسلمين والقرآن والمقدسات، ولا تختلف حالة من يصمتون أو يتقاعسون تجاه عرابيد هذا الزمن ولم يتخذوا المواقف الحازمة تجاه اللوبي الصهيوني والعدو الإسرائيلي ولا ممن يحركهم اللوبي الصهيوني في الإساءة للقرآن الكريم، ومن سكتوا حينذاك تجاه الانحرافات التي سلك بنو أمية بالأمة فيها والانتهاكات للحرمات والمقدسات في ذلك الزمن.
والحال كذلك، فحين ثار الإمام زيد عليه السلام غاضباً في وجه يهودي أساء لرسول الله صلوات الله عليه وآله وسلم في مجلس هشام اللعين، قائلا «يا يهودي والله لو تمكنت منك لاختطفت روحك»، قال هشام: لا تؤذي جليسنا يا زيد، وحال هشام هو حال حكام دول عربية وإسلامية كثيرون مع من يسيئون إلى رسول الله ص» وإلى القرآن، بمواقفهم الخانعة، إذ لا يريدون أن تتأذى أمريكا والغرب ولا الدنمارك والسويد بردة فعل إسلامية، وحده زيد يتحرك في هذا الميدان من وقتذاك وإلى اليوم، والشعب اليمني يتصدر اليوم هذه المواقف وفي طليعتها.
وبقدر ما في الخطاب من المعاني التي تعيدنا كإعلاميين إلى أن مهمتنا في البيان والبصيرة والتبيين منطلقة من واجب إيماني مفروض ومقدس، فإننا أحوج اليوم إلى العمل بتلك الرؤية التي وضعها الإمام زيد بن علي عليه السلام «البصيرة البصيرة» وما أحوجنا اليوم لها، فإذا كان الإمام زيد يدرك الحاجة إلى البصيرة في وقته الذي لم يكن فيه الطغيان على ما هو عليه اليوم من أساليب وإمكانات وذكاء اصطناعي وإعلام وأبواق وفضاء وشبكات عنكبوتية، فما أحوجنا اليوم إلى البصيرة والطغيان يملك آلات تضخ الأضاليل لم تصل إليها البشرية من قبل.
الجزئية المتعلقة بالعدوان والحصار في خطاب القائد تعد فاصلة وحاسمة لمسار استمر لعام ونصف من التأرجح ومن الانتظار، ونحن اليوم على أعتاب مرحلة جديدة، وفي الوضع الرسمي فإن تأكيد السيد القائد على الحاجة إلى إحداث تغييرات جذرية، بما تعنيه الكلمة من معنى «جذرية»، أمر مستحق من قائد استثنائي كريم وعظيم، لشعب جاد بالنفس والمال وضحى ولم تهزه العواصف، وكل ذلك يجذر ثقة الجميع بالسيد القائد – حفظه الله – وبحكمته وبما يحتم التسليم لخياراته وتوجيهاته في كل وقت وحين.
كان خطاب قائد الثورة ترجمة شاملة لثورة الإمام زيد بن علي عليه السلام، التي أجمعت عليها الأمة من فرق وجماعات سنية وشيعية، واتفق فيها أبو حنيفة وغيره من زعامات المذاهب الإسلامية، والخطاب اليوم كان ترجمة للمناسبة الثورية الجامعة والشاملة، والله الموفق.
المصدر: الثورة نت
إقرأ أيضاً:
اختتام مولد السيدة نفيسة بالليلة الكبيرة غداً.. تعرف على قصتها وسر حب المصريين لها
يختتم محبو آل البيت، غداً الأربعاء، الليلة الختامية لمولد السيدة نفيسة، وعاشت السيدة نفيسة في مصر نحو 15 عامًا، وذاع صيتها منذ وصولها من المدينة المنورة، والسيدة نفسية، جدها الأكبر الحسن بن علي بن أبي طالب، ولقبت بـ نفيسة العلوم ونفيسة الدارين، وقيل إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- جاء في رؤيا منامية إلى زوجها قائلاً له: «اترك نفيسة لـأهل مصر فإن البركات تتنزل عليهم ببركتها».
اسم السيدة نفيسةالسيدة نفسية، هي بنت الحسن الأنور بن زيد الأبلج بن الحسن بن علي بن أبى طالب، فهي حسينية بمعنى أن جدها الأكبر هو الإمام الحسن ولقبت بنفيسة العلوم لكثرة علومها ومعارفها، ولأنها أمدت الإمام الشافعي بعلمها ونفيسة الدارين، لأنها عملت للدنيا والآخرة بعلومها ومعارفها والنفيسة الطاهرة الفريدة العفيفة الزاهدة العابدة الساجدة الراكعة، ونفيسة المصريين لأنها كانت تحب أهل مصر، وكانوا يحبونها كل هذه ألقاب للسيدة نفيسة رضى الله عنها، والعلوم التي اكتسبتها السيدة نفيسة هي العلوم التي لا تكتسب عن طريق الاطلاع وإنما التي تكتسب من الله عز وجل كفيض وهبة ومنحة.
زواج السيدة نفيسةتزوجت إسحاق المؤتمن، ابن جعفر الصادق رضي الله عنه في شهر رجب سنة 161هـ، وبزواجهما اجتمع نور الحسن والحُسَين، وأصبحت السيدة نفيسة كريمة الدارَيْن، فالسّيدة نفيسة جدُّها الإمام الحسن، وإسحاق المؤتمن جدّه الإمام الحسين رضي الله عنهما. وأنجبت لإسحاق ولدًا وبنتًا هما القاسم وأم كلثوم. وكان إسحاق مشهودًا له بالصلاح.
زهد السيدة نفيسةكانت تمضي أكثر وقتها في حرم جدّها صلى الله عليه وسلم، وكانت الآخرة نصب عينيها، حتى إنها حفرت قبرها الذي دُفنت فيه بيديها، وكانت تنزل فيه وتصلي كثيرًا، وقرأت فيه المصحف مائة وتسعين مرة وهي تبكي بكاءً شديدًا.
وكان لأخيها يحيى (المتوّج) بنت واحدة اسمها (زينب) انقطعت لخدمة عمتها، تقول: خدمتُ عمّتي السيدة نفيسة أربعينَ عامًا، فما رأيتها نامَت بلَيل، ولا أفطرت إلا العيدين وأيام التشريق، فقلت لها: أمَا ترفُقِين بنفسِك؟ فقالت: كيف أرفُق بنفسي وأمامي عَقَبات لا يقطَعُهُنّ إلا الفائزون؟ وكانت تقول: كانت عمتي تحفَظ القرآن وتفسِّره، وكانت تقرأ القرآنَ وتَبكي.
دعاء المطر .. سنة نبوية مستحبة وأوقات إجابة لا تترك فضلها
3 أدعية عن النبي للشفاء والوقاية من الحسد.. لا تغفل عنها
السيدة نفيسة ولدت في مكة المكرمة عام 145هـ وجاءت مع عائلتها عام 193 هـ إلى مصر، وقضت السيدة نفيسة في مصر 15 عاما، وجاء الإمام الشافعي إلى مصر عام 198 هجرية، والتقت به في مصر، وعندما جاء الشافعي إلى مصر تعرض إلى محنة مع العلماء فقالوا عليه هذا فقيه جاء من العراق وجاء إلى مصر ويقول إنه فقيه وتعلم العلم ومن تلاميذ الإمام مالك وحدث (وقتها) بينه وبين العلماء مشادات ومناظرات والبعض لجأ إلى اضطهاده، لكن السيدة نفيسة كانتوقتها العون والسند له وكان لها الفضل عليه لأنه تعلم منها كثيرًا.
ما قصة السيدة نفيسة مع نهر النيل في مصر؟كان وجود السيدة نفيسة في مصر إيجابيًا، فلجأ إليها المصريون عندما شح عليهم نهر النيل وجف منسوبه جاءوا إليها وقالوا لها إن منسوب النيل انخفض، وما لبثت أن أظهرت كرامة من كراماتها، فخلعت حجابها وطلبت من أهل مصر أن يلقوا به في ماء النيل ففاض النيل ببركة ربنا وببركة نفيسة العلوم، وهذه إضافة إلى أهل مصر الذين تعلقوا تعلقا شديدا بها.
وصية الإمام الشافعي
لمَّا وفد الإمام الشافعي رضي الله عنه إلى مصر، توثقت صلته بالسيدة نفيسة، واعتاد أن يزورها وهو في طريقه إلى حلقات درسه في مسجد الفسطاط، وفي طريق عودته إلى داره، وكان يصلي بها التراويح في مسجدها في شهر رمضان، وكلما ذهب إليها سألها الدعاء، وأوصى أن تصلي عليه السيدة نفيسة في جنازته، فمرت الجنازة بدارها حين وفاته عام 204هـ، وصلّت عليها إنفاذًا لوصيته.
هل حفرت السيدة نفيسة قبرها بيدها؟عُرف عن السيدة نفيسة حسن عبادتها وعدلها، فيروى أنها لما كانت بالمدينة كانت تمضي أكثر وقتها في المسجد النبوي تتعبد، وتروي زينب ابنة أخيها يحيى المتوج “خدمتُ عمّتي السيدة نفيسة أربعينَ عامًا، فما رأيتها نامت بليل، ولا أفطرت إلا العيدين وأيام التشريق، فقلت لها: أما ترفقين بنفسك؟ فقالت: كيف أرفق بنفسي وأمامي عقبات لا يقطعهن إلا الفائزون؟ وكانت تقول: كانت عمتي تحفظ القرآن وتفسره، وكانت تقرأ القرآن وتَبكي”، وقيل أنها حفرت قبرها الذي دُفنت فيه بيديها، وكانت تنزل فيه وتصلي كثيرًا، وقرأت فيه المصحف 190 مرة وهي تبكي بكاء شديدا.
منزلة آل البيتلكل آل البيت منزلة كبيرة عند المصريين، لكن تظل السيدة نفيسة في مكانة مختلفة؛ لأنها عاشت 15 عاما بمصر، كما دفنت بها بناء على رغبة المصريين أنفسهم، وهو أمر ليس محل شك على عكس مسجد الحسين، الذي ما زالت الآراء مختلفة حول حقيقة دفن رأس الحسين في المسجد الذي يحمل اسمه.
كانت السيدة نفيسة عالمة وفقيهة وقريبة من المصريين، ولها مواقف كثيرة دعمتهم فيها ضد حكامهم، إضافة لمكانتها التي تحدث عنها الإمام الشافعي، الذي كان يعتبر نفسه أحد تلاميذها، وهي الأسباب التي اجتمعت لتجعل ارتباط المصريين بالمسجد، هو في الأساس لارتباطهم بحفيدة النبي صلى الله عليه وسلم.
سبب دفن السيدة نفيسة في مصروهناك رواية محققة في سبب دفن السيدة نفيسة في مصر، فبعد وفاتها عام 208هجرية، أراد زوجها دفنها بالبقيع في المدينة المنورة، لكن المصريين رفضوا وتجمعوا حول منزلها، ووسطوا الوالي لإقناع زوجها بدفنها في مصر، وجمعوا له أموالا، إلا أن زوجها أصر على نقلها للمدينة، وهو ما قابله المصريون بإصرار أشد على بقائها بينهم، وفي اليوم التالي للوفاة فاجأهم بموافقته على دفنها بمصر، وعندما سُئل عن سبب عدوله عن موقفه، أخبرهم بأنه "رأى الرسول صلى الله عليه وسلم في منامه وطلب منه أن يرد على المصريين أموالهم وأن يدفنها بينهم".