أكاديميون وخبراء: كيف نواجه الخطاب الإعلامي والسياسي المتحيز لإسرائيل؟
تاريخ النشر: 23rd, October 2024 GMT
يقول موقع "تي آر تي وورلد" إن أكاديميين وخبراء يرون أن العالم يحتاج إلى "محو أمية إعلامية"، إذ أظهرت وسائل الإعلام الغربية تحيّزا كاملا إلى الرواية الإسرائيلية خلال الأحداث الأخيرة وصنعت بتغطياتها وتقاريرها مبررات وذرائع لارتكاب المجازر الجماعية، وغزة أبرز مثال على ذلك.
وفي تقرير نشره موقع "تي آر تي وورلد" التركي، تقول الكاتبة إديب بيزا كاغلار إن هذا التحيز ليس جديدا بل تمتد جذوره إلى فترة بعيدة، لكنه أصبح أكثر وضوحا منذ أكتوبر/تشرين الأول 2023.
ونقلت كاغلار عن غريتشن كينغ، الأستاذة المشاركة في الجامعة اللبنانية الأميركية، في مقابلة مع "تي آر تي وورلد" إن "وسائل الإعلام الغربية التقليدية دأبت على إعادة تدوير السردية الصهيونية وتكرار الخطاب الاستشراقي".
ووفقا لكينغ، يتجلى تحيز الإعلام الغربي في "إلقاء اللوم على الضحية، وتجريدها من إنسانيتها"، مؤكدة أن ذلك "لم يبدأ في 7 أكتوبر/تشرين الأول".
لا أمل في تغيير بوصلتهاواعتبرت الكاتبة أن تاريخ تحيز الإعلام الغربي في الصراع الإسرائيلي الفلسطيني يعود إلى منتصف القرن الـ20، ولم يتغير شيء منذ ذلك الحين، حيث تواصل وسائل الإعلام الغربية إلى اليوم "حشد التأييد لحروب إسرائيل وجرائمها" دون أمل يُذكر في تغيير بوصلتها.
ولا يقتصر الأمر -حسب الكاتبة- على وسائل الإعلام، بل إن الحكومة الأميركية تُتهم أيضا بتضليل الرأي من خلال بث رسائل متناقضة حول سياستها في الشرق الأوسط، مع تمكين إسرائيل من مواصلة حروبها ومجازرها.
في هذا السياق، يقول أشيش براشار، المستشار السابق لمبعوث السلام في الشرق الأوسط والخبير الإستراتيجي، إن الإدارة الأميركية "تخدع العالم على نطاق واسع" من خلال التصرف بعكس ما تدعيه أمام الرأي العام.
لا نرى ما تراه
وأضاف "يحدث ذلك على نطاق واسع، حيث يخبرنا البيت الأبيض، وكلا الحزبين ووسائل الإعلام الكبرى وإدارات الجامعات بأننا لا نرى ما يرونه".
وتابع براشار مؤكدا أن الولايات المتحدة تبث ما تقوله إسرائيل على أنها حقائق، وتبرر بذلك الإبادة الجماعية من خلال وسائل الإعلام وخطابها الرسمي.
وقال إن الولايات المتحدة تعبّر في العلن عن رغبتها في وقف إطلاق النار بينما "تخرّب جهود وقف إطلاق النار واحدا تلو الآخر وتكذب بشأن الطرف الذي يعرقل مسار وقف الإبادة الجماعية".
وتابع "محادثات وقف إطلاق النار ما هي إلا حيلة من إدارة بايدن لمنح إسرائيل المزيد من الوقت لذبح المزيد من العرب في جميع أنحاء المنطقة".
خطاب سياسي مضللوأوضحت الكاتبة أن حرب إسرائيل على غزة أصبحت أول إبادة جماعية في تاريخ البشرية تُبث مباشرة على شاشات التلفزة، حيث يوثق النشطاء الهجمات اليومية على المناطق المدنية، بما في ذلك المدارس والمستشفيات ومخيمات اللاجئين، وهو وضع يصبح من الصعب معه إنكار الحقائق.
مع ذلك، لا تزال إدارة بايدن ترفض الإقرار بأن إسرائيل ترتكب جرائم حرب، بل تقول إنها تثق في التحقيقات الإسرائيلية في تلك الحوادث، بما في ذلك قصف المستشفيات، وتصوير الجنود الإسرائيليين لاغتصاب الأسرى الفلسطينيين، وقتل نشطاء حقوق الإنسان والصحفيين.
ويرى براشار أنه من السخيف أن تحاول الولايات المتحدة إجبار الرأي العام على تصديق كذبة أن "العنصريين المجرمين يمكنهم التحقيق في جرائمهم، وأن المعتدين هم الضحايا، وأن معاداة الصهيونية هي معاداة للسامية".
وقال براشار "العالم محتجز كرهينة لدى الولايات المتحدة الأميركية التي ساعدت وحرضت على الإبادة الجماعية للشعب الفلسطيني وأخبرتنا جميعا أن ما نراه بأعيننا ليس حقيقيا.. يا له من تلاعب".
كيفية النجاةمن أجل عدم الوقوع في فخ الخطاب الإعلامي المتحيز والمضلل، تقترح غريتشن كينغ كخطوة أولى الابتعاد عن وسائل الإعلام الغربية، والاعتماد على مصادر أخرى، مؤكدة في الآن ذاته على أهمية التفكير النقدي في كشف التلاعب والأجندات السياسية الخفية.
وتدعو كينغ إلى ما سمته "محو الأمية الإعلامية" باعتبارها أمرا ضروريا لمواجهة التحيز الإعلامي، وأضافت "نحن بحاجة إلى تطوير محو الأمية الإعلامية لفهم تحيزات الإعلام الغربي. يجب أن نكون على دراية بكيفية تشكيل الرأي العام لتقبل آراء معينة".
وتابعت كينغ قائلة إنه من الضروري فهم الروابط بين وسائل الإعلام والسياسة، وتاريخ الإمبريالية الإعلامية والدعاية الإسرائيلية. نحن بحاجة إلى بدائل تتجاوز وسائل التواصل الاجتماعي، لأنها ليست كافية. نحن بحاجة إلى منصات إعلامية خاصة بنا، ويجب أن ننتقد وسائل الإعلام الغربية في كل مناسبة ممكنة.
تدني الثقةوفي تقرير حديث، نشرته مؤسسة غالوب في 14 أكتوبر/تشرين الأول 2024، بلغت ثقة الأميركيين في وسائل الإعلام التقليدية مستوى متدنيا غير مسبوق، حيث أعرب 31% فقط عن ثقتهم في وسائل الإعلام في نقل الأخبار "بشكل كامل ودقيق وعادل".
وكشف تقرير صادر عن مركز أبحاث بيو، نُشر في 17 سبتمبر/أيلول 2024، أن أكثر من نصف الأميركيين (54%) يلجؤون حاليا إلى وسائل التواصل الاجتماعي للحصول على الأخبار، حيث يتصدر فيسبوك ويوتيوب هذه القائمة، يليهما إنستغرام (20%) وتيك توك (17%).
ومع أن وسائل التواصل الاجتماعي توفر هامشا من حرية التعبير، تحذر غريتشن كينغ من أن محتواها يتشكل في جزء كبير منه من خلال الإعلانات والخوارزميات ونشاط المستخدمين، وتحث على ضرورة البحث عن بدائل لوسائل الإعلام المهيمنة عالميا.
وقالت كينغ "وسائل التواصل الاجتماعي مفيدة ولكن يجب أن تقترن بإستراتيجيات أخرى. فوسائل الإعلام الغربية ستعمل دائما على وصف الممارسات الإرهابية الإسرائيلية على أنها أعمال بطولية. توفر وسائل التواصل الاجتماعي مساحة لتسمية الأمور بمسمياتها، ولكن لا يمكننا الاعتماد فقط على المنصات التي لا نتحكم بها. لذلك نحن بحاجة إلى بدائل إعلامية جماهيرية لا تعتمد بشكل كامل على الإنترنت".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات الجامعات ترجمات وسائل التواصل الاجتماعی وسائل الإعلام الغربیة الولایات المتحدة نحن بحاجة إلى من خلال
إقرأ أيضاً:
خالد عكاشة: لأول مرة تخوض إسرائيل حربا مباشرة مع دولة لا تربطها بها حدود
أكد الدكتور خالد عكاشة، مدير المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، أن إيران أعلنت بوضوح أنها تمتلك استراتيجية للرد على أي ضرر تتعرض له، تقوم على تهديد الإقليم بأكمله، موضحا أن سوريا والعراق، باعتبارهما من دول الجوار الجغرافي لإيران، هما الأقرب للتأثر بتداعيات أي تصعيد.
وأضاف خالد عكاشة، خلال حواره مع الإعلامي إبراهيم عيسى، ببرنامج "حديث القاهرة"، المُذاع عبر شاشة "القاهرة والناس"، أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يحمل عقيدة ثابتة منذ توليه السلطة، مفادها أن إيران تمثل تهديدا وجوديًا لإسرائيل، وهو لا يزال يطور هذا المفهوم داخليا ويغذي به الخطاب السياسي والإعلامي، معتبرا أن الشعب الإسرائيلي يجب أن يتحمل المعاناة والتكلفة العالية لتحقيق ما وصفه بـ"الهدف الوجودي".
وأوضح خالد عكاشة، أن نتنياهو لم يكن يقدم على مواجهة مباشرة مع إيران في السابق؛ لأن البيئة الدولية لم تكن مواتية، لكنه يرى اليوم أن الظرف الدولي الراهن يمثل فرصة نادرة قد لا تتكرر، ما دفعه للذهاب نحو مواجهة مفتوحة.
وأشار عكاشة إلى أن هذه هي المرة الأولى التي تخوض فيها إسرائيل حربا مباشرة وكاملة مع دولة لا تربطها بها حدود جغرافية، مما يلقي عليها أعباء أمنية وعسكرية إضافية، مؤكدا أن الموقف داخل إسرائيل تغير بشكل ملحوظ، حيث انتقل من حالة الرفض والقلق من الحرب إلى دعمها وتأييدها، انسجاما مع الخطاب الرسمي لحكومة نتنياهو.