الضربات الإسرائيلية تحيي الصراع الطائفي في بيروت المنقسمة
تاريخ النشر: 21st, October 2024 GMT
سلط تقرير لصحيفة "فايننشال تايمز" الضوء على أزمة تضاف إلى معاناة اللبنانيين اليوم، بعد وصول النازحين من المناطق الجنوبية من البلاد بسبب الضربات الإسرائيلية، ما يثير المخاوف من عودة العنف بين الطوائف.
وفي قلب بيروت، حيث يلتقي الغرب ذو الأغلبية المسلمة بالشرق ذي الأغلبية المسيحية، يقف الأب أنطوان عساف في كنيسة مار الياس القنطري ويحث أبناء رعيته القلقين على أن يكونوا لطفاء مع جيرانهم، إذ أنه يعلم أن هذه الرسالة مهمة أكثر من أي وقت مضى، حسب التقرير.عنف طائفي خارج كنيسته الهادئة، كارثة صاخبة وفوضوية، فأكثر من مليون شخص يفرون من الحرب بين إسرائيل وجماعة حزب الله، حيث تهدد حملة القصف الإسرائيلية التوازن الدقيق بين الجماعات الدينية الرئيسية الثلاث في لبنان.
وكان عساف، وهو كاهن ماروني، 60 عاماً، قد شهد تدمير لبنان تقريباً بسبب العنف الطائفي من قبل، أين أدت الحرب الأهلية التي استمرت 15 عاماً، والتي انتهت في 1990، إلى تقسيم البلاد وعاصمتها على أسس دينية.
Beirut divided: Israeli strikes fuel Lebanon’s sectarian tensions https://t.co/cdHLcbS6az
— Middle East & Africa (@FTMidEastAfrica) October 21, 2024 وفي العقود المواليية، تحول أمراء تلك الحرب إلى قادة سياسيين وصلّبوا مجتمعاتهم ضد بعضها البعض، حسب الصحيفة.عساف الآن يراقب الحملة العسكرية الإسرائيلية التي تدفع العائلات الشيعية من منازلها إلى المناطق ذات الأغلبية المسيحية والسنية، ما يضاعف المعاناة القديمة ويثير المخاوف من العنف الطائفي في بلد صغير مليء بالأسلحة.
يقول الكاهن للصحيفة: "كل يوم أحد، أدفع الناس للمساعدة والترحيب ببعضهم البعض". ولكن مع القصف الذي أعقب وصول النازحين، وضرب إسرائيل وسط بيروت وعمق معاقل المسيحيين والسنة، يدعو عساف أيضاً طائفته للحذر. حذر شديد يضيف عساف "يجب أن يساعدوا بعضهم البعض والآخرين، مع الأخذ في الاعتبار أن علينا أن نكون حذرين. إذا كنا نعيش قرب غريب، يجب أن نكون على دراية بوضعه، وإن كان مسؤولاً في حزب الله أم لا".
لا يلوم عساف العائلات الشيعية الفارة، مثل العديد من اللبنانيين، حيث يرى أن توسيع الضربات الجوية الإسرائيلية سياسة متعمدة لتحريض شعبه على بعضه البعض.
‘There’s no state. There’s also no police [and] not enough army around, so people will take the law into their own hands.Beirut feels lawless.’ How Israel and Hizbollah’s war is fuelling Lebanon’s sectarian tensions https://t.co/zlJipxAKBw pic.twitter.com/JT0DBvorJz
— Financial Times (@FT) October 21, 2024 وقال سامي عطا الله، مدير مؤسسة "مبادرة السياسة" في بيروت: "يحاول الإسرائيليون جعل الشعب اللبناني ينقلب على الطائفة الشيعية. يشعر المجتمع الشيعي بالعزلة حقاً. إذ أن ضربهم في المناطق المسيحية قد يصل إلى حرب أهلية".ولتعزيز هذه الشكوك، طلب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو هذا الشهر من الشعب اللبناني أن ينتفض ضد حزب الله أو يواجه "حرباً طويلة ستؤدي إلى الدمار والمعاناة كما نراه في غزة".
سخر معظم اللبنانيين من دعوة نتانياهو لحمل السلاح. وقالت مصففة الشعر آن ماري، 36 عاماً: "إنه يعتقد أننا رخيصون جداً لدرجة أننا سنفعل ما يخبرنا به". لسنا مع هذا ولا ذاك إنها تكره الجماعة الشيعية المسلحة، كما تقول للصحيفة، ولكن "إذا كنت لا أحب حزب الله، فهذا لا يعني أني أحب إسرائيل. هذا لا يعني أنني سأقف إلى جانب عدوي ضد إخواني اللبنانيين".
In my latest piece, I explore how the assassination of sectarian leaders in Lebanon has historically triggered instability and why the recent killing of Nasrallah is likely to have a similar impact. @XCEPT_Research @warstudies https://t.co/EiL4o38Y1Y
via @ConversationUK
وعلى المدى الطويل، احتشدت العائلات الشيعية في بيروت الغربية، التي تحتقر أغلبيتها السنية حزب الله. إنهم يلومونه على اغتيال الزعيم السني المحبوب ورئيس الوزراء السابق رفيق الحريري في 2005، ويتذكرون مسلحي حزب الله الذين اجتاحوا بيروت الغربية في 2008.
Israel’s bombardment of Hezbollah’s south Beirut stronghold has forced tens of thousands to flee to the capital, but many in divided Lebanon view the newcomers with suspicion, worried they might also become targets.https://t.co/aDJk79QMTd
— Punch Newspapers (@MobilePunch) October 8, 2024 معظم الملاجئ الحكومية ممتلئ، لذلك ينام الناس على مراتب ممزقة على طول الواجهة البحرية الخلابة لبيروت الغربية. يعيش البعض في النوادي الليلية التي تحولت إاى ملاجئ ويُحشر آخرون في شقق ضيقة، والبعض يعيش في السيارات المتوقفة ما يتسبب في ازدحام لا نهاية له. في الحمرا، وهي مركز تجاري رئيسي وسط بيروت، يقول السكان إنهم غارقون بسبب الوافدين الجدد. لا نشعر بالأمانقال صاحب متجر هاشم، 56 عاماً: "أشعر بالأسف عليهم، أنا أفعل ذلك حقاً.. لكني لا أشعر أني آمن في هذا الشارع بعد الآن.. هناك الآن رجال يتسكعون طوال النهار وطوال الليل، ويدخنون الشيشة. لا نعرف من هم، وهذا الأمر يخيف زبائني".
ومثل الآخرين، يخشى هاشم أن ينهار القانون والنظام. حيث اقتحم النازحون اليائسون عدة مبان فارغة وأقاموا مخيمات فيها، ما دفع أصحابها إلى توظيف حراس أمن. وأقام آخرون الأسلاك الشائكة حولها، في حين لجأ بعضهم الآخر إلى هدم المباني بالجملة.
وقال هاشم: "نعلم أنه لا توجد دولة، ولكن لا توجد أيضاً شرطة، ولا يوجد جيش كاف حولها، لذلك سيطبق الناس القانون بأيديهم.. بيروت تشعر بانعدام القانون"
https://x.com/AFP/status/1843522063186964673
في الأسبوع الماضي، قبض على لصوص يسرقون من منازل خالية في الغبيري، وهي منطقة ذات أغلبية شيعية في جنوب بيروت. وتعرض المشتبهون للضرب، وعصبت أعينهم وربطوا وعلقت لافتات كتب عليها "لص" حول أعناقهم.
تتشابك الأعصاب مع توحيد المدينة بسبب التوتر الناجم عن صوت الأزيز المستمر للطائرات الإسرائيلية دون طيار، والطائرات الحربية التي تكسر حاجز الصوت، والضربات الجوية المستمرة.
لكن بيروت منقسمة على طول خطوط الحرب الأهلية القديمة، حيث يتجنب اللاجئون الداخليون الأغلبية المسيحية في الشرق. على النقيض من بيروت الغربية المزدحمة، فإن الشرق أكثر هدوءاً من المعتاد. لقد ذهبت العديد من العائلات الثرية إلى الجبال، أو غادرت لبنان، غير راغبة في حرب يشعر الكثيرون أن لا دوراً لهم فيها، ويلومون حزب الله وقاعدته على الدفاع عنها.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: عام على حرب غزة إيران وإسرائيل إسرائيل وحزب الله السنوار الانتخابات الأمريكية غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية بيروت إسرائيل وجماعة حزب الله لبنان إسرائيل وحزب الله لبنان بيروت بیروت الغربیة حزب الله
إقرأ أيضاً:
ورقة تحليلية: فجوة كبيرة بين الرواية الإسرائيلية وأعداد قتلى جيش الاحتلال في غزة
غزة - صفا
كشف مركز الدراسات السياسية والتنموية يوم الاثنين، في ورقة تحليلية حديثة عن وجود فجوة خطيرة بين الرواية الرسمية الإسرائيلية وأعداد القتلى الفعليين في صفوف جيش الاحتلال خلال الحرب على قطاع غزة، والتي اندلعت في 7 أكتوبر 2023.
وبحسب الورقة التي جاءت بعنوان: "مؤشرات ارتفاع قتلى جيش الاحتلال خلال 'طوفان الأقصى': تحليل وإعادة تقييم الرواية الإسرائيلية"، فإن "إسرائيل" تعتمد على سياسة إعلامية متعمدة للتعتيم على الخسائر البشرية، عبر استخدام أساليب مثل التصنيف الغامض لحالات الوفاة، وإخفاء الهويات العسكرية، وتنظيم جنازات سرية، في محاولة لاحتواء التداعيات النفسية على الجبهة الداخلية.
واستندت الورقة إلى تقارير ميدانية وشهادات جنود وتسريبات عبرية، لتقدير عدد القتلى بين 1000 و1300 جندي، مقارنة بالرقم الرسمي الذي لا يتجاوز 900 قتيل، مشيرةً إلى مؤشرات بارزة على هذا التعتيم، أبرزها:
تزايد التصنيف تحت بند "الموت غير القتالي"، ودفن الجنود دون إعلان أو تغطية إعلامية، وتسريبات عن وجود قتلى مصنّفين كمفقودين، وتغييب متعمّد للأسماء والرتب العسكرية في الإعلام الرسمي.
وأكدت الورقة أن هذه الفجوة لا تعكس فقط خللاً في المعلومات، بل تعكس أزمة هيكلية في منظومة الحرب والإعلام الإسرائيلي، مشيرة إلى أن استمرار الحرب وتزايد أعداد القتلى يهددان بتفكيك الجبهة الداخلية وتفاقم أزمة الثقة بين الجيش والمجتمع، ما ينذر بتصاعد الاحتجاجات داخل المؤسسة العسكرية.
وقدّم المركز توصيات للاستفادة من هذه المعطيات، من بينها، ضرورة إنشاء قاعدة بيانات موثوقة لرصد قتلى الاحتلال، وتوظيف الشهادات والتسريبات في بناء رواية إعلامية فلسطينية مضادة، وإنتاج محتوى إعلامي عربي ودولي يبرز كلفة الحرب البشرية، ودعم الخطاب السياسي الفلسطيني ببيانات تُبرز فشل الاحتلال رغم الخسائر.
وحذّرت الورقة من أن الأعداد الحقيقية للقتلى تمثل "قنبلة موقوتة" قد تُفجّر المشهد السياسي والأمني داخل الكيان الإسرائيلي، في ظل الانقسام الداخلي وتآكل صورة "الجيش الذي لا يُقهر".