أكد جهاد جريشة، الخبير التحكيمي، أن المجاملات والمحسوبية غير المبررة تعد السبب الرئيسي وراء تدهور منظومة التحكيم في مصر، مشيرًا إلى أن هذه العوامل تسببت في انعدام العدالة بين الحكام وأثرت سلبًا على مستوى التحكيم في الدوري المصري الممتاز.

المجاملات تفسد التحكيم

وأوضح جريشة خلال حواره مع الإعلامي تامر أمين في برنامج "آخر النهار" المذاع على قناة "النهار"، أن التحكيم في مصر يعاني من تدخلات غير منطقية، أبرزها مجاملة أولياء أمور بعض الحكام، ما يؤدي إلى إفساد النظام بالكامل.

 وقال: "المجاملات والمحسوبية وراء سوء منظومة التحكيم في مصر، وهي السبب الرئيسي لتراجع مستوى التحكيم".

غياب العدالة بين الحكام

وأشار جريشة إلى أن عدم وجود عدالة في تعيين الحكام يمثل مشكلة كبيرة، خاصة بعد تعيين ثلاثة حكام في الأسبوع الأول من الدوري العام هذا الموسم، رغم رسوبهم في اختبارات اللياقة البدنية. 

وأكد أن مثل هذه القرارات تقوض مصداقية المنظومة التحكيمية. 

وأضاف: "لا يمكن أن يتم تعيين حكم رسب في اختبارات اللياقة البدنية لإدارة المباريات أو حتى العمل في غرفة الفيديو، بينما يبقى الحكام الناجحون في منازلهم دون فرص".

تدهور التحكيم منذ 2020

وكشف جريشة عن تدهور كبير في مستوى التحكيم منذ عام 2020، مشيراً إلى أن الوضع يزداد سوءًا عامًا بعد عام.

 وأضاف أن هذه المشكلات أثرت على العلاقات بين الحكام أنفسهم، حيث يشعر البعض بالظلم بسبب تلك المجاملاتن.

ضرورة إرساء العدالة

اختتم جريشة تصريحاته بالتأكيد على أن نجاح منظومة التحكيم يعتمد بشكل رئيسي على تحقيق العدالة بين الحكام.

 وقال: "لا يمكن أن ينجح التحكيم في مصر دون إرساء مبدأ العدالة بين جميع الحكام، لأن غياب هذا المبدأ يؤدي إلى مشاعر الضغينة والظلم، مما يؤثر على أداء التحكيم بشكل عام".

تصريحات جهاد جريشة تسلط الضوء على واحدة من أبرز الأزمات التي تواجه كرة القدم المصرية، وهي تراجع مستوى التحكيم نتيجة للمحسوبية والمجاملات. 

وفي ظل استمرار هذه الممارسات، يبدو أن التحكيم المصري يحتاج إلى إصلاحات جذرية لضمان عدالة وشفافية أكبر في إدارة المباريات.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: جهاد جريشة مصر جريشة الدوري المصري الممتاز التحكيم منظومة التحکیم التحکیم فی مصر مستوى التحکیم العدالة بین بین الحکام

إقرأ أيضاً:

اليوم التالي في غزة: منظور قانوني

الحديث عن «اليوم التالي» في غزة يجب ألا ينحصر في إزالة الركام أو إعادة الإعمار، بل هو سؤال أخلاقي وقانوني يفرض نفسه على الإقليم والمجتمع الدولي بأسره. فاليوم التالي ينبغي أن يُعنى بالمحاكمات، على غرار محاكمات «نورنبيرغ» التي أعقبت الحرب العالمية الثانية بعد التنكيل باليهود في ألمانيا وبولندا.

في «نورنبيرغ»، استندت الأدلة إلى عظام وملابس وشهادات ناجين. أما في غزة، فالأدلة مصوّرة وموثقة صوتاً وصورة، في كل هاتف جوَّال، لتوثّق إبادة ممنهجة نفَّذها الاحتلال الإسرائيلي ضد الفلسطينيين.

ما جرى في غزة منذ السابع من أكتوبر (تشرين الأول) عام 2023 لا يمكن وصفه بالحرب؛ فالحروب لها قواعد. ما حدث ويحدث هي حرب إبادة، بنيَّةٍ واضحةٍ وفعلٍ مُمَنْهَج. إنَّها مأساةٌ إنسانيةٌ وقانونيةٌ غيرُ مسبوقةٍ في العصرِ الحديث. ولكي يستعيد النظام الدولي توازنه، لا بد من مساءلةٍ حقيقيةٍ تعيدُ الاعتبارَ للضحايا، وتضع حدّاً لسياسات الإفلات من العقاب.

محاكمات «نورنبيرغ» لم تكن فقط محاكمة لقادة الحقبة النازية، بل جاءت لتأسيس قيم قانونية جديدة، أبرزها مبدأ المسؤولية الفردية عن الجرائم الدولية، وإلغاء الحصانة لأي شخص مهما كان منصبه. هكذا يجب أن يكون «اليوم التالي» في غزة.

ما ارتكبته حكومة بنيامين نتنياهو، التي ضمت أكثر العناصر تطرفاً في المجتمع الإسرائيلي، من أمثال سموتريتش وبن غفير، يفوق ما فعله هتلر من حيث الوحشية، باستخدام أحدث أدوات الإبادة الجماعية. لم تُستخدم أفران الغاز، بل استُخدمت قنابل أميركية متطورة لحرق البشر والمزارع أمام عدسات العالم، في بثٍّ حيٍّ يوثِّق القتل الجماعي المتعمَّد للمدنيين، واستخدام التجويع سلاح حرب، والتدمير الممنهج للمستشفيات والمدارس ومخيمات النازحين. كلها جرائم حرب كما نصّت على ذلك محكمة العدل الدولية والمحكمة الجنائية الدولية.

التوثيق الحي للإبادة هو أيضاً نوع من إرهاب الدولة، كما عرّفته القوانين. فالإرهاب لا يقتصر على القتل، بل يشمل بثّ الرعب وتخويف الشعوب من المصير نفسه. وحين قال وزير الدفاع الإسرائيلي إنه «يحارب حيوانات»، لم يكن يقصد سكان غزة وحدهم، بل كل العرب، وهو ما يظهر في شعارات المتظاهرين الإسرائيليين الذين يهتفون «الموت للعرب».

«اليوم التالي» الحقيقي لا يمكن أن يكون مجرّد مرحلة سياسية أو إنسانية، بل يجب أن يكون لحظة قانونية وأخلاقية بامتياز، تفصل بين الضحية والجلاد، وتحاسب ولا تساوي.

نُسج «السابع من أكتوبر» في الغرب كأنه «11 سبتمبر الإسرائيلي»، مع أن ضحايا الاحتلال الأميركي للعراق وأفغانستان تجاوزوا مئات أضعاف ما حصل في 11 سبتمبر (أيلول) عام 2001. لكن هذا التاريخ جرى توظيفه لتبرير إبادة الفلسطينيين وسياسات التطهير العرقي والاستيطان.

«السابع من أكتوبر» لا يمكن فصله عن سياق الاحتلال العسكري الشامل والمستمر منذ عقود. ووفق القانون الدولي، فإن مقاومة الاحتلال، بما في ذلك اللجوء إلى القوة ضد أهداف عسكرية، هو حقّ مشروع، حسب اتفاقيات جنيف والبروتوكول الإضافي الأول لعام 1977، وبدأ تنفيذه في ديسمبر (كانون الأول) عام 1978.

أما الرد الإسرائيلي بعد «السابع من أكتوبر»، فقد تجاوز كل حدود القانون والإنسانية، باستخدام قوة مفرطة ومدمِّرة ضد المدنيين، وتخريب البنية التحتية، وفرض حصار وتجويع استمر نحو عامين. ما حدث هو عقاب جماعي لشعب بأكمله، ولا يجوز أخلاقياً أو قانونياً مساواة الفعل المقاوِم ضمن سياق الاحتلال بهذه الجرائم واسعة النطاق.

السؤال الأساسي اليوم ليس عن إعادة إعمار غزة، بل عن العدالة لغزة. ويمكن للعالم العربي أن يتحرك عبر ثلاثة مسارات رئيسية: أولها المحكمة الجنائية الدولية، التي تمتلك ولاية على الأراضي الفلسطينية وفتحت تحقيقاً منذ عام 2014، لكنها تواجه ضغوطاً سياسية تُعرقِل العدالة، مما يستدعي دعماً دولياً لتسريع التحقيق وضمان المحاسبة. المسار الثاني هو إنشاء محكمة دولية خاصة، كما حدث في يوغوسلافيا ورواندا، لمحاكمة الجرائم المرتكبة في غزة ضمن سياق قانوني مستقل ومُلزِم. أما المسار الثالث، فهو تفعيل مبدأ الولاية القضائية العالمية، بحيث يمكن محاكمة المجرمين أمام محاكم في دول تسمح بذلك، مثل بلجيكا وإسبانيا، وهو مسار واقعي أثبت فاعليته في قضايا سابقة.

العدالة لا تقتصر على الحكومات، بل تتطلب من المجتمع المدني العربي توثيق الجرائم، وجمع الأدلة، وتقديم الملفات لدعم مسارات المحاسبة. فلا سلام من دون عدالة.

المعسكر المعادي للعدالة يزعم أن المحاسبة تُعرقل جهود «السلام»، لكنَّ التجربة تُثبت أن التسويات غير القائمة على العدالة لا تُنتج سلاماً دائماً، بل مجرد وقف مؤقَّت لإطلاق النار. في رواندا، لم تبدأ المصالحة إلا بعد المحاسبة، وفي البوسنة لم يتحقق الاستقرار إلا بمحاكمة القادة العسكريين.

العدالة والقانون هما أساس الدولة الفلسطينية التي يطمح إليها العرب، فلا دولة دون منظومة قانونية. «اليوم التالي» في غزة ليس لحظة إعادة بناء مادي، بل لحظة قانونية وأخلاقية بامتياز.
إن فشل العالم في إنصاف ضحايا الإبادة في غزة سيجعل فكرة السلام بين العرب وإسرائيل أمراً عسيراً.

الشرق الأوسط

مقالات مشابهة

  • الوحدة ينتزع قبول التحكيم المستعجل في قضية تأخر النصر
  • صفعة مصرية في وجه الاستيطان.. وتحذير دولي من انهيار العدالة
  • اليوم التالي في غزة: منظور قانوني
  • عبر مركبة معدلة بتقنيات عالية.. ترجمان بـ 120 لغة في مقر النيابة العامة بالمشاعر
  • رابطة الأندية: من الصعب فصل لجنة الحكام عن اتحاد الكرة في الوقت الراهن
  • المكسيك تُصوت فى أول انتخابات قضائية لها على الإطلاق
  • التحكيم النسائي يسجل حضوره القاري لأول مرة في اليد
  • شيخ الأزهر: الشعب الفلسطيني يتعرض لأسوأ إبادة جماعية وتطهير عرقي
  • سالم: الزمالك يثق في التحكيم المصري..ومشهد ختام الدوري "عبثي"
  • سيد عبد الحفيظ يتحدّث عن نهائي كأس مصر بين الزمالك وبيراميدز واعتراضات الحكام