واشنطن تواجه محور روسيا والصين وإيران وكوريا الشمالية.. الآلاف من القوات الخاصة الكورية الشمالية دخلوا إلى روسيا للانتشار في كورسك
تاريخ النشر: 2nd, November 2024 GMT
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
فى مسار الحرب، دخل الآلاف من القوات الخاصة الكورية الشمالية إلى روسيا للانتشار فى منطقة كورسك. وهناك، ستكون مهمتهم، إلى جانب جيش بوتين، هى استعادة الأراضى الصغيرة التى احتلها الأوكرانيون منذ أغسطس الماضي.
وأكدت الأجهزة الأمريكية أن الوجود غير المسبوق لهؤلاء الجنود من الشرق الأقصى فى أوروبا لا يبشر بالخير.
وفى حربه العدوانية، يعتمد فلاديمير بوتين أيضًا على دعم إيران، التى تملك طائرة شاهد ١٣٦، وهى طائرات بدون طيار انتحارية تنهمر على المدنيين فى كارخيف وأوديسا وأماكن أخرى.
وبعد ما يقرب من ثلاث سنوات من القتال، جمع بوتين نحو عشرين رئيس دولة من "الجنوب"، بما فى ذلك رئيس الصين شى جين بينج، شريكه الاستراتيجي.
وفى الشرق الأوسط أيضًا، حيث تخوض إسرائيل، التى تسلحها واشنطن، صراعًا ضد إيران وحلفائها (حماس فى غزة، وحزب الله فى لبنان، والحوثيين فى اليمن)، فإن الوضع متفجر. ومع استمرار الضربات الانتقامية بين تل أبيب وطهران، تحاول واشنطن تجنب التصعيد الذى قد تنجر إليه.
وفى هذه الصورة القاتمة للعالم، يتعين علينا أن نضيف آسيا، التى تقف أيضًا على حافة الهاوية. وتضايق الصين حلفاء الولايات المتحدة فى مياه الفلبين وتايوان.
ومؤخرا، أطلقت بكين مناورة ضخمة لتطويق الجزيرة بمشاركة ١٢٥ طائرة مقاتلة و١٧ سفينة حربية. وإلى الشمال، نشهد تجدد التوترات بين الكوريتين. يزيد كيم جونج أون من خطبه اللاذعة ضد جارته الجنوبية، حليفة واشنطن.
وفى بداية أكتوبر المنصرم، أعلن أنه سيستخدم الأسلحة النووية "من دون تردد" فى حال وقوع هجوم على أراضيه.
باختصار؛ قد لا تكون هذه حربًا "عالمية" بعد، ولكن هناك بالفعل سديم من الجهات الفاعلة المترابطة التى تتقاسم طموحاتها فى مسارح مختلفة: دحر الهيمنة الأمريكية والغربية فى كل مكان.
وفى مقال ضمن مراجعات الأمن القومى فى تكساس، كتب فيليب زيليكو، خبير من معهد هوفر فى جامعة ستانفورد (كاليفورنيا)، وعمل فى خمس إدارات أمريكية، من بينها إدارة ريجان وأوباما، قائلًا: "أقدر أن هناك فرصة بنسبة ٢٠ إلى ٣٠٪ لأن نجد أنفسنا قريبًا فى حرب معولمة، مع سلسلة من الصراعات المترابطة إلى حد ما".
وأضاف: وبالتالى فإن المرشح الذى سينتخبه الأمريكيون فى الخامس من نوفمبر (كامالا هاريس أو دونالد ترامب) سيكون "رئيس حرب" أو على الأقل رئيس "زمن الحرب".
منذ اليوم الأول لولايته فى ٢٠ يناير، سيواجه الساكن الجديد فى البيت الأبيض تحالفًا غير متجانس من الأنظمة (الشيوعية أو القومية أو الدينية) الذين يشكلون "محور" القرن الحادى والعشرين: روسيا والصين، وكوريا الشمالية، وإيران.
يقول تشارلز كوبشان، المستشار السابق للبيت الأبيض فى عهد باراك أوباما: "إننا نمر بلحظة تاريخية حيث أصبح من الصعب على نحو متزايد إقناع الحلفاء بفعل ما نريد".
ويتنهد كوبشان صاربًا المثل بضغط جو بايدن على بنيامين نتنياهو الذى لا يؤدى إلى أى تغير فى موقف رئيس وزراء إسرائيل، كما يقدم الهند كمثال آخر بقوله: واشنطن حثتها على الانضمام إلى المعسكر المعارض لروسيا والتصويت لصالح العقوبات الاقتصادية، بينما "طارت إلى موسكو لتعانق بوتين".
ولكن كيف وصلنا إلى هذا الوضع؟ بعد عقد من هيمنة "القوة العظمى" فى أعقاب سقوط جدار برلين وتفكك الاتحاد السوفييتي، شكلت أحداث ١١ سبتمبر نقطة تحول جيوسياسية، أعقبتها مباشرة حربا جورج دبليو بوش فى العراق وأفغانستان، اللتين أضرتا بصورة أمريكا.
وبعد عقد من الزمن، نجح باراك أوباما فى إضعاف قوة الردع الأمريكية من خلال مضاعفة إشارات الضعف. وفى عام ٢٠١٣، لم ترد أمريكا على الهجمات الكيميائية التى ارتكبها بشار الأسد فى سوريا. غير أن أوباما أعلن أن استخدام أسلحة الدمار الشامل يشكل "خطا أحمر".
ويقول جون هيربست، العضو البارز فى المجلس الأطلسى والسفير السابق لدى أوكرانيا: "لقد لاحظ بوتين جبن أومابا على الفور". وفى العام التالي، هاجم "القيصر" بوتين دونباس وضم شبه جزيرة القرم.
وهنا مرة أخرى، "يُظهر الرئيس أوباما ترددًا فى اتخاذ القرار" ويوضح هيربست هذه النقطة: "فى الفترة الأخيرة، فى عام ٢٠٢١، ظلت إدارة بايدن صامتة بالمثل بعد هجومين إلكترونيين روسيين كبيرين فى الولايات المتحدة تسببا فى أضرار فى سلاسل توزيع النفط والأغذية الزراعية. وفى أوكرانيا، ارتكب بايدن خطأ الإعلان منذ البداية أنه لن يتدخل.
وبينما كان الغرب يماطل فى مواجهة استفزازات بوتين، كان خصومهم يشرعون فى سباق تسلح مذهل. بمجرد وصوله إلى السلطة، كان لدى شى جين بينج هاجس واحد فقط: تعزيز ترسانته النووية وإثناء الولايات المتحدة عن التدخل فى حالة نشوب صراع فى تايوان.
وتخطط الصين، التى تمتلك نحو ٥٠٠ رأس نووي، لمضاعفة هذا العدد بحلول عام ٢٠٣٠، بحسب الاستخبارات الأمريكية. وأطلق شى جين بينج تحديثًا قسريًا لجيوشه، بهدف أن يصبح "قادرًا على كسب الحروب".
إن أسطولها البحرى يضم بالفعل سفنًا أكبر من تلك الموجودة فى البحرية الأمريكية، ومن الممكن أن تلحق بها حمولة على مدى العقد المقبل ــ بفضل قدرة إنتاجية صناعية تعادل ٢٠٠ مرة قدرة الولايات المتحدة على الإنتاج الصناعي.
بالفعل، يقوم الصينيون بمحاكاة الحرب الجوية البحرية، فى صحراء شينجيانج، نصبوا أهدافًا بالحجم الطبيعى تمثل الصورة الظلية الدقيقة لحاملات الطائرات الأمريكية.
وفى كوريا الشمالية، يمارس الجار المضطرب كيم جونج أون أيضًا هواياته فى التهديد. ولديه بالفعل حوالى خمسين رأسًا نوويًا، وقد أطلقت بلاده قمرًا صناعيًا "للتجسس" العام الماضي، الأمر الذى يثير قلقًا شديدًا لدى الكوريين الجنوبيين.
جميع أطراف "المحور" منخرطون بشكل مباشر أو غير مباشر إلى جانب موسكو فى أوكرانيا. السبب الذى يجعل نتيجة هذه الحرب حاسمة بالنسبة لمستقبل الديمقراطيات الأوروبية. هذه هى "أم" كل المعارك. لأنه فى حالة انتصار روسيا، فإن الغرب سيخرج ضعيفًا إلى الأبد.
ويتوقع البروفيسور إليوت أ. كوهين: "ستكون كارثة". ومع شعوره بالارتياح فى مشروعه لاستعادة الإمبراطورية السوفيتية، فإن بوتين سيستهدف مناطق أخرى، مثل دول البلطيق التى تغمرها ملايين اللاجئين الأوكرانيين.
وقد يؤدى انتصار بوتين أيضًا إلى تشجيع شى جين بينج على مهاجمة تايوان، التى تعهد باستعادتها بالقوة إذا لزم الأمر. وحتى لو لم يكن هذا السيناريو مكتوبًا مسبقًا، فإن غزو هذه الجزيرة الجبلية سوف يكون فى غاية التعقيد، ذلك أن الحرب فى شرق آسيا من شأنها أن تغير المعادلة الجيوسياسية برمتها.
وفى الوقت الحالي، تشارك الولايات المتحدة، القوة الرائدة فى العالم، بالفعل فى صراعين، فى أوكرانيا والشرق الأوسط، ولكن من دون مشاركة جنودها على الأرض.
وقال جو بايدن مرارا وتكرارا إن الجيش الأمريكى سيدعم تايوان إذا تعرضت الجزيرة التى يبلغ عدد سكانها ٢٣ مليون نسمة للهجوم. والسؤال: هل سيكون الساكن القادم فى البيت الأبيض على نفس المنوال، مع العلم أن آسيا هى المحرك الاقتصادى للكوكب، وتضم ٦٠٪ من سكان العالم، وهى موطن لأربع قوى نووية.
يجيب ريان هاس، المتخصص فى السياسة الخارجية فى معهد بروكينجز: "إذا أرادت الولايات المتحدة أن تظل قوة عظمى عالمية، فيجب عليها الحفاظ على وجود قوى فى هذه المنطقة. إن التخلى عن تايوان، التى تنتج ٩٠٪ من أشباه الموصلات الأكثر تقدمًا على هذا الكوكب، سيكون له عواقب مدمرة على الولايات المتحدة وحلفائها".إذا عاد ترامب إلى البيت الأبيض
ويلخص الدبلوماسى السابق آرون ديفيد ميلر من مركز كارنيجى للأبحاث: "إن هذا من شأنه أن يغير التوازن فى آسيا بشكل عميق. ولتجنب طردها من المحيط الهادئ، ليس أمام الولايات المتحدة خيار آخر سوى زيادة ردعها العسكرى فى هذه المنطقة".
تعهدت المرشحة كامالا هاريس بأنها لن تسمح للصين بالفوز فى معركة القرن الحادى والعشرين. لكن لا أحد يعرف ما إذا كانت سترفع صوتها ضد موسكو، أو ما إذا كانت ستجرؤ على الذهاب إلى حد الصراع مع بكين. وإذا عاد دونالد ترامب، الذى لا يخفى افتتانه بالديكتاتوريين، إلى البيت الأبيض، فإن المستقبل يصبح أكثر غموضا.
ويقول جون إى هيربست "فى حاشية ترامب، يعتقدون أن أمريكا ليس لديها مصلحة فى الدفاع عن أوكرانيا وأننا يجب أن نتوقف عن مساعدة هذا البلد. لكن آخرين، مثل مايك بومبيو وروبرت أوبراين [من وزراء الخارجية ومستشارى الأمن السابقين] يعرفون ذلك.. ويجب ألا نترك النصر لبوتين".
ويتوقع تشارلز كوبشان أن "الولايات المتحدة ستظل متفوقة لمدة عشر أو عشرين سنة، لأن الصين، فى الوقت الحالي، مجرد قوة عسكرية إقليمية. ولكن بعد ذلك، لن تظل بلا شك القوة المهيمنة الوحيدة".
يبدو الآن أن "دفن" العم سام سابق لأوانه بعض الشيء. وأولئك الذين فعلوا ذلك فى الماضى كانوا مخطئين بشكل منتظم. يبتسم إليوت أ. كوهين قائلًا: "فى السبعينيات، فى منتصف حرب فيتنام وأثناء الثورات الاجتماعية، كان ريموند آرون، الذى أكن له الإعجاب، يتنبأ بالفعل بالانحدار الوشيك للإمبراطورية الأمريكية، وبعد مرور خمسين عامًا، تبذل الدول الأربع فى المحور المناهض لأمريكا قصارى جهدها لتحقيق نبوءة آرون. ولكنهم سيكونون مخطئين إذا استخفوا بأمريكا".
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: روسيا واشنطن كورسك ترامب بوتين الأجهزة الأمريكية الولایات المتحدة البیت الأبیض
إقرأ أيضاً:
12 يوما تهز البنتاغون.. حرب الاحتلال وإيران تفضح أنظمة الدفاع الأمريكية
كشفت المواجهة العسكرية بين الاحتلال الإسرائيلي وإيران، التي اندلعت في 13 حزيران/ يونيو الماضي واستمرت 12 يومًا فقط، عن أزمة حقيقية في القدرات الدفاعية الأمريكية، بعدما استهلكت كميات ضخمة من الصواريخ الاعتراضية في وقت قياسي، في مشهد أثار صدمة داخل وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون).
بحسب تحقيق نشرته صحيفة "وول ستريت جورنال"، فإن البنتاغون اضطر إلى نشر نظامي دفاع صاروخي من طراز THAAD داخل الاحتلال الإسرائيلي، وهو أمر غير مسبوق، حيث لم يسبق أن تم استخدام نظامين من هذا النوع في منطقة واحدة.
وقال المسؤول السابق عن سياسة الشرق الأوسط في البنتاغون، دان شابيرو، إن هذا الانتشار يعكس حجم التهديد الذي واجهته "إسرائيل"، لكنه في الوقت ذاته كشف مدى هشاشة المخزون الأمريكي.
ووفقًا لمسؤولين أمريكيين تحدثوا للصحيفة، أطلق الجنود الأمريكيون أكثر من 150 صاروخا اعتراضايا من طراز THAAD خلال تلك الأيام، وهو ما يعادل نحو ربع المخزون الذي تم شراؤه منذ 2010، الأمر بلغ حدًا دفع المسؤولين إلى دراسة نقل صواريخ اعتراضية كانت مخصصة لدولة حليفة أخرى – لم يكشف عن اسمها – إلى "إسرائيل"، رغم المخاطر التي كانت تهدد منشآت تلك الدولة النفطية خلال نفس الفترة.
ولم تتوقف الأزمة عند هذا الحد، فقد اضطرت البحرية الأمريكية إلى إرسال سبع مدمرات من طراز "آرلي بيرك" إلى شرق المتوسط والبحر الأحمر، لإسقاط الصواريخ الإيرانية باستخدام صواريخ SM-3، لكن سرعان ما استنفدت الذخائر من هذه السفن، واضطرت للعودة إلى الموانئ لإعادة التسلح، في ظل غياب نظام لإعادة التحميل في عرض البحر، وهو ما وصفه الأدميرال جيمس كيلبي أمام الكونغرس في حزيران/ يونيو الماضي بأنه "نقطة ضعف حرجة في الجاهزية العملياتية".
وبحسب مصدرين في البنتاغون، للصحيفة فإن أداء صواريخ SM-3 كان أقل من المتوقع، حيث لم تتمكن من تدمير عدد كبير من الأهداف، ما زاد من القلق حول كفاءتها القتالية، كما واجهت الوحدات البحرية الأمريكية صعوبات في التنسيق مع الدفاعات الإسرائيلية، بسبب اعتماد الطرفين على الاتصال الصوتي، وهو ما أدى أحيانًا إلى تكرار إطلاق الصواريخ على نفس التهديد.
من الناحية الاقتصادية، تبرز خطورة هذا الاستنزاف بصورة أوضح، فتكلفة الصاروخ الواحد من طراز THAAD تصل إلى 13 مليون دولار، بينما يتراوح سعر صاروخ SM-3 بين 8 و25 مليون دولار، وفقًا لوثائق الميزانية الرسمية.
وتشير تقديرات الباحث لويس رومباو من مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية (CSIS) إلى أن إعادة بناء مخزون THAAD فقط سيكلّف ما بين 1.5 إلى 2 مليار دولار، وسيستغرق أكثر من عام، علمًا بأن شركة "لوكهيد مارتن" لا تنتج أكثر من 100 صاروخ سنويًا.
وتعاني أنظمة THAAD أيضا من ضغط تشغيلي كبير، إذ إن خمسة من أصل سبعة أنظمة موجودة حاليا في الخارج: اثنان في "إسرائيل"، وواحد في السعودية، وآخر في جزيرة غوام، وآخر في كوريا الجنوبية، ما يضع وحدات التشغيل تحت عبء متواصل، ويمنعها من الحصول على فترات الراحة أو التدريب اللازمة، بحسب ضابط في وحدة الدفاع الجوي الأمريكي.
وفي ضوء هذه التطورات، حذر مدير برنامج الدفاع الصاروخي في CSIS، توم كاراكو، من أن تكرار مثل هذا السيناريو يمثل خطرًا لا يمكن تحمله، قائلًا: "الولايات المتحدة تستيقظ متأخرة على حقيقة أنها بحاجة إلى شراء كميات ضخمة من الذخائر الدفاعية... فالعالم الآن لا تحكمه الطائرات النفاثة فقط، بل وابل من الصواريخ الرخيصة التي يمكنها إنهاك أي ترسانة متقدمة".