مؤتمر “حلّ الدولتين”.. خدعة سياسية لتصفية المقاومة وتجميل وجه الاحتلال
تاريخ النشر: 30th, July 2025 GMT
يمانيون | تقرير تحليلي
في ظل تصاعد المجازر الصهيونية في غزة، وبينما تغرق الأرض الفلسطينية في الدم والركام، عاد المجتمع الدولي ليطرح مجددًا ما يسمى “مشروع حلّ الدولتين”، عبر مؤتمر دولي يُراد له أن يُعيد خلط الأوراق، ويوجه البوصلة نحو مسار سياسي منحرف يخدم الاحتلال أكثر مما يدعم الحقوق الفلسطينية.
تبدو صيغة المؤتمر مملوءة بألوان دبلوماسية “جميلة” في الفضاء الإعلامي، لكنها لا تخفي قبح جوهرها.
المطلوب من المؤتمر: نزع السلاح وتفكيك غزة
من أبرز بنود هذا المسار الذي يُراد فرضه سياسيًا، ما تسعى إليه القوى الغربية والأنظمة العربية المتماهية، وهو إنهاء سيطرة حركة حماس على قطاع غزة، وتسليم إدارة القطاع بالكامل، بما فيه من مؤسسات ومقدرات وأسلحة، للسلطة الفلسطينية الخاضعة للتنسيق الأمني مع الاحتلال.
ولا يتوقف الأمر عند ذلك، بل يُطرح بوضوح في الكواليس ما هو أخطر: نزع سلاح المقاومة بالكامل، وتجريد الشعب الفلسطيني من آخر أدوات الدفاع عن نفسه، وشيطنة كل من يحمل السلاح ضد الاحتلال الصهيوني. وهي المطالب التي يروج لها القادة الصهاينة في تصريحاتهم، وتجد صدًى لها في باريس ولندن وواشنطن والرياض والقاهرة.
فرنسا وبريطانيا.. شراكة معلنة في جريمة الإبادة
الدول الأوروبية الكبرى لم تتزحزح خطوة واحدة عن دعمها المباشر وغير المباشر للعدو الصهيوني. لندن لم توقف تصدير الأسلحة، وباريس كذلك. بل تستمر الدول الغربية على اختلافها في توفير الدعم السياسي والعسكري، وتكتفي بتصريحات “قلقة” لا تعني شيئًا، سوى محاولة يائسة لحماية نفسها من اتهامات جرائم الحرب، عبر الادّعاء بأنها تُحذر وتُدين لفظيًا.
إن ما يجري في غزة ليس مجرد عدوان عسكري، بل حرب إبادة ممنهجة تشترك فيها أطراف دولية بالصمت أو بالمشاركة الفعلية، تحت غطاء من الشرعية الكاذبة التي توفرها المؤتمرات الدولية، والتي لا تخرج عن كونها مظلّة لشرعنة الاحتلال ومساعدته على تحقيق ما عجز عن فرضه عسكريًا.
المقاومة “إرهابًا”.. والدفاع “خروجًا عن القانون”
لم يكن غريبًا أن يُعاد تصنيف حركات المقاومة في المؤتمرات الغربية بأنها “إرهابية”، فذلك جزء من الحرب النفسية والسياسية التي تهدف إلى نزع الشرعية الأخلاقية والدينية والوطنية عن كل من يقف في وجه الاحتلال.. بل إن بعض العواصم الأوروبية والعربية تطرح “حلولًا” تشمل تفكيك فصائل المقاومة، وتسفير من تبقى من مقاتليها إلى أي بقعة يُختار لهم النفي إليها.
وهكذا يُراد أن تُعزل المقاومة، وتُفكك، وتُجرد من سلاحها، ليُسلَّم القطاع بكل جراحه ومقدراته إلى مسار سياسي عقيم، عجز عن إنقاذ الضفة من التهويد، وعن حماية القدس من الاقتحامات، وعن وقف الاستيطان الذي يلتهم الأرض.
النتيجة: مؤتمر ضد المقاومة وليس ضد الاحتلال
ما يُطلق عليه “مؤتمر دولي لحل الدولتين” ليس في الحقيقة سوى مؤتمر ضد المقاومة، يُنظم تحت عناوين مضلّلة مثل “السلام” و”إنهاء المعاناة”، بينما يُمرر في كواليسه أخطر الأجندات: القضاء على المقاومة، شرعنة الاحتلال، تحويل الجلاد إلى ضحية، والضحية إلى متمرّد إرهابي.
رغم الحضور الكبير والتصريحات المتكررة والدعوات الخجولة لوقف إطلاق النار، إلا أن المؤتمر خالٍ من المواقف العملية، ولا يقدّم شيئًا جوهريًا يمكنه وقف المجازر أو إنقاذ الأطفال الذين يموتون جوعًا وقهرًا تحت الحصار والركام.
العالم يتعرّى.. والاختبار يكشف زيف المواقف
لقد شكّل هذا المؤتمر اختبارًا فاضحًا لمواقف العالم “المتحضّر”، فكشف زيف الخطاب الأوروبي والإنساني. العالم الذي يكتفي بإحصاء الجثث وإرسال المساعدات المشروطة، دون اتخاذ موقف حقيقي ضد الاحتلال، ليس سوى شريكٍ في الجريمة.
وما لم تتحول هذه المؤتمرات إلى أدوات فعلية لمحاسبة العدو، ووقف شحنات الأسلحة، وملاحقة مجرمي الحرب، فإنها ستظل جزءًا من المشهد الدموي، وستسجَّل في ذاكرة التاريخ كأداة سياسية لشرعنة الإبادة، لا لإنقاذ الضحايا.
المصدر: يمانيون
إقرأ أيضاً:
انطلاق أعمال مؤتمر الأمم المتحدة حول حل الدولتين في نيويورك
انطلقت، مساء اليوم الاثنين، أعمال المؤتمر الدوليّ رفيع المستوى لتسوية القضية الفلسطينية بالحلول السلمية وتنفيذ حلّ الدولتين، في مدينة نيويورك، برئاسة مشتركة بين المملكة العربية السعودية وفرنسا.
وقال وزير خارجية السعودية الأمير فيصل بن فرحان، إن المؤتمر يشكّل محطة مفصلية نحو تفعيل حل الدولتين وإنهاء الاحتلال وتجسيد رؤية عادلة ومستدامة للسلام في الشرق الأوسط.
وأشاد بإعلان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عزم بلاده الاعتراف بدولة فلسطين، وقال إن ذلك خطوة تاريخية تعكس تنامي الدعم الدولي لحق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة، ويسهم في تهيئة الأجواء الدولية لتحقيق حل الدولتين.
وأكد، أن السعودية تؤمن بأن تحقيق الأمن والاستقرار والازدهار لجميع شعوب المنطقة يبدأ بإنصاف الشعب الفلسطيني وتمكينه من نيل حقوقه المشروعة وفي مقدمتها إقامة دولته المستقلة على حدود الرابع من حزيران/ يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.
وشدد على أن الدولة الفلسطينية المستقلة هي مفتاح السلام الحقيقي في المنطقة.
وأكد أهمية تضافر الجهود الدولية من خلال هذا المؤتمر لدعم الشعب الفلسطيني في بناء مؤسساته ودعم التسوية السلمية.
وتحدث عن الدعم الفوري والمتواصل المقدم من المملكة العربية السعودية منذ بدء الأزمة الإنسانية الكارثية في قطاع غزة والتصعيد الخطير في الضفة الغربية، مشددا على ضرورة الوقف الفوري للكارثة الإنسانية الناجمة عن الحرب والانتهاكات الإسرائيلية الجسيمة، ومحاسبة المسؤولين عنها وإنهاء سياسة الإفلات من العقاب.
وأضاف أن مبادرة السلام العربية المعتمدة في قمة بيروت عام 2002 هي أساس جامع لأي حل عادل وشامل، وأكد أهمية دعم التحالف العالمي لتنفيذ حل الدولتين كإطار عملي لمتابعة مخرجات هذا المؤتمر وتنسيق الجهود الدولية نحو خطوات واضحة محددة زمنيا لإنهاء الاحتلال وتجسيد الدولة الفلسطينية.
ودعا وزير الخارجية السعودي جميع الدول إلى الانضمام إلى الوثيقة الختامية للمؤتمر التي قال إنها تشكل خارطة طريق مشتركة نحو تنفيذ حل الدولتين ومواجهة محاولات تقويضه وحماية فرص السلام الذي لا يزال ممكنا إذا توفرت الإرادة.
وزير الخارجية الفرنسي: هذا المؤتمر يشكّل نقطة تحول لتنفيذ حل الدولتين
بدوره، قال وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو، إنه سيتم في هذه الجلسة تجميع نتائج اجتماعات الموائد المستديرة لتوحيد الرؤى وتسليط الضوء على ما هو متحقق في المسارات كافة، والتركيز على ما سيُتخذ في المرحلة المقبلة.
وقال بارو: "لا يمكن أن نرضى باستهداف الأطفال والنساء أثناء توجههم للحصول على المساعدات الغذائية، ويجب وضع حد للحرب في غزة، وهذا المؤتمر يجب أن يشكّل نقطة تحول لتنفيذ حل الدولتين وعلينا أن نعمل على الوصول إلى سبل للانتقال من نهاية الحرب في غزة إلى إنهاء الصراع الفلسطيني الإسرائيلي.
وأضاف: "سعيا لتحقيق ذلك فإن حل الدولتين السياسي هو السبيل الوحيد لتلبية طموح الشعوب بالسلام والأمن، ولا بديل لذلك".
وأكد، أن فرض الأمر الواقع ميدانيا وتشريع النشاط الاستيطاني يهدد آفاق الدولة الفلسطينية، وهدفنا هو تحقيق إمكانية إقامة الدولة الفلسطينية ودفع مبادرة دبلوماسية لتحديد مساهمات ملموسة لنجعل من حل الدولتين واقعا يمكن تحقيقه.
وأضاف أن هذا المؤتمر أطلق زخما لا يمكن إيقافه للوصول إلى حل سياسي للصراع الفلسطيني الإسرائيلي يضمن إقامة دولة فلسطينية قابلة للبقاء.
وأطلق نداء للعمل لوقف الحرب وإسكات صوت المدافع ووقف إطلاق النار الدائم والشامل، وإنهاء معاناة المدنيين في قطاع غزة في ظل ما يعيشونه من أزمة إنسانية.
غوتيريش: حل الدولتين هو المسار الوحيد الموثوق به لتحقيق السلام
وأكد الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش أن حل الدولتين هو المسار الوحيد الموثوق به لتحقيق سلام عادل ودائم بين الإسرائيليين والفلسطينيين، وهو "الشرط الأساسي" للسلام في الشرق الأوسط الأوسع.
لكن الأمين العام حذّر من أننا "وصلنا إلى نقطة الانهيار" وأن هذا الحل "أبعد من أي وقت مضى".
وشكر غوتيريش السعودية وفرنسا على تنظيمهما للمؤتمر، مشددا على أن الصراع الإسرائيلي-الفلسطيني- الذي استمر لأجيال وتحدى الآمال والدبلوماسية والقانون الدولي- لا يزال يحصد الأرواح ويدمر المستقبل ويزعزع استقرار المنطقة والعالم.
وأكد أن استمرار هذا الصراع ليس حتميا، وأن حله ممكن إذا توفرت إرادة سياسية وقيادة شجاعة.
الأمين العام دعا إلى بذل مزيد من الجهود لتحقيق حل الدولتين، معتبرا مؤتمر اليوم "فرصة نادرة ولا غنى عنها" يجب أن تكون "نقطة تحول حاسمة" تحفز تقدما لا رجعة فيه نحو إنهاء الاحتلال، وتحقيق طموحنا المشترك في حل دولتين تتوفر له مقومات البقاء.
وأضاف: "يجب أن نضمن ألا يصبح (المؤتمر) مجرد تمرين آخر في الخطاب حسن النية".
وأكد أنطونيو غوتيريش أن حل الدولتين هو الإطار الوحيد المتجذر في القانون الدولي، والذي يدعمه المجتمع الدولي، وينص على قيام دولتين مستقلتين، إسرائيل وفلسطين، تعيشان جنبا إلى جنب في سلام وأمن، ضمن حدود آمنة ومعترف بها على أساس خطوط ما قبل عام 1967، مع القدس عاصمة للدولتين، بما يتماشى مع القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة والاتفاقيات الأخرى ذات الصلة.
وأكد الأمين العام أن شيئا لا يمكن أن يبرر "تدمير غزة الذي يتكشف أمام أعين العالم".
وسلط الضوء على الأوضاع المأساوية، بما في ذلك "تجويع السكان، ومقتل عشرات الآلاف من المدنيين، وتفتيت الأرض الفلسطينية المحتلة".
وشدد الأمين العام على أن "التدمير الشامل" لغزة لا يُحتمل ويجب أن يتوقف، وأن "الإجراءات الأحادية التي من شأنها أن تقوض حل الدولتين إلى الأبد غير مقبولة ويجب أن تتوقف".
كما أشار إلى غوتيريش إلى دعم الكنيست لضم الضفة الغربية المحتلة، مؤكدا بوضوح أن "الضم الزاحف للضفة الغربية المحتلة غير قانوني ويجب أن يتوقف".
ويشارك في المؤتمر، الذي تستمر أعماله حتى 30 تموز/ يوليو الجاري، عدد كبير من الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، والمنظمات الدولية والإقليمية، وهيئات الأمم المتحدة المتخصصة، ومنظمات المجتمع المدني، فيما يمثل دولة فلسطين رئيس الوزراء محمد مصطفى.
ويأتي المؤتمر في ظل الأوضاع العصيبة التي يعيشها الشعب الفلسطيني، جراء الاحتلال الإسرائيلي غير القانوني وانتهاكاته الجسيمة، ويهدف إلى تنفيذ قرارات الأمم المتحدة وتنفيذ حل الدولتين، إذ سيشكل منعطفا هاما لحل القضية الفلسطينية.
المصدر : وكالة وفا اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد المزيد من الأخبار العربية والدولية الاتحاد الأوروبي يدرس تعليق مشاركة إسرائيل في مؤتمر أبحاث محدث: ترامب: وقف إطلاق النار في غزة مُمكن ولا أتفق مع نتنياهو بعدم وجود مجاعة السيسي: ننسّق مع قطر وأمريكا لإنهاء الحرب وإيصال المساعدات إلى غزة الأكثر قراءة اعتراض مسيرة "أطلقت من اليمن" بعد الهجوم على الحديدة بلجيكا: استجواب إسرائيليَين بشبهة ارتكابهما جرائم حرب في غزة محمد اشتية... خيرا فعلت واستمر في فعل الخير - بقلم : د. احمد المعروف حماس : نواصل المشاورات لإنجاز اتفاق مشرّف عاجلجميع الحقوق محفوظة لوكالة سوا الإخبارية @ 2025