في خضم التطورات العسكرية المتصاعدة في المنطقة، تتحرك ميليشيا الحوثيين في اليمن ميدانيًّا بمحافظة الحديدة، شمال غربي البلاد، وسط مخاوف ودلالات تعكس تحسبها لأي ضربة إسرائيلية.

 

وبين إطلاق عملية عسكرية برية لقوات الشرعية اليمنية، بدعمٍ إقليمي ودولي واسعٍ لتحرير محافظة الحديدة من قبضة الحوثيين، وتوقعات بضربة إسرائيلية تستهدف المحافظة المطلة على سواحل البحر الأحمر ومضيق باب المندب، وميناءها الحيوي، رفع الحوثيون من وتيرة تحركاتهم، بين استحداث الخنادق والأنفاق وزرع الألغام والمتفجرات، وإرسال التعزيزات، فضلًا عن أوامر بإخلاء رصيف ميناء الحديدة من الحاويات التي تحمل البضائع والسلع التجارية.

 

وآخر تلك التحركات الحوثية كانت تنفيذ سلسلة مناورات عسكرية تدريبية تكتيكية، يوم الأحد الماضي، في المناطق الخاضعة لسيطرتهم في الساحل الغربي، حيث تضمنت 4 موجات هجومية افتراضية، وفق قول إعلام الميليشيا الرسمي، تُحاكي تصدي قواتها لهجمات عسكرية برية وبحرية منسقة وغير نمطية.

 

يأتي إعلان الحوثيين عن تنفيذ هذه المناورات الواسعة عقب يوم واحد من رد على إيران، الذي جاء فجر السبت؛ ما دفع مراقبين يمنيين إلى الربط بين الحدثين، مشيرين إلى "إدراك الحوثيين أن الدور المقبل قد يطالهم بعد أن تنتهي إسرائيل من ميليشيا حزب الله في لبنان والرد على إيران، وإن اختلفت الضربات والهجمات في وقعها وقساوتها بين الذراع والمحرك للذراع".

 

ويشير البعض إلى أن الحوثيين، ورغم إظهار الجاهزية والاستعداد، لا يستطيعون إخفاء قلقهم مما قد يؤول إليه مصيرهم، خصوصًا بعد أن شهدوا ما حلّ بحزب الله، وهو ما قد يعكس حقيقة مشاعرهم برغم الرسائل التهديدية التي يوجهونها، بحسب آراء يمنيين.

 

*قلق من تداعيات الضربات الإسرائيلية*

 

وفي المقابل، يرى المتابعون أن "المناورات التدريبية والتحركات الميدانية المتعددة تشكل رسالة حوثية لقوات الشرعية العسكرية ومجلس القيادة الرئاسي، أكثر من كونها رسالة لأي جهة خارجية، تشير إلى أن الحوثيين، الذين كادوا يفقدون في 2018، لم يعودوا كما كانوا بل أصبحوا أكثر قوة وصلابة".

   

ويقول الصحفي والمحلل السياسي خالد سلمان: "يشعر الحوثي، باعتباره الذراع الأهم لإيران بعد تراجع دور حزب الله في لبنان، بحالة من القلق خشية من تداعيات الضربات العسكرية الإسرائيلية الموجهة لمرجعه السياسي والديني في طهران".

 

وأضاف سلمان ": "يدرك الحوثي يقينًا أنه قد يكون الهدف التالي في سلم أولويات تنظيف المنطقة من أذرع إيران".

 

وأشار إلى أن "ضربات إسرائيلية سابقة أخرجت ميناء الحديدة عن العمل، وهو الشريان الأهم للتزود بالسلاح، فيما غيَّرت الضربة الأمريكية الأخيرة بقاذفة القنابل الإستراتيجية (B-2) مسار قواعد الاشتباك، من خلال استهداف مواقع قوة الحوثيين".

 

رسالة مزدوجة لأسوأ الاحتمالات

ويرى سلمان أن "المناورات الحوثية هي رسالة مزدوجة، تحمل طمأنة للداخل واستعدادًا لأسوأ الاحتمالات، في ظل احتمالية ضربة غير مسبوقة قد تنتهي بتمكين القوات المحلية المعارضة للحوثيين".

 

وأشار إلى أن "استعدادات الحوثي العسكرية تتماشى مع التغيرات الإقليمية، وتؤشر على أن معادلة جديدة تتشكل بهدف تقويض أذرع إيران وإسقاط مشروعها التوسعي"، مضيفًا أن "الحوثيين يدركون ذلك ويعدّون أنفسهم لمواجهة حاسمة قد تتورط فيها دول الجوار".

 

وأضاف سلمان أن "التخلص من الحوثيين أصبح أولوية قصوى نظرًا لموقع اليمن الإستراتيجي المطلّ على مناطق الثروات، وتأثير ميليشيا ذات ولاء خارجي على انسياب التجارة الدولية وتهديد تحالفات المصالح واقتصاديات الطاقة".

 

ويرجّح سلمان أن "قرارًا قد اتُخذ من قبل العواصم الكبرى المعنية بالملف اليمني، مفاده أن الحوثيين يشكلون خطرًا دائمًا على السلم الداخلي وعلى أمن الإقليم والعالم، ما يستدعي الإطاحة بهم".

 

*خطوات وقائية استباقية*

 

وبدوره، قال الصحفي ومدير مركز "سوث 24" للأخبار والدراسات، يعقوب السفياني: "تنفيذ ميليشيا الحوثي مناورة عسكرية في الساحل الغربي، بالتزامن مع تحركات ميدانية وإخلاء ميناء الحديدة، يدل على أن الحوثيين يشعرون بالخوف من هجوم عسكري وشيك".

 

وأضاف السفياني : "طبيعة هذا الهجوم وأهدافه والجهة التي تقف وراءه لا تزال غير واضحة، لكن تصريحات وتحركات الحوثيين تشير إلى أن لديهم مخاوف من الولايات المتحدة وإسرائيل".

 

 وأشار إلى أنه "من المحتمل أن تتصاعد جبهات القتال في الداخل خلال الفترة المقبلة"، معتبرًا أن "هذه الإجراءات تمثل خطوات وقائية استباقية، يسعى الحوثيون من خلالها لتخفيف خسائرهم في حال حدوث أي هجوم أمريكي أو إسرائيلي".

 

واختتم السفياني بالقول: "الحوثيون كادوا يفقدون ميناء الحديدة والمناطق الإستراتيجية في 2018، لولا اتفاق ستوكهولم"، مشيرًا إلى أن "تحركاتهم الحالية قد تكون رسائل موجهة للداخل، لا سيما لقوات الحكومة الشرعية المعترف بها دوليًّا".

المصدر: مأرب برس

إقرأ أيضاً:

لتشديد الحصار على الحوثيين..  إجراءات لإغلاق منافذ التهريب

دفعت الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً، خلال الأيام الماضية، بقوات ومعدات عسكرية كبيرة إلى عدد من المحافظات اليمنية والمناطق الساحلية شرق البلاد وجنوبها وغربها، بدعم من التحالف بقيادة السعودية، وذلك بحسب مصادر خاصة لـ"العربي الجديد"، بهدف حماية سواحل اليمن والإشراف عليها، وإغلاق منافذ التهريب التي كانت تستخدمها جماعة الحوثيين وجماعات أخرى. تأتي هذه الخطوة لتشديد الحصار على الحوثيين وتأمين بعص المناطق الساحلية، مع العلم أن الساحل اليمني يتجاوز 1200 كيلومتر من شرق البلاد إلى غربها، وتطل عليه عشر محافظات يمنية، هي عدن وأبين ولحج وشبوة وتعز والحديدة وحجة وحضرموت والمهرة وسقطرى.

 

وأوضح المصدر الخاص في قيادة السلطة المحلية في محافظة أبين، لـ"العربي الجديد"، أن لقاء واسعاً عُقد في أبين، يوم الأربعاء الماضي، ضم قيادة السلطة المحلية وقادة الأجهزة العسكرية والأمنية وقيادات الألوية. واتُخذت في اللقاء خطوات وإجراءات لتأمين ساحل المحافظة، إلى جانب التشديد على قطع كل طرق ومنافذ التهريب من قبل "جماعات متطرفة" في أبين تتعامل مع جماعة الحوثيين، وتحاول تهريب الأسلحة وتقنيات تساعدهم في تعزيز قدراتهم العسكرية بما فيها الطائرات المسيّرة وقطع ومعدات التصنيع، في محاولة من الحوثيين وهذه الجماعات إيجاد بدائل لطرق التهريب التي أُغلقت سواء عبر الموانئ الخاضعة لسيطرتها أو في المهرة وشبوة وكذلك ساحل رأس العارة التابع لمحافظة لحج. لذلك تسعى محافظة أبين، وفق المصدر نفسه، "لتأمين سواحلها وقطع الطريق أمام أي محاولات لاستخدامها للتهريب، واحتمال استعمال الأسلحة المهربة ضد أبين وأبنائها".

 

تشديد الحصار على الحوثيين

 

ويبدو أن إغلاق المنافذ البحرية والبرية هدفه تشديد الحصار على الحوثيين بالدرجة الرئيسية، وبالتالي الاعتماد على المنافذ الخاضعة لسيطرة الحكومة المعترف بها دولياً والأطراف السياسية والعسكرية المنضوية تحتها، مثل ميناء ومطار عدن إلى جانب مطار سيئون ومطار وميناء المخاء. يأتي ذلك بموازاة مبادرة السلطات المعترف بها لفتح طريق الضالع- صنعاء، يوم الخميس الماضي، أمام حركة المشاة والدراجات النارية، بالتزامن أيضاً مع حراك دولي في سواحل اليمن والمنطقة لمنع التهريب وتشديد الرقابة على موانئ دول القرن الأفريقي.

 

وتشارك قوات أخرى في هذا الحصار على الحوثيين وإحباط عمليات التهريب، إذ كانت القوات الدولية الموجودة في البحر العربي والمحيط الهندي، وقوات خفر السواحل اليمنية في محافظة المهرة أقصى شرق اليمن، قد أوقفت دفعات من المهربين التابعين للحوثيين الذين يهربون الأسلحة والمعدات والتقنيات للجماعة. ونفذ الطرفان في عرض البحر العربي عملية مشتركة لمنع التهريب، في محافظة المهرة المطلة على البحر العربي، والواقعة على الحدود اليمنية مع سلطة عُمان.

 

وكانت "العربي الجديد" قد حصلت على معلومات في وقت سابق، من مصادر عسكرية خاصة، عن وجود حركة ونشاط واسع لقوات دولية ويمنية في محافظة المهرة، لإغلاق طرق التهريب التي يستخدمها الحوثيون وجماعات أخرى لتهريب الأسلحة، براً وبحراً، وتحديداً عبر البحر العربي. ويعد هذا المنفذ من أهم منافذ التهريب، سواء الأسلحة والتقنيات، أو قطع تصنيع الطائرات المسيّرة والصواريخ لجماعة الحوثيين.

 

ووفق تلك المصادر، فإن هناك خطين هُربت منهما الأسلحة عبر البحر العربي للحوثيين، إذ انطلقت عمليات التهريب من موانئ الصومال وجيبوتي، على أيدي مهربين تابعين للحوثيين والإيرانيين، فيما كان يتم إدخال الأسلحة عبر سواحل المهرة، ونقلها براً إلى مناطق خاضعة للحوثيين. دفع ذلك قيادة الشرعية والتحالف في وقت مبكر، إلى تشديد الإجراءات ومراقبة الحركة الملاحية وملاحقة المهربين، فيما خرجت تهديدات في أكثر من مرة من قبل الجماعات المتطرفة والحوثيين باستهداف المهرة.

 

ملاحقة عمليات التهريب

 

يتوجه الاتهام بدرجة رئيسية إلى إيران، بالإضافة إلى تواطؤ أطراف إقليمية ودولية، في تسهيل هذا التهريب للحوثيين. وفي هذا الإطار أيضاً يواصل التحالف والقوات الدولية ملاحقة عمليات التهريب سواء التي تذهب للحوثيين أو الجماعات المتطرفة، عبر خليج وباب المندب أو البحر الأحمر، إضافة إلى البحر العربي والمحيط الهندي.

 

ومع تشكيل مجلس القيادة الرئاسي في اليمن قوة "درع الوطن" (في 2023)، تم الدفع بقوات منها إلى محافظة المهرة لضبط الأمن وتشديد الإجراءات وإغلاق كل طرق التهريب، في الوقت الذي شددت فيه القوات الأميركية الرقابة على سواحل الصومال وجيبوتي، وألقت القبض على العشرات من المهربين في البحر العربي، التابعين للحوثيين، وعديد من قوارب وسفن الشحن، كان تحمل أسلحة وقطع غيار الطائرات والصواريخ وغيرها.

 

وشكل التهريب تحدياً كبيراً لقوات الحكومة المعترف بها دولياً وقوات الأطراف السياسية والعسكرية المنضوية تحتها، إضافة إلى التحالف العربي، بسبب طول السواحل اليمنية، فيما تشكلت قوات خفر سواحل، من شرق البلاد إلى غربها، في محاولة لمنع التهريب. كذلك تم تشديد الإجراءات في الساحل الغربي وإغلاق منافذ التهريب في البحر وتسلمت قوات "المقاومة الوطنية" (بقيادة طارق محمد صالح ابن شقيق الرئيس الراحل لي عبد الله صالح) و"قوات العمالقة" (ضمن التحالف) الرقابة على هذه المنافذ، وملاحقة المهربين. ويتركز وجود قوات من "العمالقة" وقوات من المجلس الانتقالي الجنوبي وأخرى من "درع الوطن" في السواحل الشرقية من أبين وحتى المهرة.


مقالات مشابهة

  • لجنة حماية الصحفيين تدين اختطاف الحوثيين لأربعة صحفيين وسجن المياحي في الحديدة
  • لجنة حماية الصحفيين تدين الحكم بسجن المياحي واختطاف الحوثيين لأربعة صحفيين في الحديدة
  • المنطقة الغربية العسكرية تنظم لقاء مع شيوخ وعواقل محافظة مطروح‎
  • مجلس التعاون الخليجي يكشف عن تحركات سعودية وعمانية لإحياء العملية السياسية في اليمن ويشدد على انخراط الحوثيين .. عاجل
  • شيخ قبلي في الحديدة يُضرم النار في سيارته احتجاجًا على ممارسات حوثية تعسفية بحقه
  • رابطة حقوقية: اختطاف الحوثيين طالبة جامعية في الحديدة انحداراً أخلاقياً خطيراً
  • مليشيا الحوثي تحول عشرات المزارع في الدريهمي إلى ثكنات عسكرية
  • وثائق تكشف: كيف تساعد إيران الحوثيين في التحايل على العقوبات الأمريكية؟
  • لتشديد الحصار على الحوثيين..  إجراءات لإغلاق منافذ التهريب
  • الجوف.. الجيش يصد هجوماً لمليشيا الحوثي شرق الحزم ويكبّدها خسائر بشرية ومادية